خلال أسبوع.. رئيس شعبة الذهب: ارتفاع المعدن النفيس في مصر 250 جنيهًا بواقع 5.3%    "النواب" عن تعديل قانون ملكية الدولة في الشركات: خطوة لتعزيز الاستثمار    الرئيس التنفيذى لمؤسسة التمويل الدولية يؤكد استمرار البرامج المشتركة لدعم تنافسية الاقتصاد المصرى    حنفى جبالي: العدوان الإسرائيلي على إيران تصعيد خطير يُجهض جهود للتوصل لتسوية سلمية للملف النووي    في نفس اليوم.. الشناوي يرسخ عقدته لسواريز بكأس العالم مع الأهلي والمنتخب    القاهرة تصل 36 درجة.. تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة والظواهر الجوية    وكيل الأزهر يشكل لجنة عاجلة لفحص شكاوى طلاب العلمي من امتحان الفيزياء    محمد فضل شاكر يشارك شيرين عبد الوهاب حفل ختام مهرجان موازين    وزير الأوقاف: الإمام الليث بن سعد قامة علمية ووطنية ملهمة    هذه القافلة خنجر فى قلب القضية الفلسطينية    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    رئيس قبرص: إيران طلبت منا نقل رسالة إلى نتنياهو بإنهاء الحرب    كاف يهنئ محمد صلاح: عيد ميلاد سعيد للملك المصري    وزير التموين يتابع مخزون السلع الأساسية ويوجه بضمان التوريد والانضباط في التوزيع    تنفيذ 25 قرار إزالة لتعديات على أراض بمنشأة القناطر وكرداسة    سعادة بين طلاب الثانوية العامة في أول أيام مارثون الامتحانات بالقليوبية    تجديد تعيين مديري عموم بجامعة بنها    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    وزيرة التنمية المحلية تتفقد أعمال تنفيذ المرحلة الأولى من تطوير سوق العتبة بتكلفة 38 مليون جنيه    قرار قضائي عاجل بشأن عزل وزير التربية والتعليم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    وصول جثمان نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي لمسجد عمر مكرم    عضو حزب المحافظين البريطاني: إسرائيل تقترب من تحقيق أهدافها    100 ألف جنيه مكافأة.. إطلاق موعد جوائز "للمبدعين الشباب" بمكتبة الإسكندرية    نظام غذائي متكامل لطلبة الثانوية العامة لتحسين التركيز.. فطار وغدا وعشاء    الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه من تجار العملة    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    رئيس مجلس النواب يحيل قرارات جمهورية ومشروعات قوانين للجان النوعية    فوز طلاب فنون جميلة حلوان بالمركز الأول في مسابقة دولية مع جامعة ممفيس الأمريكية    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعي بكلياتها أكتوبر المقبل    رئيس النواب يفتتح الجلسة العامة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    المؤتمر السنوي لمعهد البحوث الطبية يناقش الحد من تزايد الولادة القيصرية    لأول مرة عالميًا.. استخدام تقنية جديدة للكشف عن فقر الدم المنجلي بطب القاهرة    «الزناتي» يفتتح أول دورة تدريبية في الأمن السيبراني للمعلمين    وائل كفوري يشعل أجواء الصيف بحفل غنائي في عمّان 15 أغسطس    ضبط 59.8 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    أسعار الخضراوات اليوم الأحد 15-6-2025 بمحافظة مطروح    الأنبا إيلاريون أسقفا لإيبارشية البحيرة وتوابعها    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    فيلم سيكو سيكو يحقق أكثر من ربع مليون جنيه إيرادات ليلة أمس    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    مقتل ثلاثة على الأقل في هجمات إيرانية على إسرائيل    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين العدالة الانتقالية؟
نشر في اليوم السابع يوم 22 - 07 - 2012

العفو والتسامح والقدرة على نسيان مظالم الماضى، تلك هى سمات يتسم بها غالبية المصريين، والتى جعلت البعض منهم يتعاطف مع الرئيس السابق مبارك، ولا يطالب بمحاكمته، بحكم كبر سنه وتدهور حالته الصحية، رغم كل ما ارتكبه من جرائم فى حق مصر والمصريين، والتى أثرت سلباً على مصر سياسيا واقتصاديا وثقافيا وأخلاقيا، وهناك جزء آخر لا يزال يؤيد الرئيس السابق، ويطالب بالعفو عنه، بل ويرونه زعيم وطنى، وهؤلاء أصحاب صفحة "إحنا آسفين ياريس"، ولا أدرى مبررات هذا الاتجاه الغريب، وكأن الرئيس السابق كان يحكم بلدا آخر غير مصر وشعب آخر غير المصريين، وأننا ظلمناه بالاتهامات التى وُجهت له، وأنه طوال حياته كان يضحى من أجل مصر!!، وفى كلتا الحالتين السابقتين، نجد أن هذه الاتجاهات تقف حائلا أمام تحقيق العدالة الانتقالية، بل أن من يطالبوا بالعفو عن الرئيس السابق أو أى من القيادات السابقة المتهمة -لأى سبب- بالتأكيد ليس على علم بمفهوم العدالة الانتقالية.
