سعر الذهب يرتفع مع منتصف تعاملات اليوم الجمعة    محافظ الغربية يعلن موعد بدء تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء    المغرب يحبط مخططا لداعش كان يستهدف منشأت حيوية وأمنية    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: استشهاد 140 صحفيا.. و95% نزحوا من منازلهم    إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية    عودة ثنائي.. تعرف على تطورات مصابي الأهلي قبل مواجهة الجونة    ضبط 13 ألف مخالفة مرورية متنوعة في يوم واحد    ضبط 1680 كيس سناكس منتهي الصلاحية في الغربية    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    نهى عابدين عن أزمتها مع الاكتئاب: "مفيش أسباب معينة وهي تراكمات"    وزير الأوقاف يفتتح مسجد فريد خميس بالعاشر من رمضان ويؤكد: «دورنا عمارة الدنيا بالدين» (صور)    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية المُوحدة خلال أبريل الماضي    مشيرة خطاب تشيد بقرار النائب العام بإنشاء مكتب لحماية المسنين    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بمنتصف التعاملات (آخر تحديث)    طوارئ في الجيزة استعدادا لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    المنتدى الاقتصادي يُروج لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    «التعليم» تحدد مواصفات امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2024.. تفاصيل    أقباط الإسكندرية في الكنائس لحضور صلوات «الجمعة الحزينة» والجدران تكسوها الستائر السوداء    عن حفلاته في صيف 2024.. محمد رمضان: لبنان راح تولع والفرح راح يعود قريبًا    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    متسابقون من 13 دولة.. وزير الرياضة يطلق شارة بدء ماراثون دهب الرياضي للجري    وحدات سكنية وهمية.. ضبط سيدة استولت على أموال المواطنين ببني سويف    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    الأهلي يهنئ الاتحاد بكأس السلة ويؤكد: "علاقتنا أكبر من أي بطولة"    التعليم العالي: إطلاق النسخة الثالثة لمسابقة لتمكين الشباب ودعم الابتكار وريادة الأعمال    تعرف على إيرادات فيلم السرب في السينمات خلال 24 ساعة    شاهد.. جدار تعريفى بالمحطات الرئيسة للحج بمعرض أبو ظبى للكتاب    في الذكري السنوية.. قصة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    دعاء الهداية للصلاة والثبات.. ردده الآن تهزم شيطانك ولن تتركها أبداً    صور الأمانة في المجتمع المسلم.. خطيب الأوقاف يكشفها    الإسكان تطرح أراضى للتخصيص الفوري بالصعيد، تفاصيل    الصحة: تقديم 10 آلاف و628 جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية الحرب    أستاذ أمراض القلب: الاكتشاف المبكر لضعف عضلة القلب يسهل العلاج    وزير الصحة: تقديم 10.6 آلاف جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية أحداث غزة    فرص عمل في 55 شركة.. شروط شغل الوظائف في القطاع الخاص براتب 6000 جنيه    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    التضامن تكرم إياد نصار عن مسلسل صلة رحم    علام يكشف الخطوة المقبلة في أزمة الشحات والشيبي.. موقف شرط فيتوريا الجزائي وهل يترشح للانتخابات مجددا؟    تركيا: تعليق التجارة مع الاحتلال حتى وقف إطلاق نار دائم في غزة    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    قصور الثقافة: إقبال كبير على فيلم السرب في سينما الشعب.. ونشكر «المتحدة»    "مضوني وسرقوا العربية".. تفاصيل اختطاف شاب في القاهرة    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    البنتاجون: نراقب الروس الموجودين في قاعدة يتواجد فيها الجيش الأمريكي في النيجر    عاجل - المواد الداجنة: سعر الفراخ البيضاء والحمراء اليوم الجمعة "تراجع كبير".. لدينا اكتفاء ذاتي    مصر أكتوبر: اتحاد القبائل العربية يعمل على تعزيز أمن واستقرار سيناء    رئيس البرلمان العربي: الصحافة لعبت دورا مهما في كشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    وزير التنمية المحلية يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد القيامة المجيد    رغم المقاطعة.. كوكاكولا ترفع أسعار شويبس جولد (صورة)    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرار وخفايا مذبحة الألتراس الأحمر
نشر في الوفد يوم 09 - 02 - 2012

إلى بورسعيد.. سبقت لجنة تقصى الحقائق وجئتكم بنبأ يقين عمن دبر مذبحة مشجعى الأهلي.. وحرض.. وتآمر.. وسفك الدماء، ومن قتل، وكيف قتل؟
وسأروى لكم حكاية ال 100 شاب الذين كانوا يرتدون زياً موحداً - تى شيرت نادى المصرى الأخضر وطاقية سوداء - وهجموا على جماهير الأهلى بعصى غليظة سوداء فقتلوا منهم من قتلوا وأصابوا من أصابوا..
وجئتكم أيضاً بخبايا التحقيقات التى تجريها النيابة والتى تسير فى اتجاه تبرئة المتهمين، كما يزعم بعض الذين يستندون إلى أن النيابة اكتفت بالقبض على 52 متهماً فقط، وطلبت ضبط وإحضار 12 آخرين، رغم أن الجناة فى المذبحة يفوق عددهم 100 قاتل(؟!!).
أما أغرب الغرائب فى التحقيقات فهى أن النيابة طلبت ضبط وإحضار شخص متوفى منذ فترة ووجهت له تهمة الاعتداء على جماهير الأهلى(؟!).
ومن ملفات المذبحة وقفنا على معلومات كثيرة وحصلنا على تسعة دلائل تؤكد تورط أجهزة الأمن فى المذبحة التى راح ضحيتها 71 شهيداً وما يقرب من 1000 مصاب.
على بابها وقفت.. أحسست أن شيئاً ما يمنعنى من الدخول.. شيئاً داخلياً يصرخ: كيف تدخل المدينة التى شربت أرضها دماء 71 طفلاً وفتى صغيراً، قتلوا جميعاً بدون ذنب؟
وسألت نفسي.. كيف تسير فى شارع سار فيه قبل أيام فتيان لم يكن معهم سوى أعلام حمراء، وقلوب تنبض بالحب وحناجر تهتف باسم النادى الذى يعشقونه.. فتيان كانوا عنواناً للحياة وفى لحظة تحولوا إلى نفير للموت؟!
طاردتنى كل هذه التساؤلات، فقررت أن أعود من حيث أتيت.. واستدرت باتجاه القاهرة وقلت «باى باى بورسعيد».
وما إن نطقت اسم المدينة الباسلة حتى انتفض قلبى وتسارعت أنفاسي، وشعرت كأن روحى تتمزق، ثم هتف قلبي: كيف ترفض الدخول إليها وهى قبلة الوطنية.. كيف تبتعد عنها وهى بلد الأبطال؟.. كيف تمد هى إليك يدها وعندما تقترب منها تنصرف عائداً دون أن تتلمس بيدك وجهها الملائكي، وتذوب فى أحضانها الدافئة؟
وواصل قلبى هاتفاً: إنها بورسعيد التى تغنى كل مصرى ببطولاتها..
ومن بعيد جاءنى صوت عبدالحليم حافظ وهو يغنى حكاية شعب (كنا نار أكلت جيوشهم، نار تقول: هل من مزيد.. وانتصرنا ولسه عارهم ذكرى فى تراب بورسعيد).
