مغزى الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر رمضان 1973م يتمثل فى استذكار بطولات أبناء الشعب المصرى، وتكريم الشهداء الذين دفعوا دماءهم الزكية قربانا للحرية والكرامة والعزة، لترتوى شجرة الحرية ليس فى أكتوبر فقط، بل فى كل مراحل نضال الشعب المصرى من ثورة أحمد عرابى إلى ثورة 1919م إلى حروب 1948م إلى ثورة يوليو إلى حرب السويس إلى هزيمة يونيو 1967م إلى نصر أكتوبر إلى ثورة 25 يناير 2011م. مراحل ومحطات فارقة فى التاريخ النضالى للشعب المصرى الطويل فى سبيل انتزاع حريته من محتل مغتصب أو من حاكم مستبد أو فاسد. كل هذه البطولات والتضحيات لا معنى لها بدون تحقيق الهدف وانتزاع الحرية والاستقلال. حجر الزاوية فى نضال الشعب المصرى هو انتزاع حقه فى الحرية بعد انتزاع استقلاله من الاحتلال. الحرية هى كل شىء، ولا معنى للحياة بدون الحرية، وانطلاقا من الحرية والمؤسسات الديموقراطية سنحقق العدالة الاجتماعية، وسنعيش فى رخاء وكرامة. الخطأ الجسيم الذى وقع فيه حكامنا قبل ثورة يوليو اعتقادهم فى حرية تحت الاحتلال، وبعد ثورة يوليو، والاستقلال كان الخطأ بكل تأكيد هو الحكم الاستبدادى والدكتاتورية وحرمان الشعب من حريته فى اختيار وبناء مؤسسات ديموقراطية حقيقية. الاستبداد والطغيان والدكتاتورية كونوا المزرعة الخصبة للفساد وسلب مقدرات الشعب وتلويث كل شىء فى بلادنا الحبيبة مصر، وكان ذلك هو الخطأ الفادح لحكامنا الطفاة والمستبدين على مدى عقود، وهو الخطأ الذى أضاع كل الآمال، وهو الخطأ الذى أدى إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة والجريمة. وأقولها صريحة فهمنا الدكتاتورية فى المرحلة الثورية بعد يوليو، وإن كنا لا نقرها، ولكن لم نفهم لها مبرراً بعد انتصارات أكتوبر المجيدة، فكان لابد من ثورة الشعب فى 25 يناير. لما انتشر الفساد والتزوير والاستبداد فى البر والبحر فى ربوع الحبيبة مصر، قامت الثورة وسقط النظام، وتحمل الجيش مسئولية إدارة البلاد كان الهدف الأعظم، والأهم من وجهة نظر أبناء وقادة القوات المسلحة الشريفة كسلطة مؤسسة للمؤسسات الجديدة هو تكوين وبناء هذه المؤسسات من خلال صناديق انتخابية حرة ونزيهة ليعبر الشعب عن إرادته، وتعهدها بالخضوع للإرادة الشعبية الحرة، وبداية حياة ديموقراطية حقيقية، ونجحت بفضل الله، وانتصرت للشعب. حدث ما حدث وانتهى بنا المطاف إلى اختيار رئيس منتخب لأول مرة فى حياتنا، مما يعنى حصول الشعب على حريته وإقرار مبادئ الديمقراطية الحقيقية. من الرئيس المنتخب بدأت رحلة طويلة لإعداد الدستور الجديد، ووضع قيادات جديدة بالفكر الجديد على رأس الأجهزة الرقابية والأمنية والعسكرية، مع تكريم الجميع حتى الفرقاء منهم، وتكريم قادة المرحلة الانتقالية وتكريم قادة وأبطال حرب أكتوبر. من على هذا المنير أتوجه بالتحية والشكر والعرفان لأبناء الشعب من رجال القوات المسلحة وقادتها وشهدائها كل الأبطال صانعى الانتصارات،ٍ والذين عبروا بنا مرات، أهمها العبور بنا من الهزيمة إلى النصر، والعبور بنا من عصر الاستبداد إلى أفاق الحرية. لا أحب أن أقول الجيش والشعب بل أفضل أن أقول الشعب، لأن الجيش جزء أصيل من أبناء الشعب. روح ثورة يوليو هى نفس روح عبور أكتوبر، هى نفس روح ثورة يناير روح الوحدة والتلاحم والانصهار، لنكون شيئا واحدا هو الشعب المصرى العظيم، ٍومطلوب الحفاظ على هذه الروح، بالتعاون والعمل سويا على تحقيق أهداف التنمية والبناء والنهضة والحياة الكريمة. كل الانتصارات شارك فى صنعها الجميع جيش وشعب مسيحى ومسلم سيناوى ونوبى، دماؤنا اختلطت، وهى تروى تراب الوطن، لا فضل لأحد على أحد، كلنا متساوون فى الحقوق والواجبات. من هذه الروح أدعو الجميع للعمل على بناء مصر كل منا بالطريقة التى يراها الأفضل فى تحقيق الأهداف، وليتنافس الجميع منافسة شريفة وسلمية وحضارية وأخلاقية وديموقراطية، وفى النهاية سيبقى الخيار الأخير لإرادة الشعب الحرة. تحية إعزاز للشعب والجيش والشهداء كل الشهداء على طريق النضال الطويل والمستمر، ولا نضال إلا من أجل انتزاع حرية الشعب بعد تحرير التراب. وعاشت بلادى مصر حرة مستقلة وقوية.