قبل كل شىء لابد من الإيضاح للقارئ الكريم بأن هذه السطور وما سبقها من أسئلة طرحها الكاتب فى وقت سابق فى هذا الموقع على الدكتور الأمريكى – المصرى مأمون فندى، ليست بأى حال من الأحوال جزءاً من خلاف شخصى بين فردين أو "صعيديين" كما يحلو للدكتور المذكور أن يردد شفوياً وشقيقه كتابة، ففى الصعيد مقامات وأوزان لا يعرفها إلا أهله والانتماء الجغرافى وحده لا يعنى بحال لديهم تساوى الرؤوس حتى لو حلم المذكور وشقيقه بذلك، وهما فى اليقظة، هذه السطور والأسئلة السابقة هى جزء من خلاف موضوعى وحقيقى وعميق حول مصالح البلاد العليا والأدوار التى لعبها، ولا يزال، البعض من المنتسبين لجنسيتها والحاملين لجنسيات أخرى فى الإضرار بها ثمناً لصعود سياسى واجتماعى طال اشتياقهم إليه بعد أن حرمتهم مقامات الصعيد وأوزانه من أن يحققوه فيما فاتهم من أيام. والبداية بالرد العجيب، الذى ناب به السيد جمال فندى عن شقيقه الدكتور فى الإجابة على الأسئلة الستة التى سبق وأن طرحتها عليه لكى يرد عليها بنفسه، فقبل كل شىء بدأ الشقيق الأصغر رده بتهديد علنى للكاتب منتحلاً صفة أصحاب المقامات والأوزان فى الصعيد بقوله "نحن فى الصعيد لا نحب أن نلقى التهم جزافاً،ً لأن ثمن ذلك مكلف فى مجتمعات قبلية وعائلية"، وهو توصيف صحيح وينطبق بالفعل على أبناء العائلات الحقيقية الكبيرة والقبائل الممتدة العريقة، ولكنه فى هذا المقام لا يثير لدى من يعرفون الأصول والأنساب والمقامات فى الصعيد سوى السخرية من قائله، وشقيقه، والإشفاق عليه من النتائج الواقعية والقانونية لترديده ما يسمعه من أصحاب المقامات والأصول والأنساب فى الصعيد، الذى يبدو أن انتماءه إليه، وشقيقه، يقتصر على صدفة الجغرافيا وليس الاستقرار المطمئن فى بنيته الاجتماعية العريقة المتماسكة. اتهامات جمال فندى الجزافية بعد هذه المقدمة، التهديد ممن لا يعرف معناه وما يمكن أن يترتب عليه وفق تقاليد الصعيد التى يسمع عنها، يضطرب الشقيق الأصغر عندما يتحدث فيها عما سماه تهماً يرى أن كاتب هذه السطور ألقاها جزافاً على شقيقه الأكبر، بينما يخلو رده من أى إجابة عن الوقائع التى ذكرناها قبل أن نوجه أسئلتنا الستة له، وحتى نذكر القارئ الكريم بهذه الوقائع، دون غيرها مما نحتفظ بحق ذكره فى مواضع أخرى وفى الوقت المناسب، فهما واقعتان، الأولى أنه قد عمل لمدة عام (2001-2002) فى جامعة الدفاع الوطنى التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" والمنوط بها تنفيذ السياسات الدفاعية وتحقيق الأهداف العسكرية والأمنية الأمريكية فى العالم، ولمن يرغب فى التأكد من طبيعة هذه الجامعة عليه فقط الدخول على موقع الجامعة على شبكة الإنترنت (www.ndu.edu)، كما ذكرنا أنه قد عمل فى الفترة بين سبتمبر 2003 ويونيو 2004 فى معهد الولاياتالمتحدة للسلام التابع للكونجرس مالياً وإدارياً، والمنوط به تنفيذ السياسات الأمريكية فى المناطق المختلفة من العالم، ولمن يريد التأكد عليه الدخول على موقعه باللغة الإنجليزية شبكة الإنترنت أيضاً (www.usip.org) أو التعريف به باللغة العربية على العنوان: www.usip.org/newsmedia/aboutusip_arabic.pdf، ونردف بالقول بأن العمل فى هاتين المؤسستين التابعة أولاهما للسلطة التنفيذية، وهى البنتاجون والثانية للسلطة