سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عندما انطلقت أغانى النصر من إذاعة مونت كارلو يوم 6 أكتوبر.. سناء منصور: فوجئت بزملائى فى الإذاعة ساعة العبور يقولو ن لى «انتم هتخلصوا على إسرائيل».. فريدة الشوباشى: بكيت من الفرحة عندما أبلغنى زوجى بنبأ العبور
◄ سناء منصور: قررت إذاعة أغانى النصر والعروبة مثل قصيدة «الشام» لأحمد شوقى وأغنية «المسيح» للعندليب و«زهرة المدائن» لفيروز السفارة الإسرائيلية بباريس قدمت احتجاجا ضد مونت كارلو
◄ فريدة الشوباشى: فى شوارع باريس تدفق الأشقاء العرب من كل الجاليات يهتفون لمصر ويحتفلون بالنصر.. أبلغت المسؤولين فى الإذاعة بتقديم الاستقالة وفصلونى من «مونت كارلو» بسبب رفضى إجراء حوار مع شيمون بيريز عند الظهيرة من يوم 6 أكتوبر عام 1973 كان جنود مصر يسطرون ملحمة بطولية بالعبور إلى أرض سيناء، وتحطيم أسطورة الجيش الصهيونى الذى لا يقهر، معارك شرسة وضارية بالسلاح دارت منذ اليوم الأول وما بعدها يحقق فيها أبطال مصر جوا وبرا وبحرا النصر فيها تلو الآخر من أقصى جنوب أرض الفيروز إلى أقصى شمالها فى كل بقعة فيها. كانت هناك معركة أخرى بالقلم والصوت والصورة لا تقل ضراوة عن معارك السلاح، تدور فى الإعلام المصرى داعمة الرجال على جبهات القتال بكل ثقة وبلغة خطاب تمثل مرحلة جديدة فى حرب التحرير. معركة الإعلام لم تدر رحاها فقط فى القاهرة، كانت هناك معركة إعلامية خارج حدود الوطن خلف ميكروفونات واحدة من أشهر الإذاعات العالمية يقودها سيدتان من إعلاميات مصر الشجيعات، خاضتا معركة شرسة لإعلاء صوت الحق فى معركة الكرامة والشرف وإيصاله إلى الرأى العام العالمى، وتأكيد أنباء النصر وعبور قنال السويس واقتحام خط بارليف وكسر ذراع إسرائيل الطولى فى المعركة وتكبيد العدو خسائر جسيمة. كانتا بالفعل من الوجوه المشرفة لإذاعيات وإعلاميات مصر فى مواجهة الإعلام العالمى، لكسر الهيمنة الصهيونية على محطات التلفزة والإذاعة العالمية لنقل وجه النظر الإسرائيلية فقط، والمواجهة بصوت الحقيقة المصرية وما يدور على أرض المعركة فى سيناء. الإعلاميتان أو الإذاعيتان سناء منصر وفريدة الشوباشى عاشتا لحظات النصر وأنباء العبور من الشاطئ الآخر للبحر المتوسط فى قلب باريس وخلف ميكروفونات الإذاعة الفرنسية وإذاعة مونت كارلو. سناء منصور.. من «الشرق الأوسط» إلى «مونت كارلو».. فى الفترة من عام 1968 إلى 1972، حصلت الإذاعية الكبيرة سناء منصور على إجازة دراسية بدون مرتب من الإذاعة المصرية، للدراسة بجامعة السوربون بفرنسا، وفى عام 1972 عملت بإذاعة مونت كارلو حتى عام 1976. سناء منصور من مواليد القاهرة فى 12 مايو 1941، حصلت على ليسانس الآداب قسم الصحافة عام 1961 من جامعة القاهرة.