وظيفية تطبيقات الذكاء الاصطناعي في ثنايا العملية التعليمية بات لا جدالَ ولا تبيانَ حول جدواها، فقد صارت تشكل جزءًا لا يقبل الانفكاك؛ حيث ساهمت في تفعيل البيئة المواتية، التي تعمل على جذب المتعلم، وتخلق له أدوارًا فاعلة تساعده على اكتساب الخبرات المنشودة والتعمق فيها، وتسمح بتعدد المداخل لديه، كما أن دورها فاعل في التغلب على الفروق الفردية التي قد تقف حجر عثرة في الميدان التعليمي، ناهيك عن مقدرتها على ربط كثير من خبرات التعليم النوعية بالواقع المعاش، مما أدى إلى وصول الأبناء لمستويات الإتقان، وعزز من الجوانب الوجدانية في صورتها الإيجابية لديهم. المناهج الذكية تقوم على فلسفة رئيسة واضحة الملامح، تتمثل في الأدوار الفاعلة التي يقوم بها المتعلم داخل البيئة التعليمية وخارجها، في صورة مهام وظيفية يكتسب من خلالها خبرات نوعية، وهنا نتحدث عن محتوى رقمي وأدوات وتقنيات تعليمية تشكل الوعاء الذي يراعي التباينات بين المتعلمين، ويخلق أنشطة في صور متعددة، يختار منها فلذات الأكباد ما يتناسب وخصائصهم التعليمية، وهذا ما يُحدث التوازن بين نظرية الكم والكيف في آن واحد؛ حيث تلبية الاحتياجات التعليمية، والعمل المقصود تجاه قدح الأذهان، التي يتمخض عنها العديد من الأفكار الابتكارية في مجالاتها المتنوعة. المحتوى التعليمي الذكي يساعد المتعلم والمعلم في آليات التشخيص؛ ومن ثم نضمن مراحل العمل على تعديل المسار، كما نحدد صور التغذية الراجعة مبكرًا؛ كي نساعد الفرد في استكمال مسار تعلمه، وهنا نتحدث عن استدامة للتعلم يحدثها مكون الخبرة الذكي، ناهيك عن أنماط التعزيز التي تدفع به لأن يحقق نتاجًا مبهرًا في كليته، ومن ثم نتفق على أن مقدرتنا في تحليل نتائج التعلم أصبحت ميسرة، نستطيع أن نرسم من خلالها الاحتياجات المستقبلية، التي تجعلنا نعيد النظر فيما نضعه على مائدة التعلم، وهو ما نطلق عليه بكل ثقة مرونة المناهج الذكية. البيئة الرقمية التفاعلية تيسر عملية التقويم الذكي، التي تتعدد أنماطه في قياس مجالات التعلم المعرفية والمهارية والوجدانية؛ فقد أضحى تصميم الأدوات أمرًا ممكنًا، والقياس متاحًا؛ والرقابة في متناول المعلم الرقمي، وبناءً على ذلك نضمن التحسين الذاتي، ونتقبل التعديلات؛ ومن ثم يصبح هناك مرونة في صياغة الأنشطة الرقمية التي تتضمن خبرات تعليمية نصفها بأنها متنوعة وعميقة في آن واحد، وهذا أيضًا يعني تعددية الأدوار عند التنفيذ؛ فتصير التفاعلية ملحوظة، وبناءً على ذلك نخرج من حيز الركود لواحة الجد والاجتهاد والعمل من أجل اكتساب خبرات تعليمية ثرية ومكتملة. نادى الأدب التربوي بأهمية مرونة الأنشطة التعليمية التي نقدمها للمتعلمين في الساحات التربوية؛ لكن صعوبة التعاطي من قبل معلم مكلل بالمهام الجسام جعل الأمر صعب المنال، وتجددت الدعوة بعد أن حققت وظيفية تطبيقات الذكاء الاصطناعي نتائج مرضية في العملية التعليمية؛ حيث يَسَّرَ تصميمُ النشاط الواحد في أكثر من نمط، يختار منه المتعلم ما يتناسب مع قدراته وخصائصه التعليمية؛ ومن ثم يحقق الهدف المنشود منه، بالإضافة إلى أننا نستطيع إحداث تغييرات على طبيعة المهام في حال ظهور بعض الصعوبات التي تواجهه؛ ليتمكن من استكمال مهامه بشكل سليم حتى النهاية. المناهج الذكية لا يجني المتعلم فقط ثمرتها ونتاجها الطيب؛ فهناك معلم يمكنه أن يبدع ويبتكر في تقديم المحتوى الذكي، وفي تصميم أنشطة ثرية تسهم في تعميق المفاهيم المجردة في أذهان المتعلمين وتعمل على سبر أنماط التفكير لديهم، وتحثهم على مزيد من المطالعة والمحاولة المقننة، وهنا نؤكد على ضرورة أن يمتلك صاحب الرسالة السامية الكفايات التي تمكنه من التعاطي الحرفي مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتلك المناهج التي أضحت تستهدف تنمية جيل قادر على خوض غمار سوق العمل والحياة. فلسفة المناهج الذكية خلقت دورًا فاعلًا للأسرة، إذ تستطيع أن تتابع تقدم فلذات أكبادها، عبر التطبيقات المختلفة وتقدم الدعم الذي يعينهم على القيام بمهامهم التعليمية المتعددة، وهنا نجد مساحة لا بأس بها نحو تقبل فكرة التطوير المستمر سواءً في مناهجنا التعليمية أو كل ما يرتبط بمكون العملية التعليمية ومؤسساتها التي تعني ببناء إنسان قادر على العطاء من خلال ما يمتلكه من تفرد مهاري نوعي يتعطش له سوق العمل المحلي والدولي.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع. __ أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر