ارتفاع الحالات ل 46.. ننشر أسماء الطالبات المصابات بإغماء في تربية رياضية جامعة طنطا    صور| أكاديمية الشرطة تنظم ندوة "الترابط الأسري وتأثيره على الأمن المجتمعي"    عواقبه كارثية.. برلماني يهاجم اقتراح إلغاء وزارة الأوقاف لهذه الأسباب    رئيس جامعة أسوان يتفقد امتحانات كلية الزراعة ويشيد بالعملية الامتحانية داخل اللجان    محافظ الإسماعيلية: توريد أكثر من 34 ألف طن قمح محلي ضمن موسم 2025    للباحثين عن السيارات الكهربائية.. أسعار ومواصفات سمارت #3 الجديدة بمصر    القوات المسلحة تنظم لقاءً تعريفيًا للملحقين العسكريين استعدادًا ل "إيديكس 2025"    اتحاد الكرة يعلن تعديلاً بحكام مباراة المصري وسيراميكا قبل ساعات من انطلاقها    عضو الزمالك يثبت إغلاق قضية الجابوني أرون بوبيندزا    ليفربول يخشى من خطف ريال مدريد للاعب آخر في الفريق    "إجازة صغيرة".. محمود كهربا يعلن عودته للقاهرة بسبب الأحداث في ليبيا    بعد 6 أيام من البحث.. انتشال جثمان شاب غرق في النيل بالأقصر    الداخلية تضبط 7 ملايين جنيه من تجار العملة    قرارات عاجلة من جامعة طنطا بعد إغماء طالبات أثناء امتحان بكلية التربية الرياضية    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل سائق توك توك لسرقة مركبته بالخانكة ليونيو المقبل    "القومي للسينما" يقيم أمسية موسيقية بعرض فيلم "الطير المسافر: بليغ.. عاشق النغم"    نقيب الصحفيين العراقيين: القمة العربية فى بغداد تؤكد استعادة العراق لدوره القيادى    ب"فستان أنيق".. أمينة خليل تحضر فعالية لمهرجان البحر الأحمر في "كان" السينمائي    عيد ميلاده ال 85.. ماذا قال عادل إمام عن كونه مهندسا زراعيا وموقفا لصلاح السعدني؟    غدًا.. انتصار تبدأ تصوير أولى مشاهدها بفيلم "الست"    في اليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم.. إليك هذه الطرق لخفضه    "الزراعة" تطلق حملات بيطرية وقائية لدعم المربين وتعزيز منظومة الإنتاج الداجنى    وزيرة التضامن تلتقي أعضاء البعثة الإشرافية لحج الجمعيات الأهلية    اللواء كدواني يشارك في الملتقى العلمي الخامس «المنيا الشاهد الحي لحضارة مصر»    أنشيلوتي: برشلونة استحق الدوري.. ومشكلة ريال مدريد تمثلت في الإصابات    الحرية المصري: كلمة الرئيس السيسي في القمة الطارئة تفضح جرائم الاحتلال وتدعو لتحرك دولي وعربي عاجل    بمنهجية جديدة ورؤية إصلاحية.. حزب الإصلاح يفتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية    قرار هام من التعليم ينهي الجدل حول «عهدة التابلت»    الأوقاف: الطبيب البيطري صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الرحمن    إطلاق قافلة بيطرية لتحسين صحة الثروة الحيوانية في الشيخ زويد ورفح    جدول مواعيد القطارات الإضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    وزير التعليم العالي: المترولوجيا أحد ركائز دعم قطاعي الصناعة والبحث العلمي لتحقيق التنمية المستدامة    ضبط متهم بالتعدي على حقوق الملكية الفكرية في القليوبية    عيد ميلاد الزعيم.. عادل إمام: عبد الحليم حافظ دخل قصة حب ولا أعتقد أنه تزوج    وفاة ابن شقيقة الفنان عبد الوهاب خليل.. وتشييع الجنازة بكفر الشيخ    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات يحرص على إعداد جيل واعد من صغار رواد الأعمال و تشجيع المبتكرين منهم    «فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    أسامة نبيه: القدر أنصف منتخب مصر للشباب بتأهله لكأس العالم    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    مؤتمر قصر العيني لجراحة المسالك البولية يحتفي بتراث علمي ممتد منذ 80عامًا    تحرير 143 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق    فص ملح وداب، هروب 10 مجرمين خطرين من السجن يصيب الأمريكان بالفزع    بدعوة رسمية.. باكستان تشارك في مراسم تنصيب البابا ليون الرابع عشر    يسري جبر: يوضح الحكمة من نداء النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ب"يا ابنة أبي أمية"    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    اليوم.. محاكمة المتهمين في قضية ضرب وسحل الطفل مؤمن    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    السكك الحديدية: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    الأرجنتين تعلق استيراد الدجاج البرازيلي بعد تفشي إنفلونزا الطيور    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    حتى 22 مايو.. الحجز إلكترونيا للحصول علي مصانع جاهزة بالروبيكي    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    مسودة "إعلان بغداد" تشمل 8 بنود منها فلسطين والأمن العربي والمخدرات والمناخ    الأجهزة الأمنية الليبية تحبط محاولة اقتحام متظاهرين لمبنى رئاسة الوزراء بطرابلس    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات من قلب التاريخ فى اليوم العالمى للمتاحف :همسات الأساطير تفتح أبواب «خزانة الأسرار»
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 17 - 05 - 2025

محمد على سليمان - أمنية حسنى كُريم - محمد الشامى - أبو المعارف الحفناوى - أشرف شرف وأحمد عزب - أمنية حسنى كُريم -نبيل التفاهنى -سناء عنان
من أرضٍ تصحو على وهج التاريخ وتنام على همسات الأساطير، تقف المتاحف النوعية كقِبابٍ من نور، تحفظُ الذاكرة وتُغْنى الروح، ليست مجرد جدران تحتضن تحفًا ساكنة، بل هى مواويل من الزمن، تُنشدها الحجارة والبرديات، وترويها الجداريات بلغاتٍ لا تنطق إلا بالعَبَق.. فى اليوم العالمى للمتاحف الذى يواكب 18 مايو سنويا تقوم «الأخبار» بجولة من أقصى الجنوب، حيث يُطلُّ متحف النوبة كقصيدة حبٍ على ضفاف النيل، ويُدوّن حكايات شعبٍ صاغ حضارته من الطمى والذهب، وشمالا فى دنشواي، لا تهدأ الذاكرة، بل تتقد نارُ الحكاية فى متحفها، شاهدة على لحظةٍ غيّرت مجرى الكفاح، وعلى ضفاف القناة، يتلألأ متحف النصر فى بورسعيد، كنبراسٍ يقصّ على الزائرين ملحمة شعب حفر اسمه فى جدار الوطن، وفى الإسكندرية تتعدد المتاحف النوعية بين «المجوهرات الملكية» و«الأحياء المائية».
لكل متحفٍ منها قلبٌ يخفق، ولسانٌ يروى، وعينٌ ترنو إلى الأبد. فى هذا الملف نرصد رحلة عبر المتاحف النوعية التى تنثر عبير التاريخ فى ربوع مصر، من الجنوب إلى الشمال، حيث تتحول القاعات إلى مسارح للذاكرة.
«نوبة حضارة» رحلة عبر تاريخ الأرض والنهر
متحف النوبة، المعلم السياحى الأبرز فى أسوان، يحمل بين جدرانه قصة حضارة نوبية عريقة تمتد عبر العصور، تأسس المتحف فى سياق الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة التى أطلقتها اليونسكو فى 1960، استجابة لطلب مصر بالحفاظ على التراث النوبى، افتتح عام 1997م بتصميم معمارى متميز، يعكس العمارة التقليدية للمنطقة باستخدام الحجر الرملى والجرانيت الوردى، بما يتناسب مع الطبيعة المحيطة.
ثناء حسن موسى، مدير عام المتحف، تحدثت عن بداية المشروع فى أوائل الثمانينيات، حين تم تشكيل لجان من خبراء الآثار بالتعاون مع اليونسكو، مما أسفر عن تكليف المعمارى الدكتور محمود الحكيم بتصميم المبنى، بينما تولى المهندس المكسيكى بيدور راميز فاسكويز إعداد العرض المتحفى، ليجسد تاريخ النوبة بطريقة فنية مبتكرة.
المتحف على مساحة 50 ألف متر مربع، تضم حديقة المتحف، قاعة مؤتمرات، ومسرحًا مكشوفًا، مما يعزز دوره كمركز ثقافى وسياحي، أما قاعة العرض المتحفى فتمتد على 7 آلاف متر مربع، وتعرض مجموعة نادرة من الآثار التى تسلط الضوء على تاريخ النوبة.
