أتحدث إليك يا سيادة الرئيس كمواطن مصرى، وأبعث إليك برسالة اعتقد أنها موثقة من أكثر من 90 مليون مواطن مصرى، وفى بداية رسالتى أهنئك بانتخاب سيادتك رئيسا للجمهورية فى بداية عهد جديد سيكون بمشئية الله ملىء بالإنجازات. وأود أن أوضح فى البداية نقطه هامة وهى أنه لا أحد منا سيخاطبك ب"سيدى الرئيس"، فالمصرى الحق ليس عبداً ليكون له سيد، وإنما خطابنا معك سيكون "سيادة الرئيس"، وذلك لنعبر عن احترامنا لك كرئيس لجمهوريتنا. كما أننا لا نريد صورا للرئيس فى المكاتب، لا نريد فراعين مرة أخرى، نريد صوره وهو يزور أفقر قُرى الصعيد التى انتخبته. سيادة الرئيس لنا بعض الشروط حتى نساندك طيلة فترة انتخابك رئيسا لكل المصريين: لابد يا سيادة الرئيس أن تكون ممن أقاموا فى هذا البلد وذاقوا حلو ومر العيش فيه، وتشعر بمن وقفوا فى طابور لشراء الخبز أو أنبوبة غاز أو طابور إدارة المرور لدفع المخالفات، وليتك تعلم بأن هناك من امتنعوا عن أكل اللحوم الحمراء والبيضاء برضاهم ورغماً عنهم فى نفس الوقت لغلو ثمنها وسوء جودتها، ذلك لكى تشعر سيادة الرئيس المنتخب بما يشعر به الإنسان العادى وتعايش همومه ومشاكله بصورة مباشرة. نرجو منك سيادة الرئيس أن تشعر فقط بمعاناة المريض الذى لا يجد الدواء، وإن وجده لا يستطيع أن يدفع ثمنه، ولا يجد سريراً يرقد عليه بأحد المستشفيات أو جهازا ليقوم مثلا بجلسة غسيل الكلى المميتة التى تتكرر عدة مرات أسبوعياً فيضطر للانتظار ساعات وساعات ليقتل الانتظار ما تبقى له فى كليته من خلايا قليلة حية، وهناك بعض الأطباء الذين يحاولون إنقاذ إنسان وهم لا يملكون سوى حجرة تفتقر لكل مقومات التعقيم يطلقون عليها غرفة العمليات، وأكياس دم فاسدة ينقلونها لمرضاهم وهم يعلمون أو يجهلون، وبنج منتهى الصلاحية، ومستشفى ملىء بالحيوانات والحشرات الطائرة والزاحفة والهائمة، لذا، نرجو من سيادتك أن تقوم بحل هذه المشاكل بشكل فورى. يجب سيادة الرئيس أن تقتنع بأن شعبك يتكون من مجموعة من البشر من حقهم أن يشربوا مياها غير ملوثة لكى لا تفتك بهم الأمراض، ومن حقهم إذا مرضوا أن يعالجوا فى مستشفيات نظيفة مجهزة وعلى أيدى أطباء أخذوا حقهم فى التعليم ليتمكنوا من شفاء من يمرض لا قتله. أتمنى سيادة الرئيس أن تحافظ على كرامتى وآدميتى، وألا تقتل الإنسان بداخلى، حتى لا يحدث كما حدث من قبل فانفجرت ولم يستطع أحد إيقافى. كما أتمنى من سيادتك ألا تُحول الوطن لسجن، وأن تهتم بملف السجون واحترام الحريات. يجب سيادة الرئيس أن تعلم أنك ستكون مراقبا من جهاز شعبى مجند به أكثر من 90 مليون مواطن لا هم لهم سوى مصلحة الوطن، واعلم أن هذا الجهاز سيراقب تصرفاتك وقراراتك وثرواتك فإن أحسنت سنعاونك، وإن أعوججت حاولنا إصلاحك بالنصح، وإن لم تستجب فلا طاعة لك علينا كما ذكرت فى خطابك الأول الموجه للأمة عقب انتخابك رئيساً للجمهورية. وعليك سيادة الرئيس أن تحرص على إصلاح ملف التعليم المهترئ، ولكى يحصل أبناء الشعب جميعا على نفس التعليم الذى يحصل عليه أبناء رئيس الجمهورية، فيتساوى الجميع، فلا يتعامل ابنك مع أبناء الشعب على أنهم زمرة من الجهلة الكسالى الذين لا يفقهون شيئاً مما يفقهه، وبناء عليه يجب فرض الوصاية عليهم لأنهم قاصرون فكريا وكنتيجة طبيعية لنوعية التعليم الذى تلقوه فهم غير مؤهلين لفهم مصالح الدولة العليا واستيعاب الديمقراطية. وعلى أولادك سيادة الرئيس أن يعلموا أنهم كغيرهم من شباب هذا الوطن لا ميزة لهم ولا شأن لهم بإدارة شئون البلاد. ولن يكون هناك فداء لشخص بالروح ولا بالدم، فالوطن فقط هو من يستحق هذا النوع من الفداء لا الأشخاص الذين إن ضل صالح منهم الطريق، فهناك ملايين الصالحين غيره يتمنون خدمة الوطن. سيادة الرئيس نتمنى منك عدم الإساءة فى إدارة شئون البلاد وأن تحسن اختيار من يعاونك فلا تلوم القلة المندسة ولا أعداء الوطن الذين يتربصون به، فقد ثبت من قبلك أن الحكام الفاسدين وأعوانهم أخطر على الوطن من الأعداء الخارجين وأنهم هم من يتربصون بالوطن، فعليك بحسن اختيار البطانة الصالحة التى تساعدك فى إدارة شئون البلاد وتكون صادقة معك فى كل شىء تنقله لك عن هذا الشعب، وليكن اختيارك لهذه البطانة قائما على الكفاءة لا الوساطة أو المحسوبية. سيادة الرئيس هناك حقيقة لابد أن تكون واضحة أمامك وهى أن هذا الشعب ليس ملك لك تفعل فيه ما تشاء بل عليك أن تراعى الله فيه، وأن تلتزم بأحكام القانون فى التعامل معه، فهذا الشعب عانى الكثير خلال الأعوام السابقة، وقام بثورته وينتظر المكأفاة لذلك، وهو العيش فى حياة كريمة يتمتع فيها بحرياته وحقوقه التى طالما حرم منها عهود طويله. فالشعب يحتاج ثلاثة أمور يجب تحقيقها فى أسرع وقت ممكن وهى: عيش: ويتمثل ذلك فى معالجة الفقر وقلة الدخل. حرية: وتتمثل فى إطلاق حريته وتحصينها دون أن تتحول إلى فوضى، وإلغاء المحاكمات الاستثنائية ومراجعة كافة أوضاع السجون. كرامة: والتى يجب أن يشعر بها كل مواطن فى كل مكان داخل مصر وخارجها لكى يعتز بانتمائه لهذا البلد. وأخيرا سيادة الرئيس هناك ما يزيد على (48%) من المصريين لم يعطوك أصواتهم. لذا، يجب على سيادتك العمل جاهدا على أن تكون فى خدمة كل أفراد الشعب المؤيد لك والمعارض حتى تثبت للجميع أنك الخيار الصحيح وليس غيرك. فسيادتك أمل كثير من الشعوب العربية والإسلامية التى تراقب التجربة المصرية عن كثب تحت قيادتك. الخبير فى مجال القانون الجنائى الدولى