إذا عدنا للتاريخ المصرى منذ الأسرة الأولى واخترنا نموذجا من أشهر فراعينها، وهو الفرعون زوسر والذى يعد المؤسس الأول للأسرة الأولى، حيث كان يشرك زوجته نفرت فى الحكم. وصولا للأسرة الثانية وأحد أقوى الفراعين والذى ترك بصمته فى تاريخ مصر وهو الفرعون (منمحات) الملقب بنارمر أو مينا، والذى وحد قطرى مصر بعد صراع مرير حينما تفككت ودارت رحى الحرب طويلا فيها، ليحقق المستحيل بتوحيده القطرين، مستعينا بابنه سونورست فى منع الفوضى وتجنيب البلاد والعباد سفك الدماء والانقسام . وفى الأسرة المصرية الحديثة - أعنى الأسرة الفرعونية فى العهد الحديث- بداية من سنة 1500 قبل ميلاد السيد المسيح، حيث أشهر الفراعين على الإطلاق - أحمس الأول- والذى صنع تاريخا مشرفا لمصر، حيث استطاع طرد الهكسوس إلى مواقعهم بفلسطين بعد أن حرر مصر كلها من الجنوب إلى الشمال منهم. وأبقى على حدود مصر مصونة عند سيناء مستعينا بزوجته والتى هى أخته أيضا، الملكة نفرتارى. وإذا تقدمنا سريعا فى التاريخ إلى أن نصل لما بعد الحكم الرشيد ودخلنا فى الدولة الأموية، وتوريث الخلفاء الخلافة لأبنائهم، ومساعدة زوجاتهم لهم فى الحكم. وكذا الحال فى الدولة العباسية التى لم تختلف كثيرا عن سابقتها لنترك أزمنة تاريخية قاصدين ذلك رغبة فى الإيجاز الذى هو سمة المقال الصحفى، حتى نصل لعصر محمد على، واستعانته فى الحكم بأبنائه وأسرته لتقوم ثورة 1952 رافضة الملكية والتوريث وحكم الأهل والعشيرة، راغبة فى تداول السلطة، كما هو متعارف فى الجمهوريات التى أخذت عنها ثورة يوليو، وإن كانت قد حادت عن الهدف، كثيرا أو قليلا، بقصد أحيانا وبغير قصد فى أغلب الإحيان وهذا ليس موضوعنا لنسهب فيه. وهنا الخلاصة، أو كما يقول إخواننا العرب الزبدة فقد كان الفرعون أو الملك أو الرئيس يعتمد فى حكمة على مساعدة الزوجة أو الابن أو الأخ على أقصى تقدير. طبعا إضافة لحاشيته من وزراء وشرطة وما شابه. وعلى ضوء ذلك فإن ما يفعله مرسى يتعدى بكثير فراعين الدولة المصرية القديمة، وحكام الدولة الحديثة، سواء كانوا ملوكا أو رؤساء، فالرجل يشاركه الحكم جماعته بشكل لا يخفى على ذى عينين ويتخندق خلف ثلاث قوى جبارة - الجيش والشرطة والمليشيات المساهمة بالإسلامية. شىء خطير ولم يحدث فى التاريخ قديمه وحديثه، ديكتاتوريته، وديمقراطيته، شرقه وغربه. الغريب أن السيد الرئيس ومن وراءه يقدمون أنفسهم بأنهم رعاة الدين أو الناطقين باسمه. ولم نر أبدا فى التاريخ الإسلامى تلك الطائفية، وتحصين الحاكم إلا فى أزمنة الفوضى والتفتت كما حدث فى أواخر حكم الأمويين، والعباسيين. أما الآن لو نطق أحد بكلمة نقد للرئيس الذى يقدم نفسه رئيسا لكل المصريين، لانطلقت المليشيات على الأرض وفى الهواء - فى الفضائيات وعلى الإنترنت يسبحون بحمد الرئيس ويقدسون قراراته، ويدافعون بالباطل تارة وبالحق فى بعض الأحيان، كأن الوحى قد عاد من جديد، وكأنه لا ينطق عن الهوى، وكأن كلامه وقراراته من السماء. السيد الرئيس وجماعته _ استقيموا، فقد قطعتم الوطن أشلاء ومزقتموه خير ممزق، فهؤلاء علمانيون، وأولئك كفرة، وهؤلاء مجوس، آخرون فسقة، والباقى فلول. ولم تقدموا لنا حلا أو حلولا . مصر على أيديكم ذاهبة إلى جهنم، بعد أن كنتم تعدوننا بالجنة وأنهار العسل المصفى وجبال الذهب. أين هذا كله على أرض الواقع؟، قبل أن تطهروا القضاء، كما تزعمون، تذكروا أن هذا القضاء قد أخرجكم من سجون مبارك، ولا نقول لا نريد تطهيرا.. بالطبع نريد ذلك، فى كل الأماكن، وفى كل المواقع، بعد أن تطهروا أنتم أنفسكم من الرغبة فى الانتقام، والسيطرة على البلاد بما فيها من جماد وعباد لابسين قميص عثمان، مغالبين لا مشاركين كما كنتم تدعون. أم هو كلام بالليل أشرقت عليه الشمس فساح.