من أبرز معروضات المتحف تمثال ضخم للملك رمسيس الثانى، الذى يرحب بالزوار عند مدخل قاعة العرض، التمثال صمم بطريقة تجعل الزوار يشعرون بعظمته أكثر، حيث يبرز ارتفاعه مع نزولهم على السلالم المؤدية للقاعة، يحيط به تماثيل ملوك الأسرة الكوشية ال25، مما يسلط الضوء على الفن النوبى وتأثيره فى الحضارة المصرية.
من بين القطع المدهشة التى يحتوى عليها المتحف هيكل عظمى لإنسان يبلغ عمره 200 ألف سنة، اكتُشف فى منطقة الكوبانية شمال غرب أسوان، كما يضم المتحف مقصورة قصر أبريم، نموذجًا لمعبد فيلة، ولوحة حجرية لأمنحتب، التى تكشف تفاصيل فترة حكمه.
المتحف يقدم أيضًا نماذج حية للحياة النوبية القديمة، مثل نموذج لواجهات البيت النوبى الذى يعرض أسلوب الحياة اليومية والتقاليد، هناك أيضًا أدوات نحت حجرية، تماثيل ومجسمات توضح تطور الأنماط الحربية فى العصور المختلفة، والعرض الخارجى للمتحف يضم قطعًا أثرية تمثل صورًا من الحياة النوبية القديمة مثل المقابر الصخرية والنقوش الصخرية للإنسان فى عصر ما قبل التاريخ.
المتحف ليس مجرد معروضات، بل هو رحلة عبر الزمان والمكان، حيث يلتقى الزوار بحضارة نوبية عميقة الجذور، ويكتشفون تفاصيل الحياة اليومية، أساليب الزراعة، وأدوات العيش التى استخدمها النوبيون على مر العصور.
اقرأ أيضًا | متاحف الآثار على مستوى الجمهورية تستقبل زائريها من المصريين مجانًا 18 مايو
«الفسيفساء» حلم ينتظر من يحققه بالإسكندرية
على أحد جدران الإسكندرية المرتفعة، تتلألأ حروف بارزة تُعلن بفخر: «متحف الموزاييك»، لافتة تُوحى برحلة داخل أعماق الفن، حيث تتحدث الأحجار الصغيرة المتناغمة بالألوان عن تاريخ طويل صاغته أنامل فنان مجهول منذ آلاف السنين...لكن مع الاقتراب من البوابة الحديدية، ينهار الحلم أمام مشهدٍ صامت: أرض خالية تتناثر بها أعمدة باهتة ومبانٍ لم يكتمل بناؤها، تغمرها الحشائش وتعلوها علامات الإهمال.
المكان الذى كان من المفترض أن يعج بالحياة والجمال، أصبح موضعًا لمشروع متجمد منذ أكثر من أربعة عشر عامًا، متحف الموزاييك، أول متحف من نوعه مخصص لهذا الفن العريق فى مصر، لا يزال مصيره مجهولًا.
توضح د.إيمان محسن شهاوي، مديرة تسجيل وتوثيق متاحف الإسكندرية والمتخصصة فى الفسيفساء: «الإسكندرية عُرفت منذ القدم بشغفها بالفنون، وكان لفن الفسيفساء فيها حضور خاص، وتُنسَب إليها طريقة تنفيذية مميزة تُعرف بأسلوب المكعبات أو 'الأوبس تيسلاتم'، الذى تميّزت به مدرستها القديمة، حتى أن روما كانت تستعين بفنانيها لخبرتهم الفائقة.»
وتكمل الشهاوي: «فى عام 2009، أعلن المجلس الأعلى للآثار عن إقامة متحف متخصص فى فن الفسيفساء يُعد الأول من نوعه ليس فقط فى مصر بل فى منطقة البحر المتوسط، الأرض أُهديت من محافظة الإسكندرية للمجلس فى باب شرق، وتم وضع حجر الأساس، وتخصيص 200 مليون جنيه على دفعتين لبناء المتحف، على أن يضم قاعات عرض متنوعة، مرافق خدمية، ومسرحًا مكشوفًا للاحتفالات.»
لكن الأحداث السياسية عطلت المشروع، بعد يناير 2011، توقفت الأعمال، ولم يُنفذ سوى الأساسات وبعض المبانى الخدمية، وبقى المكان على حاله حتى اليوم.
