يبدأ رئيس الوزراء التونسى حمادى الجبالى اليوم الثلاثاء، مساع جديدة لتشكيل حكومة جديدة غداة فشل مبادرته بتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية، سعى لإجهاضها حزبه "النهضة" الإسلامى، فيما لم يظهر حتى الآن أى توافق واضح لإخراج البلاد من أزمة سياسية عميقة. ومن المقرر أن يلتقى الجبالى اليوم الثلاثاء، الرئيس التونسى منصف المرزوقى، وذلك بعد أن ترأس اجتماعا لمجلس الوزراء، واستقبل ممثلى الاتحاد التونسى للصناعة والتجارة (منظمة الأعراف) والاتحاد العام التونسى للشغل (المركزية النقابية) اللذين كانا دعما مبادرته بتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية. وأوضح الجبالى الذى أعلن أمس الاثنين فشل مشروعه دون أن يستقيل كما سبق أن قال، إنه يسعى للتوصل إلى "وفاقات" لتشكيل حكومة جديدة. ويبقى الهدف هو تهدئة وضع متوتر منذ صيف 2012، وخصوصا منذ اغتيال المعارض اليسارى شكرى بلعيد فى 6 فبراير، وتوفير شروط انتخابات وإخراج المجلس الوطنى التأسيسى من مأزقه ليتمكن من صياغة الدستور الجديد. ورغم أن الأحزاب ال 15 التى شاركت فى مشاورات الجبالى الجمعة والاثنين، عبرت عن استعدادها لدعم حكومة مختلطة تضم وزراء سياسيين وغير متحزبين، فإن الاختلافات تظل كبيرة ما يؤذن بمباحثات صعبة. ويصر معظم قوى المعارضة وحلفاء النهضة فى ترويكا الحكم على تحييد وزارات السيادة، حيث يولى قياديون فى النهضة حاليا وزارات العدل والداخلية والخارجية، فى المقابل لا يزال حزب النهضة مترددا فى التخلى عن هذه الوزارات. من جهة أخرى، يبدو حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" الذى أسسه الرئيس المرزوقى، على وشك الانفجار مع سلسلة من الاستقالات لنوابه فى المجلس التأسيسى. كما قال وزراؤه الثلاثة فى الحكومة إنهم يرفضون العمل تحت رئاسة الجبالى. وقال وزير التشغيل عبد الوهاب معطر "إن الوزراء الثلاثة لن يكونوا ضمن أى حكومة يشكلها الجبالى، أن تجربتنا معه ليست مثمرة". فى الأثناء يخرج الجبالى الذى يعتبر من الجناح المعتدل داخل حزب النهضة، ضعيفا من أسبوعين من الأزمة، خصوصا بعد خسارته صراع لى الذراع مع "صقور" الحزب الذين تمكنوا من قبر مشروعه لتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية فى المهد. وقال مسئول حكومى كبير إن الضبابية "تشل عمل الحكومة"، مضيفا "كل شىء معطل، والمشكلة أنه لم يعد هناك من يفكر فى الصالح العام، بل الجميع يفكر فى مصلحته الشخصية". ولم يرتسم أى جدول زمنى فى الأفق، فى حين تهز تونس بانتظام بسبب المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، أعمال عنف تذكر بالأسباب المباشرة ل"ثورة الحرية والكرامة" فى نهاية 2010 وبداية 2011، وهى الفقر والبطالة. وفى هذا السياق انتقدت صحف تونسية الثلاثاء الطبقة السياسية بسبب عجزها عن إيجاد حلول حقيقية لمشاكل البلاد. وتحت عنوان "هانت عليكم تونس" كتبت صحيفة الصباح "انقلبت الآية، وبدل أن يعرب صناع القرار الذين يعود الفضل للثورة التى منحتهم الفرصة للصعود إلى السلطة، عن إرادة صادقة للتضحية من أجل إنقاذ البلاد وتجنيب التونسيين أبشع السيناريوهات، وهو السقوط فى مخاطر الانقسامات بين أبناء البلد الواحد، فإننا نراهم بدلا من ذلك، وكأنهم يريدون لتونس أن تضحى من أجل حساباتهم الضيقة ومصالحهم".