كنت جالسة مع أصدقائى فوجدت شخصاً ينادينى من بعيد فذهبت إليه مسرعة، لأننى وجدت فى صوته وفى شكله شخصاً أعرفه وعند اقترابى منه وجدته باسماً لى فقلت له أتعرفنى فقال: كيف لا أعرفك وأنا ناديت عليكِ أنا الذى أريد أن أعرف هل تعرفيننى؟ وقفت للحظة وقلت أنا أشعر بأنى أعرفك ولكن لا أعلم متى قابلتك ولكن أشعر بأنك إنسان صادق. فقلت له هل من الممكن أن تساعدنى وتذكرنى بك فقال نعم ولكن ما رايك أن أسالك عن أشياء وقد تتذكرينى حينها، فقلت نعم، فقال هل لى أنا أحضر لك عند الشروق؟ فقلت نعم، ولكن كيف ستحضر لى فقال انتظرى حتى الشروق. وتركت أصحابى وأنا أنتظر الشروق، وفى عقلى العديد من التساؤلات، وأصبحت أسترجع العديد من الأشخاص التى تقابلت معها منذ عام، وفجأة وجدته أمامى، وقال لى هل تذكرتنى؟ فقلت له، للأسف لا، ولكنك شخص مألوف بالنسبة لى، فقال فالبشر دائماً كذلك تنسى من يدعو للخير، وتتذكر فقط من يدعوها للشر فقلت له قد يكون تقابلنا فى أحد الدروس الإسلامية حضرتك محاضر فقال لا، فقال فما رأيك أن تتركنى أن أرشدك إلى، وذلك بتوجيهه بعض التساؤلات لك، وقد تتذكرينى حينها فقلت له نعم تفضل. فقال ماذا فعلتِ منذ عام؟ فقلت ماذا تقصد؟ قال هل اقتربتِ أم ابتعدتِ فقلت ممن فقال أهناك غيره (الله) فقلت، ونعم بالله لا أعرف هل اقتربت أم ابتعدت، ولكن هذه السنة حدث لى أشياء كثيرة فتقابلت مع أشخاص يتظاهرون بالطيبة ويتحدثون عن الحلال والحرام ويعلنون العكس فقال أوجد فيهم قول لله تعالى: ) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ ) فقلت نعم، وأيضاً قول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ). فقال وماذا فعلتِ معهم؟ فقلت عندما اكتشفت زيفهم ابتعدت عنهم وتركت الله يفعل فيهم ما يشاء، وجعلت قول الله سبحانه وتعالى أمام عينى (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار) فقال أشعر وكأنك تغيرتِ فقلت هل إلى الأحسن أم إلى الأسواء؟ فقال اتركى ذلك لربك لأن الله يعلم ما فى نفسك فقلت نعم فقال، وأنتِ ألم تفعلى مثلهم فقلت قد يقع الإنسان فى معصية ولكن برحمة الله يجعله يستقيظ من غفلته ويرجع إلى الله مسرعاً، ولكن لا عن قصد، فقال ما الكثير يعصى الله بدون قصد، فقلت بالفعل ولكن من وجهة نظرى قد يبتعد الإنسان عن الله ولكن لأنه صادق مع الله فيجعل الله فى قلبه حسرة لأنه يبتعد عنه فيرجع إليه مسرعاً تائباً ذليلاً له ويصبح قول الله سبحانه وتعالى أمام عينه ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). فهنا ضحك وقال: أصبحت تشبيهننى فقلت ماذا تقصد؟ قال أكملى، فقلت فهذا العام كان صعباً فجدتى توفيت أمام عينى فقال: وماذا فعلتِ؟ فقلت حمدت الله، وقلت "إن لله وإن إليه راجعون"، ولكن بكيت وشعرت بالأسى واستوقفنى بعض البشر عندما كنت أبكى وليس أكثر يقولون حرام لا تبك فكنت أرددها وأقول أنا راضية والحمد الله، ولكن حزينة لأنى فقدتها وتذكرت النبى صلى الله عليه وسلم عندما فقد ابنه قال عليه السلام، "إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا.." وبالتالى فقدت أمى من كان الله يكرمها من أجلها لأن بوفاة جدتى تذكرت أنه إذا ماتت الأم نادى منادى فى السماء يا عبد الله ماتت التى كنا نكرمك من أجلها فاعمل صالحا نكرمك من أجله، فقال وماذا حدث لك أيضاً فى هذا العام فقلت، لا صحيح عندما توفت جدتى وجدت الناس تسخر من إحساسى بحزنى عليها لأنها سيدة كبيرة فى السن، ويقولون ياه جدتك فكنت أرد فى نفسى وأقول أليست نفساً، وتذكرت الرسول حينما إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ يَهُودِىٌّ، فَقَالَ: "أَلَيْسَتْ نَفْسًا" فما بال نفساً مسلمة وجدتى فهنا نظر لى نظرة طويلة متأملاً فيها وقال آه أكملى، فقلت وجدت بنات كانوا يتمنين أن يرزقهن الله بزوج صالح يملأ الدنيا عليهن فبعد ما رزقهن الله وجدتهن يتركون شعورهن فى أفراحهن، وعندما سألتهم قالوا اتركينا نفرح فتذكرت قول الله ) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَان أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ). ووجدت أشخاصاً تمنوا أشياء قد تحققت لهم وكانوا حامدين لله مثنين بها ودائمأً يحدثوننى عن ما وصلوا إليه من النعم، ويقولون "أما بنعمة ربك فحدث" ووجدت أناساً راضية بحالها تنتظر من الله فرجاً ودائماً تردد "إن بعد العسر يسرا" فقال هل تذكرتنى؟؟ فقلت له نعم تذكرتك عندما وجدت نفسى أحكى لك كل شىء، وكأنك أنا فهنا عرفت بأن نفسى ُتحاسبنى..