، عملت بعد تخرجها فى أكتوبر 1962 بوكالة أنباء الشرق الأوسط كمحررة صحفية، وفى 17 أغسطس 1967 نقلت إلى الإذاعة كمذيعة بإذاعة الشرق الأوسط، نالت الخبرة من مفيد فوزى، والإعلامية آمال فهمى، وطاهر أبوزيد. ذهبت إلى باريس فى منحة من قبل وزارة الإعلام- كما تحكى الإذاعية الكبيرة سناء منصور- كجزء من التعاون الفرنسى العربى: كنت أدرس صباحا وأعمل فى راديو باريس، فالمنحة كانت 700 فرانك شهريا فقط، وهو مبلغ زهيد ومع الوقت أصبح راتبى تسعة آلاف فرانك، وكانت الصدفة أن التقيت مدير مونت كارلو التى كانت مجرد مشروع على الورق فى راديو باريس، وكان يبحث عن مذيعة تتحدث اللغة العربية. «دعانى للغذاء وطلب منى أن أكون ضمن فريق عمل إذاعة مونت كارلو التى ستنطلق خلال 17 يوم فقط ليبدأ البث فى الأول من مايو من عام 1972. كان التحدى كبيرا، فقد كنت وحيدة بدون مهندس أو مذيعين ومطلوب منى إعداد إذاعة تبِث يوميا لمدة أربع ساعات من الرابعة ظهرا وحتى الثامنة ليلا بمقابل 4500 فرانك، وكان ردى وقتها «هو انت متعرفش أنا بآخد كام؟ كيف لى أن أبدأ فى بلد غريبة من الصفر؟» وكان رده: «كم شخص حولك أُتيحت له فرصة إنشاء إذاعة؟ ستكونين واحدة من هؤلاد، وعليك دفع الثمن». أشعلنى التحدى، فإما النجاح أو الفشل وكلاهما نقطة فاصلة تستحق المغامرة، وللحق، بهرتنى الفكرة كما وفر لى مسكنا ببناية فاخرة فى مونت كارلو، وبالفعل، تم افتتاح المحطة بالنشيد الوطنى لمونت كارلو وبدأت البث بمفردى ورأيت الانبهار بعيون أصحاب المحطة الذين حملوا لى زهرة البيجة- تشبه الفل فى مصر- ملفوفة بشريطة وهو التقليد الذى تتبعه الإمارة فى عيد العمال، وقال لى المدير: «لم أصدق أن تظهر المحطة بموعدها فعليا. لقد راهنت على ذلك وكسبتى أنت الرهان»، وبعد أسبوع، دعانى مجددا للغذاء وأخبرنى بتوفير مذيعين لمساعدتى وزيادة راتبى إلى عشرة آلاف فرانك، فقد جعلت من حُلمه حقيقة برغم عدم إدراكه لما أقول، إذ لم يكُن يتحدث العربية ولا يفهمها. حتى تلك اللحظة من عام 1972، تقول سناء منصور: كنا لا نزال نُعانى الهزيمة وكانت فلسطين قضيتنا الأساسية، وكان الغرب ينظر إلينا كدولة مهزومة وضعيفة، كما كان عبد الناصر مكروها من قبل الغرب. جاءت حرب أكتوبر وتبدلت نظرة الغرب لنا وعادت لنا هيبتنا ومكانتنا ورأيت ذلك بعيناى، ففرنسا من البلدان التى تعطى قيمة كبيرة للشعوب المكافحة والفرنسين شديدى التباهى بالحروب والمعارك التى خاضوها. كانت الحرب أيضا نقطة تحول بحياة إذاعة مونت كارلو فقد امتد البث بها لمدة 17 ساعة يوميا. لكن كيف كان يوم 6 أكتوبر 1973؟.. تواصل الاإذاعية سناء منصور: «أذكر يوم الحرب، لم أكن على علم بعد بما حدث، وكنت ذاهبة لعملى فى الثانية ظهرا، وكان فريق العمل قد اتسع ليضم ثلاثة مذيعين مصرى وسورى وفلسطينى، واثنين من المساعدين، فوجئت بأصدقائى يقولون لى بالفرنسية: «إنتم هتخلصوا على إسرائيل»، ظنتتها سخرية فى البداية، وما أن بلغت المحطة حتى أبلغنى رئيس تحرير مونت كارلو بأننا حاربنا وعبرنا القناة وحطمنا خط بارليف، توالت علينا برقيات التهنئة، وقررت وزُملائى مواكبة الأحداث، ولما كانت إذاعة مونت كارلو فى الأساس محطة منوعات، مثلها مثل نجوم أف أم، لم يكُن لدينا قرآن لإذاعتها على غرار ما يحدُث بمثل تلك الأحداث، ومن ثم قررت أن تكون الأغانى كلاسيكية مع عدم إذاعة أية برامج والاكتفاء بترجمة البرقيات، التى تصلنا، وللحق، تمتعنا