يسافر الوسيط الدولى فى الأزمة السورية إلى دمشق فى الأيام القليلة القادمة فى محاولة للوساطة فى وقف قصير لإطلاق النار فى الحرب بين قوات حكومة الرئيس بشار الأسد ومقاتلى المعارضة أثناء عيد الأضحى. وصرح الأخضر الإبراهيمى مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية للصحفيين اليوم الخميس بعد الاجتماع مع وزير الخارجية الأردنى ناصر جودة، بأن توقف الاشتباكات فترة يمكن أن يؤدى إلى بناء الثقة ويساعد فى التوصل إلى هدنة أطول فى الصراع المستمر منذ 19 شهرا. وقال الإبراهيمى إنه سيذهب إلى سوريا وأنه وجه نداء إلى "الأشقاء" السوريين سواء فى الحكومة أو ضدها لوقف القتال لمدة ثلاثة أو أربعة أيام فى عيد الأضحى الأسبوع القادم. وانهار وقف سابق لإطلاق النار بعد بضعة أيام فقط حيث تبادل الجانبان الاتهامات فى استئناف القتال. وبعد عدة أشهر استقال الوسيط كوفى عنان من منصبه لإحساسه بالإحباط. ومنذ ذلك الحين اشتدت الحرب بين قوات الأسد وقوات المعارضة التى تفتقر إلى التنظيم الجيد وتحاول إنهاء حكم الرئيس السورى المستمر منذ 12 عاما، ويتجاوز عدد القتلى اليومى فى العادة 100 مقاتل ومدنى ويستعر القتال فى المدن ومن بينها حلب المركز التجارى فى البلاد بل وفى العاصمة دمشق، وستطبق الهدنة ذاتيا دون مراقبة. وأضاف الإبراهيمى أن هذا نداء إلى السوريين أنفسهم لكى يوقفوا القتال وأن يلتزموا بها أنفسهم. وقال إن هذه ليست العملية السياسية أو الحل المطلوب للأزمة السورية. ورحبت الحكومة السورية بتحفظ بالاقتراح لكنها قالت إن أى مبادرة يجب أن تحترم من الجانبين. وأيد الخطة كل من تركيا وهى من أشد منتقدى الأسد وإيران وهى من أقوى مؤيديه فى مؤشر نادر على الاتفاق. وقال مسئول فى دمشق أن الإبراهيمى سيجتمع مع وزير الخارجية السورى وليد المعلم يوم السبت. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية جهاد مقدسى إن دمشق تأمل فى أن تبشر محادثاته فى المنطقة بما فيها الدول التى تؤيد المعارضين بشىء يؤدى إلى نجاح مبادرة بناءة. وقال أحمد فوزى المتحدث باسم الإبراهيمى إن المبعوث الدولى يعكف على إعداد خطة سلام شاملة جديدة. وقال فوزى إنه من الصعب وضع جدول زمنى لها لكن كل الأشياء تحدث معا. وأضاف أنه قام بجولة فى الدول المجاورة لسوريا ويحتاج الآن للتوجه إلى موسكو والصين كى يوضح أن هذا التحرك لن ينجح دون تأييد البلدين. واستخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد ثلاث قرارات تؤيدها القوى الغربية تندد بالسلطات السورية وتمهد الطريق أمام فرض عقوبات من الأممالمتحدة على دمشق. وينفى الكرملين محاولة دعم الأسد الذى يسمح لروسيا بالاحتفاظ بمنشأة إمداد فى ميناء طرطوس وهى القاعدة العسكرية الوحيدة لها خارج الاتحاد السوفيتى السابق. وتقول موسكو إن الأزمة السورية يجب أن تحل بدون تدخل أجنبى وخاصة التدخل العسكرى. وقالت الحكومة السورية التى تصور الحرب على أنها عدوان يشنه إرهابيون بتحريض من أعداء خارجيين اليوم أنها كتبت إلى الأممالمتحدة للاحتجاج على الدعم الأجنبى للمعارضة. وقال وزير الخارجية السورى فى رسالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون ومجلس الأمن لديهما الأدلة على تورط دول أجنبية من بينها السعودية وقطر وتركيا فى دعم وتسليح "مجموعات إرهابية" فى سوريا تزايدت فى الآونة الأخيرة. وانتشرت أعمال العنف فى أنحاء البلاد اليوم الخميس من مدينة الحسكة الصحراوية فى شرق البلاد حيث قتل خمسة جنود عندما نصب مقاتلو المعارضة كمينا لشاحنة عسكرية وحتى دمشق حيث تقصف قوات الحكومة أحياء على مشارف العاصمة. وقال المرصد السورى لحقوق الإنسان المعارض إن عشرات الأشخاص أصيبوا عندما قصفت الطائرات بلدة معرة النعمان الشمالية والتى تقع على الطريق السريع الذى يربط دمشق بحلب والتى استولى عليها مقاتلو المعارضة الأسبوع الماضى. وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء إن القوات تقوم "بتطهير قرى" فى الريف حول معرة النعمان وإنها أوقعت العديد من القتلى والجرحى فى صفوف المعارضة، وتشن القوت الحكومية هجمات ضارية لاستعادة معرة النعمان بما فى ذلك استخدام الهجمات الجوية. وفى تقرير مستفيض عن القتال فى أنحاء سوريا، قالت الوكالة إن عددا كبيرا من المسلحين قتل فى هجمات فى عدة مناطق من حلب وأماكن أخرى. وأشار المرصد السورى أيضا إلى وقوع اشتباكات فى حلب. وقالت الوكالة إن مسلحين فجروا خط أنابيب غاز من دير الزور الى تدمر فى وسط سوريا وخط أنابيب نفط يمتد من حقل العمر إلى حقل التيم فى قرية مراط شمال دير الزور اليوم الخميس. وقال المرصد إن أكثر من 140 سوريا قتلو أمس الأربعاء بينهم 62 مدنيا و12 طفلا. وشكك مسئولون سوريون فيما إذا كان المعارضون الذين اتفقوا على قيادة مشتركة يوم الثلاثاء لتشجيع المؤيدين على تزويدهم بأسلحة أقوى يمكن أن يلتزموا أو يحترموا اتفاق وقف إطلاق النار. لكن الإبراهيمى قال يوم الأربعاء إن شخصيات معارضة أبلغته بأن أى وقف لإطلاق النار من جانب قوات الأسد سيتم الالتزام به على الفور. وقال إنهم استمعوا من كل من اجتمعوا معهم فى المعارضة وأى شخص آخر التقوا معه أنه إذا أوقفت الحكومة استخدام العنف فإنهم سيستجيبون لهذا مباشرة. وأضاف أنه يأمل فى أن يكون ذلك خطوة صغيرة جدا تنقذ الشعب السورى لأنهم يدفنون مئات الأشخاص كل يوم. ويتجاوز عدد قتلى الصراع فى سوريا 30 ألف شخص وتخشى أطراف دولية من أنه إذا لم يتوقف فإن الحرب يمكن أن تتسع وتتحول إلى صراع إقليمى أوسع بين القوى السنية المتعاطفة مع المعارضة والقوى الشيعية التى تؤيد الأسد.