وعاد قلبى لهتافه: كيف تترك موضع فخرنا وقبله حينا وخلاصة وطنيتنا.. كيف تترك الأرض التى دفعت خيرة شبابها فى صد أعداء مصر ودحر الغاصبين والغزاة.
سقطت من عينى دمعة.. وقرأت الفاتحة على أرواح الشهداء ودون أن أدرى أخذتنى قدماى إليها.
دخلت بورسعيد وليس لى سوى هدف واحد وهو البحث عن إجابة قاطعة لأخطر سؤال فى مصر حالياً: سؤال يقول: هل بورسعيد جانٍ أم مجنى عليها؟.. هل هى قاتلة أم ذبيحة؟
لجنة تقصى الحقائق: ما حدث فى بورسعيد مؤامرة مصحوبة بتقصير أمنى
كشفت مصادر بلجنة تقصى الحقائق التى شكلها مجلس الشعب لكشف أبعاد مذبحة استاد النادى المصرى، أن اللجنة وضعت يدها على خيوط تؤكد أن ما حدث فى استاد بورسعيد ليس شغب ملاعب ولكنه مؤامرة محكمة التدبير صاحبها تقصير أمنى غير مبرر.
قالت المصادر إن القيادات الأمنية فى بورسعيد لم تتوقع حدوث أية أزمات ووضعت خطة أمنية لتأمين الجماهير واللاعبين والمباراة، واهتمت بالفعل بتأمين جماهير الأهلى حتى دخولهم إلى الاستاد، ونقلتهم بواسطة 35 سيارة من منطقة الكاب حتى الاستاد وبعدها تركوا جماهير الأهلى دون حماية أو تأمين.
وأكد المصدر أن قيادات الشرطة حاولوا خلال التحقيقات التى تجريها النيابة أن يلقوا بمسئولية ما حدث على مدير عام الاستاد.
وقال النائب الوفدى محمد جاد عضو لجنة تقصى الحقائق إن المؤامرة لم تكن فقط تستهدف جماهير النادى الأهلى وإنما كانت مؤامرة على الثورة وعلى مدينة بورسعيد الباسلة.
وأضاف: كان الهدف هو إشاعة الفوضى فى البلاد وإذا كان أعداء الوطن قد اختاروا بورسعيد لتنفيذ جريمتهم فإن المدينة الباسلة التى قهرت الغزاة والمحتلين قادرة على أن تتجاوز محنتها ومحنة مصر كلها.

البورسعيدية.. تحت الحصار
90٪ تراجعًا فى عدد الداخلين إلى مدينة الأبطال.. والمغادرون انخفضوا 70٪(؟!)
الحزن يسكن القلوب.. والشوارع تعلن الحداد والثورة على المجلس العسكرى و«شوبير» و«شلبى»
عندما تصل إلى بوابات بورسعيد، ستجدها تشكو قلة الخارجين وندرة الداخلين.
بعض المصادر أكدت أن نسبة الداخلين إلى المدينة الباسلة بعد مذبحة الاستاد انخفضت بحوالى 90٪، بينما انخفض عدد الخارجين من المدينة بنسبة 70٪.
فأغلب أهالى بورسعيد يخشون حالياً مغادرة مدينتهم.. وكل من تجبره ظروفه على مغادرة المدينة فإنه يترك سيارته (إذا كان يمتلك سيارة) ويستقل سيارة أجرة، ويفضل أن تكون لوحاتها المعدنية ليست تابعة لبورسعيد.. والغالبية العظمى تفضل السفر بالقطار.
إلى هذا الحد بلغ الإحساس بالخطر فى قلوب البورسعيدية.
نفس الإحساس يسكن قلوب أبناء المدينة الذين لن يغادروها أبداً.. فما أن يجتمع بورسعيدى مع بورسعيدى حتى يتحدثا عن مذبحة الاستاد.. فالكل يتناول المجزرة بحزن مركب.. حزن على الضحايا.. وحزن عما خلفته الجريمة من تشويه لوجه بورسعيد أمام بعض المصريين.. وحزن عن حرمانهم من فرص العمر - على حد قولهم - فهذه هى المرة الأولى فى تاريخ نادى المصرى الذى يفوز على النادى الأهلى بهذه النتيجة الكبيرة (3/1).
الشوارع أيضاً تشارك البورسعيدية أحزانهم فلا يخلو شارع من لافتة تندد بالمذبحة.. وإلى جوارها لافتة سوداء تعبر عن الحزن والحداد.
وكل اللافتات - تقريباً - تدور فى فلك واحد وهو أن بورسعيد بريئة.. وأكبر هذه اللافتات معلقة فى الشارع الرئيسى ببورسعيد وتقول اللافتة «يا رب العالمين اللى حصل ده لا فى القرآن ولا الإنجيل.. دى مؤامرة اللى عملها مش البورسعيديين دى من الشرطة والإعلاميين».
هكذا تقول اللافتة، أما الإعلاميون الذين تقصدهم اللافتة فهما «أحمد شوبير» و«مدحت شلبي» اللذان يحمل لهما عدد من أبناء بورسعيد تحدثوا إلينا كراهية تفوق الوصف.
ويتطرف البعض فى كراهيته، فيعتبرهما من بين المتورطين فى التخطيط للمذبحة!.. وقال لى بعض البورسعيدية إنه سيلجأ للقضاء ويتهم «شوبير» و«شلبي» بالتورط فى المذبحة بسبب استعدائهما للجماهير ضد بورسعيد - حسب وصف البورسعيدية.
حزن الأهالى والشوارع فى بورسعيد لا يمنع من وجود عبارات ثورية تهاجم المجلس العسكرى وتطالب بسقوطه، وتؤكد أن الثورة مستمرة وأن المشير لا يختلف عن مبارك.
الدماء تغطى 77 مقعداً لجماهير الأهلى.. ووجبات للشرطة خلف مقاعد ألتراس المصرى
أدوية منشطة وسط المدرجات.. ووجوه مشبوهة تتعاطى البانجو والمخدرات
مسرح الجريمة يفضح أسرارها.. هكذا كانت قناعاتى عندما دخلت بورسعيد، ولهذا توجهت مباشرة إلى استاد الموت.. استاد نادى المصرى.
وفى الطريق إليه توقعت أن أجده مغلقاً وتحت تحفظ النيابة، التى مازالت تحقق فى الجريمة وتبحث عن أدلة إثبات..
وصلت الاستاد فوجدته عكس ما توقعت.. وجدته مفتوحاً على مصراعيه أمام الجميع.. ووجدت مئات البورسعيدية يتوافدون إليه لالتقاط الصور التذكارية.. بل إن البعض وضع نعشاً رمزياً للضحايا داخل المرمى المواجه للمدرجات التى كانت مخصصة لجماهير النادى الأهلى وحولوا منطقة جزاء هذا المرمى إلى مسجد.. يؤدون فيه صلاة الغائب على أرواح الشهداء ثم يؤدون الصلاة المكتوبة.. يصلونها جماعة.. رجالاً ونساءً!!
وما إن تتخطى باب الاستاد حتى تغشاك رائحة الموت وتطاردك بقايا الشهداء الذين سقطوا على أرضه.. معظم هذه البقايا عبارة عن أحذية متناثرة وبقايا ملابس ممزقة.
