في الشرق، تنهض ناطحاتٌ من الحلم، تشق سماء العاصمة الإدارية الجديدة، كأنها إعلانٌ صريح أن المستقبل قد بدأ، وفي الغرب، بين ظلال الأهرامات الخالدة، يتهيأ المتحف المصري الكبير ليفتح أبوابه غداً، حاملاً عبق الماضي ووهج الحاضر، ليقول للعالم من جديد إن مصر لا تعرف التوقف، وإن مجدها لا يُختزل في زمن. هنا وطنٌ يكتب تاريخه بحروف من حجر وحديد، ويصوغ فجره الجديد بإرادةٍ لا تعرف المستحيل. في الشرق تُبنى مدنٌ ذكية، تُرسم فيها ملامح الغد بخطوطٍ من نور، وفي الغرب تُرمَّم الذاكرة وتُعاد الحياة لآثارٍ حملت سرّ الهوية منذ فجر التاريخ. بين ضفتَي المجد، تسير مصر واثقة الخطى، تجمع بين العراقة والحداثة، بين رنين المعول في الصحراء وصدح الموسيقى في المتحف. ما أعجب هذا القدر الذي كُتب لمصر، أن تكون دائماً أُمَّ البناء! فكما شيد أجدادها المعابد والمسلات، يبني أحفادهم اليوم مدناً ومتاحف وجسوراً نحو المستقبل. لا مفارقة في أن يكون البناء هو اللغة التي يتحدث بها المصريون منذ آلاف السنين، لغةٌ لا تعرف الانكسار، ولا تنطفئ مهما تبدلت العصور. غداً، حين تفتح أبواب المتحف المصري الكبير، سيتجدد العهد بين الماضي والمستقبل، وستُطل مصر على العالم بثوبٍ من نورٍ وحجرٍ ودهشة. من شرقها إلى غربها، من العاصمة الجديدة إلى هضبة الأهرام، تروي مصر الحكاية ذاتها: حكاية وطنٍ وُلد ليبني، وقدرٍ كُتب له أن يُعمر، وشعبٍ كلما مرّ الزمن ازداد رسوخاً وفخراً. افخروا ببلادكم، فهي لا تبني مجرد جدران، بل تبني معنى الوجود ذاته.