سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ذات يوم 22 أكتوبر 1973.. السادات يقبل وقف إطلاق النار.. وكيسنجر لجولدا مائير: «يمكنكم مواصلة العمليات على الجبهة المصرية أثناء المدة التى تستغرقها طائرتى إلى واشنطن وسأتوقف ساعات فى لندن»
كانت الساعة الخامسة وعشرين دقيقة مساء 22 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1973، حين صدرت توجيهات القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، بوقف إطلاق النار من الساعة السادسة والثلث، إذا التزم العدو الإسرائيلى بالقرار الذى اتخذه مجلس الأمن الدولى على جبهات القتال فى الحرب الدائرة منذ 6 أكتوبر 1973، حسبما يذكر حافظ إسماعيل، مستشار الأمن القومى للرئيس السادات فى مذكراته «أمن مصر القومى فى عصر التحديات»، مضيفا: «فى المساء وقبيل وقف إطلاق النار بدقيقة واحدة، كانت سماء القاهرة تشهد جسمين مستطيلين بلون البرتقال يمرقان فى ثبات فى اتجاه القناة، كان الجسمان صاروخين «سكود» تقرر إطلاقهما ضد منطقة رأس الكوبرى الإسرائيلى فى «الدفرسوار». وفيما يؤكد «إسماعيل»، أن الرئيس أراد أن يكون إعلانا للإسرائيليين عن وجود هذا الصاروخ وفاعليته، فإن الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة، يذكر: «تم إطلاق هذه القذائف بناء على أوامر من السادات، وأعلن لوسائل الإعلام بأنها «القاهر»، الذى تم تصنيعه فى مصر، وكان يريد أن يوهم إسرائيل بأن لديه الأسلحة، التى يستطيع أن يضرب بها العمق الإسرائيلى». يتذكر حافظ إسماعيل ما ذكره السادات فى مساء هذا اليوم فى اجتماعه مع مساعديه ونواب رئيس الوزراء، قائلا: «جلسنا فى شرفة قصر الطاهرة، يتوسطنا الرئيس، وشرح تفصيلا الموقف العسكرى، فقال: إننا دمرنا للإسرائيليين 500 دبابة، وإن قواتنا دخلت معركة يوم 14 أكتوبر قبل موعدها بيومين لتخفف الضغط عن سوريا، ونتيجة لهذا خسرنا 220 دبابة، وكانت هذه المعركة المقدمة لاختراق إسرائيل لمنطقة الدفرسوار، وأوضح الرئيس أن الإسرائيليين حققوا التفوق نتيجة تدفق الإمداد الأمريكى المباشر، حيث كانت طائرات النقل تهبط فى مطار العريش تفرغ شحنتها، التى تضمنت صواريخ موجهة يمكن إطلاقها من وسط سيناء لمدى 160 كيلومترا، ثم أضاف أنه لم يكن على استعداد لقبول استمرار القتال مع الولاياتالمتحدة وما ترتب على ذلك من تدمير قواتنا المقاتلة، ولهذا أبلغ السوفييت بقبوله مشروع كوسيجين لوقف إطلاق النار». يذكر إسماعيل، أن السادات تحدث عن تعهدات السوفييت بأن تضمن القوتان الأعظم تنفيذ قرار مجلس الأمن، وعلى رأس المسائل موضوع الانسحاب الإسرائيلى الذى سيتحقق تدريجيا، ويكشف «إسماعيل»: فى المناقشات التى دارت بعد ذلك، قرر الرئيس «إننا دخلنا الحرب لإقناع إسرائيل أن الحرب لا تحل المشكلات، وأننا كسبنا الاحترام بعد احتقار العالم لنا، ثم إننا لا نستطيع أن نحقق تحرير سيناء عسكريا، وتنفيذ القرار 242 يفرض أن نخوض معركة طويلة، ويجب أن يستمر الضغط فى مجال البترول حتى يبدأ الحل السلمى، على أن يستمر الموقف الراهن دون تصعيد حتى يتحقق الانسحاب فى مرحلة أولى»، ويؤكد إسماعيل: «من الناحية الإعلامية، طلب الرئيس ألا نبالغ فى تقييم انتصاراتنا، وأن نحافظ على اتزاننا ولا نهاجم أحدا دون مبرر وأن نوضح أن مشكلاتنا لن تحسم عسكريا، كما أن انتصارات إسرائيل عام 1967 لم تحسم الأمور. كان مشروع قرار وقف إطلاق النار حصيلة مفاوضات لوزير الخارجية الأمريكية كيسنجر فى موسكو، ويذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «أكتوبر 73 - السلاح والسياسة»، أن كيسنجر أخطر من موسكو جولدا مائير رئيسة الحكومة الإسرائيلية، بأنه قادم للقائها، وينقل هيكل عن كيسنجر فى مذكراته، أنه حين وصل إلى مطار بن جوريون أحس أن صلابة إسرائيل مُحيت، وأن الجميع بمن فيهم جنود المطار كانوا متلهفين لوقف إطلاق النار، وعن مباحثاته مع جولدا، يكشف أنه رفض طلبها بمهلة ثلاثة أيام لتحقق القوات الإسرائيلية مهمتها على الجبهة المصرية، فغضبت بحدة وصرخت قائلة: «ألفان مقاتل إسرائيلى سقطوا قتلى حتى الآن، وبنسبة عدد السكان قياسا مع الولاياتالمتحدة فإن ذلك معناه كما لو أن أمريكا فقدت 200 ألف قتيل فى المعركة، ويكشف كيسنجر أنه أراحها حين ألمح لها: «جيش الدفاع يستطيع مواصلة عملياته بعد وقف إطلاق النار، على الأقل طوال المدة التى ستستغرقها طائرتى من هنا إلى واشنطن علما بأننى سأتوقف ساعات فى لندن». كان القلق من قبول السادات لوقف إطلاق النار موزعا على أكثر من جهة، وعن ذلك يذكر هيكل نص مكالمة تليفونية دارت بين الرئيس الليبى معمر القذافى والسادات، فى الساعة الثانية بعد الظهر، ويقول هيكل إن السادات فكر فى البداية أن يعتذر عن عدم الرد، إلا أنه عرف من تجربته أن القذافى سيطارده طوال اليوم، فآثر أن يرد ويريح نفسه، وفى المكالمة، سأل معمر: كيف الأخبار؟ رد السادات: احنا حانوقف إطلاق النار، إن شاء الله، فسأل معمر: كيف يا ريس؟، رد السادات: لأنى ماسك المعركة من الأول وهى ماشية كده يا معمر، سأل معمر: مايكونش فى صالح اليهود؟، رد السادات: لأ، أنا حاسبها كويس، ولما أشوفك هقولك كل حاجة، إن شاء الله، سأله معمر: قالوا سوريا ترفض إيقاف إطلاق النار؟ رد: أنا كلمت حافظ «يقصد حافظ الأسد» وشرحت له الصورة الكاملة.