كلنا عانينا رجالا ونساء، شبابا وشيوخا، صغارا وكبارا من فترة القهر والديكتاتورية وتكميم الأفواه والوهن الاقتصادى، وكنا جميعاً وما زلنا نتسارع ونتزاحم لتوفير متطلبات الحياة لنا ولأبنائنا، فى ظل عدم ثقتنا فى التغيير الذى كان بمثابة حلم لا نستطيع الحلم به. ومع ذلك وفقنا المولى عز وجل، وأراد أن ننتفض من ثُبات نومنا العميق، واستطعنا بفضله التغيير وإزاحة كابوس مرير من على صدور المصريين جميعاً، ولكن هل سيأتى اليوم الذى ترتطم فيه أيدينا بوجوهنا، ونصرخ ونقول "يا ثورة ما تمت". ووجدنا أنفسنا أصبحنا نعيش حالة سياسية واقتصادية متردية تسودها ظاهرة التخوين المستمر لكل من يستحق، ومن لا يستحق، والحالة الأكثر مرارة وقسوة هى حالة التكفير لكل من ُيعارض بالرأى أو الفعل، مع إن التقوى هى سر بين العبد وربه ولا نُقيمها بالمظهر أو اللحية، ولعل خير شاهد ما صدر من نائب تجميل الأنف، ونائب مراهق على الطريق، والشاب الملتحى الذى قتل مُحفظ القرآن "القعيد"، واغتصب زوجته المُنقبة وقتلها بمنطقة الهرم، والأمثلة كثيرة، فلا يحق لأحد أن يُكِفر أحدا لمجرد مخالفته فى الرأى. ولعل حادثة الشاب "النقاش" الذى أراد تقديم النُصح لبعض المشاركين فى مليونية "جامعة القاهرة"، وحدث له ما حدث من بتر أصابعه، وطعنه، إلى أن فقد الوعى ومن سَيعوضه عن يده التى يعمل بها، وهل هذه هى طريقة الحوار القادمة إن من يخالفنا فى الرأى يُصبح كافراً، أو أن نكيل له اللكمات والطعنات. ومن الطبيعى أن يحدث هذا وأكثر فى ظل حالة تقسيم الوطن بدلاً من "فئات وعمال وفلاحين" إلى "إخوانى، سلفى، جهادى، علمانى، يسارى، ليبرالى، أناركى ....الخ". ويا ريت حد يفهمنا أسباب صعود هذه الجماعة فى دول الربيع العربى، وهل هذه التوقيتات مدروسة بعناية وإحكام وبخطوات محسوبة لتنفيذ مخطط خارجى أكبر منهم بكثير، أم أنها صدفة وقدر الشعوب، أم أنهم أداة لتقسيم الشعوب للتفكيك والانقضاض عليها، ولعل خير دليل استغلال حالة الانقسام والصراعات الداخلية للانفراد بسيناء والسيطرة عليها من أطراف عديدة متصارعة عليها مثل الجماعات التى تريدها إمارة مستقلة، والصهاينة الذين يريدونها منطقة معزولة من البشر والسلاح، ليرتعوا فيها كما يشاءون. ولكن هل اكتملت الدائرة الآن أم لا، أعتقد أنها سوف تكتمل بعد نجاحهم المتوقع وبنفس الأسلوب فى الأردن والمغرب وبعض دول الخليج، مثل ما حدث فى مصر وليبيا وتونس والسودان واليمن، وياريت يعلموا أصحاب هذا التيار الصاعد أنهم ليسوا إلا مجرد أداة ووسيلة، ليحصل الغرب على ما يشاء، وبعد ذلك سوف يأتى عليهم الدور بدعوى الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وتطبيق الديمقراطية المنشودة (بالضبط كيفما استطاعوا تبنى تنظيم القاعدة ومساعدته فى مواجهة الروس فى الشيشان، وبعد كده قالوا لهم متشكرين دوركم خلص وبيطار دوهم الآن فى كل مكان، وأصبحوا الحِجة المقنعة من الأمريكان للدخول إلى أى دولة بدعوى مطاردة هذا التنظيم والقضاء علية لأنه يمثل خطرا شديدا عليهم". رسالة إلى الذين يريدون الاستيلاء على كل السلطات، ألا تعلموا المثل القائل "صاحب بالين كذاب وصاحب ثلاثة منافق.. يا جماعة دى إدارة دولة مش عزبة، دى أكبر دولة فى الشرق الأوسط بما لها من دور قيادى وثِقل سياسى ومجتمعى بارز، وإن سقطت لا قدر الله تهاوت بعدها باقى الدول الشقيقة، وسُتعاد الكَرة من جديد، وتبحث كل دولة عن استقلالها، وسنظل نحذر من هذا المخطط الشيطانى ذى السيناريو المُتقن والخطوات المتتابعة ليصلوا إلى ما يريدون". إلى كل المعترضين على موقف القضاة أقول لهم، يعنى هو حرام على القضاة تعليق العمل من أجل الحفاظ على ثالث محكمة دستورية على مستوى العالم والحفاظ على شموخ القضاء وهيبته، وحلال على المدرسين لما يلووا ذراع الحكومة وأولياء الأمور والطلبة بتعليق العمل فى أول يوم دراسة لعامين متتالين، وحلال على الأطباء الذين فضلوا تعليق العمل من أجل الحصول على مزايا مادية على أداء رسالتهم السماوية، وتسببوا فى وفاة بعض المواطنين، ولعلنا نتذكر قصة الشاب الذى رُزِق بأربعة تواءم كانوا أول رزقه فى الدنيا، وكيف ماتوا واحد تلو الآخر بسبب إضراب الأطباء القاسى المُحَرم شرعاً، وحلال على سائقين المترو والنقل العام لما عطلوا حال الملايين أيام عديدة. يا من تبحثون عن العدل ياريت قبل ما تحاسبوا القُضاة على مؤامرة هم ليسوا طرفا فيها، ابقوا حاسبوا اللى بيعمل إضراب ويعرض حياة الناس للموت والخطر ووقف الحال. يا ترى ها نسيبها تضيع من أيدينا، ولا سوف نتكاتف ونتفق ونراعى ربنا فى النعمة اللى فى أيدينا "مصر".