إيران تطلب من الإسرائيليين مغادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة " لإنقاذ حياتهم "    وزير الشباب يقترح إضافة مادة جديدة على تعديلات قانون الرياضة    ليعود في أسرع وقت.. الخطيب يوجه بتوفير الرعاية الكاملة لإمام عاشور    السيطرة على حريق بمولد كهربائي داخل ثلاجة خضار بسوق العبور    وزير الثقافة يفتتح الدورة 45 للمعرض العام بمشاركة 326 فنانًا    عزاء نجل الموسيقار صلاح الشرنوبى فى مسجد الشرطة بالشيخ زايد.. الثلاثاء    قبل عرض 7Dogs.. كيف روج تركي آل الشيخ للفيلم؟    عضو بالبرلمان التونسي: «الإخوان» اخترقوا قافلة الصمود وحولوها لمنصة تهاجم مصر وليبيا    محافظ جنوب سيناء وسفير الهند يبحثان سبل تعزيز التعاون السياحي وإنشاء مدرسة دولية متخصصة في رياضة اليوجا بسانت كاترين    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    «الشروق» تكشف موقف بن شرقي بعد الغياب عن مباراة إنتر ميامي    رحلة إلى الحياة الأخرى.. متحف شرم الشيخ يطلق برنامجه الصيفي لتعريف الأطفال بالحضارة المصرية القديمة    لميس الحديدي: كرة اللهب تتناوب بين تل أبيب وطهران.. ولا نهاية قريبة للحرب    شباب القلب.. 4 أبراج تتمتع بروح الطفولة    بعد تصدره «التريند».. الحسن عادل: «أغنياتي نابعة من إحساسي وبتعبر عن مشاعري»    أمين الفتوى يوضح حكم الزيادة في البيع بالتقسيط.. ربا أم ربح مشروع؟    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    أوليس أفضل لاعب بمباراة بايرن ميونخ ضد أوكلاند سيتى فى كأس العالم للأندية    السعودية: وصول طلائع الحجاج الإيرانيين إلى مطار "عرعر" تمهيدًا لمغادرتهم    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوجيهات رئاسية جديدة تتصدر نشاط السيسي اليوم    رسمياً.. جينارو جاتوزو مديراً فنياً لمنتخب إيطاليا    عائلة تطرح جزيرة في اسكتلندا للبيع بسعر أقل من 8 مليون دولار    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    «جزار الوراق» ينكر التعدي على تلميذة: «ردت علىَّ بقلة ذوق فضربتها بس» (خاص)    صراع مع آلة لا تعرف الرحمة.. «نيويورك تايمز»: الذكاء الاصطناعي يدفع البشر للجنون    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وإلقاء جثته بمقابر أسوان    رامي جمال يوجه رسالة لجمهور جدة بعد حفله الأخير    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    التعليم: تدريب مجاني لمعلمي الإنجليزية بالتنسيق مع السفارة الأمريكية -(مستند)    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    10 سلوكيات خاطئة ابتعدى عنهم مع أطفالك حفاظا على صحتهم    التنظيم والإدارة يعلن ترتيب امتحانات مسابقات التوظيف بالجهاز الإداري للدولة    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    محافظ الغربية يجرى جولة مفاجئة داخل مبنى الوحدة المحلية بسبرباى بمركز طنطا    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    طريقة عمل فطيرة السكر باللبن في خطوات بسيطة    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    سعادة بين طلاب الثانوية العامة في أول أيام مارثون الامتحانات بالقليوبية    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    استمرار استقبال محصول القمح المحلي للمواقع التخزينية بالشرقية    "طوارئ" بشركات الكهرباء تزامنًا مع امتحانات الثانوية العامة    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    ترقب وقلق.. الأهالي ينتظرون أبناءهم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة| شاهد    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    ماراثون الثانوية العامة بدأ.. طلاب الأقصر يتوافدون على اللجان لأداء أول يوم امتحانات    الأهلي أوقفه.. ميسي يتعطل لأول مرة في كأس العالم للأندية    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    تعليق ساخر من مجدي عبد الغني على مدرب الأهلي قبل مواجهة إنتر ميامي    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع الترجمة الجامعية : فكرة عبقرية لردم الفجوة الحضارية / م. محمد حمدي غانم
نشر في محيط يوم 11 - 01 - 2010


مشروع الترجمة الجامعية :
فكرة عبقرية لردم الفجوة الحضارية


* م. محمد حمدي غانم

قرأت اقترحا للمهندس نادر المنسي في كتابه "هندسة وفن تمديد كابلات الشبكات"، بألا تعطي الجامعات العربية شهادات البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه لأي طالب أو باحث في الكليات العلمية ككليات الهندسة وكليات الحاسبات والمعلومات وكليات العلوم، إلا إذا ترجم على الأقل أحد المراجع الأجنبية في مجال تخصصه إلى العربية.على أن تقوم الدولة بوضع هذه الترجمات على موقع خاص بها على شبكة الإنترنت لتكون متاحة للجميع، إضافة إلى ترجمات رسائل الماجستير والدكتوراه.

