أكد الدكتور محمد صالح توفيق عميد كلية دار العلوم جامعة القاهرة فى حواره مع اليوم السابع، أن كلية دار العلوم جامعة القاهرة تعد من أقدم الكليات التى أنشئت بأمر من الخديوى لوزير معارفه على مبارك، لتصبح منارة للعالم العربى والإسلامى ومنذ 1872 أصبحت أول مدرسة فى تعليم اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وخرجت الكثير من الأعلام والجهابذة الكبار سواء فى الأدب أو فى الدين أو اللغويات، فهى الكلية التى تخرج منها على الجارم ومحمود حسن إسماعيل والشيخ حسن البنا والشهيد سيد قطب، ومحمود شاكر وتمام حسان ورمضان عبد التواب وأحمد هيكل وأحمد مختار عمر وعبد الصبور شاهين وحسن الشافعى ودرس فيها الإمام الشعراوى...الخ. هل ما زالت دار العلوم قادرة على مواصلة مسيرتها بنفس الكفاءة؟ دار العلوم تؤدى دورها كما خصص لها من قبل، فالأساتذة الذين يدرسون فى دار العلوم نشئوا وتعلموا مناهجها، وهؤلاء الأساتذة الآن، منهم أعلام كبار موجودون على الساحة، فلدينا فى المجمع اللغوى 12 عضوا من كلية دار العلوم، وعلى رأسهم الدكتور حسن الشافعى رئيس المجمع اللغوى، وكذلك أيضا فى الإذاعة والتليفزيون فتجد من يمثل دار العلوم، من أمثال الشاعر الكبير فاروق شوشة، وأن ابن دار العلوم موجود فى كل المدارس، وهو موسوعة فى تخصصه الذى جمع اللغة العربية من التراث حتى العصر الحديث. لماذا لا يكون هناك مركز تأهيلى كما كان 1919 لاختيار من هو أحق بالتحاق للكلية؟ نحن الآن يفرض علينا طلاب يأتون من مكتب التنسيق ليس لديهم رغبة فى الكلية، وربما لا يعرفون الفرق بين كلية العلوم ودار العلوم، لكنه حين يأتى إلينا فهذه كلية يذكر فيها اسم الله، نستطيع أن نؤهل الطالب، ونستطيع أن نجعل الطالب يتفق مع علومنا العربية والإسلامية، والذى يتخرج من دار العلوم ربما لا ندرك قيمته ما دام يعيش بيننا، فالنبى فى بلده لا يكرم، لكن إذا خرج فى البلاد العربية تجد له قيمة ويؤثر فيها. لماذا لا تخصص الكلية قسما تربويا بحيث أن يكون ابن دار العلوم مؤهلا جيدا؟ أحرص الآن أن يكون هناك مادة للتدريب الميدانى، لكن إضافة مادة تربوية فهذا أمر يحتاج إلى تغيير فى اللائحة، فالتعليم لا ينتهى عند الليسانس بل يبدأ فأنا أعلم الطالب وأنظم فكره، وإذا ما أراد أن يبدأ العلم يستطيع أن يحصل على دبلومة تربية أو فى القانون، فيستطيع أن ينوع من علومه ومعارفه، وينبغى أن لا نجعل القضية قضية عمل، بل هى قضية علمية فى البداية، ثم بعد ذلك يأتى العمل. لماذا استغنت الكلية عن مصادر البحث والمراجع كما كانت واختارت الكتاب الجامعى ليكون مرجعا للطالب؟ بالفعل مجلس الكلية فى الشهر الماضى أخذ قرارا بأن يكون هناك كتاب موسوعة فى كل مقرر يختاره القسم ويلتزم به الأساتذة ويدرسونه للطلاب، وهذا ما كان موجود فى دار العلوم، ويكون مرجعا للطالب، وأن هذا القرار سينفذ فى العام القادم، لأن ما هو موجود الآن فى شكل ملزمة أو ما أستل من الكتب فهذا غير صحيح. دار العلوم كانت معقل للتيار الإسلامى قبل الثورة داخل الجامعة فهل ما زالت؟ وما هى طبيعة وجود التيار الإسلامى داخل الكلية حاليا؟ دار العلوم على امتداد تاريخها الطويل منذ 140 عاما وهى منارة للعالم العربى والإسلامى، فقد تقول إنها الكلية التى تخرج فيها الإمام حسن البنا والشهيد سيد قطب فهذا صحيح، لكن نحن لا نكتفى بتدريس اللغة العربية بل العلوم الإسلامية بفروعها، ونعده ليكون إماما وداعية، فااللغة العربية ما هى إلا وسيلة للدراسة الإسلامية، ومن هنا لابد أن يكون الطالب قد تشبع بهذا الفكر، أما إذا كان هناك طالب أو اثنان أو خمسة انتموا إلى فصيل سياسى فأنا لا شأن لى بهم. ما موقف دار العلوم من غير المحجبات؟ لا أجد طالبة غير محجبة فى الكلية، لكن المنتقبات كثر، ولا بأس من غير المحجبات فى الكلية، بل أن الكلية تقبل المسيحيات وقابلنا راهبات وتخرجن من دار العلوم، وحصلن على شهادة العلوم العربية والإسلامية، ولكن أحب أن أقول أن الطالبة عندما تدخل الكلية وتدرس الفقه والتفسير والحديث، فلا شك أن يؤثر ذلك فيها، أما المنتقبة فهذا شأنها لأنها اقتنعت بأن النقاب فضيلة بالنسبة لها. ما موقف دار العلوم من ثورات الربيع العربى، وماذا قدمت لهذه الثورات؟ لا شك أننا سعدنا كل السعادة وقلنا إنها ثورة طيبة لكن كشأن الثورات لا بد أن يكون هناك نوع من الارتباك، ولكن نأمل أن نستقر البلاد، وأن تكون هناك مصر الذى نعرفها، أم دار العلوم تواكب الثورة فى علومها، فلدينا عدد من الشعراء الذين كتبوا عن الثورة وفى الثورة، وهناك من أساتذة الكلية من كتب عن الألفاظ والتراكيب التى سادت فى الثورة. ما موقف دار العلوم وعلماؤها الإسلاميين من دعاة وشيوخ الفضائيات الذين يطلقون الفتاوى فى الهواء؟ لدينا قسم الشريعة الإسلامية فهو يساوى كليات فى الأزهر، فهذا القسم يقوم بدوه كاملا، ولدينا مركز البحوث والدراسات الإسلامية يقوم أيضا بدوره، ونخرج دعاة حقيقيين بمنهج الوسطية المعتدلين، ونرفض التطرف فى كل شئ. ما رأيكم فى السرعة المذهلة التى تنتشر بها اللغة العامية فى وسائل الإعلام بأنواعها؟ وهل هذا يمثل خطورة على العربية؟ اللغة العربية ليس فى خطر، وهى باقية وخالدة خلود القرآن الكريم، ولا بد أن نرقى بها والمسالة يسيرة، لكن لا يجوز النزول إلى مستوى العامة، حتى يفهم الناس، بل لابد أن يصعد الإعلامى إلى المثل والقدوة الحسنة، فالإعلامى يرقى بمستواه العلمى وبمظهره إذا تكلم لغة غربية سليمة، ولكن يهبط إذا تكلم لغة هابطة فاللغة هى الجمال له. كيف تلعب اللغة العربية فى توحيد الأمة؟ هذا يحتاج إلى قرار سيادى حكيم، وليت الثورات العربية أن تفعل هذا، مثلما أخذ قرار فى إحدى البلدان العربية، أن تتحول أسماء الشوارع إلى أسماء الصحابة، ولا تجد أحد يتكلم إلا بهذا الأسماء. أنت مع الحرس الجامعى أم لا؟ أولا الأمن لا يمثل لنا مشكلة، لكن بعد أن ذهب الحرس الجامعى عيشنا فى فوضى، وزاد من انتشار التحرش داخل الكلية، وما زلنا فى حاجة إلى الحراسة سواء من الشرطة أو من غيرها، فالمهم هو إيجاد الأمن وحماية المنشآت. ما هى أجندتكم المستقبلية؟ نحن نعمل على إعداد طالب دار العلوم جيدا ونؤهله تأهيلا علميا صحيحا، متخذين كل الوسائل فى تحقيق ذلك، ونعمل على تزويده بالمهارات اللغوية السليمة، ومجلس الكلية عدل فى اللائحة، وأصبحت لدينا اللائحة تواكب العصر، وعدلنا أيضا فى لائحة الدراسات العليا لكى تعتمد على الساعات المعتمدة، وستطبق العام القادم، وأن دار العلوم تجمع بين الأصالة والمعاصرة لا نكتفى بالتراث، وإنما ننقحه ونجوده ونأخذ من الغرب ما يفيدنا.