يعد فوز الدكتور خالد العناني بمنصب المدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" فوزًا تاريخيًا لمصر والعرب وإفريقيا، واستحقاقا وطنيا مستحقا لرجل من أبرز رموز العلم والثقافة والآثار في العالم المعاصر. هذا الحدث لا يمثل فقط انتصارا دبلوماسيا أو انتخابيا، بل هو تتويج لمسيرة طويلة من الجهد والمعرفة والعطاء، وتجسيد جديد للمكانة التي استعادت مصر بريقها بها على الساحة الدولية في ظل القيادة الحكيمة لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي. كما أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى الرئيس السيسي، الذي وضع الثقافة والآثار والسياحة في قلب مشروعه الوطني الكبير، مؤمنًا بأن الهوية الحضارية لمصر هي أقوى أدواتها في بناء حاضرها وصياغة مستقبلها. كما أتوجه بالتحية والتقدير إلى الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، وإلى أعضاء البعثة الدبلوماسية المصرية وفريق الحملة الانتخابية للدكتور خالد العناني، الذين عملوا بإخلاص وتفانٍ لرفع اسم مصر عاليًا في هذا المحفل العالمي المرموق. إن فوز الدكتور خالد العناني ليس مجرد انتصار شخصي، بل هو انتصار لقيمة العلم، ولرسالة الثقافة المصرية التي ما زالت تمدّ العالم بنورها منذ آلاف السنين، فالدكتور العناني، بما يمتلكه من خلفية علمية رفيعة في مجال الآثار المصرية القديمة، وخبرة تنفيذية واسعة في إدارة التراث والسياحة، يمثل الجيل الجديد من القادة الثقافيين الذين يجمعون بين الفكر الأكاديمي والرؤية الإدارية العصرية. لقد ترك الدكتور العناني بصمة واضحة في كل موقع شغله، من أستاذ جامعي وعالم آثار مرموق، إلى وزير ناجح استطاع أن يوحد بين السياحة والآثار في وزارة واحدة، وأن يحقق خلالها إنجازات تاريخية. ففي عهده تم افتتاح المتحف القومي للحضارة المصرية واستقبال الموكب الملكي المهيب لنقل المومياوات الملكية، وهو حدث أبهر العالم وأعاد إلى الأذهان عظمة الحضارة المصرية في أبهى صورها. كما أشرف على مشروعات كبرى مثل المتحف المصري الكبير، الذي يُعد من أهم المشاريع الثقافية في القرن الحادي والعشرين، إلى جانب تطوير مواقع أثرية عديدة من الأقصر إلى سيناء، وتفعيل التعاون الدولي في صون التراث الإنساني المشترك. ويمثل هذا الفوز أيضًا استمرارًا طبيعيًا للدور الريادي الذي اضطلعت به مصر داخل منظمة اليونسكو منذ تأسيسها عام 1946، عندما كانت من أوائل الدول التي أدركت أن الثقافة والتعليم والعلوم هي مفاتيح السلام العالمي. ومنذ ذلك الحين، لعبت مصر دورًا بارزًا في الدفاع عن التراث العالمي، سواء من خلال مشروع إنقاذ معابد النوبة في الستينيات، أو من خلال مشاركتها الفعالة في صياغة اتفاقيات حماية التراث المادي واللامادي. وجاء هذا الفوز تتويجًا لتاريخ طويل من الإسهامات المصرية في مسيرة المنظمة، بعد ترشيحات مشرفة للوزير فاروق حسني والسفيرة مشيرة خطاب، وصولًا إلى تحقيق الحلم على يد الدكتور خالد العناني، ليصبح أول مصري وعربي وإفريقي يتولى هذا المنصب الرفيع عن جدارة واستحقاق. إن فوز الدكتور العناني بمنصب المدير العام لليونسكو يبعث برسالة واضحة إلى العالم مفادها أن مصر ما زالت في قلب الوعي الإنساني، وأنها مستمرة في أداء رسالتها الحضارية التي بدأت منذ فجر التاريخ. كما يعكس هذا الإنجاز الثقة العالمية في الكفاءات المصرية القادرة على الإسهام في حماية التراث الإنساني، وتعزيز قيم الحوار والتنوع الثقافي، وترسيخ مفاهيم التنمية المستدامة عبر الثقافة والتعليم والعلوم. ويأتي هذا الفوز في وقتٍ يحتاج فيه العالم إلى قيادة حكيمة توازن بين حماية التراث وتطوير المعرفة، وبين صون الهوية والانفتاح على المستقبل. والدكتور خالد العناني، بما يمتاز به من رؤية علمية وإنسانية شاملة، هو خير من يجسد هذه المعادلة الصعبة. إنه يوم فخر لمصر وللعرب ولإفريقيا، ويوم يذكّر العالم مجددًا بأن مصر، التي علمت البشرية معنى الحضارة، لا تزال قادرة على قيادة الفكر الإنساني بروح الحكمة والسلام. وبهذا الفوز، تؤكد مصر أن قوة الحضارة والثقافة لا تقل أهمية عن أي قوة أخرى، وأنها مستمرة في أداء رسالتها التاريخية من أجل عالم أكثر إنصافًا وعدلاً وتسامحًا وإنسانية. كل التهاني القلبية للدكتور خالد العناني، ولجمهورية مصر العربية قيادةً وشعبًا، بهذا الحدث الذي سيظل علامة مضيئة في سجل الثقافة العالمية وذاكرة الوطن.