وأنا أرى أن هذا اقتراح عبقري، ولا أدري كيف غفل عنه المسئولون عن التعليم منذ نصف قرن!

اقتراح كهذا كفيل بإحداث حركة ترجمة نشطة تقلل الفجوة بيننا وبين الغرب، وتزيد من كم المعرفة المكتوبة بالعربية، مما يمنح الفتية الصغار القدرة على القراءة في العلوم باكرا، دون الاصطدام بمشاكل الاستيعاب بلغة أجنبية، وهو ما سيزيد من سرعة التعلم وكفاءته، والقدرة المبكرة على الابتكار والإبداع.. كما أن هذا سيجعل للدراسة بالإنجليزية والفرنسية في الجامعات فائدة حقيقية، وهي قدرة المتعلم على تعريب العلوم التي يدرسها.

ثم إن ترجمة مرجع علمي هي خبرة هائلة، تجعل الطالب يجيد محتوى المرجع، ويتمرس على الترجمة ويقوي لغته الإنجليزية وأسلوبه بالعربية، وهو ما يضاف إلى سيرته الذاتية بعد التخرج ويعينه على العثور على فرصة عمل أفضل بإذن الله.

لقد كانت حركة الترجمة الكبيرة من الفارسية واليونانية والهندية والصينية إلى العربية، هي أساس نهضة المسلمين، وكذلك لم تخرج أوروبا من القرون الوسطى إلا حينما أرسلت مثقفيها إلى الأندلس لتعلم العربية وترجمة كتبها.. وبعد سقوط الأندلس سارت قوافل طويلة من الدواب تحمل ملايين الكتب العربية إلى كل مكان في أوروبا، لتبدأ حركة ترجمة عملاقة واكبها ظهور الطباعة، فاشتعلت النهضة الأوربية بسرعة هائلة.

واليوم، لماذا لا نبدأ حركة ترجمة هائلة تواكبها ثورة المعلوماتية والإنترنت، وهي لن تكلف شيئا، فالطلبة في الجامعات فعلا، والمراجع الأجنبية متاحة مجانا عبر الإنترنت، ونشر الكتب المترجمة على الإنترنت لا يكلف شيئا!
لماذا لا نركب الموجة الحضارية الجديدة هذه المرة، ونلعب بطريقة صحيحة؟

***
إضافة إلى كل هذا، ستستفيد الدولة التي تتبنى هذه الفكرة ما يلي:

1- شغل فراغ الشباب وإفراغ طاقتهم وحماسهم في مشروع قومي ضخم، وهذه خير وسيلة لإبعادهم عن الاستقطابات السياسية والدينية التي لا تريدها الدولة.

2- كسب ثقة الشباب الطموح، وإبعاده عن الشعور بالإحبط وفقدان الثقة في المسئولين بسب شيوع الصورة التقليدية أنهم لا يريدون أن يطوروا أو يغيروا اي شيء!

3- تقليل مظاهر المراهقة والتفاهة والفساد التي نراها في أوساط الشباب حاليا، بسبب انشغالهم بما ينفعهم.

4- شغل المجتمع بفكرة من أجل تطوره وصنع مستقبله، عن القضايا العنصرية التي لا تفيد من قبيل (مسلم ومسيحي، سني وشيعي، إسلامي وعلماني، عربي وكردي، قومي ووطني... إلخ)، فعلى الجميع أن يدركوا أن السفينة تغرق بنا جميعا، ولن يتبقى لأحد ما يكسبه إن فاز في هذه الصراعات الوهمية.

إن لم نعمل جميعا لصنع مستقبل أفضل للوطن الذي نعيش فيه.. إن الأمراض التي تصيبنا من الطعام والماء الملوثين لا تفرق بين دين أو مذهب أو انتماء حزبي، والبطالة والفقر والغلاء والعشوائية والقبح تلتهمنا جميعا مهما كان لوننا أو معتقدنا أو تفكيرنا..