ومباشرة توجهت إلى المدرج الشرقى الذى كان مخصصاً لجمهور النادى الأهلي.. المدرج يتسع لحوالى 5 آلاف مشجع.. وكان الحاضرون من جمهور الأهلى فى الماتش المشئوم حوالى 3 آلاف مشجع والمفاجأة أن عدد التذاكر التى تم بيعها لجماهير النادى الأهلى طبقاً لبيانات استاد المصري، بلغ 758 تذكرة فقط!.. فكيف إذن دخل 2242 مشجعاً بدون تذاكر؟!
مفاجأة ثانية.. وجدت أسفل المقاعد التى كانت مخصصة لجماهير الأهلى أوراق دعاية للمرشح محمد زيدان، المرشح المستقل لمجلس الشورى ببورسعيد على مقعد الفردى فئات.. والسؤال كيف دخلت هذه الدعاية لمقاعد جماهير الأهلى وأغلبهم من خارج بورسعيد أساساً؟
وعلى مقاعد جماهير النادى الأهلى وجدت 77 مقعداً ملطخاً بالدماء وحول هذه المقاعد وفى المخارج المخصصة للجماهير وجدت 96 بقعة دماء أصغرها قطرها يزيد على سنتيمتر وأكبرها يقترب قطرها من نصف متر كاملاً!
وعلى بعض المقاعد بقايا طعام لم يمهل القدر أصحابها لكى يتناولوها!
ووجدت كميات هائلة من الحجارة والطوب مختلف الأشكال والأحجام أسفل مقاعد جماهير النادى الأهلى مما يعنى أنهم تعرضوا لوابل من قذائف الطوب.
كما وجدت أيضاً «شوم» وقطعاً خشبية ضخمة وكراسى حديدية، والمؤكد أن هذه جميعاً استخدمها الذين هاجموا جماهير الأهلي، وكان المفروض على النيابة أن تتحفظ على هذه الأشياء جميعاً لترفع عنها بصمات الجناة ولكن - للأسف - النيابة لم تفعل.
وإذا كان كثير من وسائل الإعلام قد تحدثت طويلاً عن باب الخروج «الملحوم» واعتبرته دليل إدانة يؤكد أن قتل جماهير الأهلى كان متعمداً، فالحقيقة أن هذا الدليل «فشنك»، لأن الباب ملحوم قبل مباراة الأهلى بأسبوعين تقريباً، وتحديداً عقب مباراة المصرى والاتحاد السكندرى التى شهدت صداماً عنيفاً بين جماهير الناديين وعبر هذا الباب هجمت جماهير النادى المصرى على مشجعى فريق الاتحاد ولهذا قررت إدارة استاد النادى المصرى «لحام» الباب كنوع من الحماية لجماهير الفرق المنافسة للنادى المصرى.
أما دليل الإدانة الذى يؤكد أن هناك من تآمر على جماهير الأهلى فكان هو الباب الحديدى المخصص لخروج الجماهير.. وكان المفروض أن يتم فتح هذا الباب لتخرج منه جماهير الأهلى وبالفعل عندما وقعت الواقعة اندفع المئات من المشجعين إلى هذا الباب الذى تعودوا أن يخرجوا منه ولأن أنوار الاستاد كانت قد انطفأت فإن الجمهور اندفع نحو الباب دون أن يرى إن كان مفتوحاً أو مغلقاً، فلما وصل إليه أول الجماهير المندفعة فوجئوا به مغلقاً ولما حاولوا الرجوع فوجئوا بسيل من الجاهير التى تندفع نحوهم وظلت موجات الجماهير المندفعة تتوالي، مما أدى إلى تساقط العشرات تحت أقدام الجماهير المندفعة فمات منهم من مات.
ولما بلغ التدافع على الباب المغلق مداه تحطم الباب الحديدى الضخم فسقط على بعض المشجعين فقتل منهم من قتل وكسر أقدام البعض وأصاب آخرون فى مناطق متفرقة من أجسامهم.
وللحقيقة فإن بعض رجال الأمن حاولوا فتح هذا الباب ولكنهم فشلوا.. لماذا؟ لأن مفتاحه كان لدى سعادة البيه حكمدار بورسعيد الذى لم يكن موجوداً فى الاستاد طبقاً لروايات أغلب البورسعيدية!
وهكذا مات العشرات من جماهير الأهلى بسبب الباب المغلق فيما قتل بلطجية عشرات المشجعين خنقاً أو كسر العظام وإلقاء من أعلى المدرجات (25 متراً تقريباً) فيما قتل آخرون بالسنج والشوم والشماريخ.
ولم تتوقف المذبحة إلا بعد مقتل 71 مشجعاً من جماهير الأهلى أما من كتبت لهم الحياة وعددهم يزيد على ألف مشجع فقد خرجوا بإصابات مختلفة، إما بسنجة أو بضربة كرسى أو شومة أو خرطوش.
تركت مقاعد الموت وتوجهت إلى مقاعد جماهير المصرى وفى طريقى إليها وجدت جميع الأبواب الحديدية التى تفصل بين جماهير الأهلى والملعب، مفتوحة رغم أنها من المفروض أن تكون مغلقة بالأقفال والسلاسل الضخمة.
دققت النظر فى الأبواب الحديدية بالمدرجين البحرى والغربى اللذين كانا مخصصين لجماهير المصرى فوجدت 15 باباً حديدياً، منها 9 أبواب مغلقة بالسلاسل و3 أبواب مفتوحة أقفالها و3 أبواب أخرى مكسورة.
وفى المدرج الغربى المخصص لألتراس النادى المصرى وجدت العديد من علب وجبات الشرطة ووجدت فوارغ صواريخ من كل شكل وحجم ولون.
وكانت المفاجأة الأكبر هى عثورى على زجاجة لأحد الأدوية المنشطة ملقاة أسفل مقاعد جماهير المصرى بالمدرج البحرى.
أما الشهادة المروعة فقد قالها لى إبراهيم سلامة - أحد مشجعى النادى المصري، مؤكداً أنه رأى بعينه وسط جمهور النادى المصرى من يشرب البانجو والبرشام المخدر.
عدت أؤكد عليه: بعض جمهور النادى المصرى كان يشرب مخدرات فى المدرجات؟.. فقال: نعم.. ثم أضاف: «لم أترك مباراة للنادى المصرى إلا وحضرتها والله والله الناس اللى كانت بتشرب المخدرات دى ليسوا من جمهور النادى المصرى ورغم أنهم كانوا يجلسون وسطنا إلا أنهم أغراب عنا.. وأغراب عن بورسعيد كلها».
من قتل جماهير الأهلى؟
شاهد عيان: 100 شاب يرتدون تى شيرت أخضر وطاقية سوداء.. قتلوا الأبرياء بالعصى
«السقا» نجم بورسعيد: أعرف جماهير النادى واحداً واحداً.. والأغراب المندسون شوهوا صورتنا
مشجعو المصرى: لافتة «البالة» و«الباكو» أشعلت غضبنا.. وآخرتنا نشتم ونرجم طوب إنما نقتل «لا»
أتوبيس شرق الدلتا متورط فى الجريمة.. و«الدنف» اعترف على «أبو قمر» و«المنياوي» ثم تراجع!
على شاشات الفضائيات الرياضية - جميعها - شاهد الملايين من المصريين، جماهير نادى المصري، وهى تندفع من المدرجات إلى أرض الملعب عقب إطلاق حكم المباراة «فهيم عمر» صافرة نهاية المباراة.
