سفير الهند بالقاهرة: علاقاتنا مع مصر مهيأة لتصبح شراكة مستقبلية طموحة

أكد سفير الهند لدى مصر سوريش ريدى أن العلاقات بين القاهرة ونيودلهى تشهد ازدهاراً غير مسبوق، مدفوعة بالرؤية المشتركة والتفاهم الوثيق بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى.
وقال السفير سوريش ريدي - فى حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الجمعة، بمناسبة احتفال الهند بعيد استقلالها التاسع والسبعين - إن علاقات الهند مع مصر، أحد أهم شركائها الاستراتيجيين، مهيأة لتصبح شراكة مستقبلية طموحة.. مضيفا أن رفع مستوى العلاقات الثنائية إلى شراكة استراتيجية، وتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية فى عام 2023، والرؤية المشتركة والتفاهم الشخصي بين رئيس الوزراء مودى والرئيس السيسى، أعطوا دفعة جديدة لهذه الشراكة المميزة.
وتابع: إنه انطلاقًا من الرؤية المشتركة لقيادتي البلدين ومن التزامنا الراسخ بشراكتنا الاستراتيجية، نسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الإمكانات الهائلة لهذه الشراكة المستقبلية الطموحة.
وبشأن العلاقات بين مصر والهند على الصعيد السياسي، أكد السفير الهندي تزايد التفاعل السياسي رفيع المستوى.. وقال إن الزيارات المتبادلة والمنتظمة رفيعة المستوى بين رئيس الوزراء ناريندرا مودي والرئيس عبد الفتاح السيسي تؤكد على التفاهم القوي بينهما مما يعزز قوة العلاقات الثنائية بين الجانبين.
وأوضح أن التفاعل السياسي المكثف رفيع المستوى بين الجانبين تجلى في ثلاث زيارات وزارية من مصر إلى الهند هذا العام، كما شهدت الزيارة الأخيرة لوفد برلماني رفيع المستوى ومتعدد الأحزاب من الهند إلى مصر في يونيو الماضي ، والذي ضم خمسة وزراء سابقين، مناقشات رفيعة المستوى ومثمرة مع الحكومة المصرية، ومجلسي البرلمان، والمؤسسات الفكرية، وأعضاء بارزين في المجتمع المصري.
وأكد السفير ريدي على تضامن البلدين معاً في أوقات الأزمات، لافتا إلى أنه عقب الهجوم الإرهابي المروع في باهالجام في أبريل الماضي، قدم الرئيس السيسي تعازيه لرئيس الوزراء مودي، معربًا عن تضامنه مع الضحايا وإدانته لهذا العمل الشنيع.
وأبرز تعاون البلدين الوثيق في مجال مكافحة الإرهاب، موضحا أنه خلال المناقشات الأخيرة لمجموعة العمل المشتركة التي عُقدت في القاهرة في أبريل 2025، اتفق الجانبان على المضى قدماً في تعزيز التعاون في مجالات مواجهة استخدام التكنولوجيا في الأغراض الإرهابية وتمويل الإرهاب، بما في ذلك العملات المشفرة، وأنظمة الطائرات المسيرة، وإساءة استخدام الفضاء الإلكتروني.
وأشار سفير الهند بالقاهرة إلى أن الحكومة المصرية قامت بتسهيل عملية "سندهو" الهندية، التي تضمنت الإجلاء الآمن للمواطنين الهنود من إسرائيل عبر معبر طابا إبان تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران.
وأكد أن احتفال الهند بعيد استقلالها التاسع والسبعين لا يمثل فقط تأملاً في نضال الأمة التاريخي من أجل الحرية، بل هو أيضاً احتفاء بشراكاتها الدائمة.
وشدد على انه في عالم سريع التغير، تؤكد الهند ومصر على استقلاليتهما الاستراتيجية، وأنهما تبنيان قدراتهما المحلية، وتدعوان إلى وجود نظام عالمي أكثر تمثيلًا، وبصفتهما مناصرين للجنوب العالمي، يتفق البلدان بشأن قضايا رئيسية كالعدالة المناخية، وأمن الغذاء والطاقة، والتحول الرقمي العادل.
وقال السفير ريدي :إنه بينما تحتفل الهند بذكرى استقلالها، فإنها تفعل ذلك من خلال الشعور بالفخر بماضيها ووضع أهداف للمستقبل. وتظل مصر أحد أكثر شركاء الهند ثباتًا وتطلعًا للمستقبل.
وأوضح أن بلاده تتجه نحو أن تصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم خلال العام المقبل، وفي الوقت نفسه، تقود رؤية مصر 2030 تحولاً في مختلف قطاعات اقتصادها، وهو ما فتح الباب أمام تعاون أوثق في مجالات الشراكة القائمة بالفعل ومنها الرعاية الصحية، والزراعة، والدفاع، بالإضافة إلى مجالات جديدة منها التقنيات الرقمية، والابتكار، والشركات الناشئة، والتحول الأخضر، وتنمية الشباب.
وبالنسبة للتعاون الاقتصادي بين مصر والهند.. قال سفير الهند لدى مصر إن حجم التبادل التجاري بين البلدين يتجاوز حالياً 5.2 مليار دولار، ولا يمثل هذا الرقم سوى جزء صغير مما هو ممكن.. كاشفاً عن رغبة بلاده في استيراد المزيد من الفواكه والأسمدة من مصر، كما يمكن للهند أن تصدر المزيد من المنتجات الغذائية، والمعدات، والأجهزة الطبية إلى مصر.
وأكد أن قدرات التصنيع المتزايدة لمصر تفتح الأبواب أمام صادرات السلع الوسيطة من الهند.. مشيراً الى أنه يمكن للمصدرين المصريين الاستفادة من الطلب الهائل للسوق الكبيرة والمتنامية للهند التي تضم 1.4 مليار نسمة وطبقة وسطى غنية ومتنامية.
وفيما يخص الاستثمارات الهندية في مصر.. وصفها بانها "قوية ومتنامية"، حيث يتجاوز إجمالي الاستثمارات الهندية بمصر 4 مليارات دولار أمريكي، مما أدى إلى خلق 40 ألف فرصة عمل للمصريين.
وقال السفير ريدي إن شركة تي.سي.آي. سنمار الهندية للكيماويات التي تعمل في مصر تعد واحدة من أكبر منتجي مادة PVC والصودا الكاوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويبلغ حجم استثمارات الشركة المملوكة بالكامل لمجموعة سنمار الهندية 1.6 مليار دولار أمريكي، وهو أكبر استثمار أجنبي في مصر.
واعتبر ان الشركات الهندية في مصر أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الصناعة التحويلية المصرية وتساهم بشكل كبير في الصادرات المصرية. مؤكدا أن موقع مصر الجغرافي الذي يتميز بقربه من أسواق التصدير الهندية يعد موقعاً متميزاً يجذب الشركات الهندية.
وأوضح أن التقنيات الخضراء والتنمية المستدامة أصبحت أحد المحاور المهمة في علاقاتنا الثنائية.. مضيفاً أن قدرة الهند على إنتاج الطاقة المتجددة وصلت حالياً إلى 242 جيجاوات، متجاوزة بذلك 50% من قدرتها الكهربائية المركبة المنتجة من مصادر غير الوقود الأحفوري.
وأشار فى هذا الصدد الى امكانية أن تكون الهند شريكًا مهمًا لمصر في تحقيق أهدافها في مجال الطاقة المتجددة، وهو أحد المقومات الهامة في رؤية مصر 2030.. افتا إلى أن الشركات الهندية التزمت باستثمار أكثر من 12 مليار دولار أمريكي لإنشاء محطات للهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في مصر.
وحول التعاون بين البلدين فى مجال التقنيات الرقمية والابتكار والشركات الناشئة.. قال السفير ريدي إن بلاده تتصدر العالم في مجال تبني التقنيات الرقمية بما يخدم مصالح شعوبها، وتُسهّل واجهة الدفع الموحدة (UPI) في الهند الآن 18 مليار معاملة دفع رقمية شهرياً، وتفوقت واجهة الدفع الموحدة على جميع قنوات الدفع الأخرى لتصبح نظام الدفع الفوري الأول في العالم.
