"الفاكهة فى مصر مبقاش ليها لا طعم ولا ريحه فين أيام زمان"، إذا كنت من جيل التسعينات فأنت تتذكر هذه الجملة جيداً، تسمعها منذ طفولتك عندما تجلس جدتك بجانبك متفحصة، ما أشترته اليوم من السوق من فاكهة وخضروات لا شكل لها ولا لون ولا طعم ولا رائحة، تصيح فى أذنيك بعبارات غاصبة "أيه ده هوا الخضار جراله أيه؟" لم يكن من الواضح وقتها ما حدث للخضار والفاكهة أو للبذور المصرية بشكل عام، حتى بدأت الرؤية فى الوضوح عاماً تلو الآخر تسوء خلالها حالة البذور المصرية يومياً وتبدأ فى الاختفاء تدريجياً، ويحل محلها البذور المعدلة وراثياً التى زاد انتشارها فى السنوات الأخيرة حتى وصلت لحد احتكار الأسواق من مجموعة من الشركات الأجنبية، كل ما يخص هذه المشكلة التى غيرت شكل المحاصيل المصرية هى ما درسها فريق من الجمعيات الشبابية الحديثة التى اتخذت من المشكلة هدفا لإطلاق حملة "بذور بلدى" لإعادة الطعم والريحة للخضروات والفواكه المصرية. "green peace، نوايا، جمعية نبتة، جمعية 350 التى تعمل على حل مشاكل الاحتباس الحرارى" 4 من المنظمات غير الهادفة للربح توحدوا لإطلاق مبادرة "بذور بلدى" التى تهدف فى المقام الأول لإعادة البذور المصرية الخالصة للأراضى المصرية الطينية الخصبة، كما يساهم إعادة استخدام البذور البلدى فى توفير غذاء صحى رخيص الثمن للمستهلك المصرى الذى تؤثر البذور المعدلة وراثياً على صحته بشكل غير معروف كما أثبتت البحوث العلمية. "أحمد الدروبى" منسق حملة التنمية المستدامة بمنظمة green peace العالمية" وأحد المؤسسين لمبادرة "بذور بلدى"، يشرح ل"اليوم السابع" الخطوات الأولى فى تنفيذ المبادرة قائلاً: فكرة بذور بلدى قائمة على ما يسمى "بقذف الكرات"، أو قذف كرات البذور التى نقوم بإعدادها فى ورش عمل تضم جميع المتطوعين بالمبادرة، وتتكون هذه الكرة من طمى، وسماد عضوى، وبذور بلدى وفرتها الحملة من مزارع مازالت تستخدم البذور الأصيلة، بعد مرحلة إعداد الكرات ينقسم المتطوعون إلى مجموعة من الفرق التى تنتشر فى عدد من المناطق لقذف هذه الكرات فى المساحات الخضراء والحدائق المهملة بين المناطق السكنية. يكمل "الدروبى": بعد عدة أيام من حملة قذف الكرات التى نستعد لها يوم السبت القادم، ستطرح هذه الكرات بشكل تلقائى منتجة ثمار ما بداخلها من بذرة. ويقول "أحمد": الهدف من طرح هذه الكرات هو ترسيخ فكرة الحملة وإثبات وجهة نظرنا على قدرتنا على إعادة زراعة البذور المصرية بسهولة وبدون تكاليف، وقد اخترنا الحدائق المهملة للتأكيد على توفر الأماكن غير المستغلة التى يمكن استغلالها فى زراعات مثمرة، وتوفير الغذاء الصحى للمواطن المصرى. "الغذاء الصحى حق أساسى من حقوق الإنسان، ومصر من أكثر الدول القادرة بما لديها من موارد على توفير هذا الحق وإطعام العالم بأراضيها الخصبة وبذورها النقية التى نحلم باستعادتها مرة أخرى"، ينهى أحمد حديثه ل"اليوم السابع" عن مبادرة "بذور بلدى" التى تنطلق فى جميع الحدائق المهملة لاستبدال ما يشغلها من أكوام القمامة بكرات بذور مصرية تؤكد على حق المواطن المصرى فى غذاء صحى، كخطوة أولى لإطلاق الحملة يتبعها مجموعة كبيرة من الفعاليات التى تستعد لها المبادرة لإعادة "الطعم والريحة" لمحاصيل مصر.