اندفعت جماهير المصرى إلى أرض الملعب واتجه المئات منها، بل الآلاف باتجاه جماهير النادى الأهلى وبعدها سقط من جماهير الأهلى 71 شهيداً وألف جريح.
جريمة قد تبدو للوهلة الأولى واضحة تماماً لكن الحقيقة أنها أعقد بكثير مما تبدو.
فلو كانت الجريمة كما يبدو من ظاهرها هى اعتداء من جماهير النادى المصرى على جماهير النادى الأهلى، لما خرج أحد من جماهير الأهلى سليماً، ذلك أن الملعب كان به 15 ألف مشجع لفريق المصرى مقابل 3 آلاف من مشجعى الأهلي، وبالتالى فأى صدام بين مشجعى الفريقين كان سيجعل جمهور الأهلى كله فى عداد القتلى والجرحي، ومادام هذا لم يحدث، فهذا دليل على أن الكارثة لم تكن عدواناً من جماهير ناد على جمهور ناد آخر.
وهذه النتيجة تحمل فى طياتها نفياً آخر لما يردده البعض من أن المجزرة ناجمة عن هجوم أهالى بورسعيد على جماهير الأهلي، وهو كلام ينافى الواقع جملة وتفصيلاً.. والدليل أن آلاف البورسعيدية بمجرد أن علموا بوقوع اعتداء على جماهير الأهلى سارعوا إلى الاستاد ونقلوا الجرحى والمصابين إلى المستشفى والكثيرون عرضوا التبرع بالدم لإنقاذ المصابين وواصلوا تبرعهم بالدم حتى رفضت المستشفى قبول المتبرعين لامتلاء بنك الدم بالمستشفى عن آخره بدم المتبرعين.. وبعض البورسعيدية اصطحبوا المصابين إلى منازلهم لعلاجهم.
إذن المجزرة لم تكن هجوماً من شعب بورسعيد على جمهور الأهلى ولا هى عدوان من كل جماهير المصرى على جماهير الأهلى.
وباعتراف كل من قابلتهم من جماهير المصرى الذين حضروا المباراة فى الاستاد، فإن جمهور النادى البورسعيدى انقسم بعد المباراة إلى 3 أجزاء.. قسم نزل الملعب ليحتفل بالفوز التاريخى على الأهلي، وقسم ثان اندفع باتجاه لاعبى النادى الأهلى وجماهيره وقسم ثالث وقف مكانه فى المدرجات أو على أرض الملعب واكتفينا بالفرجة على اعتداء بعض الجماهير على مشجعى الأهلي.
أما لماذا اكتفى هؤلاء بالفرجة، فالحقيقة التى يعترف بها البورسعيدية جميعاً هى أن حالة غضب عارمة انتابتهم خلال أحداث المباراة وتحديداً عندما رفعت لافتة وسط جمهور الأهلى تقول: «بلد البالة مفهاش رجالة».
ولم تكن تلك اللافتة هى الوحيدة التى أشعلت نار الغضب فى قلوب جمهور المصرى الذى يشاهد المباراة بل إن هناك لافتة أخرى تم رفعها لمدة 40 ثانية وسط جمهور النادى الأهلى تقول «حط باكو على باكو البورسعيدية .....» ومكان النقط كلمة لا يمكن ذكرها من باب الأدب.
وبلغ الغضب بجمهور المصرى أن هتف بعد لافتة «البالة» قائلاً: «يا اللى الداخلية حرساكوا بعد الماتش .....» ومكان النقط كلمة أخرى لا يمكن ذكرها من باب الأدب.
صحيح أن أحمد السيد - أحد أبناء بورسعيد وأحد أعضاء رابطة مشجعى الأهلى - أكد لى أن ألتراس الأهلى ومشجعيه ليس لهما علاقة باللافتتين وقال إن جمهور الأهلى لم يدخل الاستاد بلافتات أساساً».
وأضاف: ليست من أخلاق جماهير الأهلى أن ترفع لافتات جارحة أو تفتقد للأدب والذوق، ومن المستحيل أن نرفع نحن مشجعى الأهلى فى بورسعيد لافتات تسيئ لأهل بورسعيد لأننا منهم ومن رابع المستحيلات أن يحضر ألتراس الأهلى هاتين اللافتتين من القاهرة إلى بورسعيد لأن السباب الجارح ليس من صفات ألتراس الأهلي.
والسبب الثانى أنهم يعلمون أن فى بورسعيد عدداً كبيراً من مشجعى الأهلى فكيف يرفعون لافتات تسيئ إلى أهل بورسعيد.
وأياً كان الأمر فإن اللافتتين أشعلتا الغضب فى قلوب جماهير المصرى ولكن جزءاً كبيراً من هذا الغضب تبخر تماماً أثناء المباراة - حسب تأكيدات - عدد كبير من مشجعى المصرى الذين التقيت بهم، وقالوا «فرحتنا بالفوز أطفأت غضبنا وحتى من بقى لديه بقية من غضب فإنه توجه لجماهير النادى الأهلى وأقصى ما يريد أن يفعله هو سب تلك الجماهير أو قذفها بطوبة.. هكذا قال «طه أبو العطا» و«محمد سعد» و«أشرف فوزى» و«حسام حسن» و«ميلاد ميخائيل» و«وائل الصيفى» و«محمد السعيد شوشة» و«أحمد المصرى» وجميعهم من عشاق النادى المصرى وكبار مشجعيه.
ولهؤلاء جميعاً قلت: جماهير المصرى كانت تطارد جماهير الأهلى منذ أن دخلوا بورسعيد، وبعضهم كان يشير إلى الأهلوية إشارات تعنى «إننا هندبحكم».. وسألتهم: أليس هذا دليلاً على أن هناك نية مبيتة لدى بعض جماهير المصرى للاعتداء على جماهير الأهلي.
ورغم أننى طرحت سؤالى على أشخاص قابلتهم فى أماكن مختلفة.. (النادى المصرى - وعدد من شوارع ومقاهى بورسعيد) إلا أن إجابتهم كانت شبه واحدة.. الكل - تقريباً - قال «البورسعيدية صوتهم عالى لكن قلبهم أبيض.. بيهددوا ويهددوا وفى الآخر ميعملوش حاجة».
وبعضهم أضاف على هذه الإجابة عبارة تقول (يا أخى.. إحنا فنجرية «بق»).. نزعق.. نشتم.. نرمى طوبة.. لكن نقتل لا.
ولكن أليس الهوس الكروى والتشجيع الجنونى يمكن أن يرفعا صاحبهما إلى ارتكاب جريمة تحت تأثير هذا الهوس؟.. السؤال طرحته على كابتن النادى المصرى وهدافه على مدى 15 عاماً متصلة «مسعد السقا» فقال: «إذا كنت تقصد أن البورسعيدية مهووسون بالكرة فهذا صحيح.. إنهم يعشقون كرة القدم أكثر من أى شىء آخر ويعشقون النادى المصرى لدرجة الجنون ولهذا يفقدون أعصابهم أحياناً أثناء تشجيع فريقهم.