لكل هذا فإن الحل الأمثل للقضاء على كل هذه التصدعات الناتجة عن الخواء، هو شغل الجيل الجديد بمشروع قومي عملاق يمنيهم بمستقبل أفضل، ويستغرقهم في نقاش علمي وفكري ولغوي يشغلهم عن اللغو والتعصب والأفكار الهدامة، ويوحدهم في إطار من العمل العلمي الجاد المشترك.

والجميل أن هذه الفكرة لن تكلف الدولة شيئا، فكل عناصرها متوفرة: منظومة التعليم، الطالب، الأستاذ، الحواسيب الشخصية، الإنتنرنت.. فلم الانتظار؟
***
وأنا أزيد على هذا الاقتراح العبقري بعض النقاط:

1- ألا تتم ترقية أي أستاذ جامعي بدون ترجمة أحد المراجع الأجنبية في مجال تخصصه، أو على الأقل ترجمة البحث الذي حصل به على الترقية!

2- أن يكون المرجع الذي يترجمه الطالب مقسما على سنوات دراسته، وجزءا من درجاته السنوية.

3- أن يوضع المصطلح العلمي الأجنبي بجوار الترجمة العربية على الأقل في عناوين الفصول والفقرات، مع وضع قاموس صغير في نهاية الكتاب يحتوي على المصطلحات وترجماتها.. هذا يضمن عدم فصل القارئ بالعربية عن مصطلحات العلم، ويضمن قدرته على البحث في الإنترنت وغير ذلك.

4- أن يوجد تعاون بين طلبة كليات اللغة العربية واللغات الأجنبية وطلبة الكليات العلمية، بحيث يكون هناك فريق عمل متكامل.. مثلا: الطالب المهندس قد يحتاج إلى طالب لغة عربية لتدقيق النص المترجم، وإلى طالب يدرس الإنجليزية للتأكد من دقة الترجمة من الأصل، ويكون هذا النشاط جزءا من درجات كل طالب من هؤلاء..

لاحظ أن التواصل بين طلبة الكليات المختلفة لا يستدعي التقاءهم وجها لوجه أو تضييع أي وقت، فالأمر لا يحتاج أكثر من تواصل الفريق دوريا عبر موقع النشر، وتعليق كل منهم على العمل المترجم وتنقيحه له، وتقديم تقريره إلى أستاذه المشرف.. وبهذا يكون هناك تواصل بين التخصصات المختلفة، ويتم الاستفادة من جيوش المتعلمين في الجامعات الذين لا يستفيدون شيئا مما يدرسونه، ولا يفيدون أحدا بشيء!

5- أن تطبع الدولة أفضل هذه المراجع وتعطي جوائز لأصحابها.

6- الاستعانة بالطلاب المتميزين في اللغات والبرمجة، في وضع نموذج تحليلي لتوصيف العلاقات التي تربط الكلمات والمعاني والمجازات (شجرة الدلالات) لتسهيل الوصول إلى برامج الترجمة الآلية، ودمج هذا بمشروع الترجمة من الإنجليزية إلى العربية، بتحليل النصوص الأصلية والمترجمة، ليبنى عليها برامج الترجمة الآلية والتحليل الآلي للمعاني وما شابه.

بهذه الإضافات، سنضمن ما يلي:

- قيام الطالب بالترجمة في تخصصه العلمي، وتحت إشراف أستاذه الجامعي، سيجعلنا لا نقلق من مشاكل المصطلح، لأن هذا سيبدأ نقاشا ثوريا في الجامعات وعلى الإنترنت وسيحيي اللغة العربية، وسيجعلها مواكبة لكل تطور عالمي!

- لا تنسوا أيضا أننا في عصر الحاسوب، وكل منا لديه عشرات البرامج المساعدة للترجمة، وعشرات القواميس المتخصصة.. الأمور صارت أسهل كثيرا مما مضى، ولن يجوب المرء المكتبات بحثا عن معنى كلمة، ففي ثانية واحدة سيفتح موقع ترجمة جوجيل، ويحصل على معناها!..

هذا يجيب عن أي سؤال حول ركاكة مستوى الطلاب في الإنجليزية.. نحن لا نحتاج منهم إلا فهم المصطلحات والمضمون العلمي، خاصة أن اللغة المستخدمة في المراجع العلمية هي الإنجليزية المبسطة.. نحن نطلب منهم فقط القدرة على الكتابة بأبسط أسلوب بالعربية، ولا نطلب منهم الكتابة بالإنجليزية، فهذا يتطلب إجادة أعلى للغة.