فالعدالة الانتقالية هى "مجموعة الأساليب والآليات التى يستخدمها مجتمع ما، لتحقيق العدالة فى فترة انتقالية، فى تاريخه، تنشأ هذه الفترة غالباً بعد اندلاع ثورة أو انتهاء حرب"، وتركز آليات تحقيق العدالة الانتقالية على الأقل على مقاربات أولية لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان فى الماضى، وهى: 1- الدعاوى الجنائية: وتشمل تحقيقات قضائية مع المسئولين عن ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان فى فترة ما، وكثيراً ما يركز المدعون تحقيقاتهم على من يُعتقد أنهم يتحملون القدر الأكبر من المسئولية عن تلك الانتهاكات، 2- لجان الحقيقة: هى هيئات غير قضائية تجرى تحقيقات بشأن الانتهاكات التى وقعت فى الماضى القريب، وإصدار تقارير بشأن سبل معالجة الانتهاكات، وتعويض الضحايا، وتقديم مقترحات لمنع تكرار الانتهاكات مستقبلاً، 3- برامج التعويض: وهذه مبادرات تدعمها الدولة، وتسهم فى جبر الأضرار المادية والمعنوية المترتبة على انتهاكات الماضي، وتقوم عادة بتوزيع خليط من التعويضات المادية والرمزية على الضحايا، 4- الإصلاح المؤسسي: يستهدف إصلاح المؤسسات التى لعبت دوراً فى الانتهاكات مثل المؤسسات العسكرية والشرطية والقضائية، فضلاً عن تعديلات تشريعية ودستورية للقوانين التى تحكم عملها.
وبالتالي، فإن الدعاوى الجنائية التى أقيمت ضد الرئيس السابق ووزير داخليته ومساعديه وقيادات حكمه، تمثل الآلية الأولى لتحقيق العدالة الانتقالية، والانتهاكات التى ارتُكبت ليست فقط قتل الثوار أثناء ال 18 يوم، ولكن هناك مصريين قتلوا فى عهد الرئيس السابق ورؤساء وزراء عهده والوزراء ونواب البرلمان الفاسدين، نتيجة تدهور أوضاع الصحة، والقتل والتعذيب فى السجون والمعتقلات ومقار أمن الدولة، وأبرز مثالين على ذلك خالد سعيد وسيد بلال، ونتيجة تلوث المياه، وسقوط المساكن المتهتكة فى المناطق العشوائية على المواطنين، بل أن وجود المناطق العشوائية فى حد ذاتها أبرز ملمح على انتهاك حقوق الإنسان وآدميته وحقه فى العيش بكرامة، وانتشار البطالة وانتشار الواسطة والمحسوبية التى قتلت أحلام كثير من الشباب خريجى الجامعات فى الحصول على أبسط حقوقهم فى وظيفة مناسبة وآمنة تكفل لهم حياة كريمة، والتى أدت للهجرة غير الشرعية، فضلاً عن تزوير الانتخابات لتأتى بنواب أصحاب مصالح خاصة وعلاقات خاصة مع الوزراء، مما أفقد البرلمان قدرته على محاسبة ومراقبة الحكومة، بل والتواطؤ بين النواب والوزراء فى عقد صفقات مشبوهة، وإهمال مصالح المواطنين، بخلاف الأسلوب الذى كان متبع فى اختيار القيادات فى المؤسسات الحكومية، والذى اعتمد على أهل الثقة، وليس أهل الخبرة، أدى لانهيار وتدهور