يُعد متحف التمساح بكوم أمبو، واحدًا من المتاحف النوعية الفريدة في مصر، حيث يسلط الضوء على أحد أهم المعبودات المصرية القديمة، الإله سوبك، الذي كان يُمثل على هيئة تمساح ويرمز للقوة والخصوبة والحماية. ومنذ افتتاحه في 31 يناير 2012، أصبح المتحف مركزًا لتوثيق العلاقة الوثيقة بين المصريين القدماء والتمساح، ليس فقط من خلال المعروضات الأثرية، بل أيضًا عبر الاحتفال السنوي بذكرى افتتاحه، وهو حدث يجمع بين الفعاليات الثقافية والعروض المتحفية التي تعكس تاريخ عبادة الإله سوبك في منطقة كوم أمبو. اقرأ أيضا | حكايات| «الحيوان الموقر» بأسوان.. أضخم متحف للتماسيح في العالم في هذا التقرير، نستعرض أهمية متحف التمساح، تفاصيل الاحتفال السنوي به، وأبرز القطع الأثرية التي يعرضها، بالإضافة إلى دوره في الترويج السياحي والثقافي لمصر. 1- نشأة متحف التمساح وتاريخه * الفكرة والتأسيس ظهرت فكرة إنشاء المتحف عام 2006 في إطار خطة تطوير المنطقة الأثرية بكوم أمبو، والتي تضمنت إزالة بعض المباني غير الأثرية داخل حرم المنطقة، وبدلاً من هدم أحد هذه المباني، قرر المسؤولون استغلاله وتحويله إلى متحف متخصص في عرض المقتنيات المرتبطة بعبادة التمساح سوبك، ليصبح بذلك أول متحف مصري يركز على معبود واحد فقط. * الافتتاح والمحتويات افتُتح المتحف رسميًا في 31 يناير 2012، ويضم 73 قطعة أثرية، تتنوع بين مومياوات التماسيح المحنطة، التوابيت الفخارية، التماثيل، اللوحات النذرية، ونموذج لمقبرة تحاكي طقوس الدفن الخاصة بالتماسيح. كما يتميز المتحف بوجود أكبر فاترينة عرض متحفي تضم 20 مومياء تمساح بأحجام مختلفة، مما يجعله وجهة استثنائية لمحبي التاريخ والآثار. اقرأ أيضا | حكايات| «الحيوان الموقر» بأسوان.. أضخم متحف للتماسيح في العالم 2- الاحتفال السنوي بافتتاح متحف التمساح * أهمية الاحتفال منذ افتتاحه، أصبح 31 يناير من كل عام مناسبة خاصة للاحتفال بذكرى افتتاح متحف التمساح، حيث يهدف الحدث إلى: * تسليط الضوء على التراث المصري القديم المرتبط بعبادة سوبك. * تعزيز السياحة الثقافية في كوم أمبو وجذب المزيد من الزوار. * نشر الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الأثري الفريد لمصر. * الفعاليات والأنشطة تتضمن احتفالات المتحف عددًا من الفعاليات المتميزة، من بينها: * جولات إرشادية مجانية داخل المتحف لشرح تاريخ سوبك وعلاقته بالحضارة المصرية. * محاضرات وندوات أثرية يقدمها خبراء في علم المصريات لشرح أهمية المعبود سوبك وطقوس عبادته. * عروض تفاعلية لطرق تحنيط التماسيح تحاكي الممارسات التي كان يقوم بها الكهنة المصريون القدماء. ورش تعليمية للأطفال تتضمن أنشطة فنية مثل رسم التماسيح وصناعة نماذج مصغرة للتماثيل الأثرية. إطلاق كتب وكتيبات إرشادية جديدة عن تاريخ المتحف والمقتنيات الفريدة التي يضمها. 