التشريعية وهى الكونجرس فى ظل إدارة بوش اليمينية المتطرفة وحربها على العرب والمسلمين، بل والسلم العالمى كله هو أمر طبيعى بالنسبة لأكاديمى أمريكى يمينى يساند توجهات تلك الإدارة وليس أى أكاديمى أمريكى يرفضها، وهو لا يتسق على الإطلاق مع الإدعاءات بحرص الشقيق الأكبر على الأمن القومى المصرى، بل ويتناقض كلية مع مقتضياته ويجعله فى خطر حقيقى عندما تفتح منابر إعلامية مصرية وعربية له أبوابها لكى يدافع عن رؤية تيار المحافظين الجدد المتطرف لمصالح والأمن القومى لبلاده وليس لبلادنا، وهى الرؤية التى تسعى إدارة الرئيس أوباما الأمريكية الأصلية بجهد جهيد لتخليص سياساتها وتطهير العالم منها، وحتى يتأكد الشقيق الأصغر والقارئ الكريم أننا لا نلقى تهماً بل نذكر وقائع تتعلق بالانتماء الحقيقى لشقيقه الأكبر وخطورته، فنحن نضيف واقعة واحدة، فى الوقت الحالى، وهى مقال نشره فى صحيفة الواشنطن بوست فى 20 يناير 2002 عنوانه بالإنجليزية هو "How I Became a Recruit for America" وترجمته العربية هى: "كيف أصبحت مجنداً لأمريكا" وله روابط عديدة من بينها (www.opendoors.iienetwork.org/?p=29466). وبمناسبة الكذب الذى تبرأ منه الشقيق الأصغر وأدانه، وسنعود إليه لاحقاً فى أكثر من موضع، فالمقال متخم بأكاذيب ساقها كاتبه عن تواريخ ومواقع ووقائع وأشخاص نفيها موجود فى سجلات جامعة أسيوط وشهادات المعاصرين الأحياء المذكورين فيه، ولكن هذا حديث آخر. مزاعم يرقى بعضها إلى السب والقذف أما عن النقطة الثانية فى رد الشقيق الأصغر، فهى مليئة بالمزاعم التى يرقى بعضها إلى السب والقذف، الذى يعاقب عليه القانون، وأول هذه المزاعم أن شقيقه الدكتور لم يقابل كاتب هذه السطور "إلا مرة واحدة فى مركز الأهرام بالصدفة عام 1997". ولعل صغر سن الإعلامى الصغير أو عدم معرفته بعلاقات شقيقه الأكبر القديمة، وهذا هو التفسير الأحسن نية والأقل احتمالاً، أو تعمده الكذب لحماية شقيقه من حقيقة الإجابات عن الأسئلة التى وجهناها إليه، وهو التفسير الأكثر دقة والأكبر احتمالاً، هو الذى دفعه لكتابة هذا الكذب الصراح، فكاتب السطور يعرف شقيقه وتقابلا مرات عديدة بمدينة قنا عندما كان الأخير طالباً فى قسم اللغة الإنجليزية بكلية آداب قنا، وكان الأول طالباً بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة بحضور عشرات من الزملاء والأصدقاء الموجودين على قيد الحياة، كما تقابل كاتب السطور مع الشقيق الدكتور فى مدينة الأقصر مرة على الأقل بحضور خمسة من الأصدقاء والزملاء كلهم أحياء فى نهاية الثمانينيات عندما كان الأول فى إجازة من دراسته فى فرنسا والثانى من عمله فى إذاعة "صوت أمريكاً" فى واشنطن، كما حضر الدكتور المذكور لعدة مرات إلى مكتب كاتب هذه السطور بمركز دراسات الأهرام والتقى فيه بزميليه الخبيرين الكبيرين بالمركز اللذين كان يشاركهما نفس الحجرة، فضلاً عن زملاء آخرين، وكلهم أحياء ومستعد للشهادة، وسوف نعود بعد ذلك فى إجابتنا عن الأسئلة التى لم يجب عنا أى من الشقيقين لتفصيل ما حدث فى اتصالات الأكبر منهما بكاتب السطور فى صيف 1993. قصة ال 2000 دولار أما الأخطر فى المزاعم التى ذكرها الإعلامى الصغير، فهو الاتهام المرسل لكاتب السطور بأنه مدين لشقيقه الأكاديمى الكبير بمبلغ ألفى