5 ساعات كاملة قطعها فى صبر من منزله بالمنوفية إلى المدينة الباسلة التى طالما تمنى زيارتها، نظرة خاطفة ألقاها على ما حمله من صور وأوراق لشخصيات اختارها لحضور الزيارة، تسارعت فى ذهنه الأسئلة حول مصير "شاب غريب" فى المحافظة التى عزلتها الظروف الدامية، وأغلق أهلها على أنفسهم أبواب الحزن التى علقوا عليها لافتة "ممنوع الدخول للغرباء"، إجابات مرتعشة هى ما رد بها عقله على المخاوف التى سرعان ما تلاشت بمجرد الاقتراب من رصيف "المعدية" التى تقضى يومها فى الممر الواصل بين ضفتى المدينة الحزينة، واختفت تماماً بمجرد الاصطدام ببسمات أهالى "بورسعيد" الذين تجمعوا حول اللافتة التى علقها فى انتظار جذب انتباه الشارع. "حتى لا تموت الرموز" هى العبارة التى توسطت اللافتة التى وقف أمامها "محمد الشقنقيرى" الشاب العشرينى الذى فكر فى كسر الحصار وإطلاق فكرته من شوارع المدينة الباسلة بمساعدة مجموعة من الفتيات اللاتى اعتدن العمل فى شوارع "بورسعيد" تحت شعار "اقرأ" بعد أن تحمسن للفكرة وتطوعن لإقناع الأهالى أن "محمد" ليس من الغرباء"، وقف مستعداً للأسئلة التى انهالت عليه من المارة الذين تجمعوا حوله، وبدأ فى شرح فكرته بهدوء عن رموز مصرية قرر إحياء ذكراها من على رصيف معدية "بورسعيد". "عايزين نرجع الثقافة للشارع المصرى" هو الهدف الذى بدأ به "محمد" صاحب مبادرة حتى لا تموت الرموز حديثه لليوم السابع من بين الجمهور الذى بدأ فى التزايد حوله، بابتسامة مرحبة بالوجوه التى انضمت للعرض أكمل حديثه قائلاً: المبادرة هدفها كشف النقاب عن رموز مصرية ضاعت فى ظل زحام الحياة، بإمكاننا الاستفادة من تجاربهم فى الحياة". "محمد مهران" البطل البورسعيدى الذى لم يتذكره معظم الحاضرين، والشيخ إمام وغيرها من الرموز البارزة هى ما تحدث عنها محمد فى محاولة لربط الشارع بالرموز المصرية، وربط الحاضرون بفكرة المبادرة التى نجح انطلاقها الأول فى شوارع بورسعيد فى كسر حاجز الصمت الذى غلفت به الأحداث الماضية المدينة، تاركة أهلها فى حالة حزن على ما وصل إليه حال بورسعيد بتاريخها الطويل من البطولة. من بين الحاضرين التفت "محمد" للحديث لليوم السابع عن الفكرة قائلاً: هدفى الأول هو إعادة الثقافة للشارع المصرى الذى تحول لمكان للبلطجة والابتذال، أما الهدف الثانى من الفكرة فهو كسر حالة العزلة التى تواجهها مدينة بورسعيد وإعادة الثقة لأهلها، وإثبات أن بورسعيد جميلة أناسها طيبون. أسئلة ومشاركات متعددة تخللت المحاضرة التى استغرقت معظم ساعات اليوم، أثبتت لمحمد أنه أحسن اختيار مكان انطلاق الفكرة التى تفاعل معها الأهالى بشكل كبير، وهو ما شجعه على التفكير فى تكرار التجربة فى محافظات أخرى، حاملاً معلوماته عن شخصيات جديدة للحديث عنها مع الناس فى الشارع الذى حلم برؤيته ساحة للحوار فيها "كل الناس بتسمع بعض".