وتضيف: «خُصصت لجنة لاختيار القطع الفنية التى سيضمها المتحف، وتم بالفعل اختيار 54 قطعة من أنحاء مصر، لكن بعد افتتاح المتحف اليونانى الروماني، استُخدمت بعض هذه القطع فيه بدلًا من المتحف المتوقف».
من بين هذه الكنوز لوحة «ديونيسوس باخوس» ولوحة الدولفين الأبيض والأسود، ولوحة ورد النيل، وأرضيات فسيفساء الطيور.
«ملحمة دنشواى» :مقصد سياحى يجسد نضال فلاحى المنوفية
تتناثر حكايات الأبطال الذين كتبوا بدمائهم فصلًا من تاريخ النضال المصرى ضد الاحتلال البريطانى، بمحافظة المنوفية وتحديدًا داخل متحف دنشواي، فهو ليس مجرد مكان لعرض المقتنيات التاريخية، بل هو شاهد حى على ملحمة شعبية خالدة، منذ افتتاحه فى عام 1999، أصبح قبلة للزوار من جميع أنحاء مصر والعالم، ليحكى قصة حادثة دنشواى التى وقعت فى 13 يونيو 1906، والتى كانت نقطة فارقة فى مسار الوعى الوطنى المصري.
افتُتح المتحف فى عام 1999 ليحمل بين جدرانه الكثير من الذكريات المؤلمة، لكنه يحمل أيضًا الأمل والتاريخ الذى لم يغفل. هناك، بين أروقة المتحف، تجد نفسك محاطًا بتماثيل شمعية تروى تفاصيل الحادثة، حيث تتسلسل الأحداث المثيرة فى كل زاوية، كما هناك ربط بين الحكاية والمزارع الذى كان يعيش حياة بسيطة، مليئة بالأمل والتحدى. وتظهر قاعة الشهداء، تلك المساحة التى تسرد قصص ضحايا المعركة التى دفعوا ثمنها غاليًا، إلى جانب الأدوات الزراعية التى استخدمها الفلاحون ليعكسوا الطبيعة الريفية لتلك الحقبة.
يقول مرتضى جمال زهران، أمين متحف دنشواى: «المتحف يضم ثلاثة أنواع من المقتنيات التى تروى الحكاية بطرق مختلفة، تماثيل للمزارعين الشجعان مثل زهران والشيخ حسن، ولوحات فنية تشكل لوحة من 35 عملاً تشكيليًا تسلط الضوء على كل تفاصيل الحادثة، من وصول الضباط الإنجليز إلى القرية، حتى لحظة إعدام الفلاحين». تزدحم قاعات المتحف بالزوار، خاصة مع بداية الموسم الدراسى، حيث تأتى الرحلات المدرسية من مختلف المراحل الدراسية، ليصبح المتحف مقصدًا سياحيًا، فكما يؤكد وليد سالم، رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة الشهداء، فإن المتحف هو رمز حى لقوة إرادة الفلاحين وصمودهم فى وجه الاستعمار، ويُعد واحدًا من أبرز معالم المنوفية.
ومع مرور الزمن، لا تزال ذكرى دنشواى حية فى أرجاء المتحف، ولا عجب أن تكون احتفالات محافظة المنوفية بعيدها القومى تتزامن مع ذكرى الحادثة، فالمنطقة بما تحتويه من هذا المتحف تمثل رمزًا للعزة والكرامة، تتجسد فيه التضحيات التى قدمها الفلاحون من أجل الوطن. المتحف ليس مجرد مكان لعرض التاريخ، بل هو أداة تعليمية وتوعوية للأجيال القادمة، يؤكد محمد رجب، رئيس قرية دنشواى، أن المتحف يعكس ارتباط المصريين بتاريخهم النضالى ضد الاستعمار.
«السيرة الهلالية» تحفة تراثية على أرض قنا
على مساحة 640 مترًا فى قرية أبنود بمحافظة قنا، يقع «متحف السيرة الهلالية»، الذى يُعد واحدًا من أبرز المعالم الثقافية فى مصر، ويُسجل رحلة الشاعر عبد الرحمن الأبنودى فى البحث عن هذا التراث الشعبى العريق، الذى ظل الأبنودى يجمعه ويوثقه على مدار سنوات طويلة.