دولار ثمن لاب توب أحضره له من أمريكا لم يسددها له حتى اللحظة، وأن القصة هى أنه "يا أخ ضياء بلغة أولاد البلد هى أن تدفع اللى عليك لا لف ولا دوران"، وأول الغرائب فى تلك الرواية التى يسوقها الإعلامى الصغير دون أن يدرك تبعاتها القانونية كواقعة سب وقذف وتشهير سيصر كاتب السطور على اللجوء للجهات القضائية المختصة لتعويضه عما أصاب شخصه وسمعته من نشرها، هو كيف لمن قابل شخصاً بالصدفة ولمرة واحدة فى حياته، أن يطلب منه شراء كمبيوتر له بألفى دولار لا يدفع له منها مليماً واحداً؟ وإذا افترضنا "البجاحة" فى الطالب فكيف يمكن أن نفترض "الغفلة" فى المطلوب منه إلا إذا كان الأول قد "سحره" أو "سقاه حاجة أصفرا"، وحقيقة هذه الموضوع هى فى النقاط التالية: فى عام 1994 وبعد شهور من بدء الاتصال التليفونى الملح من الأكبر الأكاديمى بكاتب هذه السطور من الولاياتالمتحدة، وهو ما سوف نأتى على تفاصيله فيما بعد، طلب الأخير منه أن يحضر له "فاكس مودم" داخلى لجهاز لاب توب ماكينتوش لا يزال محتفظاً به حتى اليوم وأملاه تليفونياً محل الشراء المنشور فى بعض المجلات الأمريكية المتخصصة التى كان، ولا يزال، يهوى قراءتها فى القاهرة وكان سعره 180 دولاراً فقط، وطلب منه أن يعطى المبلغ لأحد أشقائه فى مصر فرفض الأكاديمى وطلب الانتظار حتى يرسل الفاكس أولاً ويحضر هو بنفسه للقاهرة. تم إرسال الفاكس بالفعل مع الزميل العزيز المختفى منذ ست سنوات مساعد رئيس تحرير الأهرام رضا هلال بعد أن أنهى عمله فى أمريكا كمراسل لصحيفة العالم اليوم، وقام كاتب السطور باستقباله فى المطار مع صديق مشترك هو أحد مساعدى مدير مركز دراسات الأهرام وهو مستعد للشهادة، حيث ذهبوا جميعاً لمنزل رضا بالهرم فى ذلك الوقت واستلم منه فى حضور هذا الصديق الفاكس الذى أرسله مأمون. بعد تفاصيل كثيرة فى المكالمات المتكررة الطويلة من الأخير لكاتب السطور، سنذكر بعضها فيما بعد، زادت مخاوفه من توجهات الأكاديمى الأمريكى ونواياه فامتنع عن الرد على معظمها، مما أدى به إلى إبلاغه عن طريق الصديق رضا بأنه يطلب المبلغ المشار إليه، والحقيقة أن كاتب السطور وجدها فرصة أو "تلكيكة" بالبلدى لكى يقطع علاقته به نهائياً وأبلغ هلال بأنه لا يقبل وهو من يعرف الأكاديمى الأمريكى المنتسب للصعيد أصوله ومقامه أن يصوره له وكأنه "متهرب" من دفع هذا المبلغ الزهيد، وطلب منه أن يرسل شقيقه لأخذه، وبالفعل حضر الشقيق الثانى وهو الطبيب سعد خريج الأزهر بالقاهرة وليس الإعلامى الصغير جمال، وأخذ المبلغ مع دش ساخن من كاتب السطور وطلب صريح منه بأن يتوقف شقيقه الأكاديمى عن الاتصال به وأن يقطع علاقته به نهائياً. المساءلة القانونية ستكون مصير الأخوين فندى وننتقل بعد ذلك للأسئلة الأربعة التى طرحها علينا الإعلامى الصغير فى رده، وهى فى الحقيقة ثلاثة، ولكن يبدو أن خبرته الإعلامية الواسعة ومراجعة شقيقه الأكاديمى البارز للرد المرسل لليوم السابع هى التى تسببت فى هذا الخلط، الذى يصعب أن يقع فيه إعلاميون أو أكاديميون أصغر منهما بكثير. ما علينا، السؤال الأول - وهو نفسه الرابع - لا إجابة عليه، لأن كاتب السطور لم يزعم فى أى مقام أو مجال أو مقال أنه حاصل على شهادة الدكتوراة فهو خطأ شائع بين بعض الزملاء الإعلاميين والصحفيين