3- مقتنيات المتحف وأهم القطع الأثرية - مومياوات التماسيح المحنطة يضم المتحف مجموعة فريدة من مومياوات التماسيح التي تتراوح أطوالها بين أقل من متر واحد إلى خمسة أمتار، مما يعكس مدى اهتمام المصريين القدماء بتقديس هذه الكائنات. - نموذج لمقابر الشطب يحتوي المتحف على نموذج يحاكي مقابر التماسيح المكتشفة في جبانة الشطب، حيث يتم عرض طرق الدفن والتوابيت الفخارية التي كانت تُستخدم لحفظ المومياوات. - اللوحات النذرية توجد بالمتحف مجموعة من اللوحات النذرية التي تعود لعصور مختلفة، والتي تبين طقوس التعبد والتبجيل للإله سوبك، بالإضافة إلى مشاهد تقدم القرابين له. د. التماثيل الأثرية * من أبرز القطع المعروضة: كتلة من الجرانيت الأسود يعلوها تمساحان بالنقش البارز، وهي قطعة نادرة تعكس فن النحت المصري القديم. تمساح محنط محمول على محفة خشبية، وأسفلها قاعدة مصنوعة من خشب الجميز، مما يدل على العناية الكبيرة بتحنيط هذه الكائنات المقدسة. اقرأ أيضا | حكايات| «الحيوان الموقر» بأسوان.. أضخم متحف للتماسيح في العالم 4. الأثر الثقافي والسياحي للمتحف - الترويج للسياحة الأثرية يُعد متحف التمساح من أهم عوامل الجذب السياحي في أسوان وكوم أمبو، حيث يُقدم تجربة متميزة لزائري المعبد، الذين يمكنهم التعرف على جانب غير تقليدي من الديانة المصرية القديمة. كما يُساهم المتحف في زيادة الإقبال على السياحة الثقافية في المنطقة، مما يُنعش الاقتصاد المحلي. - دور المتحف في التوعية الأثرية يعمل المتحف على نشر الوعي حول أهمية الحفاظ على التراث المصري، سواء من خلال الجولات الإرشادية أو الورش التعليمية التي تستهدف الأطفال وطلاب المدارس. كما يُعد مركزًا مهمًا للأبحاث الأثرية المتعلقة بدراسة المومياوات الحيوانية وطقوس التحنيط عند المصريين القدماء. 5- التحديات والتطلعات المستقبلية * تحديات تواجه المتحف رغم أهميته الكبيرة، يواجه المتحف بعض التحديات، من بينها: الحاجة إلى مزيد من التمويل لتحديث تقنيات العرض وتحسين تجربة الزوار. ضرورة زيادة حملات الترويج للمتحف على المستوى المحلي والدولي. التعامل مع العوامل البيئية التي قد تؤثر على سلامة المومياوات الأثرية المعروضة. * خطط التطوير المستقبلية يطمح القائمون على المتحف إلى: توسيع قاعات العرض وإضافة مقتنيات جديدة. إدخال تقنيات تفاعلية حديثة مثل العروض ثلاثية الأبعاد لشرح طقوس التحنيط والدفن. تعزيز التعاون مع الجامعات ومراكز الأبحاث لإجراء المزيد من الدراسات حول المومياوات الحيوانية. يُعد الاحتفال السنوي بافتتاح متحف التمساح حدثًا مهمًا يُعيد إحياء أحد الجوانب الفريدة للحضارة المصرية القديمة، حيث يُوفر فرصة للجمهور للتعرف على مكانة الإله سوبك وعلاقته بالحياة اليومية للمصريين القدماء. ومع استمرار تطوير المتحف وتعزيز دوره في نشر الوعي الأثري، سيظل هذا الصرح شاهدًا على عبقرية المصريين القدماء في توثيق معتقداتهم وتقديسهم للكائنات التي شكلت جزءًا من ثقافتهم. يظل متحف التمساح من أيقونات المتاحف المصرية الفريدة، ومن خلال الاحتفال السنوي به، يستمر في إلقاء الضوء على جزء غير تقليدي من التاريخ المصري، يجذب الزوار، ويُثري الوعي الثقافي والتراثي للأجيال القادمة.