بدأت قصة المتحف مع رحلة بحث الأبنودى، لتوثيقها وحفظها للأجيال القادمة، حيث تم العثور على تسجيلات نادرة داخل شرائط كاسيت وكتب بلغ عددها 8864 كتابًا، حيث افتُتح فى مايو 2015، عقب وفاة الأبنودى بأسابيع، ليترك هدية منه لأهالى قريته وأبناء الصعيد، جاء إنشاء المتحف بجهود ذاتية من الأبنودى، ليكون الأول من نوعه فى مصر. يحتوى المتحف على مركز ثقافى ينظم أنشطة ثقافية متنوعة شهريًا.
بالإضافة إلى مكتبة داخل المتحف تضم 8864 كتابًا، منها 6917 كتابًا فى مجالات مختلفة، بالإضافة إلى 2447 كتابًا مهداة من الأبنودى والروائى الراحل جمال الغيطانى من مكتبتهما الخاصة، و500 كتاب مهداة من الهيئة العامة للكتاب فى عام 2009، كما تحتوى المكتبة على 18 كتابًا مسموعًا، و14 جزءًا من نصوص السيرة الهلالية، إلى جانب 32 نسخة و8 مجلدات توثق تفاصيل السيرة الهلالية. تتضمن قاعة العرض المتحفى، صورًا للشاعر عبد الرحمن الأبنودى من أحقاب زمنية مختلفة.
«إكواريوم الإسكندرية» نافذة على عالم البحار
على بُعد خطوات من قلعة قايتباى الشهيرة، وفى قلب منطقة الأنفوشى العريقة، يقع متحف الأحياء المائية أو «إكواريوم الإسكندرية»، وتعنى الكلمة «أحواض السمك». يبدو المكان كنافذة تطل على أعماق البحار، حارسًا لذاكرة البحر منذ عام 1930، فهو أول متحف من نوعه فى مصر والشرق الأوسط.
ما إن تخطو داخله، حتى تبدأ رحلة من الدهشة والمعرفة، حيث تقف أمام أحواض زجاجية ضخمة، كأنها نوافذ تُطلّ على عالمٍ سريّ يضج بالحياة، وعلى كل واجهة، تتوزع بطاقات معلومات دقيقة، تُعرّف الزائر بما يراه، وتفتح له باب الفضول لاكتشاف المزيد.
تتوزع الكائنات البحرية داخل المتحف وكأنها تقدم عرضًا مستمرًا لا ينتهى؛ من البحرين الأبيض والأحمر، ومن أنهار بعيدة كنهر النيل ونهر الأمازون، ويروى لنا د.أحمد عمر، مدير المتحف، أن هذه الكائنات تُعرض فى أحواض صُممت بدقة لمحاكاة بيئتها الأصلية بكل تفاصيلها الدقيقة: درجة الحرارة، ملوحة الماء، الإضاءة، وحتى نوع الغذاء، حتى لا تشعر بأى غربة.. هنا تتلاقى عوالم الصغار والكبار؛ الصغار بعيونهم اللامعة وهم يتتبعون حركة الأسماك، والكبار وهم يحدّقون بانبهار فى سمكة الترسة البحرية، أو قناديل البحر، أو الأخطبوط ذى القلوب الثلاثة، أو الأنيمون المتخفية داخل الشعاب المرجانية، وهناك أيضًا السمكة الصخرية، وسمكة الموارى، وسمكة البيرانا المفترسة التى لا تزال تثير الدهشة.
إلى جوار هذه الحياة المتحركة، يقف جناح المحنطات شاهدًا على عظمة ما كان، فترى هيكلًا عظميًا لحوت طوله 17 مترًا، وأسماك قرش ضخمة، ومجسمًا نادرًا لعروس البحر، المخلوق الأسطورى الذى ظل يراود خيال البحّارة لقرون.. والمتحف لا يكتفى بدور العرض، فهو يتبع معهد علوم البحار ويحتوى على معامل متخصصة ومكتبة علمية، حيث تُجرى الدراسات على الأحياء المائية من أسماك ونباتات وأسفنج وأصداف وشعاب مرجانية، ليصبح مركزًا بحثيًا نابضًا، يساهم فى تنمية الثروات البحرية والحفاظ عليها.
كما ينظم المتحف ورش عمل توعوية لنشر ثقافة الحفاظ على البيئة البحرية، ويُعد من أبرز المزارات السياحية فى الإسكندرية، حيث يفد إليه الزوار من مختلف المحافظات، والسياح من العرب والأجانب، باحثين عن متعة البصر، وعمق الفهم، فالزائر لا يشاهد البحر هناك بل يقترب من قلبه، ويرى مخلوقاته، ويفهم لغته، ويخرج محمّلًا بدهشة لا تهدأ، وإجلال لا ينتهى لعالمٍ نابض بالحياة يسكن خلف الزجاج.