وأضاف أن شبكة المدفوعات اللحظية "إنستاباي" المصرية حققت تقدمًا هائلاً بفضل رؤية البنك المركزي المصري المتعلقة بالتحول الرقمي، لذلك يمكننا التعاون في مجال المدفوعات الرقمية العابرة للحدود بسلاسة، وتعزيز انتشار المدفوعات الرقمية بين التجار الصغار والمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
وأوضح أن شركات التكنولوجيا المالية الهندية تقوم الآن بالتعاون مع القطاع المصرفي المصري، مما يمكن من تحقيق انتقالات رقمية أكثر سلاسة، وتمكين النظم البيئية المحلية من خلال حلول ميسورة التكلفة وقابلة للتطوير.
وقال سفير الهند بالقاهرة إن الابتكار والشركات الناشئة يمثلان ركائز أساسية للعلاقات بين البلدين حيث تتمتع كل من الهند ومصر بديموغرافية هائلة، ويُشكل الشباب والموهوبون ما يصل إلى ثلثي سكانهما.
وأضاف أن الهند تعد موطنًا لثالث أكبر منظومة للشركات الناشئة في العالم، حيث تضم 200 ألف شركة ناشئة مُعترف بها، وتضم القاهرة ثالث أكبر منظومة للشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. موضحاً أن تركيز مصر على الشركات الناشئة يتيح مجالًا واسعًا للتعاون، مما يسمح بوصول أفضل إلى أسواق الشركات الناشئة في كلا البلدين، وإقامة شراكات مثمرة، والوصول إلى منظومات الاستثمار في كلا البلدين.
ورداً على سؤال حول التعاون بين مصر والهند فى القطاع الصحي.. قال السفير ريدي إن قطاع الرعاية الصحية يعد قطاعًا آخر من القطاعات التي تحظى بالاهتمام، حيث تعد الهند "صيدلية العالم"، كما تمتلك مصر صناعة دوائية محلية متنامية تلبي احتياجات السوق المحلية وتقوم بالتصدير.مضيفا أن هناك العديد من سبل التعاون في مجال الأدوية المتخصصة واللقاحات وتوطين مرافق الإنتاج.
وفيما يتعلق بالتعاون فى قطاع السياحة.. قال السفير ريدي إن الهنود مفتونون بالأهرامات والحضارة المصرية القديمة، ومع زيارة 27 مليون سائح هندي للخارج سنويًا، هناك مجال واسع أمام قيام المزيد من الهنود بزيارة الوجهات السياحية الرائعة في مصر.. وبالمثل، يمكن للسياح المصريين الاستمتاع بالتنوع المذهل للوجهات السياحية الهندية مثل "تاج محل" أو غيره من العجائب المعمارية، ورحلات المغامرات، والحياة البرية، أو الهدوء المطلق في المناطق النائية.
وأضاف أن الرحلات الجوية المباشرة بين القاهرة ومومباي ونيودلهي ساهمت فى تسهيل رحلات السفر، ويمكن أن يؤدي تحسين الربط الجوي إلى زيادة التبادل السياحي.
وحول التعاون الثقافي.. أكد سفير الهند أن التبادل الثقافي يُشكّل القلب النابض للعلاقات الهندية -المصرية..وقال : إن السينما والموسيقى والمأكولات واليوجا الهندية تحظى بشعبية واسعة في مصر.
وأبرز مشاركة 23 ألف طفل من تلاميذ المدارس المصرية في مسابقة "لمحات من الهند" للرسم، التي أقيمت في مختلف محافظات مصر في أكتوبر الماضي. كما سلط الضوء على التقارب بين الشعبين.. مشيرا إلى ان الجالية الهندية في مصر تتألف من متخصصين وكبار المديرين التنفيذيين الذين يقودون أعمالًا متنامية ويساهمون في الاقتصاد المصري وفي نمو الوظائف.
وقال السفير الهندي إن قطاع الفضاء يعد قطاعا واعدًا للغاية للتعاون بين مصر والهند .. مذكرا بأن تواجد رائد الفضاء الهندي شوبانشو شوكلا على رأس مهمة المركبة "أكسيوم 4" لدى وصولها إلى محطة الفضاء الدولية يعد تتويجًا للخطوات السريعة التي قطعتها الهند في قطاع الفضاء، مدعومةً بقدرات منظمة أبحاث الفضاء الهندية (ISRO) المُطوّرة محليًا، وهناك إمكانات كبيرة للتعاون الثنائي مع قطاع الفضاء المصري الذي يتوسع على المستوى المحلي والأفريقي.