تتصاعد المنافسة في هوليوود بعد دخول شركتي نتفليكس وباراماونت في سباق للاستحواذ على شركة وارنر بروس ديسكفري، أحد أكبر المؤسسات الإعلامية في العالم، في معركة يتوقع أن تعيد تشكيل ملامح صناعة السينما والبث الرقمي خلال السنوات المقبلة. خلفية الصراع بين نتفليكس وباراماونت تسعى باراماونت، المدعومة من عائلة إليسون الثرية، منذ أشهر للحصول على وارنر بروس بهدف تعزيز قدرتها التنافسية أمام عمالقة البث مثل نتفليكس وديزني. ورغم محاولاتها، أعلنت وارنر بروس مؤخرًا عن صفقة مبدئية لبيع أهم أصولها والتي تشمل الاستوديوهات وشبكات البث إلى نتفليكس، ما دفع باراماونت إلى تصعيد الموقف وطرح محاولة استحواذ عدائية. ما هو الاستحواذ العدائي؟
يستخدم هذا المصطلح عندما تقدم شركة عرض شراء مباشر للمساهمين في شركة منافسة دون موافقة إدارتها، وهو ما يميز خطوة باراماونت الحالية، وبالتالي يعد هذا الأسلوب أكثر حدة وتأثيرًا في السوق مقارنة بالاستحواذ الودي الذي يتطلب موافقة مجلس الإدارة. تفاصيل عرض نتفليكس وباراماونت عرض نتفليكس : 82.7 مليار دولار، ويشمل استوديوهات وارنر بروس وشبكات البث، وقيمة العرض: 23.25 دولارًا نقدًا للسهم، وهذا يمنح المستثمرين أسهمًا في الشركة الجديدة بقيمة تقارب 27.75 دولارًا للسهم، ويترك بقية أصول الشركة لتدار كشركة مستقلة. عرض باراماونت : 108.4 مليار دولار، ويشمل الاستحواذ الكامل على الشركة، بما في ذلك شبكات التلفزيون التقليدية، وقيمة العرض: 30 دولارًا نقدًا للسهم الواحد، وهو ما تراه الشركة خيارًا يضمن "اليقين" للمستثمرين، وبالرغم من الفارق الواسع بين العرضين، لم تحسم الصفقة بعد، ومن المتوقع استمرار المفاوضات لعدة أشهر. لماذا تعد وارنر بروس هدفًا مغريًا؟ تملك الشركة مكتبة محتوى ضخمة تمتد لأكثر من قرن، من بينها: أعمال كلاسيكية: Friends ، Looney Tunes سلاسل شهيرة: Superman و Harry Potter مسلسلات بارزة من HBO مثل Sopranos و Sex and the City إلا أن الشركة تواجه ضغوطًا كبيرة نتيجة التحولات الجذرية التي أحدثها البث الرقمي على السينما والتلفزيون التقليدي. دوافع نتفليكس وباراماونت دوافع نتفليكس والتي تأتى في مقدمتها توسيع مكتبتها السينمائية، ومنع منافسين آخرين من الوصول لمحتوى وارنر بروس، بالإضافة إلى تعزيز مكانتها أمام 300 مليون مشترك عالميًا. دوافع باراماونت والتي تشمل تعزيز قدرتها التنافسية أمام نتفليكس وديزني، دمج نحو 120 مليون مشترك من HBO Max مع 79 مليون مشترك لParamount+، بالإضافة إلى دعم شبكاتها التلفزيونية التقليدية بمحتوى أقوى ونفوذ أكبر في المفاوضات التجارية. التحديات التنظيمية والجدل السياسي تواجه الصفقتان تدقيقًا واسعًا من الجهات التنظيمية في الولاياتالمتحدة وأوروبا، لأسباب منها: مخاوف من زيادة هيمنة نتفليكس على سوق البث، ومخاطر تركيز قنوات إخبارية ورياضية كبرى تحت إدارة باراماونت، جنبا إلى جنب مع ارتباطات سياسية تتعلق بتمويل عرض باراماونت من شركة استثمارية تابعة لجارد كوشنر، صهر الرئيس السابق دونالد ترامب. وقد أثارت علاقات عائلة إليسون بترامب أسئلة إضافية حول الشفافية والتأثير المحتمل على قطاع الأخبار. التأثير المحتمل على المستهلكين
لا تزال الصورة غير واضحة، إلا أن المحللين يطرحون عدة سيناريوهات، منها ارتفاع أسعار الاشتراك عبر نتفليكس إذا توسعت مكتبتها، لكن دمج خدمات البث قد يوفر على المستهلكين تكلفة اشتراكات متعددة. تشير بيانات إلى أن 70% من مشتركي HBO Max في الولاياتالمتحدة مشتركون أيضًا في نتفليكس، ما قد يسهل عملية الاندماج في حال تمت الصفقة. لا تزال معركة الاستحواذ مفتوحة على جميع الاحتمالات، بين عرض مالي ضخم من باراماونت ورؤية توسعية طموحة لنتفليكس. وبين الضغوط التنظيمية والاعتبارات السياسية، يتوقع أن تستمر المنافسة خلال الفترة المقبلة، وسط ترقب عالمي لكيفية إعادة تشكيل مستقبل هوليوود وسوق البث الرقمي.