سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
הַסְבָּרָה هاسبارا .. إمبراطورية بث الأكاذيب والافتراءات فى تل أبيب.. رأس الحربة الإسرائيلية فى معركة «اللعب فى العقول».. إسرائيل تُجمل جرائمها بحرب المعلومات لتبرير مجازرها
- خارجية الكيان خصصت 150 مليون دولار لأعمالها - الجهاز يضم آلاف المؤثرين ومشاهير اليهود فى العالم - الصحافة الأجنبية وصفتها ب«سلاح الوعى الكاذب» - تضم فى تكوينها 40 منظمة غير حكومية من بين أهم الأسئلة المطروحة للنقاش فى المجتمع الدولى منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى وقتنا هذا، كيف سيطر الاحتلال الإسرائيلى على وسائل الإعلام الأجنبية، وباتت أهم وأكبر المنابر الصحفية والإعلامية تدافع عن تل أبيب، رغم وحشية وإجرام ما ينفذه رئيس الوزارء الإسرائيلى من سياسة قتل وتجويع وتشريد لأهلى غزة، وصفتها كل منظمات المجتمع الدولى بأنها حرب إبادة جماعية وصلت لدرجة أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة اعتقال بحق بنيامين نتينياهو. الإجابة تكمن فى جهاز «هاسبارا» وهو ما يمكن أن يطلق عليه بكل يقين، رأس الحربة الإسرائيلية فى معركة «اللعب فى العقول» وتزييف الوعى وقلب الحقائق أمام دول العالم بل وتلميع تل أبيب نفسها، باعتبارها الضحية والمجنى عليها والمهدور حقها والمدافعة عن أرضها بل وتقديم كل مواطن من أهالى غزة باعتباره «مشروع إرهابى» يهدم الاستقرار الإسرائيلى ويهدد الأمن فى المنطقة. وفق المعلومات، ما تم إنفاقه على جهاز «هاسبارا» الإسرائيلى يفوق ملايين الدولارات، انطلاقا من أنه الأداة الأكبر والأهم لجعل «ميزان العالم» دائما فى صف الجانب الإسرائيلى دون أى اعتبار لأية قوانين أو مواثيق دولية أو قيم أو مبادئ إنسانية، فواحد من أهم التقارير المنشورة فى الصحافة الأجنبية عن هذا الجهاز أنه بمثابة جيش إلكترونى يوازى جيش الاحتلال، يضم فى تكوينه آلاف الناشطين والمؤثرين والمشاهير اليهود من كل دول العالم، هدفهم فقط الخروج فى فيديوهات قصيرة للدفاع عن تل أبيب عبر مختلف شبكات التواصل الاجتماعى، فى محاولة لتلمع صورة جيش الاحتلال، والتأثير على جيل جديد من الشباب وزرع فكرة رئيسية فى العقول مفادها أن إسرائيل هى المجنى عليها، والجميع يتآمر عليها وهى تدفاع عن أرضها. والمفاجأة، أن هذا الجهاز «هاسبارا» الذى ظن البعض فى البداية أنه بمثابة كتائب إلكترونية فقط، تحول فيما بعد مع تطور حرب غزة إلى أكبر أداة إعلامية تستخدمها إسرائيل فى الترويج لنفسها وتصحيح أية معلومات مغلوطة عنها أو الترويج لمعلومات غير سليمة أو حتى تقديم نفسها فى دور الضحية بل وتشويه أى مؤسسة أو جهة أو شخصية عامة تتضامن مع أهل غزة. والدليل أنه فى ظل اشتداد حرب التجويع التى مارستها إسرائيل تجاه أهالى غزة «العزل»، وفى ظل انتشار ملايين الصور والفيديوهات حول العالم للأطفال والشيوخ والنساء بلا أكل أو شرب لأسابيع طويلة، وفى إطار الاعتراف من كل المؤسسات الأممية بأن الوضع فى غزة تعدى مرحلة المجاعة، للأسف كان هناك ملايين الأصوات فى دول عديدة من العالم تبرر لهذا الأمر، وتعتبره أمرا عاديا فى ظل تطورات