«المجوهرات الملكية» :أسرار الملوك فى قصر على أطراف «زيزينيا»
قصر فخم يقف شامخا على أطراف حى زيزينيا الراقى بالإسكندرية، يروى بصمته العريق حكايات سلالة حكمت مصر لعقود، ويحتضن متحف المجوهرات الملكية، حيث تتحول القطع البديعة إلى شواهد حية على أناقة وثراء أسرة محمد على.. هنا، تتهادى الذاكرة بين التيجان المرصعة والقلادات النادرة، فتتحدث الأحجار الكريمة عن أميرات عشقن الفنون، وملوك تهادوا المجوهرات فى مناسبات فارقة، المبنى نفسه قطعة فنية بُنيت تفاصيله بدقة عام 1919 بإشراف زينب هانم فهمى، لتصبح مقرًا للأميرة فاطمة الزهراء فى 1923، قبل أن يتحول بقرار جمهورى إلى متحف عام 1986.
المتحف الواقع فى شارع أحمد يحيى، يمزج الطراز الأوروبى الكلاسيكى بروح الفن الإسلامى، وتُزين جدرانه لوحات زيتية وسقوف مذهبة وزخارف من الفسيفساء الملونة، تعكس ذوق الأميرات وأبهة الحياة الملكية.
تشير الأثرية ريهام شعبان، مديرة المتحف، إلى أن المتحف يضم نحو 11 ألف قطعة تتنوع بين مجوهرات وتحف ذهبية ونياشين ملكية، من بين أبرزها تاج الملكة فريدة المصنوع من البلاتين والماس، وساعة محمد على باشا المرصعة بالياقوت، ومقتنيات الأمير محمد على توفيق، إضافة إلى عصا مارشال من الذهب والأبنوس، وطاقم شاى مصنوع من الذهب الخالص.
كما يضم المتحف مجموعات خاصة بالملكة ناريمان، والأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق، حيث تتلألأ الحُلى المصنوعة من الذهب والبلاتين والماس والمرجان والزمرد فى خزائن العرض.
وبعد تطوير شامل دام سنوات، أعيد افتتاح المتحف عام 2019 بإضاءة حديثة وشرح تفاعلى، مع تخصيص قاعات جديدة للعملات الملكية ووثائق نادرة، تُضىء فصولًا غائبة من التاريخ.
يتكوّن المتحف من جناحين شرقى وغربى يربط بينهما ممر فسيح، ويضم عشر قاعات تنبض بالمجد القديم، تعرض كل منها مقتنيات فريدة من تاريخ العائلة العلوية، تعكس أسلوب الحياة الفاخر، من رقعة شطرنج من الذهب، إلى مناظير مرصعة بالياقوت، وأكواب ذهبية صنعت خصيصًا فى أرقى بيوت المجوهرات الأوروبية.. ولم يعد المتحف مجرد صرح للعرض، بل محطة ملهمة لزوار المدينة، يتنقلون بين خزائن التاريخ، حيث لا تزال التيجان تلمع، وكأنها تهمس بأسرار ماضٍ لا يُنسى.
«تخليد النصر» ذاكرة بورسعيد وملتقى الفنون التشكيلية
يلتقى التاريخ بالفن، فى مدينة بورسعيد، ويقف «متحف النصر» شاهدًا حيًا على عظمة معركة خاضتها المدينة فى وجه العدوان الثلاثى عام 1956، محققًا نصرًا كبيرًا شهدته مصر كلها، يبرز هذا المتحف ليس فقط كمكان يخلّد ذكرى نضال بورسعيد، بل أيضًا كمركز يعكس تنوع الإبداع الفنى، ويجمع بين الذاكرة التاريخية والفن التشكيلى الحديث.
يقول محمد الدسوقى، المستشار الثقافى لمحافظة بورسعيد، إن فكرة إنشاء متحف النصر كانت تعبيرًا عن أحد أعظم انتصارات المدينة، وتهدف إلى تخليد ذكرى انتصار بورسعيد على قوات العدوان الثلاثى، وفى عام 1959، خلال الاحتفال بالذكرى الثالثة للنصر، افتتح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، المتحف فى ميدان الشهداء، القلب النابض للمحافظة، الذى شهد العديد من الاحتفالات والمناسبات الرسمية.
