المتابع للمشهد السياسى المصرى الحالى يشعر بحالة من الحسرة والألم لما آلت إليه الأوضاع فى هذا الوطن، والذى قام أبناءه بثورة ضحى من أجلها المئات من أبناء هذا الوطن، وحلمنا جميعاً بوطن جديد، وطن يسوده العدالة والحرية والتعامل مع مواطنيه بأدمية، والعيش فى أمان وتوفير حياة كريمة لأبنائه، ولكن للأسف رغم مرور ما يقرب من عامان على الثورة لم يتغير الحال كثيراً عن أيام المخلوع، بل زادت الأمور سوء فى بعض نواحى الحياة، والسؤال الذى يطرح نفسه من المتسبب فى حالة الإخفاق التى حالت دون تحقيق حلم بناء وطن كبير ودولة قوية تحقق كل أهداف الثورة ومطالبها، والإجابة التى يجب أن يعترف بها الجميع، أننا جميعاً مسؤلين عن هذا الإخفاق والذى لو استمر فالبلاد تتجه للانهيار لا قدر الله، وخطأنا الأول أننا لم نتمسك بعد خلع مبارك ورجاله بأن تحكم الثورة، ومن هو قادر على تحقيق أهدافها، وأن نؤسس دستوراً يعبر عن كل المصريين ثم جاءت فترة حكم المجلس العسكرى وحكوماته، والتى تعتبر أحد أهم أسباب ما نعيش فيه الآن من تردى للأوضاع على كل المستويات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وشهدت تلك الفترة حالة من الاستقطاب والتخوين وتقسيم المجتمع على أساس دينى أو توجه سياسى، ولم يتغير الحال كثيراً بعد فوز الدكتور محمد مرسى بمنصب رئيس الجمهورية، والذى انحاز له غالبية من شاركوا فى الثورة، باعتباره مرشحا للثورة والذى أتى بحكومة هشة لم نشعر بها حتى الآن، حكومة عديمة الرؤية والهدف، الأمر الذى يستدعى سرعة إقالتها، وجاءت أعمال الجمعية التأسيسية للدستور لتجسد مشهد الاستقطاب والانقسام داخل المجتمع، ولتؤكد على أن كل فصيل سياسى يحاول فرض أجندته الخاصة وتوجهاته السياسية فى دستور، من المفترض أنه يعبر عن كل أطياف الشعب المصرى، وأنه يجب على الجميع أن يُعلى مصلحة الوطن فوق أى توجهات خاصة، الأمر الذى أدى إلى انسحاب البعض، وبدأ كل فصيل يكيل الاتهامات للفصيل الأخر، فأصحاب التوجه الإسلامى يتهمون المنسحبين بأنهم يريدون إفشال أعمال الجمعية بعد أن قاربت من الانتهاء، والمنسحبون يؤكدون أن أصحاب التوجه الإسلامى يريدون تفصيل دستورا طبقاً لأهوائهم، وبين هذا وذاك أصبح الوطن حائراً وباكياً على مواطنيه الذين حلموا بوطن جديد، ولكن يبدو أن هذا الحلم بعيد المنال، والذى لا يدركه هؤلاء أنهم إذا لم يتوافقوا جميعاً، فإن العواقب ستكون وخيمة على الجميع، وساعاتها لن يفيد البكاء على اللبن المسكوب.