الحرب، بل وتشكك فى الصور والفيديوهات المتداولة، والأدهى من ذلك تقديم هذه الصور على أنها تم تصميمها بالذكاء الاصطناعى، وذلك للتشكيك والتضليل وتحجيم أى فكرة سلبية عن إسرائيل من الانتشار فى العالم. ما نطرحه من معلومات خطيرة عن جهاز «هاسبارا» الإسرائيلى يستدعى الفهم والوعى الكامل بطبيعة هذا الجهاز، والمحاولة الجادة للبحث عن إجابات حقيقية لأسئلة مهمة تتعلق بتكوينه وطريقة عمله وانتشاره بهذا الشكل السريع جدا، من بينها «لماذا أنفقت تل أبيب عليه ملايين الدولارات ولماذا خصصت له فى النصف الثانى من 2025 ميزانية أضخم من الشهور السابقة.. وكيف ساعد الجهاز إسرائيل فى تلميع وجهها القبيح عبر واحد من أسواء الأدوات الإعلامية فى العصر الحديث.. وكيف عمل جهاز هاسبارا على تضليل الرأى العام خلال الحرب على غزة.. وكيف استخدم هذا الجهاز أدوات متطورة وحديثة لمخاطبة الشباب، لبث الأخبار المضللة والمعلومات الزائفة، والأخطر من ذلك كيف نجحت تل أبيب فى استدامة هذا الجهاز عبر بث أفكار ورسائل يومية عبر عواصم العالم، وجندت لهذا الأمر آلاف اليهود لتقديم كل ما هو سلبى عن غزة وكل ما هو إيجابى عن جيش الاحتلال؟ بداية فكرة جهاز «هاسبارا» الإسرائيلى فى عصر تتسارع فيه وتيرة تدفق المعلومات وتنتشر فيه الأخبار عبر منصات التواصل الاجتماعى فى ثوان معدودة، فى زمن بات يعرف لدى الجميع الحروب الرقمية، تتصارع الدول للسيطرة على جميع الأدوات الحاسمة فى تشكيل الرأى العام، وتوجيه الإدراك الجمعى حتى وإن كان بالزييف والخداع. وفى هذا السياق، ظهر الاحتلال الإسرائيلى كأبرز الفاعلين الذين أدركوا قوة هذه الأدوات الرقمية والدبلوماسية، فسخرها بشكل مكثف لخدمة روايته الرسمية وتبرير سياساته القمعية، وهذا ما ظهر جليا خلال ممارساته الوحشية بحق الشعب الفلسطينى فى حربه الأخيرة، من خلال حملات إعلامية منظمة، واستراتيجيات تضليل ممنهجة، عملت إسرائيل على إعادة صياغة الأحداث وتحوير الحقائق، مستفيدة من شبكة واسعة من المؤثرين، والحسابات الرسمية، والبعثات الدبلوماسية التى تتفاعل مباشرة مع الجمهور العالمى بلغات عديدة. هاسبارا.. رأس الحربة فى معركة تضليل الوعى الإسرائيلية الاستغلال الأكبر والحاجة لجهاز «هاسبارا» تزايدت مع عملية طوفان الأقصى ، حيث ظهر واضحا إعادة استثمار الاحتلال الإسرائيلى المباشر والسريع لكل إمكانياته الرقمية والمالية والتكنولوجية والأمنية لحسم معركة زائفة، يريد فيها فقط تلميع صورته المشوهة فى معظم أرجاء العالم لصالح روايته المضللة للأحداث. خاضت إسرائيل حربا أقوى على وسائل التواصل أكبر بكثير من التى نشاهدها فى ميادين القتال، وهى «اللعب فى العقول» عن طريق رأس الحربة فى هذه المعركة التضليلية، وهو جهاز «هاسبارا»، الذى استخدمته لتلميع صورتها وترويج نفسها كضحية، بهدف كسب عقول الرأى العام الداخلى والخارجى، ومهاجمة كل صوت أو أداة تنتقد جرائمها فى غزة. هل السراء وراء اسم «هاسبارا»؟ مصطلح «هاسبارا» يعنى بالعبرية الشرح والتفسير والتوضيح، وهو الوجه الحقيقى للدبلوماسية الإسرائيلية الرقمية، الذى تعتمد عليه إسرائيل كأداة بديلة لمصطلح الدعاية، فهو جهاز أو منظومة دعائية متكاملة «خبيثة» يحمل كل فنون الخداع والزيف والتضليل. هاسبارا يستخدم بشكل متواز مع العلاقات العامة والدبوماسية الإسرائيلية، حيث يتغلغل فى المؤسسات الإسرائيلية، أهمها وزارات الخارجية والدفاع، وكذلك المؤسسات التعليمية لتزييف عقول الطلاب، ليتم توظيفه كأحد أدوات القوة الناعمة لتحقيق الأهداف الاستيراتيجية لدولة الاحتلال على مستوى العالم. يدخل ضمن جهاز هاسبارا جميع المؤتمرات الصحفية والعسكرية التى تعقد خلال فترة الحرب، فجميع ما يبث وينشر لنا عبر وسائل التواصل الاجتماعى من فيديوهات، وحملات تحذيرية على منصة «إكس» لصالح الاحتلال الإسرائيلى ضمن عمل منظومة وجهاز هاسبارا، فى محاولة لتضليل الرأى العام، وإظهار ضبط النفس للجنود الإسرائيليين خلال أو قبل أى عملية عسكرية. بخلاف جميع الحملات على منصات إكس ويوتيوب وإنستجرام المدفوعة، فجميعها من صميم عمل جهاز هاسبارا بهدف الوصول لعدد أكبر من المتابعين، لتبرير العمليات العسكرية على الأراضى الفلسطينية، ومحاولة إقناع الرأى العام العالمى بأن هذا رد فعل للدفاع عن النفس ضد أى هجمات محتملة على إسرائيل. النقطة الأخطر وهى إرسال بعثات ووفود دبلوماسية لبعض الدول، أو استخدام سفراء مؤثرين لشرح الموقف الإسرائيلى فى الإعلام الدولى، ومحاولة تضليله بل وإقناعه بجميع الأهداف الإسرائيلية. جيش إلكترونى دبلوماسى مواز لجيش الاحتلال الإسرائيلى من ضمن أنشطة جهاز هاسبارا وأبرز أهدافه، خلق جيش إلكترونى موازى من جميع المؤثرين اليهود حول العالم والمشاهير، هدفهم فقط الخروج فى فيديوهات قصيرة للدفاع عن جيش الاحتلال الإسرائيلى عبر مختلف شبكات التواصل الاجتماعى، فى محاولة لتلميع صورة الاحتلال، والتأثير على جيل من الشباب يستقبل فقط دون التحقق مما ينشر أو يبث عبر تلك الفيديوهات.
كيف يستخدم جهاز هاسبارا وسائل التواصل الاجتماعى للتضليل؟ المتابع الجيد لمنصة «إكس» يعرف تماما أن هناك عددا من المسؤولين الإسرائيليين والسياسيين الذين يظهرون بشكل دائم، ومُنظم عبر منصة «إكس» لتضليل الرأى العام العالمى، وتزوير الحقائق بشكل فج، وجعل المجرم ضحية، بالإضافة إلى تلميع صورة إسرائيل، حيث يعمل جهاز هاسبارا على ترويج مصطلح «إسرائيل دولة ديمقراطية»، وهذا يظهر فى كل خطابات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وهو ما يجعل دوره يظهر بشكل قوى للتصدى لأى محاولة لإدانة إسرائيل وممارستها الوحشية ضد الشعب الفلسطينى. من ضمن أساليب هاسبارا التى كشفتها عدد من المنظمات الحقوقية أنها تستخدم جميع النشطاء والمؤثرين خارج إسرائيل لدعم وجهة نظرها، وما تريد بثه حول العالم لاهتزاز صورة الرأى العام العربى والعالمى حول القضية الفلسطينية، وذلك مقابل مبالغ مالية ضخمة يحصل عليها هؤلاء النشطاء والمؤثرين بهدف تلميع الوجه القبيح للاحتلال الإسرائيلى. خلال الحرب المستمرة على قطاع غزة، كشف هاسبارا عن أنيابه عبر إغراق مواقع التواصل الاجتماعى بملايين المعلومات التضليلية والأخبار الكاذبة، حيث نشط عدد كبير من المتحدين الرسميين الإسرائيليين، وعدد ممن يعمل معهم على صفحات السوشيال ميديا، لتكثيف الضخ الإعلامى