وأضاف «فى نهاية السبعينيات قابلنا النادى الأهلى هنا فى بورسعيد وخلال الماتش كان للمصرى ضربتى جزاء، الأولى أحرزت منها هدفاً، والثانية «شوطها» بره، وساعتها لم ترحمنى الجماهير وطاردتنى حتى منزلى فى بورفؤاد وظلت تشتمنى طول الليل.. وفى الماتش التالى أحرزت 6 أهداف، فإذا بالجماهير التى كانت تشتمنى من أيام قليلة تحملنى على الأعناق وتهتف باسمى وتطوف بى الملعب».
وواصل الكابتن «مسعد السقا»: البورسعيدى بيحب المصرى زيادة شوية ولهذا ميتحملش يشوفه مهزوم علشان كده ممكن يشتم وممكن يحدف طوب على جماهير الفريق المنافس لكن «يقتل مش ممكن» وبعدين الماتش الأخير النادى المصرى عامل نتيجة تاريخية على النادى الأهلى وهذه النتيجة رد فعلها أن بورسعيد تظل فرحانة أسبوعاً كاملاً وليس أن تعتدى على جماهير الفريق المنافس.
واستمر كابتن «مسعد» قائلاً: لم يكن لدى أبناء بورسعيد أية نوايا سيئة ضد النادى الأهلى وجماهيرية بدليل أننى - مثلاً - عملت لافتة كبيرة - كتبت فيها إن البورسعيدية جميعاً يتمنون الشفاء لكابتن مصر محمود الخطيب نجم الأهلى وبهذه الروح حضر جمهور المصرى إلى الاستاد.
سألته: وأين اختفت هذه الروح حينما تم الاعتداء على جماهير الأهلى حتى سقط عشرات الشهداء ومئات المصابين.
- فقال: أنا أعرف مشجعى المصرى واحداً واحداً.. وأقسم لك بالله أن هناك أغراباً كانوا وسط جماهير المصرى.. أشخاص لم أرهم من قبل.. وهؤلاء حولوا فرصتنا بالفوز إلى مأتم وحزن.. يا أخى والله أنا طول الليل وأنا أبكى على الشهداء الأبرياء اللى سقطوا فى الاستاد وأغلب أبناء بورسعيد مثلى.
حكايات وجود أغراب وسط جمهور النادى المصرى منتشرة وبشدة فى كل ربوع بورسعيد أشهر هذه الحكايات حتى الآن هى حكاية الشاب «محمد سعد الدنف» (مواليد 1986).. و«الدنف» اعترف بأن «الحسينى أبو قمر» (أحد المقربين من جمال مبارك وأحمد عز) ومحمد المنياوى أمين الحزب الوطنى المنحل ببورسعيد دفعوا مبالغ مالية لأشخاص لكى «يبوظوا الماتش» على حد قوله، مؤكداً أن هذه العملية تمت بمباركة «جمال عمر» أحد المقربين من جمال مبارك الذى غادر مصر إلى أمريكا قبل شهور.
اعتراف «الدنف» تم تسجيله صوت وصورة وتناقله البورسعيدية فيما بينهم عبر البلوتوث.. صحيح أن «الدنف» بعد إلقاء القبض عليه نفى أمام النيابة كل ما قاله عن تورط رجال الوطنى المنحل فى مذبحة استاد المصرى مؤكداً أن كل ما قاله من قبل كان تحت ضغط الجماهير - على حد قوله.
ولكن - أياً كان الأمر - فإن حكاية وجود أغراب وسط جماهير المصرى هى الأكثر انتشاراً، وهناك بعض الحكايات تؤكد أن أغراباً تم نقلهم لبورسعيد بأتوبيسات شرق الدلتا واندسوا وسط جماهير النادى المصرى والنادى الأهلى أيضاً وقالوا إن هؤلاء هم من رفعوا اللافتتين اللتين أغضبتا جماهير المصري.
شخص واحد فى بورسعيد قال إنه رأى هؤلاء الأغراب رؤى العين ورصدهم بدقة.. وهذا شاهد اسمه سالم الحميدى (38 سنة) سيتوجه للنيابة اليوم ليدلى بشهادته أمامها.. وقال ل «الوفد» شاءت الظروف أن أرى بعينى جماعات المندسين وهى تقتل جماهير الأهلي، فلقد حضرت للاستاد قبل المباراة بفترة قصيرة ولهذا لم أصعد للمدرجات ووقفت بجانب ابنى وابنتى الصغيرين أمام السور الفاصل بين الملعب وجمهور المصري.. وبمجرد أن انتهت المباراة اندفع جمهور كبير إلى أرض الملعب واسترعى انتباهى وجود أشخاص وسط الجماهير يرتدون زياً متقارباً.. فانلة نادى المصرى الخضراء ويضعون على رؤوسهم «طواقي» سوداء، ولما دققت النظر فى هؤلاء وجدت أغلبهم يغطى جزءاً كبيراً من وجهه ب «الطاقية» ووجدتهم يحملون فى أيديهم عصى متشابهة.. كانت جميعها غليظة وسوداء.. كان عددهم حوالى 100 شخص، وجميعهم توجهوا إلى مدرجات جماهير الأهلى ولما كانت الأبواب المؤدية إليها مفتوحة صعدوا بسهولة إلى الأهلوية وحولوا المكان إلى ساحة حرب.. انهالوا ضرباً على رؤوس كل من كان يقابلهم من جماهير الأهلي.. ورأيتهم وهم يضربون أحد المشجعين حتى سقط ميتاً ثم انتقلوا لغيره.
وأضاف: كان المشهد مروعاً، ولهذا تجمدت أطرافى من الذهول.. ولم أنتبه إلا على صوت أحد مشجعى الأهلى كان مختبئاً تحت أحد المقاعد وهو غارق فى دمائه، وفوجئت به يرفع يده وينظر تجاهى ويقول بصوت متقطع «الحقنى يا عم.. الحقنى يا عم.. لقنى الشهادة، وعلى الفور أسرعت نحوه وأنا أردد لا إله إلا الله محمد رسول الله» فردد الشهادة ومات.. وعلى مقربة منه وجدت شاباً آخر ينزف بشدة من ساقه بسبب إصابته بجرح قطعى فى ساقه ولما رأيت الدم يتدفق منه بغزارة تملكنى الخوف على أطفالى الصغار فأسرعت عائداً إليهما وأخذتهما وغادرت الاستاد.
مصادر قانونية:التحقيقات تتجه إلى تبرئة المتهمين
القبض على 52 متهماً.. ومطلوب ضبط 12 آخرين بينهم متوفى
ربما كانت مذبحة استاد المصرى واحدة من القضايا السهلة جداً على رجال النيابة.. والسبب 33 كاميرا كانت تصور لحظة بلحظة تفاصيل ما جرى فى استاد الموت.
صحيح أنه تم إطفاء أنوار الاستاد بعد دقائق قليلة من انتهاء المباراة، وهو ما يعنى أن مشاهد من المجزرة لم يتم تصويرها، ولكن أياً كان الأمر فإن ما رصدته كاميرات الاستاد قبل إطفاء الأنوار سيساعد النيابة بدرجة كبيرة فى رصد الجناة وسرعة محاكمتهم.
ولكن ما يثير الدهشة هو أن النيابة منذ بداية التحقيقات وحسب ما يتردد لم تغلق أبواب النادى، مما جعل مسرح الجريمة سداحاً مداحاً للعابثين.. ثم إنها لم تحرز قطع الحديد والأخشاب والكراسى التى استخدمها الجناة فى قتل وإصابة جمهور الأهلي، أى أنها تجاهلت التحفظ على بعض أدوات الجريمة المستخدمة فى المذبحة، رغم أهميتها الكبيرة فى إثبات التهمة على الجناة.