- إشراك طلبة اللغات الأجنبية واللغة العربية في المشروع كجزء من درجاتهم يعني أنهم سيكونون تحت إشراف أساتذتهم أيضا، يضمن لنا رفع مستوى اللغة عند طلبة الكليات العلمية وأساتذتهم، كما يضمن رفع مستوى المعرفة العلمية عند طلبة الكليات اللغوية وأساتذتهم !

- لو أثمرت جهود تحليل اللغة وبناء شجرة الدلالات في إنتاج برامج ترجمة فورية عالية الدقة والاحترافية، فلن نحتاج إلى أية جهود إضافية، لأن ترجمة المراجع ستتم بعد هذا بمجرد ضغطة زر!

تخيل فقط لو أن هذه الفكرة دخلت حيز التنفيذ، كيف سترفع المستوى العلمي والفكري واللغوي لكل من الطالب وأستاذه!
بل كيف ستغير شكل مجتمعاتنا !

إن كلية الهندسة جامعة القاهرة وحدها تخرج أكثر من 2000 طالب سنويا.. تخيل أن يتحول هذا العدد إلى مراجع مترجمة؟

وماذا لو أضيفت إليه كليات أخرى وجامعات أخرى ودول عربية أخرى؟

هل تتخيل حجم الطوفان العلمي الذي سيحدث في الوطن العربي في خمس سنوات فقط، خصوصا مع تشاركنا هذه الترجمات عبر الإنترنت ؟

ولا أريد الخوض هنا في حسابات معقدة عن أنسب حجم يترجمه الطالب ويمكن للأساتذة مراجعته، فهذا تقدره كل كلية على حسب إمكانياتها ونسبة عدد طلابها إلى عدد أساتذتها.. لكن حتى لو أخذنا الحد الأدنى لهذه الفكرة، وافترضنا أن الترجمة ستتم في كلية هندسة القاهرة فقط، وأن كل طالب سيترجم صفحة واحدة فقط في كل فصل دراسي.

فهذا معناه أنه سيترجم 10 صفحات في أعوام دراسته، وهو ما يعني ترجمة 20 ألف صفحة مع تخرج دفعته (بافتراض أن الدفعة 2000 طالب)، وهو ما يعادل 20 مرجعا كبيرا، وبهذا سنحصل كل عام على 20 مرجعا علميا عربيا، من كلية واحدة فقط في جامعة واحدة فقط، وبترجمة الطالب لصفحة واحدة فقط في كل فصل دراسي!

وعلى كل حال، عدد حاملي الدكتوراه في مصر وصل إلى 1 من كل 1000 تقريبا، ويوجد في قسم الاتصالات في هندسة القاهرة حوالي 80 أستاذا، بما يعني تقريبا وجود أستاذ لكل 10 طلاب!

لهذا لا أظن الضغط سيكون كبيرا على الأساتذة، لو تم تنظيم المشروع بالصورة الملائمة.


***

وهناك أيضا نقطة هامة بخصوص حقوق الملكية الفكرية للكتب المترجمة.. الحقيقة أن أمهات الكتب العلمية في الرياضيات والفيزياء والكيمياء وغيرها غير مترجمة، وهذه لم يعد لها حقوق ملكية فكرية.. كما أن أقصى مدة لحقوق الملكية الفكرية هي 20 عاما في الاتفاقية الجديدة.. فلنقل إذن إننا سنردم الفجوة الحضارية إلى آخر 20 عاما فقط.. هذا أفضل من فجوة حجمها 500 عام!!

***

وقد طورت هذه الفكرة من خلال النقاشات، مما جعلني أضيف إليها الاقتراحات التالية:

1- إضافة مادة في المرحلة الثانوية، اسمها ترجمة علمية، تكون مشتركة بين مدرس العلوم (الأحياء الفيزياء الكيمياء) ومدرس اللغة الإنجليزية ومدرس اللغة العربية، ويكون على كل طالب أن يترجم فيها بحوثا قصيرة ومقالات في أي مجال علمي مبسط..

ويكون دور مدرس العلوم تقييم دقة المحتوى العلمي في النص المترجم، ويكون دور مدرس اللغة العربية تقييم صحة الأسلوب العربي وسلاسته ووضوحه.. ويكون دور مدرس اللغة الإنجليزية التأكد من صحة ترجمة النص الإنجليزي ومدى أمانة الترجمة، وما نسبة التصرف المتاحة.