أوضاع هذه المؤسسات وأصبح وجودها مثل العدم، بخلاف أراضى الدولة التى كانت تباع بأبخس الأسعار لرجال الأعمال وبتواطؤ المسئولين، وقد ازداد الغنى غنى، وأزداد الفقير فقراً، وأزداد الشباب إحباطاً، فكل ذلك يدخل فى إطار انتهاكات النظام السابق بمسئوليه لحقوق الإنسان على المستوى الاقتصادى والاجتماعى والسياسى، فهل يستحق هؤلاء المسئولون وعلى رأسهم رئيس الدولة السابق، العقاب على كل ما ارتكبوه من أفعال إجرامية فى حق هذا الشعب، وفى حق هذه الدولة، والتى أعادوا بها مصر إلى الخلف بعقود؟
نعم، يستحقون المحاكمة، ويستحق الرئيس السابق الحساب ليس فقط على قتل الثوار، بل إفساد الحياة السياسية والاجتماعية فى مصر، فلابد من محاكمة الرئيس السابق على هذه التهم، ومحاسبة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، ومساعديه، على كل الانتهاكات التى ارتكبت فى عهدهم، ضد المواطنين المصريين داخل أقسام الشرطة والسجون ومقار أمن الدولة سواء بالتعذيب أو القتل أو السجن بدون حق، ولابد من محاسبة كبار القيادات المسئولين عن إفساد الحياة السياسية أمثال صفوت الشريف وفتحى سرور وأحمد عز وزكريا عزمى وغيرهم، وأبرز المسئولين عن تدمير الاقتصاد المصرى السيد عاطف عبيد وأحمد نظيف، فضلاً عن المسئولين عن الترويج لفكر الحزب غير الوطنى غير الديمقراطى المنحل، والذين دافعوا عنه، محاولين تضليل الرأى العام عن فساد الحزب طوال السنوات الماضية، ولا أدرى لأى سبب أصبح المسئولون محصنين لهذه الدرجة حتى بعد دخولهم السجن؟
وبعد الانتهاء من الآلية الأولى وهى الدعاوى الجنائية بطريقة شرعية والبت فيها بكل نزاهة وشفافية، يتم الانتقال لباقى الآليات مثل إصلاح المؤسسات،،، فكيف نطالب الآن بإصلاح المؤسسات مثل مؤسسة الشرطة دون أن نكون قد أوقعنا العقاب على الأشخاص مرتكبى الفساد والانتهاكات -من قبل- داخل هذه المؤسسات!!، وكيف نحاول تطويع المسئولين الجدد لاحترام الثورة والثوار واحترام المسئولية التى حملناهم إياها، دون أن نكون قد حصلنا على حقوقنا ممن خانوا هذه المسئولية فى السنوات الطويلة السابقة!!.
إن عدم تحقيق العدالة الانتقالية يعطى الفرصة لكل مسئول حالى أو قادم أن يرتكب انتهاكات أخرى علنية أو خفية فى حق هذا الشعب، ولن يكن هناك رادع له، فى حال عدم قيامه بمسئولياته التى يفرضها المنصب أو الكرسى الذى يجلس عليه، بل سيكون على ثقة أنه إن أخطأ، فلن يحاسبه أحد، ولن يتم تقديمه للمحاكمة.
العدالة الانتقالية هى أول خطوات بناء مجتمع جديد، قائم على العدل وإعادة الحق لأصحابه، وبدون تحقيقها، يكون ما بُنى قد بُنى على باطل، وبالتالى فهو باطل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.