والأغرب أنها اكتفت بالقبض على 52 متهماً فقط (منهم 4 من جماهير الأهلى) رغم أن الشواهد تؤكد أن المتورطين فى المجزرة أكثر من 100 شخص.
كما طلبت النيابة ضبط وإحضار 12 متهماً آخر بخلاف ال 52 متهماً المقبوض عليهم وكانت المفاجأة أن من بين من طلبت النيابة ضبطه وإحضاره شخصاً اسمه «أحمد إبراهيم يوسف» وهو رجل متوفى منذ فترة!
وحسب مصادر قانونية قريبة من التحقيقات فإنه لا يتم التعامل مع التحقيقات بعمق ولا تحاول أن تضيق الخناق على المتهمين وتواجههم بدلائل وقرائن قوية، وإنما تكتفى بالتحقيقات الروتينية التى تبدأ فى الغالب بسؤال: هل فعلت كذا؟.. فيجيب المتهم محصلش وعلى نفس المنوال تسير أسئلة التحقيق حتى النهاية.
وتضيف المصادر: بدا واضحاً أن التحقيقات تجرى وتتم مواجهة الملهمين دون تحريات دقيقة عن المجزرة ودون الاطلاع على ما رصدته كاميرات الاستاد؟!
وكشفت المصادر أن الاتجاه يذهب إلى دفع التحقيقات فى اتجاه أن المذبحة جريمة سياسية منظمة بمعنى أن وراءها خلفية سياسية تستند إلى بعض عناصر النظام السابق ونفذها فريق مدرب وممول، ارتكب جريمته خلف ستار كرة القدم.
ووجهت النيابة للمتهمين 5 تهم شملت ضرباً أفضى إلى موت وإتلاف مبان ومنشآت عمداً، وإلحاق الأذى بالمجنى عليهم وإحداث عاهة مستديمة وإتلاف منقولات مملوكة للغير.
وتوقعت مصادر قانونية أن يتم الإفراج عن جميع المتهمين.. وقالت المصادر «كل المتهمين سينالون براءة ماعدا قيادات الشرطة المتهمين».
وأضافت المصادر «قيادات الشرطة سيصدر فى حقهم أحكام بالحبس حتى 5 سنوات بسبب إهمالهم وعدم اتخاذهم الحيطة فى عملهم ما تسبب فى إصابة المجنى عليهم».
أخطرها الدخول بدون تفتيش وحمل العصى وإغلاق باب خروج جماهير الأهلى
9 دلائل تؤكد تورط الأمن فى مذبحة بورسعيد
لا شيء فى مذبحة استاد المصرى بمدينة بورسعيد أكثر وضوحاً من تورط أجهزة الأمن فى المذبحة.
أكثر من دليل كلها تؤكد على أمر واحد وهو أن رجال الشرطة متورطون فى الجريمة.
أول هذه الدلائل هى أن الجماهير دخلت الاستاد بدون تفتيش، وهو أمر غير معهود وغير عادى فى استاد بورسعيد تحديداً، فمنذ نشأته وجميع الداخلين إليه يخضعون لتفتيش دقيق، وكان رجال الأمن يمنعون إدخال الولاعات وعلب الكبريت ويحظرون دخول البرتقال واليوسفى والتفاح والطماطم وكل ما يمكن أن يقذف به، وأيضاً ممنوع منعاً باتاً إدخال الخشب أو العصى، حتى الأعلام التى كان يحملها البعض كانوا ينزعون منها الخشب والبلاستيك وإلا فلن يسمحوا لمن يحملها بالدخول.. إلا هذه المرة سمحوا بإدخال السنج والمطاوى والشوم وكميات هائلة من الشماريخ والألعاب النارية.. بل إنهم سمحوا بدخول الجماهير بدون تذاكر.
وسبق هذا التساهل فى تفتيش الجماهير، تراخياً مريعاً فى إجراء التحريات، حيث جاءت تحرياتهم لتقول إن كل شيء سيمر بسلام ولكن شيئاً لم يمر بسلام ووقعت مجزرة.
دليل ثالث على تورط الأمن هو وقوفهم كمتفرجين أمام المجازر التى شهدها الاستاد فرغم وجود 13 تشكيلاً أمنياً (حوالى 1170 رجل شرطة) داخل الاستاد إلا أن هذه القوات جميعاً جلست على كراسى طوال المباراة وعندما نزل أحد الجماهير إلى أرض الملعب وهو تجاوز كبير، اكتفى رجال الأمن ب «الطبطبة» عليه واستسماحه واستعطافه لكى يعود إلى المدرجات بدلاً من إخراجه خارج الاستاد ليكون عبرة لمن تسول له نفسه اختراق الملعب.
وكان طبيعياً أمام هذا الحال أن يتوالى نزول الجماهير إلى أرض الملعب ثم أن تقع الواقعة وتجتاح الجماهير الملعب بمجرد نهاية المباراة، وهو تصرف تعرض رجال الأمن فى المحلة لوقف مشابه له تماماً قبل أسابيع، ووقتها وفى سرعة البرق تراصت قوات الأمن بعرض الملعب للفصل بين جماهير المحلة وجماهير الأهلى ولكن رجال الأمن فى بورسعيد ظلوا جالسين على الكراسى طوال النهار بعد أن اجتاح الجمهور أرض الملعب وقف رجال الأمن على جنب وتركوا البلطجية يذبحون جمهور الأهلي!
وتتوالى دلائل تورط الأمن فى إصدار أوامره بإطفاء أنوار الاستاد عقب المباراة مباشرة مما جعل القتلة يرتكبون جريمتهم فى أمان تام!
ثم كانت الطامة الكبرى بإغلاق باب خروج جماهير الأهلى وفتح الأبواب الحديدية التى تفصل بين مدرج جمهور الأهلى والملعب مما سهل على القتلة العبور السريع إلى قلب مدرجات الأهلي.
ووصل تبلد الحس الأمنى لدى قوات الأمن باستاد المصرى حداً غريباً.. فبين شوطى المباراة أطلق أحد مشجعى النادى المصرى صاروخاً نارياً باتجاه جماهير الأهلى فسقط فوق رأس أحد المشجعين وأصابه إصابات بالغة وتم نقله إلى المستشفى وتوفى فى الحال.. وهذا الحادث كان كفيلاً بأن يدرك رجال الأمن أن هناك شيئاً ما غير عادى.. وأن هذا الأمر يتطلب منهم درجات التراخى والبطء والسلبية ولهذا وقعت الواقعة.
وأعقب الواقعة اختفاء أمنياً كاملاً من بورسعيد كلها.. أليس هذا دليلاً آخر على تورطهم فى المذبحة!
التحليل النفسي للبورسعيدي
تلقائى.. جدع.. كتوم.. فهلوى.. يكره السلطة
«أبو العربى مصدر إلهامه.. وتأثر ب «اللمبي»
بورسعيد اسم مركب من كلمة PORT ومعناها ميناء وكلمة سعيد «الخديو سعيد وقت بدايتها التاريخية» ويرجع أصل التسمية الى اللجنة الدولية التي عقدت في عام 1855 اختيار اسم بورسعيد، وقد بدأ العمل على انشائها يوم الاثنين الموافق 25 ابريل سنة 1859 عندما ضرب فرديناند ديلسبس أول معول في الأرض معلناً بدء حفر قناة السويس.
