تمضي مصر في السنوات الأخيرة بخطوات محسوبة تعكس إدراكًا عميقًا لطبيعة التحديات الإقليمية وتعقيدات البيئة الدولية. فالدولة، التي تمتلك واحدة من أكبر القدرات العسكرية في الشرق الأوسط، أعادت تأكيد حضورها عبر تطوير منظوماتها الدفاعية، وتعزيز جاهزية قواتها، وتحديث بنيتها التسليحية وفق معايير علمية وتكنولوجية دقيقة تضمن كفاءة الردع وفاعلية الانتشار السريع في محيط تتزايد فيه المخاطر. هذا الثقل العسكري لا ينفصل عن تحركات سياسية نشطة تستند إلى رؤية واضحة تقوم على حماية الأمن القومي وصون استقرار الشرق الأوسط والقرن الإفريقي ومنطقة المتوسط. وقد أكدت القاهرة، عبر مواقف متوازنة وعلاقات دولية ممتدة، قدرتها على إدارة الملفات الحساسة من موقع القوة، مع الحفاظ على استقلال قرارها السياسي. وفي هذا السياق، يبرز الدور المتنامي لوزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي، الذي رسّخ نهجًا دبلوماسيًا قائمًا على الحزم حين يتطلب الأمر، والانفتاح حين يقتضي الظرف، دون التفريط في الثوابت الوطنية. فقد نجح في تقديم خطاب خارجي يعكس صورة مصر الحديثة: دولة مسؤولة، تمتلك رؤيتها، وتدافع عن مصالحها عبر أدوات سياسية مدروسة، وتدعم استقرار الجوار الإقليمي عبر مسارات تفاوضية وجهود إنسانية ومبادرات واقعية قابلة للتنفيذ. إن تلازم القوة العسكرية مع الحضور السياسي والدبلوماسي يؤكد أن مصر ليست مجرد دولة فاعلة في محيطها، بل طرف رئيسي في صياغة توازنات المنطقة. ومع تزايد التحديات من حولها، تبدو القاهرة أكثر ثباتًا وقدرة على توظيف أدوات قوتها الشاملة، بما يعزز استقرارها الداخلي ويؤكد مكانتها كركيزة محورية في معادلة الأمن الإقليمي.