بكامل الحرية فلا يوجد فى مونت كارلو سوى نحو 20 عربيا والمدير فرنسى، ولا يعلم ما نقوم به على الهواء، كما أن هدفنا الأساسى هو العالم العربى كما كان راديو باريس يرسل لنا كل نصف الساعة أخبار تطورات الأحداث. كانت مرحلة شاقة ومع طول ساعات البث، كنا ننام على الأرض فى الاستديو ونبحث عن الأغانى التى تبعث بالتفاؤل والنصر والعروبة كقصيدة «الشام» لأحمد شوقى، وأغنية «المسيح» للعندليب و«زهرة المدائن» لفيروز، ومع تطور الأحداث، زادت مساحة الأخبار فبعد ما كان لدينا 4 نشرات موجزة، أُضيفت نشرتين رئيسيتين، كان نجاحا مدويا للإذاعة التى نفذت إلى داخل كل بيت، وأصبحت حديث الجميع حتى بلغتنى أخبار بتقديم السفارة الإسرائيلية بباريس احتجاجا لوزارة الخاريجية بسبب ما نُقدمه فى مونت كارلو، وتم استدعاء مدير المحطة للسؤال، وكان لا يعلم شيئا إذ كُنت المتصرفة الوحيدة بالمحطة، وعلى الفور، عاد إلينا ووبخنى قائلا: «أنت هنا فى خدمة الإعلام الفرنسى ولست فى خدمة مصر». قلت له: «وأنا استقالتى أبلغ تعبير من جانبى على الإهانة، فقد كُنت مبعوثة من قبل الحكومة المصرية ولست فى خدمة أحد»، عندها حدث ما لم يكُن بالحسبان، قدم فريق العمل استقالته احتجاجا وتضامنا معى، ليجد المدير نفسه وحيدا أمام 17 ساعة هواء بلا مذيعين أو مهندسين ولا أحد يتحدث العربية، وعلى الفور، طلب منى تأجيل الاستقالة يومين للاجتماع بالشركة الأم لراديو باريس وعرض الأمر، وكان رئيس الشركة آنذاك يعشق العرب واللبنانين، كما كان أول من أسس تليفزيون لبنانى فى لبنان ولديه جزء شرقى يعتز به، وإثر عودته، كانت المفاجأة الثانية، إذ قال لى: «للأسف الشديد لقد فشلت فى إقناع الإدارة برأيى وستعودون لعملكم على أن تخففوا قليلا من تحاملكم على إسرائيل». كانت للإدارة رؤية ثاقبة فليس هناك أفضل من ذلك التوقيت لجذب العرب وزيادة رقعة الاستماع للمحطة، وكان الأمر برمته ذكاء سياسيا بيد أنهم أتوا بمدير فرنسى يجيد اللغة العربية ليتمكن من متابعة البرامج والتصريحات بالمحطة. فى عام 76 تعود سناء منصور إلى مصر وإذاعة الشرق الأوسط وفى عام 1981 تمت إعارتها لمدة ستة أسابيع للعمل بمنظمة اليونيسيف بمنطقة الخليج العربى كخبيرة لبرامج الأطفال، وفى عام 1984 عينت مديرة لإدارة البرامج الخفيفة والمنوعات بإذاعة الشرق الأوسط، وفى عام 1985 عينت مديرا عاما للبرامج الفنية، وفى عام 1988 عينت نائبا لرئيس شبكة الشرق الأوسط، وفى عام 1990 عينت رئيسا للشبكة كندب وثبتت رئيسا للشبكة فى 28 مايو 1991. وفى 4 أكتوبر 1994 عينت نائبا لرئيس الإذاعة المصرية، وفى 29 يونيو 1995 عينت رئيسا لقطاع القنوات الفضائية فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وظلت فى هذا المنصب حتى أحيلت للتقاعد عام 2001. من أهم البرامج التى قدمتها فى الإذاعة «الاحتياط واجب- قبل المدرسة- أبجد هوز- موسيقى البوب»، كما قدمت عددا من البرامج فى التليفزيون منها «تحقيق- الكاميرا تفكر- أوسكار- الظل الأحمر- وأخيرا السفيرة عزيزة فى قناة دى أم سى». عدد اليوم السابع الورقى