تبلغ مساحة بورسعيد 1351.14 كيلو متر مربع، وتتكون من خمسة أحياء «بورفؤاد - الشرق - المناخ - العرب - الضواحي» بينما يبلغ عدد سكانها بحسب تعداد عام 2010 ما يقارب 603.787 نسمة وتلقب بورسعيد بالمدينة الباسلة نتيجة لمواقفها الشجاعة عبر التاريخ المصري، وتتخذ من يوم 23 ديسمبر من كل عام عيداً قومياً للمدينة «عيد النصر»، وهو اليوم الذي يوافق تاريخ جلاء آخر جندي بريطاني عن المدينة عام 1959.
صدر قرار الرئيس السادات بتحويل المدينة الى منطقة حرة في 1-1-1976 وألغى هذا القرار بمهلة حددها الرئيس السابق حسني مبارك كانت سوف تنتهي مع بداية 2011، وهو الأمر يرجع الى «العقاب الجماعي» الذي مارسه النظام السابق على شعب بورسعيد نتيجة لحادث الاعتداء «الوهمي» الذي تعرض له الرئيس السابق في 1999 على يد المواطن البورسعيدي البسيط السيد حسين سلمان وشهرته «أبو العربي» ولقد كان هذا القرار بمثابة المسمار الأخير في نعش النظام السابق بالنسبة إلى أهالي بورسعيد الذين تكيفت اوضاعهم مع طبيعة المنطقة الحرة، فكيف وبين يوم وليلة يتحولون من التجارة الى الصناعة بدون سابق انذار، مما أثر على انتشار البطالة بين شبابها نتيجة انحسار النشاط التجاري الذي يمثل «العمود الفقري» لمعظم الأسر البورسعيدية، الأمر الذي حركهم نحو المشاركة وبفاعلية في احداث ثورة 25 يناير.
ولأهل بورسعيد شخصية مميزة.. تتفرد بسمات وصفات خاصة جداً، ويؤكد الدكتور هاني صبري حنا استاذ الاجتماع السياسي بجامعة قناة السويس أن الشخصية البورسعيدية تمثل أبسط تمثيل معبر عن ملامح الشخصية المصرية - ذات الخصوصية الفريدة - في طبيعتها، ويقول: البورسعيدي شخص طبيعي فطري يعبر عن تمثيل واقعي لملامح الشخصية المصرية بكل تناقضاتها، فهو يمثل مزيجاً من مكونات اجتماعية متنافرة ومتقاربة في ذات الوقت، ويرجع ذلك الى أن بورسعيد هي مدينة فريدة تبلورت فيها المواجهة بين الثقافة العربية والثقافات الأجنبية في حين متقابلين هما حي العرب حيث كانت تقيم فيه عائلات عربية من بلاد الشام وعائلات من الصعيد - الذين شاركوا في حفر قناة السويس - بالاضافة الى البمبوطية «السكان الأصليين» وحي الافرنج الذي كان يسكنه الأوروبيون فقط.
وتتميز الشخصية البورسعيدية بقدرتها على احتواء الآخر والتعامل معه بشكل تلقائي فهو شخصية انبساطية انطوائية بشكل غريب، انبساطي في قدرته على التفاعل الايجابي مع الجميع، وانطوائي في ميله للحفاظ على أسراره وخلجات نفسه وشئونه المالية وعدم الميل للعمل في منظومة فهو يفضل العمل الفردي المستقل، وكعادة مواطني المدن الساحلية، يتسم البورسعيدي بال «الجدعنة» والشهامة وكرم الضيافة حتى ولو لم يكن قادراً على الوفاء بمتطلبات تلك الصفات عملياً!! ويمارس الفهلوة وادعاء الشطارة مستخدماً لهجته الخاصة التي تمثل خليطاً للهجات قاطنيها الأصليين من مختلف أنحاء مصر وبعض الألفاظ من اللغات الأجنبية، تلك اللهجة التي تتسم بحروف المد التي تميزها عن العامية المصرية.
ويضيف الدكتور هاني صبري: البورسعيدي يتقن استخدام لغة الجسد والتلويح بالأيدي، الصياح، والصراخ أحياناً لا لشىء إلا لقناعته - الخاطئة - بأن الصوت العالي دليل على قوة موقفك!! وإلقاء النكت والسخرية من الذات أحياناً كنوع من الحيل الدفاعية والسخرية من الآخر «السلطة التي يكرهها» لعدم قدرته على مواجهتها بشكل مباشر، فهو شخصية حيوية متحركة نشطة في اطار اجتماعي معين تتكيف معه وتتواءم مع متطلباته، شخصية تميل الى الدعابة والمرح والتفاؤل والوسطية وحب الحياة والوداعة والمهادنة وتثبيت الوضع القائم كلما أمكن والتصادق معه وقبوله، وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته «أن أهل مصر يميلون إلى الفرح والمرح، والخفة، والغفلة عن العواقب».
ولا تعني تلك المهادنة الخنوع، ولكنها تعني محدودية الحالات التي تثور فيها تلك الشخصية التي لا تثور إلا في حالات محددة، حيث تنتهك قدسية عقيدته الدينية، وحين تجرح كرامته الوطنية بشكل مهين، وحين تهدد لقمة عيشه بشكل خطر، ولقد وفر النظام السابق تلك الشروط تقريباً ليثور مواطني بورسعيد ضده.
ويستلهم مواطنو المدينة الباسلة ثوراتهم من شخصية «السيد أبو العربي» - التي درج استخدامها على سبيل الدعاية عند الحديث عن الشخصية البورسعيدية، وهي في حقيقة الأمر شخصية مقاومة ترمز إلى مقاومة هذا الشعب، حيث كانت عمليات المقاومة الشعبية تنطلق من حي العرب تجاه الحي الافرنجي وقوات الاحتلال بالاضافة، بالاضافة الى شخصية «البمبوطي» الذي لم يحصل على شهادة مدرسية، ولكنه يجيد عدة لغات أجنبية ويمارس ببراعة مهنة التجارة فوق السفن الأجنبية العابرة في القناة وهو الأمر الذي تشكلت من خلاله الشخصية البورسعيدية المرتبطة بالبحر، لتصبح شخصية متقلبة كالبحر مرتبطة بالحالة المزاجية لصاحبها الذي يبالغ احياناً في وصف مواقف معينة أو يعبر عن شوقه للوطن أو الحبيبة مستخدماً السمسمية التي اشتهرت في منطقة القناة عامة مع المقاومة الشعبية.
وتمثل شخصية «اللمبي» نسبة إلى اللورد اللنبي، المندوب السامى البريطانى إحدى الشخصيات المؤثرة فى تكوين الشخصية البورسعيدية التى اعتادت منذ عشرينيات القرن الماضى إلى صنع دمى لتلك الشخصية وأمه - أطلقوا عليها اسم المبوحة - ويتم الطواف بها ليلة شم النسيم فى شوارع بورسعيد ثم يتم حرقها قبل مطلع الفجر، تعبيراً عن رفض العدو والحاكم الظالم، وتشاء الأقدار أن تكون دمى اللمبى هذا العام هى دمى الرئيس السابق ومعاونيه لحرقها شعب بورسعيد تعبيراً عن ارتباط ثقافتهم المحلية بالأحداث السياسية فى الوطن.