حاول مراراً أن يصححه لهم إلا أن بعضهم يصر عليه بحسن نية. وإذا كان للإعلامى الصغير والأكاديمى الكبير أن يعثرا فى مقال واحد أو كتاب واحد أو بطاقة تعريف أو فى مطبوعات مركز دراسات الأهرام أو أية وثيقة مكتوبة أو مرئية أو مسموعة، كاتب السطور هو المسئول عنها، ما يشير إلى قيامه بانتحال صفة ليست له، فعليهما أن يعرضا ذلك على الرأى العام، لإثبات ما قالا، وإلا فالمسائلة القانونية أيضاً ستكون مصيرهما دون شك. أما عن الماجستير، فأنصح الشقيقين أن يلجآ إلى مترجم للغة الفرنسية، لكى يسأل لهما فى جامعة باريس الرابعة المعروفة باسم السوربون وفى قسم تاريخ الشرق الأوسط بها، عن الشهادة التى حصل عليها كاتب السطور عام 1985، وما هى معادلتها حينذاك بالنسبة للشهادات الجامعية المصرية. وأما التدنى بالتعبير، بل والتسافل فيه من الإعلامى الصغير بقوله "ولا هى دكتوراة بتاعة واحد ميت أخدتها أنت بالوراثة؟" فلن يرد عليه كاتب السطور تاركاً الرد لتقاليد العائلات الحقيقية الكبيرة والقبائل الممتدة العريقة فى الصعيد، كما لا يعرفها الشقيقان المنتسبان إليه فقط جغرافياً، وهو أيضاً لن يتطرق إلى أحاديث الميراث المعنوى والمادى لا بالنسبة له ولا بالنسبة للشقيقين، حتى لا يأخذ الأمر صورة "المعايرة" التى يترفع عنها أبناء العائلات الكبيرة فى الصعيد. أنا وفندى ومصطفى بكرى وضرب الأمن القومى لبلدنا وأما السؤال الثانى الذى تكرر أيضاً فى مقدمة الإعلامى الصغير دون أن يدرى، والمتعلق بما أدخله فى معركة دائرة بين شقيقه الأكبر والنائب ورئيس تحرير الأسبوع الزميل مصطفى بكرى، فهو بعيد كل البعد عن الحقيقة، فالمعركة كما وصفناها فى بداية هذه السطور هى مع من يضرب الأمن القومى لبلادنا فى مقتل ويعمل من أجل مؤسسات غير مصرية سبق وأن ذكرنا بعضها تفصيلاً. وأما السؤال الثالث فسأجيب عن القسم الثانى منه فقط فى هذا الجزء، وأترك الأول للرد على الأسئلة الستة التى وجهتها للشقيق الأكبر. كاتب السطور لا يعرف فقط اللغة الإنجليزية التى يزعم الإعلامى الصغير أنه لا يعرفها، بل وأيضاً اللغة الفرنسية التى لا يعرف إن كان وشقيقه الأكبر ما زالا يذكران ما درساه منها فى الثانوية العامة أم لا، وهو فى كل الأحوال عندما يكتب بإحداهما توجب عليه أمانته أن يستعين بمترجم محترف حتى يراجع ما كتبه. وأما عما نشره كاتب السطور بالإنجليزية التى يصورها الإعلامى الصغير وكأنها لغة نادرة لا يعرفها سوى علماء الحفريات الأثرية، فسوف يكتفى فقط بذكر ثلاثة كتب بها شارك بفصل فى اثنين منها وكان محرراً للثالث، صدرت فقط منذ نهاية عام 2007 هي: = The Spectrum of Islamist Movements, Verlag Hans Schiler, Berlin, 2007. وقد صدر فى برلين وكاتب السطور هو محرره. = Tore Bjorgo, and John Horgan (editors), Leaving Terrorism Behind: Individual and Collective Disengagement, Routledge, London, 2008. وبالمصادفة التى يعلمها الشقيق الأكبر وليس الإعلامى الصغير، أنه بمناسبة صدور هذا الكتاب أقيمت ندوة ليوم كامل فى المعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية بلندن، والذى يعمل فيه الأول حالياً، وكان كاتب السطور أحد أربعة فقط من مؤلفيه شاركوا فى تقديمه ومناقشته، وبالصدفة أيضاً باللغة الإنجليزية