«المصدر» تنشر أسماء الأعضاء المعينين فى مجلس الشيوخ    منال عوض توقع مذكرة تفاهم مع وزير البيئة بسلوفاكيا للتعاون في مجال تغير المناخ    الغرف التجارية: رفع التصنيف الائتماني لمصر يجذب مزيدا من الاستثمارات    صحيفة إيطالية: مشاركة جورجيا ميلونى فى قمة شرم الشيخ رسالة تقدير لمصر    مسيرات مؤيدة لفلسطين في عدة مدن أسترالية    رام الله: مستوطنون يقتحمون خربة سمرة بالأغوار الشمالية    الأهلي يحدد 20 أكتوبر موعداً لحسم موقف إمام عاشور من السوبر المصري    هانى العتال عن تعيينه فى مجلس الشيوخ: شرف كبير أنال ثقة الرئيس السيسي    محمد صبحي يحصد برونزية وزن 88 كجم ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي    إصابة 5 فى تصادم سيارة ملاكى وتوك توك وتروسكيل بطريق برج نور أجا بالدقهلية    متى ترتدى قاتلة أسرة المنيا البدلة الحمراء؟.. القانون يوضح    كريم الشناوى عضو لجنة تحكيم جائزة أفضل فيلم عربى بمهرجان القاهرة السينمائى    5 أبراج لا تعتذر عن أخطائها.. برج الحمل يعتبر كلمة آسف ضعف    أكرم القصاص: أسبوع القاهرة للمياه منصة دولية لمواجهة ندرة المياه وتغير المناخ    محافظ المنوفية يوجه بزيادة منافذ صرف الأدوية تخفيفاً على منتفعى التأمين    محافظ الدقهلية يتفقد شوارع حي شرق المنصورة وقرار عاجل بشأن النظافة والإشغالات    الرئيس السيسي: يجب على المجتمع الدولي مواجهة تهور إثيوبيا في ملف سد النهضة    مديرية تعليم القليوبية تطلق مسابقة "أجمل مدرسة" لتعزيز الإبداع والنظافة بين الطلاب    الضرائب: الفاتورة الالكترونية والإيصال الإلكتروني شرط أساسي لإثبات التكاليف ورد ضريبة القيمة المضافة    المؤشر الرئيسي للبورصة يواصل تراجعه بمنتصف التعاملات بضغوط هبوط أسهم قيادية    وفاة طفل بأزمة قلبية خوفا من كلب فى أحد شوارع قرية كلاحين أبنود بقنا    فرانس برس عن مصدر في حماس: الحركة لن تحكم قطاع غزة في المرحلة الانتقالية بعد انتهاء الحرب    محافظ الدقهلية يتفقد مديرية الصحة ويؤكد التعامل الفوري مع جميع البلاغات    بني سويف: تجهيز قسم العلاج الطبيعي بوحدة قمن العروس بالواسطى تمهيدا لافتتاحه    بالأرقام.. جهود الداخلية خلال 24 ساعة لتحقيق الأمن ومواجهة الجريمة    هولندا في مواجهة قوية أمام فنلندا ضمن تصفيات المونديال    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12-10-2025 في تصفيات أوروبا لكأس العالم والقنوات الناقلة    «التضامن»: 121 زيارة رقابية لدور الرعاية وتحرير 8 محاضر ضبط قضائي خلال سبتمبر    امير كرارة ومصطفى قمر وشيكابالا في العرض الخاص لفيلم «أوسكار عودة الماموث»    مي فاروق: «ألبومي الجديد تاريخي.. والتكريم الحقيقي حب الجمهور»    تعرف على مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم فى كفر الشيخ    أسعار الفاكهة اليوم 12-10-2025 في قنا    رئيس الوزراء الباكستاني يدين استفزازات أفغانستان ويتوعد برد قوي    ضبط 106074 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    محافظ أسوان يتابع استكمال تشغيل المراكز الطبية ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    وزير الصحة يشهد حفل توزيع جائزة «فيركو» للصحة العامة في ألمانيا    حرق الرموز وصناعة النجوم: تسريب وترويج وتشويه وتريند    مصر تواصل نهضة النقل والمواصلات.. استثمار 2 تريليون جنيه لتحقيق نمو اقتصادي شامل.. طفرة غير مسبوقة في الموانئ المصرية.. وتصنيفات عالمية جديدة تعزز الاستثمار    رحيل فارس الحديث النبوى أحمد عمر هاشم.. مسيرة عطاء فى خدمة السنة