نهضة مصر لن تتحقق إلا بفكر جديد تجتاحه رياح التغيير الحقيقى والإبداع، لقد ثبت بالقطع أن منظومة العمل المصرية المستقرة لا تصلح للتقدم الذى ننشده، وأصبح مجرد العمل وتسيير الحال غير كاف، لابد من فكر إبداعى فى كل مجال للقفز فوق ظروفنا الصعبة ولردم الفجوة الواسعة جدا بيننا وبين العالم المتقدم. المصريون على اختلاف طوائفهم وحتى الأكثر بساطة بينهم هم جميعا طامحين إلى نهضة مصرية تأخذ بأيديهم، تأكيدا لن يقبل المصريون مجرد استمرار للعمل النمطى كأيام مبارك، على كلا الفريقين إخوانا فى الحكم والآخرين فى المعارضة أن يدركوا مدى مسؤوليتهم التاريخية تجاه مصر التى تراجعت أكثر مما تطيقه صورتها بين الأمم وتجاه إخوانهم المصريين اللذين بلغت معاناتهم المعيشية عنان السماء. لا تعطى مؤشرات الأداء الأولى لحكم الرئيس مرسى سوى شكوك بالبطء والنمطية، لاشك أن مزيدا من الوقت هو أمر مستحق للرئيس مرسى وحكومته ولكنه سيكون قصيرا على أى حال قبل أن توجه إليهم مدافع المعارضة الرشيدة دفاعا عن هدف النهضة الذى طال انتظاره. إن بطء إجراءات تشكيل وزارة جديدة والتجاوب الباهت للرئيس مرسى مع الأزمة السورية وإعادة تعيين نفس وزير الخارجية الذى لا نسمع له صوتا، دونا عن شخصيات كثيرة أخرى فى وزارة الخارجية أكثر ديناميكية وقدرة على امتلاك رؤية متخصصة لهو مؤشر مبدئى على توجه بطىء وضعيف للحكم. يمثل الرئيس مرسى مع رئيس وزرائه جماعة الإخوان فى الحكم، بل يمثل أمام باقى المجتمع تيار الإسلام السياسى بأسره، إنه من المستحق تماما للرئيس مرسى أن ننتظر عليه وعلى حكومته قليلا، وأن نحمل له فى هذه الفترة المتأزمة أحاسيس نزيهة تتمنى التوفيق من أجل الشعب المتألم. بالمثل أيضا يجب أن نلتزم جميعنا بأصول المعارضة الرشيدة التى لا تتصيد لمجرد المعارضة، والتى تجتهد دائما فى إبداع حلول تميزها فى عين الشعب. ليس هذا وقت المظاهرات ضد الإخوان ولكنه وقت إعطاء قليل من الوقت لحكم الرئيس مرسى، كما أنه بالتأكيد وقت بناء أحزاب قوية تمثل التيار المدنى لتقوم بمهمتها الوطنية فى المعارضة السياسية الرشيدة، بدون التأسيس لأحزاب تتمتع بقواعد شعبية واسعة تقتنع بفكر هذا التيار المختلف مع تيار الإسلام السياسى، سيكون كل سلوك آخر هو مجرد معارضة عشوائية لا يكتب لها التأثير ولا الاستمرار. بالتأكيد يظل للتظاهر وقته، فهو إحدى الأدوات وسيكون بالتأكيد مطلوبا جدا إذا بدأت أعمال من شأنها خرق الديمقراطية وأخونة الدولة. مصر تنتظر من أبنائها حكاما ومعارضين الأداء الأحسن والأكثر نزاهة.