عندما نقدم خبرات تعليمية في أوعية متعددة، تتناسب مع خصائص المتعلم، وتواكب الصيغ المبتكرة، التي أضحت تعتمد على التقنية؛ فإن النتاج المرتقب يلبي المنشود منه، وهنا أتحدث عن صورة المنهج الذكي الذي تقوم فلسفته على التواصل الكلي الفعال، من خلال مهام أنشطة رقمية وحية في آن واحد، وهذا يفتح المجال لفقه ماهية التطوير القائمة على تجارب ثبت جدواها، في إطار من المقومات الضامنة بلوغ نجاحات مرضية، تكمن في بناء إنسان يمتلك الوعي القويم والمهارة المتفردة. المنهج الذكي يعتمد على بيئة يتكيف خلالها المتعلم مع مجريات أحداث اكتساب الخبرة، وفق قناعة تؤدي به إلى أن يبذل جهودًا بنّاءةً، تسهم في تحقيق إنجازات نصفها بالملموسة، نرصدها في أهداف إجرائية، يؤدي مهامها الطرف الأصيل، ويعززها معلم قادر على إدارة السيناريو التعليمي في إطاره التنفيذي بمرونة وحكمة؛ حيث يراعي مدى تفاعل المجتمع المستهدف، من خلال ملاحظة مقننة، وعبر فلسفة التقويم البنائي، الذي يكشف له عن الفجوات وطفرات التقدم، وينبهنا إلى مواقيت تقديم التغذية الراجعة، التي تصوب ما يقع فيها الفرد من خطأ، حتى يصل إلى مستويات من الإتقان محددة سلفًا. المرونة والحرية بوابة نجاح المنهج الذكي؛ حيث التغلب على تحدي الزمن؛ إذ يتاح أن يكتسب المتعلم الخبرة وفق متغيرات خاصة به، سواءً ارتبطت بظروفه، أو تعلقت بحالته الذهنية، أو تجمعت معوقات وصعوبات أحاطت به بصفة مؤقتة، وهذا بالطبع لا ينفك عن طبيعة المهام المتعددة، التي يختار منها الفرد ما يتناسب مع ما لديه من قدرات، وقد يتبادر للذهن تساؤل مشروع فحواه: كيف نضمن شمولية تحقيق الهدف التعليمي؟، والإجابة الصريحة هنا تكمن في صياغة مهام الأنشطة، خاصة الرقمية منها، في صور متعددة، نصل من خلال إحداها للغاية التي نتطلع لبلوغها. إمكانية العمل على تعديل مساق الخبرة، التي نقدمها للمتعلم، متاحة على مدار الخريطة التعليمية؛ حيث يسهل الإضافة والتعديل، وفق مبررات منطقية، تتعلق بفلسفة الحداثة، والتطور التقني، ومخرجات البحث العلمي، الذي يفرز على الدوام نتائج، تقدم لنا مفاهيمًا علمية جديدة، وهذا في الحقيقة يدعم بقوة ماهية الابتكار في نفوس الأبناء؛ إذ يوقن الفرد بوظيفية العلم وتطبيقاته الخادمة لمفردات الحياة في شتى مجالاتها، وهنا نرصد حالة من شغف حب الاستطلاع، الذي لا يفي فقط بالاحتياجات؛ لكنه يزيد من التطلعات والآمال المحققة للريادة. معضلة العزوف عن العملية التعليمية بكافة أنشطتها، نعاني منها في سلمنا التعليمي، ودومًا نبحث عن حلول مرضية؛ كي نعمل بكل جهد على توفير البيئة الداعمة للتعلم، التي تضمن أن ينغمس فلذات أكبادنا في تفاصيلها، عن قناعة، وحب، وحرص على اكتساب خبرات، يدركون أهميتها في واقعهم المعاش، وتقدمهم الأكاديمي والمهني، وهنا نستوعب فكرة أهمية التشويق، والإثارة الداعمة، لتفعيم طاقات المتعلمين، عبر أنشطة مدعومة بمزايا وخصائص، تتناغم مع مرحلة النمو التعليمي والبنائي. نتفق على أن سوق العمل بات يبحث عن التفرد المهاري، فيمن يود أن يشغل وظيفية بعينها؛ ومن ثم يتوجب أن نتبنى فلسفة المناهج الذكية التفاعلية، التي تجعل المتعلم قادرًا على مواصلة اكتساب الخبرات بصفة مستدامة، وتمكنه من أن يقوم خطوه الذاتي في مراحل جني ثمار التعلم، وتحثه على أن يكون حريصًا على مطالعة كل جديد في مجاله، وتوفر له مصادر موثقة يستزيد منها ليثري مجالات التعلم لديه، وهنا نتحدث عن فوائد يصعب حصرها يأتي في مقدمتها، ثقته بذاته في الوصول إلى المنشود، وتطلعه نحو جودة الأداء والممارسة. التقدم التقني يجعل المتعلم على دراية تامة بأن طريق العلم لا نهاية له، وأن التوقف عن اكتساب جديد الخبرات، بمثابة نفاذ الوقود، وضعف مصدر توليد الطاقة، التي تبعث فينا أمل الوصال؛ لذا يتوجب علينا أن نتخطى حواجز الزمن، ونصنع مناهج ذكية ثرية، بخبرات تعليمية، في بثيابٍ مطرَّزةٍ بسياجٍ من قيمٍ نبيلة تضمن تكاملية البناء الإنساني.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع. _ أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر