"إحنا مع تعديل الرسوم القضائية، وهانغيرها يعنى هانغيرها" كلمات جسد بها النائب أحمد عز حالة من القوة والتحدى لوزير العدل ممدوح مرعى الذى عقب قائلا داخل أروقة مجلس الشعب :" لن أوافق على تقديم مشروع قانون من أجل مصالح خاصة". موقف عز الذى يرى أن قراراته أهم من كل القوانين الموجودة لم يكن الأول والأخير الذى يعبر عن وجود مراكز للقوى تظهر كلما ضعف القانون أمام أصحاب المصالح، ففى عام 2008 تم تمرير قانون الضرائب العقارية دون عرضه على اللجنة العليا للضرائب وهو ما يعد مخالفة صريحة للقانون، وعندما اعترض النائب ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل كان رد وزير المالية يوسف بطرس غالى "خلى المحامين يشتغلوا". وفى العام نفسه ورغم الاعتراض الشعبى على قانون الطوارئ إلا أن نواب الوطنى وافقوا على مد العمل به لمدة عامين آخرين، كما تم إقرار قانون تنظيم المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الذى تم تعديل بعض بنوده بعد مناقشته ب 48 ساعة بناء على طلب من أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة. "لن أسمح بمراكز القوى ولا بالصراع ، وأى واحد حيعمل حاجة ضد مصر أنا حفرمه" بهذه القوة تعامل الرئيس الراحل محمد أنور السادات مع مراكز القوى فى عهده والتى حاولت فرض سيطرتها على مقاليد الأمور وإحداث انهيار دستورى فأودعهم السجون فى مايو 1981. ورغم مرور عدة سنوات على أحداث مايو، إلا أن الفكرة ظلت راسخة فى أذهان القادة والسياسيين وإن اختلفت طريقة التعامل، حيث جاءت تصريحات الرئيس مبارك عام 1983 حول آليات تعامله مع مراكز القوى :"من يخطئ أشيله.. هذا هو أسلوبى لأن أسلوب الصدمات الكهربائية لا يجدى الآن، ولو اتبعته فلن يكون هناك استقرار فى البلد". ولكن يبدو أن مولدات القوى الكهربائية قد ضعفت تماما ولم تعد قادرة حتى على الإطاحة برؤوس الفساد، وهو ما جعل الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشورى يقول لليوم السابع: "هناك 7 أشخاص يمتلكون نسبة كبيرة من إجمالى الدخل القومى ويسيطرون على الاقتصاد ويتحكمون فى القرارات ومشروعات القوانين"، مضيفا أن هذا لا يعنى إمساك هؤلاء السبعة بعصا يهددون بها أعضاء مجلس الشعب للتصويت على القرارات التى تحقق مصالحهم، ولا توزع عليهم الأصوات وفقا لثرواتهم لأن نفوذهم أكثر من ذلك قائلا: "من الممكن أن يكونوا أعضاء فى مجلس الشعب ولكنهم يحتقرون المجلس". تصريحات السعيد التى سبق وألمح بها فى مجلس الشورى فتحت المجال للحديث عن عودة مراكز القوى للسيطرة من جديد، وهو الحديث الذى جعل صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى يقول "مصر ليست ملكا لعدد من الأشخاص ولا يوجد بها مراكز قوى". الشريف سبق وتحدث عن مراكز القوى فى مارس 2008 محددا معالمها وفقا لرؤيته "الشعب هو مركز القوة الوحيد فى مصر وهو مصدر السلطات، ولا توجد فى الحزب الوطنى مراكز قوى". "الدكتور رفعت السعيد يقول 7 أشخاص، وأنا أؤكد أنهم 5 أشخاص يشكلون مراكز القوى داخل الدولة" ليتفق بهذه الكلمات النائب المستقل علاء عبد المنعم مع تصريحات السعيد حول وجود مراكز قوى تتحكم فى كافة مناحى الحياة مختفية خلف أصوات الأغلبية التى تمثل حائط الصد الأمامية ضد أى قرارات لا تتفق ومصالح هذه المراكز دون النظر لمصلحة الشعب. وأضاف عبد المنعم أن الفرق بين مراكز القوى التى تواجدت فى عهد الرئيس الراحل السادات والموجود حاليا، أن الأولى كان نشاطها مركزا على قهر المواطن أما الآن فالمراكز الموجودة تسيطر على كافة مناحى الحياة وتسيرها وفقا لمصالحها. "أحمد عز هو المحرك وفى يده شارة التحكم داخل مجلس الشعب" وهو ما أكده صبحى صالح النائب الإخوانى، مشيرا إلى ظهور أشخاص بشكل مفاجئ يعبرون عن قوتهم ويلوحون بقدراتهم أمام الجميع، فى الوقت الذى مازال العديد من مراكز القوى يفضلون العمل فى الخفاء ومن أجلهم يتم تمرير القوانين وإخفاء الحقائق متسائلا: "حتى الآن لماذا لا يتم الإفصاح عن حقيقة صفقات تصدير الغاز لإسرائيل، ولمصلحة من إخفاء تفاصيلها ؟". "هم فوق الرقابة ومن يذكرهم أو يحاول الكشف عنهم يتعرض للمساءلة" هذا يفسر صعوبة القضاء عليهم لتشابك مصالحهم مع مصالح الكبار، وإلا لماذا لم يتم التضحية بأى منهم أو مساءلتهم، ليضيف صالح أن هذه المراكز أصبحت خارج السيطرة وأقوى من كل أشكال القطاع قائلا: "البلد أصبحت ملكهم يتصرفون فيها كيفما شاءوا ويكفى أنهم سمحوا لنا بالسير فيها". ما تعانى منه مصر الآن من سيطرة مراكز القوى لم يكن وليد اللحظة أو الظروف وإنما ساهمت مجموعة من التغيرات بدأت بتحول الدولة إلى الاتجاه الرأسمالى صاحبه ظهور طبقة من رجال الأعمال بدأت تبسط نفوذها على وسائل الإعلام ثم أصبح منهم نوابا بمجلسى الشعب والشورى ووزراء، هكذا يصف أمين اسكندر القيادى بحزب الكرامة تنامى مراكز القوى فى مصر، مشيرا إلى اعتمادهم فى الصعود على تقييد الحريات بقانون الطوارئ وتأميم النقابات والمحاكم العسكرية، مضيفا: "لم ينس هؤلاء أثناء نموهم وصعودهم تفتيت أى قوى معارضة قد تواجههم". عائلة المغربى ورشيد والجبلى وغالى ومنصور وعز، 6 عائلات أصبحت هى المسيطرة على مجلسى الوزراء والشعب، تربط البعض منهم وفقا ل إسكندر علاقات مصاهرة لتؤكد حالة التزاوج بين السلطة ورأس المال والمصالح الشخصية. فهل تثبت لنا الأيام أن هذه الحالة من التزاوج تمت فى لحظات ضعفت فيها الدولة فتم توثيقها على ورقة زواج عرفى يمكن إلغاؤها، أم هى حالة زواج كاثوليكى لا انفصال فيه يتنامى ويتكاثر حتى يرثه الأحفاد عن الأبناء؟ لمعلوماتك 18 عضوا بمجلس الشعب عزلهم السادات فى 1981 كانوا يمثلون مراكز قوى.