النبوية    أسبوع الانتصارات    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 12اكتوبر 2025 فى المنيا    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس "أيزو" لمدة 3 أعوام بعد فوز مشرف ومستحق    لليوم الخامس .. فتح لجان تلقى أوراق طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب    وزارة التعليم تحدد 3 امتحانات بالفصل الدراسى الواحد .. اعرف المواعيد    تعرف علي أسعار البنزين والسولار صباح اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    الرئيس السيسى : حماية المياه تمثل قضية مصيرية ولم تعد شأنا محليا أو إقليميا    بتهمة نشر أخبار كاذبة والإنضمام لجماعة إرهابية.. محاكمة 56 متهمًا اليوم    العظمى في القاهرة 28 درجة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025    قيادي ب فتح يدعو حماس لإجراء مراجعة وإنهاء حكمهم في غزة.. ويطالب مصر باحتضان حوار فلسطيني-فلسطيني    مسلسل «لينك» الحلقة 1.. سيد رجب يتعرض لسرقة أمواله عبر رابط مجهول    باسم سمرة ينضم إلى «شمس الزناتي 2» مع محمد إمام    سفارة قطر بالقاهرة تعرب عن بالغ حزنها لوفاة ثلاثة من منتسبي الديوان الأميري في حادث    «كفى ظلمًا».. حسام المندوه: أدخلنا للزمالك 800 مليون جنيه    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    السيسي يستقبل «العناني»: الفوز الساحق بمنصب مدير عام «يونسكو» إنجاز تاريخي يعكس المكانة الرفيعة لمصر    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الجريمة والإعدامات
نشر في اليوم السابع يوم 26 - 03 - 2009

العالم يتابع أحداث جريمة ومحكمة فى مكان ما من الكرة الأرضية والقاهرة العاصمة تغط فى موت سريرى وثقافى وتناقش أحداث عفى عنها الدهر، ولاتسألنى فهذا حالنا. فمع أحداث العالم الكبيرة تعمل البرامج الخفيفة أمثال (الزمان الحلو وأغانى زمان وصباح الخير يامصر) دورها فى تهدئة النفوس وتغبية الباقى من العقل، عدا عن تغليفه بداء لا أدرى أهو حقيقى أم مصطنع؟ وهذا يدعونى إلى سؤال آخر برئ يتعلق بطبيعتنا، فهل نحن ميالون حقًا إلى تمييع الأشياء أم هو قلة اهتمام؟، وهل ما نحن فيه هو دورٌ مفروضٌ علينا أم ماذا؟
ويوم الخميس 19 من مارس 2009، كان العالم كله يتطلع إلى الحكم فى قضية أب نمساوى، هو جوزيف ف. - دون ذكر اسمه كاملاً من جهة السلطات تمشيًا مع التقاليد المتبعة فى البلاد -، والذى حرم ابنته (إليزابيث ف.) من كامل حريتها ولمدة 24 سنة متتالية، ومنذ كان عمرها 19 سنة، وجرى ذلك فى بيت العائلة ذاته، حيث كان هذا الأب الجانى قد حوّل الكرار أو أسفل البيت إلى قلعة حصينة ومخبئًا لا تدرى زوجته نفسها أو أم الضحية عنه شيئًا، حيث كان يتعلل لها بأنه يقضى أوقات فراغه فى هذا الكرار، وكان على الأم أن لا تزعجه خلالها. وزود الأب هذا المكان بنفسه وبعمله هو وحده بباب من الفولاذ وموانع كاتمة لسماع الصوت من الخارج، وداوم بعدها على اغتصاب ابنته الضحية حيث أنجب منها سبعة أطفال يعدون إليه أحفادًا بجانب الأبوة، مات واحد منهم عام 1996 بعد أن مرض وخشى الأب أن يؤمن له العلاج حتى لا يفتضح أمره. وكان هذا الأب قد اختلق لزوجته وأم الضحية قصة يعلل بها اختفاء بنتهما تتلخص فى إتباعها طريقة دينية متطرفة وهروبها لتعيش مع أعضائها، ورغم ذلك فإنها تتصل به بين الحين والآخر طلبًا لمساعدته، وأنها قد وكّلت إليه مهمة تربية بعض أطفالها الذين أنجبتهم من علاقة بأحد أعضاء هذه الجماعة الدينية، لتقوم الجدة - أو الضُّرة - ودون أن درى بتربيتهم لابنتها فيما يشبه الجريمة الكاملة.
