تحدثت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، عن توازن القوى فى الشرق الأوسط، وقالت المجلة فى تحليل كتبه جريجورى جوس، أستاذ علوم السياسية بجامعة فيرمونت وأستاذ زائر بجامعة هارفارد، تحت عنوان "عودة الشرق الأوسط القديم"، إن سياسات توازن القوى القديمة التى كانت تحكم الشرق الأوسط فيما مضى، قد عادت من جديد، ودعا الكاتب الولاياتالمتحدة إلى الاستفادة من دروس التاريخ، والاهتمام بشكل كبير بعملية السلام العربية الإسرائيلية وإبعاد إيران عن توازنات القوى فى المنطقة. ويبدأ جوس مقاله بالقول، فى الوقت الذى تعلمت فيه الولاياتالمتحدة من أخطائها فى الشرق الأوسط، فإن سياسات توازن القوى القديمة عادت لتقود الأحداث فى المنطقة من جديد، فى التسعينيات، كانت إدارة الرئيس الديمقراطى بيل كلينتون تأمل أن يؤدى تسوية الصراع العربى الإسرائيلى إلى استقرار المنطقة عن طريق تهميش إيران وتعزيز الأنظمة الموالية للولايات المتحدة، من شمال أفريقيا وحتى منطقة الخليج، وفى مقابل ذلك، فإن هذا سيؤدى إلى تعاون اقتصادى غير مسبوق بين دول المنطقة. وظهر شيمون بيريز، الذى كان رئيساً للوزراء فى إسرائيل بين عامى 1995 و1996 ورئيسها الحالى، ودعا إلى "شرق أوسط جديد"، ولم يكن التشخيص سيئاً لكن المعالجة نفسها لم تنجح ولا يزال المريض على حاله أكثر من أى وقت مضى. ولاحقاً، وفى أعقاب أحداث 11 سبتمبر، طورت إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش تصميمها الكبير الخاص بها للشرق الأوسط، وكان أساس هذه الخطة إحلال نظام ديمقراطى محل نظام صدام حسين القمعى فى العراق، وكان من المفترض أن يؤدى نجاح التدخل الأمريكى فى العراق إلى التقليل من أعداء أمريكا فى الشرق الأوسط، وبداية سلسلة من ردود الفعل الديمقراطية عبر المنطقة وتشجيع السلام العربى الإسرائيلى والتخفيف من حدة التهديد بهجمات إرهابية ضد الولاياتالمتحدة. ولكن على الرغم من بعض النجاح المتواضع، فإن إستراتيجية إدارة بوش المتقدمة للحرية، والتى تشبه جهود كلينتون للتواصل، فشلت فى نهاية المطاف فى تشكيل الشرق الأوسط، فبعد أن أصبح العراق أضعف، ازدادت إيران قوة، وحصدت الجماعات المتشددة داخل العراق والجماعات الإسلامية الأخرى مثل حماس وحزب الله مكاسب سياسية. ويبدو أن إدارة أوباما لديها أهداف أكثر واقعية فى الشرق الأوسط، فالفريق الجديد يدرك أن القيادة الإيرانية فى حاجة إلى التواصل أكثر من العزلة على أمل أنها ستذهب بعيداً. وتبدو إدارة أوباما بائسة بشأن احتمالات تحقيق السلام العربى الإسرائيلى، ولكنها عازمة على المحاولة. ودعت المجلة الإدارة الأمريكية، أن تتعلم ثلاثة دروس، الأول إن الولاياتالمتحدة ليست اللاعب الوحيد الذى فشل فى تنظيم الشرق الأوسط تحت قيادتها وسلطتها، فهناك العديد من القوى الإقليمية، التى استوعبت المنطقة أكثر بكثير من أى الولاياتالمتحدة، فشلت أيضا فى تحقيق ذلك، فمن غير المرجح أن توطد إيران على سبيل المثال هيمنتها الإقليمية، ومن ثم فإن الولاياتالمتحدة لا ينبغى أن تبالغ فى رد فعلها على انتصارات طهران تكتيكية. والدرس الثانى، منذ أن أصبحت اللعبة تتم فى دول المنطقة الضعيفة، التى تؤثر فيها إيران بشكل جيد أيضا، فإنه يتعين على واشنطن أن تعمل على تقوية الحكومات المركزية هناك. والدرس الثالث، أنه ينبغى على الولاياتالمتحدة، أن تهتم أيضا بعملية السلام العربية الإسرائيلية، فأغلب حكام إيران الذين يشبهون عبد الناصر والخومينى وصدام حسين فى الماضى، يستخدمون القضية الفلسطينية لحشد الدعم الشعبى فى الداخل والضغط على الحكومات الموالية لأمريكا فى المنطقة، وفى الوقت الحالى، فإن الظروف غير ملائمة لحل القضية الفلسطينية، ويجب أن يكون تعزيز السلطة الفلسطينية خطوة إيجابية، والعمل من خلال سوريا يبدو نهجاً واعداً، وهو ما تعترف به إدارة أوباما بشكل واضح، ويعبر عنه النشاط الدبلوماسى فى هذه الجبهة.