بعد عامين من الدم والمعاناة في غزة، تثبت مصر من جديد أنها رمانة الميزان وصاحبة الكلمة الأخيرة في معادلة الشرق الأوسط. اتفاق وقف إطلاق النار لم يكن وليد ضغوط أو صدفة، لكنه ثمرة رؤية مصرية صلبة، وإرادة سياسية لا تعرف التراجع، وصمود وطني رفض كل الإملاءات ومخططات التهجير. منذ 7 أكتوبر 2023، كانت القاهرة تقف في وجه العاصفة، رافضة المساس بالأمن القومي أو بسيادة الدولة. مصر لم تحافظ فقط على أمنها، لكنها حمت المنطقة من انفجار شامل، وصانت القضية الفلسطينية من محاولات التصفية، بل ونجحت في تحقيق مكتسبات حقيقية لها على طاولة المفاوضات. الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته في حفل تخريج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة، وجّه التحية للشعب المصري، مؤكدًا أن الفضل في هذا الثبات يعود بعد الله إلى وعي المصريين وصمودهم، مهم اننا نقول اننا احنا أبطال حكايتنا... والرهان كان علينا كبير، وكان مدفوع فيه واتصرف عليه كتير." كلمات تختصر الحكاية… حكاية شعب تحدّى الحملات، ورفض الشائعات، وحافظ على وطنه وسط محاولات محمومة لإسقاطه من الداخل والخارج. اليوم، مصر تنتصر من جديد… مش بس سياسياً، لكن أخلاقياً وإنسانياً وتاريخياً. انتصار دبلوماسي يُضاف إلى سجل طويل من المواقف الشجاعة التي صنعت لمصر احترام العالم، ورسّخت صورتها كقلب الأمة العربية وضميرها الحي. توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة هو إعلان وفاة لمشروع التهجير، وشهادة ميلاد لمرحلة جديدة من السلام العادل بجهود مصرية خالصة. إنه انتصار لمصر الدولة، وللشعب اللي رفض يفرّط في أمنه أو كرامته، وللقيادة اللي أدارت المعركة بمزيج نادر من الحكمة والقوة. على المستوى الإقليمي، أثبتت القاهرة أنها المركز الحقيقي لصناعة القرار في الشرق الأوسط، وأن أي تسوية أو سلام لن يمر إلا عبرها. هذا الانتصار عزّز مكانة مصر كوسيط نزيه وفاعل، قادر على الجمع بين المتناقضات وإدارة التوازنات بمنهجية تحافظ على مصالح الجميع دون المساس بثوابتها الوطنية. أما دوليًا، فقد نجحت مصر في فرض رؤيتها على القوى الكبرى، مؤكدة أن احترام السيادة وعدم المساس بالأمن القومي خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها. وبهذا، تحوّلت القاهرة من مجرد طرف في الأزمة إلى صانع لمستقبل المنطقة، ورسّخت دورها كقوة إقليمية عاقلة تمتلك القدرة على ردع الفوضى وصناعة السلام في آن واحد.