النادرة. = Amit Pandya and Ellen Laipson (editors), Islam and Politics: Renewal and Resistance in the Muslim World, The Henry L. Stimson Center, Washington, 2009. وهذا الكتاب الأخير صادر فى عاصمة البلد الذى يقول الشقيق الأكبر أنه جند له فى مقاله المشار إليه، واشنطن، ويمكن له أن يحضر نسخة لأخيه الإعلامى الصغير حتى يحاول أن "يفك خط" اللغة النادرة بها. ويبقى سؤال واحد فقط أوجهه لهذا الإعلامى الصاعد، راجياً من الله أن يستعيد ذاكرته الضعيفة ويجيب عليه بصدق، وإلا فالمستندات موجودة فى ملف خدمته بالتلفزيون المصرى وبعض الشهود أحياء، هل يحمل طلب تعيينك توقيعات تزكية لنواب فى البرلمان ورئيس تحرير إحدى المطبوعات بمؤسسة الأهرام؟ فهل تتذكر من هم وهل لكاتب السطور أى دور فى هذه الوساطة أو صلة بأصحاب هذه التوقيعات؟ وإذا كان كذلك، وهو كذلك، فهل تم كل هذا فى المرة الوحيدة التى قابل فيها شقيقك الأكبر بالمصادفة فى مركز دراسات الأهرام؟ أسباب رفضى لعرض فندى ب60000 دولار وبالعودة إلى الأسئلة الستة التى أناب الأكاديمى الأكبر شقيقه الإعلامى الصغير فى الإجابة عنها، متهرباً من المواجهة فى الموضوع فهى على التوالي.. أولاً، الذى بادر بالاتصال بى من أمريكا هو الدكتور مأمون فى صيف عام 1993 ولعدة مرات رد عليه فيها زملائى فى المكتب قبل أن أرد عليه – وهم أحياء ومستعدون أيضاً للشهادة – وذلك بعد أن قرأ لى مقالاً صغيراً نشر فى 26 مايو 1993 بمجلة "المجلة السعودية" بعنوان "الصعيد تجربة شخصية"، ودار حول الحركة الإسلامية فى جنوب مصر. وأما سبب المكالمات المتوالية المطولة، فقد كان هو سعى الوافد الجديد على العلوم السياسية، الأخ الأكبر، الذى كان متخصصاً حتى عام 1988 فى الأدب الإنجليزى، إلى استشارة من سبقه فى هذا المجال تخصصاً دراسياً وممارسة عملية بمركز الأهرام للدراسات منذ نهاية عام 1981. ولم يبخل كاتب السطور فى التوجيه والتعديل الشفوى هاتفياً والتحريرى على بعض المسودات التى أرسلها له الشقيق الأكبر ولا يزال يحتفظ بها، حتى بدأ الأمر يأخذ مسار السعى المريب للحصول على معلومات عن الحركة الإسلامية فى مصر عموماً والصعيد خصوصاً، وليس مجرد تحليلات أو استشارات بحثية. ثانياً، كان موضوع مشروع الكتاب الذى عرضه الأخ الأكبر على كاتب السطور فضلاً عن عدد ومدد المكالمات من أمريكا التى كان يجريها، والتى تثير التساؤل عمن يدفع تكلفتها الباهظة ولماذا، هما بداية شكوكه والتى تحولت بعد ذلك إلى ما يشبه اليقين بأن "وراء الأكمة ما وراؤها". وخلاصة قصة الكتاب، والتى بالمناسبة هى معروفة لباحث مصرى درس طويلاً فى أمريكا، أن مأمون عرض على كاتب السطور أن يشاركه تأليف كتاب عن الحركة الإسلامية فى الصعيد، وبالتحديد ما يرى هو أنه نزوعها للانفصال به، تمرداً على ما يسميه "سيطرة الشمال"، وأن يكتب نصف الكتاب باللغة العربية مقابل ستين ألف دولار (60.000) على أن تقوم دار النشر المجهولة بدفع مصاريف الترجمة. وقد بدا العرض مريباً للغاية، مما دفع كاتب السطور لرفضه برفق، ناصحاً مأمون بأن يستحوذ هو على ضعف هذا المبلغ ويبقيه مستشاراً وناصحاً مجانياً له، كما ظل يفعل طوال الشهور التى تلت اتصاله الأول به. ولكى يتأكد كاتب السطور من شكوكه سأل فى اليوم التالى