الأنفلونزا كانت دائما من أكثر الأمراض انتشارا فى فصل الشتاء.. لا أحد ينجو من زيارتها لجسده وبيته كل عام.. لم نكن نحتاج إلا حبتين ريفو وشوية لمون سخن بعسل أبيض نعرق ونقوم زى الحصان.. ده كان زمان. الآن ومع التقدم الحضارى والتكنولوجى، الأنفلونزا تحولت إلى مرض مرعب لمجرد ذكر اسمه.. مرة أنفلونزا الطيور ومرة ثانية أنفلونزا الخنازير.. ومش بعيد نسمع عن أنفلونزا الخضار.. ده اللى ناقص!! لماذا دائما ننتظر الكارثة حتى نتحرك؟ الذعر الذى انتشر بين المصريين مؤخرا بعد تفشى مرض أنفلونزا الخنازير.. طرح هذا التساؤل بقوة.. منذ ألف وأربعمائة عام، الإسلام حرم أكل لحم الخنزير. فى قوله تعالى (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ). فى العهد القديم ما قبل الميلاد الخنزير على رأس المحرمات.. ثم جاء سيدنا عيسى عليه السلام ولم يحرم شيئا من الأطعمة!! هكذا قال الإنجيل.. واعتبر أن جميع الطعام حلال.. منذ ذلك التاريخ تحول لحم الخنزير على وجه الخصوص إلى أطيب ما يأكله المسيحيون فى الشرق والغرب، وتفننوا فى طبخه وتحضيره، فمن أهم أنواع لحم الخنزير الفاخرة والتى تقدم فى كبرى المحلات اللحم المدخن للخنزير، وهذه الطريقة من أكثر الطرق المحببة للكثيرين فى تناولها.. فعلى سبيل المثال هناك لحم الجامبو الذى نعرفه بالروزبيف وكذلك لحم البيكون ولحم الكالبريزى.. والمرتدله (اللانشون). وبعد أكثر من عشرين قرن يخرج البابا شنودة بابا الكنيسة الأرثوذكسية بفتوى تحريم لحم الخنزير، لأنه اكتشف أن أكلها له ضرر مباشر بالإنسان، فبالإضافة إلى حاجتها إلى مجهود فى تسويتها وإتمام نضجها، فهى تحتوى على دهون ترفع نسبة الكويسترول فى الدم.. وتؤدى إلى أمراض القلب وتصلب الشرايين.. وما اكتشفه العلماء من وجود الدودة الشريطية فى الخنازير التى تسبب أمراضا دماغية قاتلة.. ورغم أننى لست ضد فتوى البابا التى صدرت فى نهاية عام 2007 والتى صاحبها حالة من التذمر من قبل أصحاب مزارع تربية الخنازير ومحلات بيع لحم الخنزير، باعتبارها سوف تؤثر سلبا على تناول الأقباط للحم الخنزير.. وفسر البعض الهدف من الفتوى بأنها فتوى متصلة باكتشاف علمى يضر بصحة الإنسان.. والبعض الآخر اتهم البابا بالسعى للتقارب بين الدين المسيحى والإسلامى. الحقيقة وإن كنت لا أعرف الهدف من وراء هذه الفتوى إلا أننى أرى أن قداسة البابا يحرص دائما لما فيه خير المسيحيين وسلامتهم.. وأعتقد الآن أن المتذمرين فى الماضى عرفوا كيف كان لفتوى البابا بعد نظر لابد أن يحترم.. والأدلة كثيرة على خطورة تناول لحم الخنزير سواء فى الأديان السابقة كاليهودية أو الأديان اللاحقة كالدين الإسلامى، بالإضافة إلى التأكيدات العلمية وانتشار أنفلونزا الطيور فى وقت ظهور الفتوى الكنسية.. ومن ثم كان هناك الحديث عن أنفلونزا الخنازير التى لديها القدرة على التمحور والجمع ما بين أنفلونزا الإنسان والطيور لتصبح فيروسا أكثر ضراوة.. حتى الآن لم تخرج علينا أحدث المعامل البحثية فى العالم بلقاح للمرض الذى ظهر منذ أوائل القرن الماضى وراح ضحيته عشرات الملايين. ما نعيشه هذه الأيام من الشعور بالصدمة من تفشى عدد من الأمراض والفيروسات الفتاكة على رأسها أنفلونزا الطيور وأخيرا أنفلونزا الخنازير تجعلنا نتساءل.. إذا كان الخنزير دمه ولحمه ونفسه وجسده حرام فلماذا نربيه؟ إذا كان لحمه يحوى على ديدان ودمه يحتوى على ميكروبات.. وجسده ونفسه بيئة صالحة لانتقال الأمراض فلماذا نجعله يعيش فى أحضان المناطق السكنية؟ .. يرتع مع أبنائنا يلعب معهم يختلط بهم.. وأخيرا يقتلهم!! فلماذا نبقيه على قيد الحياة؟ مع احترامى لجمعيات حقوق الرفق بالحيوان مرحبا بالإعدام الجماعى لآلاف الخنازير.. أرجوكم طهروا مناطق الوباء القادم قبل أن يقضى علينا.. ولا تستثنوا حتى ما يربيه الرهبان فى مزارعهم.