حكايات كثيرة نسمعها من أناس نظنها بأنها كذبة أو خدعة أو مجرد خرافات يحكيها أشخاص، ولكن ليس لها وجود فى الحقيقة، وهذا ما وجدته فيما أرويه، ولولا أننى رأيت وسمعت ما كنت صدقت وقلت فى نفسى بأنها رواية وقصة تصلح أن تكون عملاً درامياً. كنت فى زيارة لأحد المستشفيات فى بورسعيد لزيارة مريض، وحينما كنت هناك كان هناك سيدة تحكى وتشتكى لكل من يمر من أمامها عما تمر به ابنتها والتى جاءت إلى مستشفى بعد محاولة إجهاض من قبلها، لأنها لا تريد طفلاً من زوجها، لأن لديه علاقات نسائية مشبوهة وهنا جال فى خاطرى مثل الكثير بأن زوجها يتحدث مع النساء أو خائن، ولكن ليس بالمعنى الفعلى، خاصة بأننى عرفت بأن هذه الزوجة لم يتعد زواجها الشهرين. ولكن الغريب عندما وجدت الأم تقول لأحد الأشخاص بأنها تريد أن تعمل تحليل لابنتها ولم أسمع ما هو التحليل، لأننى تركت هذه السيدة، وذهبت لزيارة المريض الذى حضرت من أجله، ولكن فجأة شىء جعلنى أذهب إلى الزوجة، أو بمعنى أصح الضحية والتى كانت فى الغرفة المجاورة وجدتها جميلة وفى ريعان شبابها بل إنها من الأوائل فى الجامعة وكانت الأم مازلت تروى لكل من يمر بأن ابنتها مريضة جداً بعد الإجهاض ولا أحد فى المستشفى يعلم ما بها، ولكن كانت الصرخة التى جاءت فى اليوم التالى والتى لا أستطيع أن أنساها وهى تقول "منه لله ابنتى عندها الإيدز". شعرت هنا بأن العالم يدور من حولى، وتذكرت كل ما كتبته سابقاً عن أشخاص كاذبة ومنافقة، ووجوهاً بألف لون وأصدقاء غير مخلصة، وأناسا توعد ولم تف بأننا فى نعمة، فإننا إذا خسرنا شيئاً خسرنا أشخاصاً لا يستحقون أن يكونوا فى حياتنا وكسبنا أنفسنا وتعلمنا من أخطائنا، ولكن الزوجة أو بمعنى أصح الضحية فقد فقدت نفسها وحياتها وهى مازلت على قيد الحياة. نعم فقدت حياتها وهى مازالت على قيد الحياة فقدت أن تكون لها أسرة وفقدت بأن تكون أما فقدت أن يكون لها حلم، فقدت حياتها على يد شخص منعدم الضمير والأخلاق ولكن لا أستطيع أن أنسى هذا المشهد، بأن غرفتها سابقاً مزدحمة بأشخاص عدة، ومن ثم أصبحت خالية من أى مخلوق سوى الأم، لا أستطيع أن أنسى نظرة الزوجة الضحية وهى شاردة ماذا فعلت ليحدث لها ذلك؟ ولكن كان المؤسف عندما تسألنا عن زوجها كانت الإجابة بأنه لاذ بالفرار عندما عرف بأن أمها طالبت بالتحليل لها، وكانت الصدمة بالنسبة لى عندما عرفت بأن الزوج يعمل أخصائى فى أحد المدارس أى يتعامل مع جيل مازال فى مرحلة النشأة. وهنا تراود على ذهنى عدة تساؤلات بأى ذنب أصيبت الزوجة بالإيدز، وكم من مريض بيننا مصاباً بالإيدز ولا نعلم أنه مريض، وكم منعدم الضمير يبدأ حياة جديدة مع زوجته، وهو كان ومازال يمارس الرذيلة مع نساء عدة. وهذا الزوج المريض كم تعامل مع نساء وكم نساء تعاملت مع الرجال، نعم من يرتكب الحرام فهذا جزاؤه، ولكن فما جزاء من لم يفعل الحرام، ولكنه تزوج من رجل منعدم الضمير والأخلاق أنه بالفعل سيكون فى بلاء حفظنا الله منه، ولكن إذا كان القاتل يحاكم على قتله فإن من يقتل إنساناً وهو مازل حياً فلايد أن يحاكم أشد العقاب. إنى هنا أدق ناقوس الخطر على شبابنا ولابد أن تزيد التوعية من خلال البرامج حتى لاينسى أحد هذا المرض وأسبابه وحتى إن كانت مصر تعد من أقل الدول المصابة به ولكن فالمريض الواحد قادر أن يدمر مجتمعا إذا تُرك.