قال رئيس الوزراء اللبنانى نجيب ميقاتى، إن لبنان هو من الدول التى يمكن أن تنتقل إليه الأزمة السورية لأسباب سياسية وأمنية وجغرافية لكنه دعا اللبنانيين إلى الاتحاد لأنهم "كلهم فى باخرة واحدة" قد تغرق إذا ما هبت العاصفة على المنطقة. وأوضح ميقاتى فى مقابلة مع رويترز فى مكتبه بمقر الحكومة فى بيروت أنه مطمئن إلى أن اللبنانيين يتخذون الخيار الصحيح بالبقاء بعيدين عما يجرى حولهم من أحداث. وقال: "حتما إن ارتدادات ما يحصل فى سوريا يطال الدول المحيطة بسوريا، هناك دول لديها نوع من المناعة ويوجد دول عندها أمن.. أعتقد أن وضعنا فى لبنان الأمنى والسياسى والجغرافى يجعلنا فى موقف دقيق حيال ما يجرى فى سوريا، "لكنه أوضح أن التصدى لهذا الأمر يتم "بوطنيتنا وبالتأكيد على تماسكنا نحن كلبنانيين ونتوحد صفا واحدا ضد استيراد الأزمة إلى لبنان". واندلعت الانتفاضة الشعبية قبل 17 شهرا ضد حكم الرئيس السورى بشار الأسد، لكنها ما لبثت أن اتسعت وتحولت إلى مواجهات عسكرية أدت إلى سقوط آلاف القتلى. وقال ميقاتى: "إذا أتت الأزمة إلى لبنان فان الخطر لن يستثنى أحدا، لا أحد يظن نفسه أنه سيستفيد والثانى فى خطر.. كلنا فى باخرة واحدة هذه الباخرة إذا دخل عليها ماء من هذه العاصفة القوية التى تهب فى المنطقة يمكن أن تغرقنا". ودعا الملياردير ورجل الأعمال السنى اللبنانيين إلى التماسك وأن يكونوا يدا واحدة ليشكلوا سدا منيعا أمام استيراد أى أزمة على لبنان وأمام أى عاصفة تهب على المنطقة. واعتاد اللبنانيون على الانقسامات الداخلية واستغلالها من قبل قوى إقليمية، حيث تدعم إيران حزب الله الشيعى بينما تدعم المملكة العربية السعودية وقطر اللبنانيين السنة. وقال ميقاتى: "حتى الآن استطعنا أن ننأى بأنفسنا أتمنى أن نبقى قادرين على منع انتقال الأزمة للبنان وهذا الآمر لا يتم ألا بوحدة اللبنانيين والتفافنا سويا، نحن نريد أن يبقى لبنان آمنا وسالما وسدا منيعا أمام أى اضطراب أو أى نوع من الفوضى داخل لبنان"، وانعكست الأزمة السورية على لبنان، حيث شهدت الأشهر الماضية اشتباكات فى مدينة طرابلس بشمال البلاد بين مسلحين من الأقلية العلوية التى ينتمى لها الرئيس السورى ومسلمين سنة أدت إلى سقوط عشرات القتلى. وطلب لبنان من سوريا احترام سيادة أراضيه وعدم قصفها، وقتل عدة مدنيين لبنانيين من بينهم نساء وأطفال خلال عمليات توغلت فيها القوات السورية فى الأراضى اللبنانية أو قصفتها بقذائف المورتر، وتقول سوريا إن هذه العمليات تستهدف مقاتلى المعارضة الباحثين عن ملاذ آمن، وقال ميقاتى إنه طلب من السفير اللبنانى فى دمشق إبلاغ الخارجية السورية بالقصف الذى تتعرض له قرى حدودية لبنانية متاخمة، واستطرد: "نتمنى أن لا يتكرر سقوط القذائف". وأضاف: "نحن نأينا بأنفسنا من التدخل فى سوريا ولكن لا نريد أن يقحمنا أحد فى ما يجرى من أحداث فى سوريا كما لا نريد أن يحصل أى خطأ مع لبنان أو أى احد يستورد الأزمة إلى لبنان عندها سيكون الوضع مختلفا، إضافة إلى ذلك لم ننأ بأنفسنا عن كل شىء إنسانى نحن نساعد فى الرعاية والإسكان والطبابة والتعليم والغذاء"، وتقول الأممالمتحدة إن نحو 1.2 مليون نزحوا فى سوريا أثناء الصراع، وهناك 230 ألف لاجئ آخرون فروا إلى أربع دول مجاورة. وقال ميقاتى: "لدينا أكثر من 130 ألف سورى.. ولكن يوجد بينهم