أعلن عبد الحميد الجلاصي نائب رئيس حركة النهضة التونسية الأربعاء، أن الحركة ليس لديها مشكلة في أن يكون ضمن الحكومة المزمع تشكيلها كفاءات وطنية مستقلة "تكنوقراط" بشرط أن تضم أيضًا كفاءات سياسية مشهود لها بالنضال. وبحسب مراقبين للشأن التونسي فإن ما أعلنه الجلاصي يعد بمثابة "مرونة" من قبل حركة النهضة بشأن تشكيل الحكومة، حيث كانت الحركة تعترض على ما أعلنه الجبالي حول رغبته في تشكيل حكومة "تكنوقراط"، وتصر على تشكيل حكومة كفاءات سياسية.
تفاوض للتوافق
وفي تصريحات لوكالة "الأناضول" للأنباء، أوضح الجلاصي أن حزبه يواصل التفاوض مع رئيس الحكومة حمّادي الجبالي "وهو الأمين العام لحزب حركة النهضة أيضا" من أجل التوافق حول إعادة تشكيل الحكومة والخروج من مأزق الخلاف بين تكوين حكومة تكنوقراط وحكومة ذات كفاءات سياسية.
ولفت الجلاصي إلى أن الحركة التي تقود الائتلاف الحاكم في مفاوضاتها مع الجبالي أكّدت أنها ليس لها أي إشكال في أن يكون ضمن الحكومة المزمع تشكيلها كفاءات وطنية مستقلة، ولكن تشترط أن تضمّ أيضا كفاءات سياسية وطنية مشهود لها بالنضال والقدرة على التعامل مع أزمات ما تبقى من مرحلة الانتقال الديمقراطي".
وأشار القيادي في حركة النهضة إلى إمكانية أن يتم التوصل إلى اتّفاق بخصوص الدمج في الحكومة المزمع تشكيلها بين كفاءات مستقلّة وكفاءات سياسية.
في نفس الوقت، ذكرت مصادر مطلعة أن نقاشات داخل حركة النهضة متواصلة قد تفضي إلى القبول بمقترح الجبالي في تشكيل حكومة تكنوقراط، لكن بشروط تتعلق أساسا بأسماء الكفاءات المستقلّة التي سيتم تعيينها.
منظمات ومساندات
وعلى صعيد متصل، فقد أَعلن كل من الاتحاد العام للشغل ورابطة الدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين، موافقتهم المبدئية على قرار رئيس الحكومة حمادي الجبالي تشكيل حكومة تكنوقراط غير متحزبة، لإخراج البلاد من أزمة أججها اغتيال المعارض العلماني شكري بلعيد.
وجاء في بيان وجهته المنظمات الثلاث إلى رئيس الوزراء حمادي الجبالي: "نعلن موافقتنا المبدئية على قراركم بتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة -على قاعدة الكفاءة والوفاء لمبادئ الثورة- لإدارة شئون البلاد".
ودعت المنظمات في البيان الذي نشرته صفحة اتحاد الشغل الرسمية على موقع ال "فيسبوك- إلى أن تكون الحكومة محدودة العدد لا يتحمل أعضاؤها مسؤوليات حزبية، ولا يترشحون للانتخابات القادمة سواء أكانت رئاسية أم تشريعية، وأن يكون لوزرائها صلاحيات كافية وقوة مبادرة.
كما دعوا الجبالي إلى إلغاء التعيينات الحزبية التي لا تستند إلى الكفاءة في مؤسسات الدولة السيادية، وتشكيل لجنة عليا للتشاور حول التعيينات "وفق مقاييس موضوعية"، وذلك تكريسا لحياد الإدارة والنأي بالجهاز التنفيذي للدولة عن التجاذبات الانتخابية.
وطالبت الجهات الثلاث بحل اللجان والمليشيات والرابطات والمجموعات المنظمة التي تروع الناس، وتنشر ثقافة الكراهية والضغينة والعنف، على غرار رابطات حماية الثورة، وتجسيد مبدأ احتكار الدولة وحدها لمسئولية الأمن وحماية الحريات العامة والخاصة للتونسيين والتونسيات.
المعارضة و"النهضة"
وتقول المعارضة: "إن حركة النهضة الحاكمة في البلاد قامت منذ تسلمها الحكم نهاية 2011 باختراق مفاصل الدولة - أي المؤسسات السيادية، عبر تعيين مئات من الموالين لها على رأس العديد من الإدارات العمومية".
وأضافت المعارضة أن "الرابطة الوطنية لحماية الثورة" غير الحكومية "مليشيات إجرامية"، شكلتها حركة النهضة لاستعمالها في "تصفية حساباتها" مع خصومها السياسيين، بينما تنفي الحركة باستمرار هذه الاتهامات.
ورفض رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي مطالب المعارضة بحل الرابطة التي اعتبرها "ضمير الثورة" التونسية التي أطاحت في 14 يناير/كانون الثاني 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
ومن جانبه، أكد الحزب الجمهوري المعارض في تونس تأييده لمبادرة رئيس الحكومة حمادي الجبالي المتعلقة بتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية.
وقال المتحدث باسم الحزب عصام الشابي: "إن حكومة الكفاءات يجب أن تحظى بوفاق ودعم سياسييْن لتوفير ظروف أفضل للعمل".
وناشد الأحزاب التي ترفض المبادرة وخاصة حركة النهضة تغيير موقفها وتغليب مصلحة البلاد، على حدّ تعبيره.
ويأتي ذلك في وقت دعا فيه محمد العكروت نائب رئيس حزب حركة النهضة وعضو مكتبها التنفيذي في شريط فيدو بثته الحركة على صفحتها الرسمية على ال "فيسبوك"، إلى تجمع كبير السبت، دفاعا عن "شرعية" الحكومة.
حكومة "التكنوقراط"
وأعلن رئيس الحكومة، حمادي الجبالي، الأسبوع الماضي، رغبته في تشكيل حكومة تكنوقراط، مبررًا ذلك بأن المفاوضات مع الأحزاب السياسية حول تشكيلة الحكومة الجديدة وصلت إلى طريق مسدود.
واختلفت آراء الائتلاف الحاكم حول هذا المقترح؛ حيث رفضته حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية "العضوين بالائتلاف الحاكم"، مطالبين بحكومة من السياسيين والحزبيين، فيما أبدى التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات"العضو الثالث بالائتلاف" موافقته.
وتشهد الساحة السياسية الحزبية انقسامًا حول تشكيلة الحكومة المقبلة، ما بين مؤيد ومعارض لطرح الجبالي بأن تكون حكومة كفاءات وليس حزبية.
وفي سياق متصل، قالت مجموعة من الكتل النيابية بالمجلس التأسيسي التونسي "البرلمان المؤقت": "إن المرحلة الحالية تقتضي وجود حكومة ائتلاف سياسي وطني مفتوحة على الشخصيات الحزبية والمستقلة، وتستند إلى قاعدة نيابية وسياسية وشعبية واسعة وملتزمة بالعمل على انجاز اهداف الثورة" .
وجاء ذلك في بيان أصدرته كتل "الحرية والكرامة و"حركة النهضة" و"حزب المؤتمر من أجل الجمهورية" و"حركة وفاء" عقب اجتماع لهم بمقر المجلس التأسيسي بالعاصمة تونس الأربعاء.