سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لوس أنجلوس تايمز: العواصم الأفريقية الفقيرة تمثل تحدياً للقاهرة.. أزمة مياه نهر النيل تحدد مصير مصر.. خبراء: تحركات الحكومة الحالية لا تتجاوز اللافتات ولا توجد اتفاقات على أرض الواقع
تحدثت صحيفة لوس أنجلوس تايمز عن قضية مياه النيل، مشيرة إلى أن العواصم الأفريقية الفقيرة تمثل تحديا متزايدا لمياه نهر النيل، الذى بدونه يذبل الاقتصاد المصرى ويموت، مشيرة إلى أنه علاوة على المشكلات السياسية والاقتصادية المتتالية منذ الإطاحة بالرئيس حسنى مبارك، تتأرجح مصر من الداخل بينما تواجه أكبر تهديد قد يكمن على بعد مئات الأميال فى المرتفعات الأفريقية، حيث يكمن مستقبل نهر النيل ومصير مصر نفسها. وتشير إلى أن مبارك أهمل على مدار سنوات طويلة خطر الأمن المائى الذى يشكله مطالبات الدول الأخرى بإعادة تقسيم حصص مياه النيل، متحدية على نحو متزايد القاهرة، لتصبح القضية واحدة من أكثر اختبارات السياسة الخارجية إلحاحا للرئيس المصرى الجديد محمد مرسى. وعلى مدى عقود ركزت مصر جهودها على المشكلات الأقرب إلى حدودها، بما فى ذلك الحفاظ على السلام العربى الإسرائيلى والحروب فى لبنان والعراق. ومبارك نفسه الذى نجا من محاولة اغتيال عام 1995 من قبل المتطرفين الإسلاميين فى أديس بابا، لم يولى اهتماما يذكر لشرق أفريقيا. وإنما ركز نظامه على الحفاظ على معاهدات مياه النيل القائمة منذ عشرينات القرن الماضى. وتلفت الصحيفة الأمريكية إلى أن التحدى الأكبر للقاهرة هو سد النهضة الإثيوبى. ويقدر الخبراء تكلفة المشروع الذى يقوم على الطاقة الكهرومائية، بحوالى 4.8 مليار دولار، وأنه قد يقلل تدفق مياه نهر النيل إلى مصر بنسبة تصل إلى 25% خلال السنوات الثلاث التى سيحتاج فيها ملء الخزان خلف السد. ومع ذلك تشير لوس أنجلوس تايمز إلى أن المشروع يواجه عدداً من الانتكاسات المحتملة، إذ أنه خسر أكبر مساند له مع وفاة رئيس الوزراء الإثيوبى ميلس زيناوى، أغسطس الماضى. ورغم محاولات إثيوبيا طمأنة القاهرة بشأن بقاء حصتها السنوية التى تبلغ 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل، أى نحو ثلثى المياه المتدفقة من النهر، وأن السد الجديد سيوفر الكهرباء بأسعار منخفضة لجيرانها، لكن المصريين يشعرون بالشك والقلق. ويقول هانى رسلان، خبير حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه إذا اكتمل سد النهضة، فهذا يعنى تحول إثيوبيا إلى عدو لمصر يهدد سلامة البلاد وتنميتها ومعيشة شعبها. وأضاف: "سيكون من حق مصر الدفاع عن نفسها من خلال الحرب". وتسعى مصر وجيرانها الأفارقة من دول حوض النيل إلى تهدئة الخطاب الخاص بالأزمة. ويقول مسئولون إنه يمكن التوصل إلى قرار يشمل دخول القاهرة فى اتفاقات اقتصادية وموارد طاقة طويلة الأجل مع العواصم المجاورة. وقد ضم الوفد المصرى الأخير الذى قام بجولة مؤخراً فى المنطقة أطباء وممثلى بنوك طعام وجمعيات خيرية ومستشفيات. ومع ذلك، تواجه مصر مشكلات اقتصادية عميقة، وتحاول أن تجذب الاستثمار الأجنبى، الذى انخفض بشكل حاد خلال انتفاضة العام الماضى التى أعقبتها توترات سياسية جمة. ويشير رسلان إلى أن مرسى يحاول أن يبعث إشارات للعالم الأفريقى بأن مصر الآن أكثر انفتاحا، وأنه يرغب فى تحسين العلاقات وزيادة التعاون، لكن معظم هذه الإشارات وحتى الزيارات مجرد لافتات، فلم يتم التوصل إلى اتفاقات حقيقية حتى الآن. وأضاف أن مصر بحاجة للفعل وإعادة نفوذها بالمنطقة. ويرتكز جوهر الصراع حول النيل فى حاجة مصر وأفريقيا المتشابهة. فلقد شهدت إثيوبيا نمواً اقتصاديا قويا فى السنوات الأخيرة، وترغب فى زيادة إنتاج الكهرباء لتحفيز الزراعة والتنمية. وهى نفس حاجة مصر التى لا تجد مصدرا آخر للمياه، مما يجعلها الأكثر احتمالا لمواجهة آثار وخيمة. ويلقى بعض الخبراء لوم أزمة من الجانب المصرى على الأنظمة البيروقراطية، وتجاهل تحسين المحافظة على المياه فى مصر، التى يعيش حوالى 30% من سكانها على الزراعة. وتوضح الصحيفة أن معظم المزارعين الصغار فى الدلتا اعتادوا طيلة قرون زراعة القمح والذرة والأرز. وهذا التوجه مع نمو السكان زاد الضغوط على مياه النيل. ويشير الخبراء إلى أن أحد الحلول الممكنة تدور بعيدا عن المحاصيل كثيفة الاستخدام للمياه، مثل الأرز. ويقول الخبراء إن تقليل زراعة الأرز مع الاتجاه لزيادة القمح من شأنه أن يحافظ على المياه، ويلبى الاحتياجات الغذائية للبلاد. وتهيمن مصر على أغلبية مياه النيل 85% بموجب اتفاقات الحقبة الاستعمارية، وهو ما تعترض عليه دول المنبع التى تدعو إلى نظام جديد يقوم على الخطاب التنموى، وحقهم فى مياه النيل، إلا أن نظام الرئيس السابق حسنى مبارك استخدم هيمنته السياسية والعسكرية فى المنطقة للبقاء على الحصة التى نصتها اتفاقات 1929.