ضد القضية الفلسطينية وبلغات مختلفة، أبرزها اللغة العربية، لمخاطبة جموع غفيرة من الشباب فى الوطن العربى بأكمله. أيضا يستخدم جهاز هاسبارا أقوى أدوات الذكاء الاصطناعى لإنتاج مقاطع فيديو مفبركة، وصورا غير حقيقية للجنود الإسرائيليين ومعاناتهم، وانتشرت بشكل كبير على السوشيال ميديا فى محاولة واضحة لتضليل الرأى العام ضد الفلسطينيين، كما استخدم جهاز هاسبارا أدوات الذكاء الاصطناعى فى إنتاج سلسلة من الفيديوهات الكاذبة التى استهدفت عناصر المقاومة الفلسطينية، وهم يعذبون الأسرى الإسرائيليين، ثم تنكشف الحقيقة فيما بعد أن هذه الفيديوهات مفبركة وغير حقيقية. 120 غرفة عمل و40 منظمة غير حكومية وراء الستار فى ديسمبر الماضى اعتمد جهاز هاسبارا فى إسرائيل على 120 غرفة عمل، و40 منظمة غير حكومية تعمل فى تطوير أدوات التكنولوجيا، بحسب معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى حتى أعلن أن هناك تكثيف للمبادرات المنشورة، لتلميع الوجه الإسرائيلى بعد تزايد حدة المعارضة الدولية للجرائم الإسرائيلية فى فلسطين. صحيفة «هارتس» الإسرائيلية كشفت أن إسرائيل اشترت بشكل سرى نظاما تكنولوجيا قادرا على القيام بحملات تأثير جماعية تجاه الرأى العام عن طريق الإنترنت، معلنة أن هذا النظام من صميم عمل هاسبارا خلال فترة الحرب، حيث ينشط جهاز هاسبارا خلال فترة حرب الإبادة الجماعية فى غزة، وتصور إسرائيل نفسها على أنها الضحية، التى تدافع عن كيانها ووجودها فى ظل مقاومة تريد إنهاءها. يعمل جهاز هاسبارا دائما على فكرة توحيد الرسائل فى وقت معين، بحيث تكثف إسرائيل جميع أدواتها الرسمية وغير الرسمية لفرض وتعزيز ما يدعم مصالحها واستيراتيجيتها فى الداخل والخارج، لنشر صورة نظيفة لإسرائيل، وإضفاء شرعية على ما تقوم به فى الأراضى الفلسطينية. ميزانية ضخمة بملايين الدولارت للإنفاق على تزييف الوعى فى مقالة ل«تايمز أوف إسرائيل»، كشفت عن ميزانية جديدة تحصل من خلالها وزارة الخارجية على 150 مليون دولار لما يُعرف رسميا بالدبلوماسية العامة، أو هاسبارا بالعبرية، وهذا المبلغ يزيد 20 ضعفا عما تم تخصيصه لمثل هذه الجهود عادة فى السنوات الماضية، هذا إن دل على شىء فإنه يكشف أن هاسبارا هى أقوى وأخطر سلاح تنفق عليه إسرائيل لزيادة حجم أعماله وتدعيمه طوال فترة الحرب وما بعدها. فى النهاية، جهاز هاسبارا شامل واستراتيجى وقومى، تستخدمه إسرائيل بأدوات متطورة ومتنوعة، وبإنفاق غير محدود فى الحرب على الوعى وتضليل وفبركة الحقائق، حيث تستطيع إسرائيل من خلاله أن تستمر فى تزييف الرأى العام الداخلى والعالمى، لتظهر فى صورة الضحية، ولتستمر فى غسيل المخ بشكل مستمر والسير نحو الدعاية بأحدث التقنيات والأساليب التكنولوجية لتلميع صورتها وتشويه الجميع، ليس فقط من يدعم القضية الفلسطينية، بل كل من يفكر فى الوقوف إلى جوار الحق والعدل. جهاز هاسبارا بأشكاله المختلفة والمتشعبة فى كل القطاعات الإسرائيلية، ليس إلا وسيلة من وسائل الحرب النفسية التى تستخدمها إسرائيل لتجريد الفلسطينيين من قضيتهم، وتخفيف حدة معارضة عدوانها على غزة ومشروعها الاستيطانى على المستويين الشعبى والدولى.