فى البداية، كان المتحف يركز على عرض مقتنيات توثّق أحداث العدوان الثلاثى على المدينة، بما فى ذلك صور لشهداء المعركة وتماثيل صغيرة لأبطال المقاومة الذين شنوا عمليات بطولية ضد المحتل، مثل اختطاف الضابط «مورهاوس» ابن عمة ملكة إنجلترا وقتل الميجور «ويليامز»، قائد المخابرات البريطانية. ورغم أن المتحف أغلق أبوابه بعد عدوان 1967، إلا أنه تم إعادة تطويره وافتتاحه مجددًا فى عام 1995 تحت مسمى «متحف النصر للفن الحديث».
يضم المتحف اليوم ثلاث قاعات رئيسية، تشكل كل واحدة منها قسمًا مختلفًا من تاريخ المدينة، قاعة التاريخ التى تسجل رحلة الكفاح والنضال لبورسعيد منذ العصور القديمة، مرورًا بمعركة «إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات» فى المياه الدولية أمام شاطئ بورسعيد، كما تضم مجسمًا يحاكى حفر قناة السويس قبل 160 عامًا، وكذلك حفل افتتاحها التاريخى، كما توجد تماثيل لشخصيات بارزة فى تاريخ مصر المعاصر، أبرزهم الفريق عبد المنعم رياض، الذى صار رمزًا لشهداء العصر الحديث.
أما القاعة الثانية فى المتحف، فتسلط الضوء على المشاريع القومية الحديثة فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، تضم ديوراما تُظهر مشروعات ضخمة مثل الأنفاق العملاقة أسفل قناة السويس، وإنشاء منطقة شرق بورسعيد الاقتصادية، وأحد أكبر الجسور التى تربط بورسعيد ببورفؤاد. وبقاعة البحر، يتناثر الفن فى أرجاء المتحف، حيث تعرض مجموعة من التماثيل الحديثة ولوحات لفنانين مصريين فى مختلف فروع الفن التشكيلى، ويضاف إليها باستمرار أعمال جديدة من النحت والرسم والتصوير.
أخيرًا، تُخصص القاعة الثالثة لإحياء الحركة الفنية من خلال استضافة المعارض الفنية لعدد من الفنانين المصريين، بالإضافة إلى تنظيم ورش فنية للأطفال وطلاب المدارس من سن ست سنوات حتى 21 سنة، حيث يتعلمون فنون الرسم والنحت والرسم على الزجاج، كما يستضيف المتحف أيضًا الندوات والأمسيات الأدبية والشعرية التى تعكس التوجهات الثقافية الجديدة فى المدينة.
«أحمد عرابى» ذاكرة ثورة فى «هرية رزنة»
رغم الاهتمام الدائم بالاحتفال بذكرى وقفة أحمد عرابى أمام الخديو توفيق، وإدراج ذلك الموقف البطولى ضمن المناهج التعليمية، ليصبح عرابى رمزًا من رموز الكرامة الوطنية، لكن وسط هذه الذكرى العظيمة، يظل متحفه فى «هرية رزنة» مهملًا، فقد سقط من الذاكرة وأصبح فى طى النسيان، رغم أنه كان يومًا ما مزارًا سياحيًا بارزًا.
يعود تاريخ المتحف إلى عام 1960، عندما تم إنشاؤه على مساحة 5148 مترًا مربعًا فى مسقط رأس الزعيم بقرية هرية رزنة، قُسم المتحف إلى أربعة أجنحة، كل جناح يحمل جزءًا من تاريخ الزعيم، فالطابق الأول يضم مئات من القطع الأثرية التى تعود إلى العصور المصرية القديمة، والقبطية، والبطلمية، والطابق الثانى يعرض بانوراما مجسمة للزعيم أحمد عرابى ورفاقه أثناء وقفتهم الشهيرة أمام الخديو توفيق فى قصر عابدين، مطالبين بحقوق الشعب والجيش، إضافة إلى لوحات زيتية تحكى بطولات عرابى وجيشه فى معركة التل الكبير ضد الاحتلال الإنجليزي، أما الثالث، فيعرض الملابس البدوية اليدوية التى تعكس ملامح البيئة الشرقية، بينما الرابع يروى قصة الاعتداء الإسرائيلى الوحشى على تلاميذ مدرسة بحر البقر الابتدائية، من خلال ملابس وكتب وأحذية ملوثة بالدماء.