وكان الأب قد اضطر إلى الذهاب مع ابنيه إلى المستشفى لعلاجهما بعد أن ساءت حالتهما الصحية نتيجة سوء التهوية على مدار السنين وفى المستشفى كشف أحد الأطباء الأمر بعد أن أفشت له البنت ببعض لا كل السر، حيث تولى الطبيب إبلاغ الشرطة وهى التى قامت بكشف أسرار القضية لتنكشف المأساة. وبتسرب أسرارها للصحافة وللخارج كان الذهول من هول التفاصيل هو رد الفعل الأول على هذه الجريمة. وبدأ المسئولون فى الهيئات الاجتماعية والصحية والنفسية والتى تعاملت مباشرة مع الحالة، العمل على تأهيل الضحايا النفسى والصحى والاجتماعى من سجن دام ما يزيد على العقدين، برعاية هدفها الأول هو كسبهم مرة أخرى للحياة وكمواطنين أسوياء دون تدخل من برامج تليفزيونية لتذيع حديثًا للضحية الأولى ولا برامج إثارة للتهليل لأولى الأمر والدعاء لهم بالصحة وطول العمر والنصر على الأعداء.
وتضمنت الدعوى المرفوعة من قبل الدولة على الأب الجانى "سلبه لحرية ابنته وسجنها واستعبادها واغتصابها مما أدى لحملها سبع مرات وإهماله الذى أدى إلى موت أحد الأطفال الأبرياء"، وبعد محاكمة استمرت خمسة أيام صدر الحكم عليه بالسجن مدى الحياة وهى مدة لا تزيد فى معظم بلاد أوروبا عن العشرين عامًا، وهى أقصى عقوبة بعد إلغاء عقوبة الإعدام.
وهنا نتوقف بعض الشئ لنرى التقارير التى عقبت على هذا الحكم على الأب الجانى فى هذه الجريمة بمدة لا تتجاوز العشرين عامًا. فيقول أحد المحللين أن المحكمة لا تستطيع تحقيق العدالة فى هذا الشأن، ولكنها تتعامل مع أحكام وقانون ليس فى قدرتهما رد الشئ المسلوب والمغتصب إلى أهله من ناحية، وإلى ما كان عليه أصلاً من ناحية أخرى. فالعدالة لن تتحقق بأى حكم مهما كانت شدة العقوبة – من إعدامات أو حتى بالخصى فى جرائم الاغتصاب، فأثر الاغتصاب وألمه باقيان مادامت حياة المغتصبة، فكيف يمكن للمحكمة إذن رد الاعتبار للمغتصبة؟ وكيف للعدالة محو آلام الاغتصاب؟ وكيف يمكن تأهيل هؤلاء الأطفال نتاج الجريمة الأبوية؟ وكيف يمكن أن تُرد حرية سُلِبَت لمدة طويلة من الزمن فى هذه الحالة؟
ويمضى تحليل آخر فى بيان أن الشدة لم تمنع جرائم السرقة ولا الاغتصاب، فالموت سهل والخصى أسهل، ويستخدمان كعقوبة منذ كانت البشرية، دون ردع البعض عن أفعال لا يقبلها المجتمع، ولكن أن يصل الجانى إلى الندم على ما فعله أمام مجتمعه - ممثلاً فى المحكمة التى تمثل الجميع بما فيهم الجناة والمجنى عليهم أو عليهن – وإلى الاعتذار عما فعله تجاه الضحايا والمجتمع مرة أخرى، ثم الاعتراف بأن ما اقترفه خطأ وغير قانونى ولا يليق بإنسان أن يفعل مثله فى من هو مسئول عنهم، وأيضًا مع الآخرين فهذا شئ جديد وهذا ما فعله (جوزيف ف.) لتأتى بعد ذلك العقوبة وهى حق المجتمع على الجانى، وهنا يكون سلب الحرية هو العقاب، وهل هناك أثمن من الحرية؟
لنعود بعد ذلك ومرة أخرى إلى الحكم بإعدام العشرة وهى العقوبة التى صدرت فى كفر الشيخ فى حق مرتكبى جريمة اغتصاب السيدة بعد اختطافها من منزلها والفتوى التى تلتها بإباحة التصرف فى أعضائهم، والتى لم أسمع فيهما للدفاع صوتًا ولو خافتًا، فالمجتمع الثائر الهائج - وهم نتاجه - قدمهم قربانًا لكل ذنوبه المعروف منها والمجهول على مذبح الرأى المكبوت والخوف مما هو آت بما هو أفظع منه، فالبطالة والفقر وحليفهما العنف بالإضافة إلى مزج كل ذلك بإحباطات الشباب والشابات بالعنوسة والترمل دون زواج، ستؤدى ودون شك إلى ما هو بالضرورة أفظع من ذلك وما أعنيه هنا هو الجريمة الكاملة والقادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.