والهدف من هذه المادة هو تقوية مهارات التلميذ والمدرسين العلمية والإنجليزية والعربية، كما أنها تعتبر تدريبا تمهيديا لقيام الطالب بترجمة المراجع في الجامعة.

2- تعديل كتب العلوم والرياضايت في المرحلة الإعدادية والثانوية، لضمان ذكر المصطلح العلمي الأجنبي بجوار المصطلح العلمي العربي، بحيث يألفها التلاميذ ويسهل عليهم الترجمة التدريبية في المرحلة الثانوية، والترجمة الفعلية في الجامعة.

3- نفس الأمر في المدارس الأجنبية، حيث أقترح تعديل كتب العلوم والرياضايت في جميع مراحل الدراسة، لضمان ذكر المصطلح العلمي العربي بجوار المصطلح العلمي الأجنبي، بحيث يألفها التلاميذ ويسهل عليهم الترجمة التدريبية في المرحلة الثانوية، والترجمة الفعلية في الجامعة.

4- تتم الترجمة في الكليات العلمية من خلال مادة إلزامية اسمها "ترجمة علمية"، بحيث يكون على الطالب ترجمة فصل واحد من أحد المراجع الأجنبية في كل فصل دراسي.. بهذا المعدل سيحتاج الطالب إلى ترجمة أقل من صفحة في اليوم فحسب.
على أن تكون درجات هذه المادة مقسمة بين جودة المنتج (الفصل المترجم)، وبين امتحان تحريري فيه سؤالان على الأقل: سؤال عن المحتوي العلمي بالإنجليزية، وسؤال عن ترجمة فقرة من الكتاب.

بهذا نكون ضمنا استفادة الطالب من عملية الترجمة، وقللنا احتمالات تحايله.. وفي نهاية سنوات الدراسة يكون قد ترك لنا 8 فصول أو 10 فصول مترجمة (تبعا لعدد سنوات الدراسة في كليته)، وهو ما يعني مرجعا متوسط الحجم.. والمراجع الأكبر من هذا تقسم على أكثر من طالب.

5- إضافة مادة "مراجعة التراجم العلمية" في الكليات اللغوية (التي تدرس العربية أو الإنجليزية) بحيث يتولى كل طالب في كل فصل دراسي، مراجعة فصل من المترجمات التي أنتجها طلاب الكليات العلمية، ويرفع تقريره على موقع المشروع، ويقدمه إلى أستاذه للحصول على الدرجات.

***
وقد أضاف الباحث اللغوي أ. حسين محمد البسومي هذا الاقتراح إلى الفكرة:
من الأهداف الأساسية التي أنشئ من أجلها مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1934 كان إنشاء المعجم التاريخي للغة العربية.. ذلك المعجم الذي يجمع كل كلمات اللغة، ويرصد كل ما يتعلق بكل كلمة في كل العصور التي مرت بها، وكل الأماكن التي حلت فيها، فهو يؤلف قصة حياة كاملة لكل كلمة .

وأنا أتساءل: ماذا لو كُلف طلاب الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) في كليات ومعاهد اللغة العربية في جميع الدول العربية بدراسة وإعداد هذا المعجم من عشر سنوات مضت فقط ؟.. ماذا لو وحد الأساتذة الكبار جهودهم في رسم خريطة طريق واضحة بالموضوعات والقضايا المهمة التي تثري العقل العربي وتملأ الفجوات التي صنعها الغرب في قلب العقل العربي المعاصر؟..

ماذا لو أحسنا استغلال هذه الثروة الضخمة غير المستغلة أقصد طلاب الماجستير والدكتوراه؟.. ماذا لو تخلينا عن العشوائية الفكرية ولو على مستوى رجال الفكر والثقافة الجامعية؟.. ماذا لو امتلكت هذه الفئة روح المبادرة، وتخلت عن روح رد الفعل التي كدنا لا نتبينها هي الأخرى؟.. ماذا لو...؟
إن هناك الكثير مما يمكن استثمار طلبة الجامعات فيه دون أن ندفع قرشا زائدا، وسنحصل على نتائج خرافية، دون أن نظل نندب حظنا ونلعن تخلف التقنية لدينا وعجزنا عن امتلاك المصانع والمعامل المتطورة، فنحن الآن في عصر العولمة، والتقنيات الرقمية تعدنا بإمكانيات جبارة، فقط لو كان لدينا إرادة التغيير.. فإن لم نركب الموجة الثالثة من الحضارة الآن، فلن يكون أمامنا إلا انتظار خراب العالم لنتساوى بالجميع تحت الصفر!