ميسورون بحوالى خمسين أو ستين ألفا.. يوجد حوالى 60 ألفا هم بحاجة إلى المساعدة والمسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين لدينا حوالى 40 ألفا". وأضاف: "كل ما أتمناه للشعب السورى هو الأمن والأمان وأن تعود سوريا إلى طبيعتها، حتما السيناريوهات متعددة ولكن ما يهمنى هو أثر أى سيناريو على لبنان، أنا اليوم رئيس حكومة لبنان تهمنى راحة بلدى وازدهاره وسلامته وأتمنى أن تنتهى الأزمة السورية بأسرع وقت ممكن وأن نرتاح مما يحصل فى المنطقة". ووصف ميقاتى تصريحات وزير الإعلام السورى عمران الزعبى بشأن إدخال السلاح القطرى والسعودى والتركى عبر لبنان، وانه إذا لم يوقف لبنان هذا الأمر فسيرتد عليه بأنه "كلام مؤسف"، وقال: "كل شخص يريد إن يستعمل لبنان كأنه أداة لكى يهدد به الأخر والواقع أن لبنان يثبت كل يوم أنه ليس هكذا، وأنه يوجد دولة وحكومة وشعب.. عندما نتفق جميعا لا يمكن أن نجعل هذه الأزمة تأتى إلى لبنان". وحول تعرض عشرات المواطنين السوريين بالإضافة إلى مواطن تركى وآخر كويتى للخطف فى لبنان الشهر الماضى ردا على اختطاف مجموعة من الشيعة اللبنانيين من قبل المعارضة السورية قال ميقاتى: "عندما تحصل عمليات خطف تتم ملاحقتها ومعالجتها ويتم الإفراج عن المخطوفين ونحن نعمل دائما فى سبيل ذلك.. لا يوجد قرار بالخطف بل يوجد فعل ورد فعل ولكن أنا متأكد ومطمئن بإمكانية المعالجة". وأكد على متابعة موضوع خطف المواطن التركى بعد الإفراج عن السوريين والكويتى، وأشار إلى أن "لجنة وزارية تألفت خصيصا لملاحقة موضوع الخطف بأجمله أن كان موضوع خطف اللبنانيين فى سوريا أو الخطف الذى يحصل ونلاحق والنتائج أن شاء الله ستكون جيدة"، وعن موضوع الزوار الشيعة المختطفين فى سوريا قال "هناك مفاوضات تجرى الآن مع الجانب التركى الذى يلعب مشكورا دور الوسيط وقد تؤدى إلى الإفراج عن المخطوفين تباعا، ولكن حتى الآن لا يوجد أى شىء مؤكد". وحول الانفلات الأمنى فى بعض المناطق قال رئيس الحكومة، "نحن نعيش فى ظرف صعب والمنطقة فى نوع من الغليان كلها، لسوء الحظ البعض يظن أحيانا أنه يستطيع أن ينال من الدولة.. أنا أؤكد أن لا أحد يستطيع أن ينال من الدولة، الدولة تبقى هى الأقوى، وأنا قلت فى مرات عدة أن يد الدولة ستبقى الطولى فى محاكمة كل من يحاول أن يمس الأمن". وأضاف: "هناك حوادث صغيرة تحصل ولكننى هنا كمسئول أؤكد أن لدى اطمئنان كامل أنه لا تزال كل الفئات والطوائف والمذاهب دعاة سلام وتعمل على عدم استيراد الأزمة السورية إلى لبنان، وهذا يشكل عاملا أساسيا مطمئنا لى.. تحصل حوادث فردية نحن نطوقها بسرعة". وطمأن السياح العرب بعدما طلبت بعض الدول العربية من رعاياها مغادرة لبنان وقال: "أستطيع أن أقول لكل الإخوة العرب وخاصة للإخوة الخليجيين أن لبنان، هو موطنهم الثانى وهم يعرفون العلاقة والاحترام التى يكنها اللبنانيون لكل رعايا هذه الدول، خاصة أن هذه الدولة هى راعية وحاضنة اللبنانيين فى بلادهم.. أتمنى أن لا يترددوا بزيارة لبنان، أؤكد أن الوضع اليوم آمن والسلطات الأمنية تحافظ على كل المرافق الأساسية. وأضاف: "أعتقد أنه يوجد حكمة عند القيادات الخليجية التى تعرف أنه إذا كان هناك أى إخلال أمنى فى لبنان، ليس معنى ذلك أن يؤثر ذلك على اللبنانيين الذين يعملون فى الخليج من أجل لقمة العيش الكريم".