ثلاثة من كبار الباحثين فى مركز الأهرام، وكلهم أحياء، عن مدى وجود مثل تلك العروض فى أمريكا، ونفى ثلاثتهم إمكانية ذلك، مما زاد من الشكوك وجعلها تقترب من اليقين بأن صاحبنا يمارس وساطة مريبة لجهات أكثر ريبة. ثالثاً، كانت كافة المكالمات التى جرت كلها بدون استثناء من طرف الأكاديمى الكبير تدور حول أحد ثلاثة أمور، إما طلب النصح العلمى والاستشارة الأكاديمية من الوافد الجديد على المجال فى بعض ما يكتب، وإما تساؤلات مريبة وكثيرة حول تفاصيل تتعلق بالحركة الإسلامية وتأثيراتها على الأوضاع فى البلاد، وبخاصة فى الصعيد، وإما استعراض للمقالات التى كان يكتبها حينئذ فى صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" والتى كان يهاجم فيها النظام المصرى وعلى قمته رئيس الجمهورية ونجلاه، وكل هذه المقالات موجودة بالكامل. رابعاً: ذهب السيد فندى الكبير إلى أمريكا فى المرة الأولى عام 1985 ضمن بعثات منح السلام التى كانت تعطيها مؤسسة فولبرايت لمعيدى ومدرسى الجامعات المصرية، حيث كان معيداً بقسم اللغة الإنجليزية بكلية آداب قنا، وذهب للمرة الثانية بعد عامين تقريباً، أن تزوج من الأستاذة الأمريكية التى كانت تشرف ضمن تلك المنح على رسالته للماجستير، وهى مزدوجة الجنسية وهو ما سوف نتحدث عنه فى مقام آخر بالتفصيل، حيث عمل بإذاعة صوت أمريكا التابعة للحكومة الأمريكية. وقد كان مجيئه للقاهرة فى زيارة بعد ذلك، ولقاؤه مع الزميل مصطفى بكرى فى مكتبه حينذاك بمقر مجلة كل العرب الباريسية هو جذر خلاف الأخير معه، نتيجة لما ذكره فى هذا اللقاء عن مصر والمصريين، ومن الأفضل أن يدلى الأستاذ بكرى بروايته المباشرة عما دار فى هذا اللقاء. خامساً: أفضل أن أترك أيضاً الإجابة عن هذا السؤال للزميل بكرى فلديه الكثير مما يقوله - كما أعرف – عن الأسباب الحقيقية لخلافه معك وليس خلافك معه، وأعد القارئ الكريم بأن أدلى بشهادتى حول ذلك باعتبارى واحداً من أبناء جيل السبعينيات المعاصرين لكل ما جرى سواء فى قنا أو فى القاهرة مع زملائى الآخرين الذين لن يتأخروا أيضاً عن شهادة الحق. سادساً وأخيراً: أظن أنك تعلم جيداً وعدد كبير من أساتذة وطلاب جامعة جورج تاون ظروف تركك لها عام 2001 والواقعة المتعلقة بإحدى طالباتك من حاملى إحدى الجنسيات العربية، حتى لا نفصح أكثر. وقد استمعت بنفسى لهذه الظروف والواقعة من أستاذتين كبيرتين وقديمتين فى الجامعة تشرفت باستقبالهما فى مكتبى بالأهرام، كما عرفت منهما ومن آخرين الطريقة والأسباب التى دفعت إدارة الجامعة إلى إخراج مغادرتك لها بدون ضجة وأنت أول من يعلمها، كما تعلم الظروف والأسباب التى تم فيها قبولك للعمل بها بعد الإطاحة بأكاديمية مصرية محترمة تعمل الآن بواحدة من كبار الجامعات الغربية، لتصبح أنت المرشح الوحيد، والسر دوماً فى مصادر التمويل التى تفرض ما تشاء فى بعض المؤسسات الجامعية والبحثية الأمريكية. *رئيس وحدة النظم السياسية ومدير برنامج دراسة الحركات الإسلامية ورئيس تحرير تقرير دليل الحركات الإسلامية فى العالم ورئيس تحرير تقرير دليل الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية. اخبار متعلقة: ضياء رشوان لليوم السابع: الأسئلة الستة للدكتور مأمون فندى شقيق مأمون فندى يجيب على أسئلة ضياء رشوان