***
والسؤال الآن: كيف يمكن إيصال هذه الأفكار والأسئلة والاقتراحات إلى المسئولين عن التعليم في الدول العربية، أو في اللجان المتخصصة في الجامعة العربية، وكيف ندفعهم إلى تنفيذها؟

أرجو من كل منكم أن يعتبر الفكرة فكرته، ويدخل عليها التعديلات التي يراها أفضل، ويساهم في نشرها عبر المنتديات والمجموعات البريدية والمدونات وقوائم الأصدقاء، إضافة إلى مراسلة الصحف والفضائيات والمسئولين وأساتذة الجامعات في كل الدول العربية.. فأهم شيء الآن هو نشر هذه الفكرة على أوسع نطاق ليتاح لها نقاش واسع يكفل تطويرها وإحيائها في عقول ونفوس جيل جديد.

كما يمكن عمل فرق ترجمة فردية على هامش الفكرة كمثال عملي مصغر، وأقترح أن يتم هذا عبر الجمعية الدولية للمترجمين العرب WATA وهذا هو منتداها:

http://www.wata.cc/forums/index.php

***

دعوة لتبني مشاريع ترجمة مصغرة:

بناء على فكرة د. وليد خليفة: أدعو كل أساتذة الكليات العلمية إلى البدء بتطبيق مشروع الترجمة الجامعية كتجارب فردية، بتكليف الطلبة الراغبين بترجمة أجزاء من مراجع علمية في تخصصهم، مقابل درجات إضافية.

ويمكن تخفيف العبء وتعظيم الفائدة في البداية، بالعمل على ترجمة أحدث المقالات من المجلات العلمية العالمية الشهيرة مثل IEEE، حيث يوجه كل أستاذ جامعي طلبته لترجمة المقالات التي تتعلق بتخصصهم، وبهذا نوصل للقارئ العربي أحدث الدراسات والبحوث التقنية في العالم، بزخمها العلمي، وليس مجرد تبسيطات مختصرة كما هو موجود حاليا.

ويمكن نشر هذه الترجمات على موقع الكلية أو في موضع جمعية واتا للترجمة أو إرسالها إلى لجنة تعريب العلوم والترجمة، أو وضعها كلفات للتحميل في مواقع تحميل الملفات، أو طريقة نشر عامة أخرى.

إن ترجمة البحوث الحديثة من المجلات العلمية العالمية المتخصصة سترفع قيمة المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، وأقترح أن يتم عمل نسختين من كل مقال مترجم: نسخة مبسطة مختصرة تناسب الفتية والقارئ العام، تحتوي على المضمون دون المعادلات والتفاصيل المعقدة، ونسخة كاملة بالمعادلات والتفاصيل الدقيقة، على أن يشار في كل نسخة إلى رابط النسخة الأخرى ورابط النسخة الإنجليزية، لنترك للقارئ حرية اختيار المحتوى الذي يناسبه.
كما أدعو جميع أساتذة الكليات المتخصصة في اللغة العربية واللغة الإنجليزية إلى تكليف الطلبة الراغبين في مراجعة هذه الترجمات مقابل درجات إضافية.. وكما أقول دائما:

أن نفعل أي شيء، أفضل من ألا نفعل أي شيء على الإطلاق!

***
ومن يدري، فلعل هذه الأفكار تحدث فارقا، وتنتشل مجتمعاتنا من هوة الجهل والتخلف!

وتذكر دائما أن الشجرة العملاقة كانت بذرة في قبضة اليد، وأن (..... كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء {24}‏ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ {25}) كما قال سبحانه في سورة إبراهيم.. فلا تقلل أبدا من قيمة كلمة طيبة، أو فكرة جيدة، أو خطوة على الطريق، فليس المطلوب من كل منا أن يغير العالم بنفسه..

كل المطلوب منا أن نبذل ما بوسعنا لتوسيع دائرة النور من حولنا.. ويوما ما لا يهم متى سنجد أن العالم من حولنا قد صار مضيئا، لأن كثيرا من أفراده قد صاروا شموعا.. أو شموسا!

لمتابعة تطورات المشروع، أرجو زيارة المدونة الخاصة به:
http://uni-trans.blogspot.com


*باحث في علوم الحاسبات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.