وعلى الرغم من أن الشخصية البورسعيدية - مثل الطبيعة المصرية لا تتغير بسهولة ولا تتغير بسرعة، إلا أن هناك تغييراً قد طرأ على تلك الشخصية فى السنوات العشر الأخيرة يتمثل في:
1- العنف أحياناً فى التعاملات اليومية، مع الميل إلى الفهلوة والتحايل لتحقيق المكسب السهل السريع، وأصبح البورسعيدى يوصم أحياناً بالبلطجة على الرغم من سماحته وشخصيته التفاعلية، ويعود ذلك إلى الإحباط والقلق والضغوط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو الأمر الذى ساهم فى انتشار الفوضى فى أعقاب ثورة 25 يناير وحتى اليوم.
2- التعالى الاجتماعى الذى أصاب تلك الشخصية فى السبعينيات نتيجة المنطقة الحرة التى وفرت دخول مالية كبيرة للطبقات العليا والوسطى بالمدينة، نتيجة التجارة أو بيع البطاقات الاستيرادية، وقد ساهم هذا الوضع الاقتصادى إلى اتجاه معظم البورسعيدية للعمل بالتجارة فى البضائع المستوردة خاصة فى ظل تدفق المصريين من كل أنحاء الجمهورية لشراء البضائع من شوارع وطرق بورسعيد، وقد وفر هذا الوضع المادى تلك الحالة من التعالى لدى معظم المواطنين مما ساهم فى رفضهم العمل بالمصانع أو الأعمال الشاقة ذات الدخول المنخفضة أو المتوسطة مما ساهم فى ظهور العمالة الوافدة من المحافظات المجاورة للعمل بتلك المصانع.
3- الشراهة الاستهلاكية - وهى سمة مصرية عامة - إلا أن المواطن البورسعيدى وبسبب اتصاله بالغرب والبضائع الأوروبية أصبح أكثر ميلاً للإسراف والاستهلاك أكثر من ميله للإنتاج يعود ذلك بالطبع إلى الطبيعة التجارية للمدينة فى ظل نظام المنطقة الحرة، فمع انكماش النشاط التجارى بالمنطقة الحرة مازالت رواسب تلك المرحلة وتقاليدها ومفاهيمها المجتمعية تؤثر فى أنماط التطلعات والسلوك الاجتماعى الاقتصادى للبورسعيدية.
الفدائى الذهبى محمد مهران:
مؤامرة مدبرة من فلول مبارك
محمد مهران بطل من ذهب.. «مهران» ابن بورسعيد الذى قاد سرية الفدائيين وتصدى للقوات الإنجليزية الغازية عام 1956.. وظل يقاوم الغزاة حتى نفد ما لديه من ذخيرة فأسروه ونقلوه إلى قبرص.. وهناك قايضه الإنجليز بين أن ينزعوا عينيه أو يسب مصر..
عذبوه لكى يسجلوا له اعترافاً بأن المصريين يرحبون بالغزاة ويكرهون نظام حكم عبدالناصر.. ولكنه ظل صامداً كالصخر ثابتاً كالجبال رغم أن عمره آنذاك لم يكن يتجاوز 24 عاماً.
فشلت كل محاولات الإنجليز لإجبار هذا الفدائى الشاب - آنذاك - على سب بلاده فما كان منهم إلا أن خلعوا عينيه وزرعوها لضابط إنجليزى فقد عينيه فى المعركة على يد الفدائيين المصريين.
وعاش البطل «مهران» محروماً من نعمة البصر وعاش ببصيرته الأقوى من كل عيون العالم.
فى بورسعيد التقيته وسألته عن مذبحة استاد بورسعيد فقال: «أنا حزين.. حزين.. حزين لما حدث ومنهم لله اللى قاموا بهذه الأعمال الخسيسة».
وأضاف: «هذه العملية مدبرة من فلول النظام السابق وليس عندى أدنى شك من أن شباب بورسعيد بريء تلك الجريمة».
العميد يسرى عمارة قاهر «عساف ياجوري»:
مصر خسارة فينا!
يطلقون عليه أسد الفرقة الثانية مشاة فى حرب أكتوبر.. ولكنه مشهور بين المصريين بلقب «البطل الذى أسر عساف باجورى (أحد كبار القادة العسكريين الإسرائيليين فى حرب 1973).
العميد يسرى عمارة ابن بورسعيد الذى أصيب فى اليوم الثالث لمعركة العبور بطلق نارى اخترق كف يده اليسرى وبعد لحظة من إصابته وجد أمامه مجموعة من دبابات العدو فنسى إصابته وأطلق وابلاً من النار على الدبابات الإسرائيلية ولم يتوقف إلا بعد أن استسلم كل من فى الدبابات وكان عددهم أربعة، وتم أسرهم جميعاً وبعدها سقط على الأرض مغشياً عليه بسبب الرصاصة التى اخترقت كفه.. نقلوه للمستشفى حيث تلقى علاجه وفوجئ بكل من حوله يهنئه على بطولته ويخبره بأن أحد الأسرى الأربعة الذين سقطوا فى قبضته هو عساف ياجورى قائد اللواء 190 المدرع الإسرائيلى.
فى بورسعيد التقيت البطل يسرى عمارة فوجدت الحزن يعصر قلبه وقال «لم أتخيل ما حدث حتى الآن لم أتصور أن مصرياً يخنق مصرياً بيديه أو يقذف به من ارتفاع 30 متراً».
وواصل «مصر لا تستحق منا هذا.. إحنا شعب خسارة فينا مصر.. عندما كنا نحارب لم نكن نفعل فى أعدائنا ما فعله البعض بجمهور المصرى».
الفدائى البطل محمود جودة:
فاجعة أحزنت قلبى
محمود جودة أحد الفدائيين الأبطال الذين دوخوا الإنجليز عام 1956.. متذكراً بعض ما حملته هذه الأيام العظيمة من أحداث قال فى العدوان الثلاثى كان عمرى 13 عاماً وساعتها شكلت مجموعة فدائية ممن هم فى مثل عمرى وفعلنا بالغزاة الأفاعيل.. عندما وجدناهم يزيلون صور عبدالناصر من على الجدران كنا نعلق بدل الصورة عشراً.. وكنا نكتب عبارات إنجليزية فيها سب للإنجليز وعندما يتوقف الجنود البريطانيون لقراءتها كنا نلقى عليهم من أسطح المنازل الماء المغلى.. وكنا ننصب فخاخاً للسيارات التى تحمل جنوداً بريطانى وقتلنا منهم الكثيرين ودوخناهم حتى غادروا مصر مدحورين.
ومن ذكريات الصمود المضيئة إلى أحداث الحاضر الكئيب يقول الفدائى محمود جودة «لم أستطع أن أنام من الحزن فى اليوم المشئوم الذى سقط فيه 71 شاباً فى عمر الزهور قتيلاً فى استاد نادى المصري». إنها كارثة وفاجعة تخالف كل الأديان والقيم الإنسانية وتخالف طبيعة المصريين المسالمين.
وأضاف «ربما لا يعرف الكثيرون أن المكان المقام عليه الاستاد كان مقبرة للشهداء طوال سنوات الصمود ضد الغزاة والمعتدين وشاء القدر أن يستشهد هذا الشباب البريء فى نفس المكان الذى ضم رفات آلاف الشهداء».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.