كان المتحف يومًا مزارًا يوميًا لتلاميذ المدارس والوفود السياحية، الذين كانوا يتوافدون عليه للتعرف على تاريخ الزعيم أحمد عرابى وأهميته، لكن مع مرور الزمن، بدأ الإهمال يتسلل إلى هذا المعلم الثقافي، حتى تحولت حدائق المتحف إلى مكب نفايات، وتعرضت مبانيه للتصدعات، ورغم العديد من المناشدات، لم يتحرك أحد لإنقاذه.
فى عام 1998، أدركت أجهزة المحافظة خطورة الوضع، فتواصلت مع المجلس الأعلى للآثار لتنفيذ خطة تطوير شاملة للمتحف، تم تخصيص 5 ملايين جنيه لإعادة تجديده، وتم وضع خطة لتجديد الأجزاء المتهدمة، إضافة إلى تركيب أنظمة إنذار ضد الحرائق وإعادة ترتيب القطع الأثرية واللوحات التاريخية، لكن، رغم تلك الوعود، تجمدت الخطة بعد استلام المجلس الأعلى للآثار المتحف فى يوليو 2000، ليغلق المتحف أبوابه، وتُنقل مقتنياته إلى متحف تل بسطة ومدرسة بحر البقر. مرت 21 سنة على إغلاق المتحف، ولا يزال مغلقًا.
«التمساح سوبك» :حارس أسطورى على نيل أسوان
على ضفاف نهر النيل فى أسوان، وتحديدًا بجوار معبد كوم أمبو، ينهض متحف التمساح كحارس للذاكرة القديمة، يروى حكاية كائن لم يكن مجرد حيوان، بل كان تجسيدًا للإله سوبك، رب المياه والخصب والحماية.
متحف لا يشبه غيره، حيث لا تُعرض فيه مقتنيات ملوك ولا صكوك حضارات، بل تصطف التماسيح المحنطة وكأنها تحرس أسرار آلاف السنين، اثنان وعشرون تمساحًا تحكى مراحل النمو من جنين صغير إلى عملاق يبلغ طوله خمسة أمتار ونصف المتر، عُثر عليها جميعًا فى محيط المعبد وجُمعت لتستقر هنا، تحت سقف يحاكى هيبة العصور. الخبير الأثرى نصر سلامة يروى أن افتتاح المتحف تم فى 31 يناير 2012، ليُعرض فيه ما عُثر عليه من تماسيح محنطة، لم تكن موجودة بداخله بل جاءت من محيط المعبد، وجُمعت بعناية لتعبر عن طقس دينى نادر، ارتبط بعبادة الإله سوبك، الإله الذى اتخذ هيئة إنسان برأس تمساح.
وتنبض قاعات المتحف بأجواء الطقوس القديمة: المحفة الخشبية، التوابيت، الأكفان الكتانية، العيون الصناعية التى توضع فوق وجوه التماسيح بعد الموت، فى محاكاة لطقوس التحنيط التى كان يمارسها المصرى القديم، حين كان يرى فى هذا الكائن مرآة للإله، ووسيطًا بينه وبين القوى الغامضة للنهر. وحين تموت التماسيح طبيعيًا أو بفعل الصيد، كانت تُعامل كما يُعامل المقدس: تُحنط، وتُدفن فى مقابر شرقية، وسط مجرات من الطين، وأوانٍ مملوءة بالطعام، وسعف نخيل يلفها كأكفان الطهارة.
المتحف، كما يصفه سلامة، صار قبلة للزوار، خاصة فى الشتاء، حيث يُدرج ضمن البرامج السياحية لعشاق الحضارة المصرية القديمة، وقد حظى بشهرة عالمية لفرادته، كونه الوحيد فى العالم الذى يكرم مخلوقًا واحدًا. تم تطوير المتحف ليشمل أوانى فخارية كانت تُستخدم فى تقديم القرابين، وأدوات التحنيط، ووسائل عرض تفاعلية تمنح الزائر تجربة حسية ومعرفية، تعيد بناء مشهد العبادة كما كان قبل آلاف السنين. متحف التمساح هو تجربة روحية تضعك وجهًا لوجه مع سوبك، الإله الذى لم يكن فقط حاميًا للنيل، بل رمزًا لعلاقة الإنسان بالطبيعة، بالخوف، وبالقداسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.