لم يكن الصديق الشاعر الكبير إبراهيم رضوان أول المبدعين الذين عانوا قسوة المرض.. وأنفقوا ما لديهم حتى ضاقت بهم الحال.. فأعلن شكايته ونقلها الكثيرون.. حتى استجاب وزير. الثقافة. تلك الحال التى ينتظرها المبدعون فى سنوات الشيخوخة.. ومهاجمة الأمراض.. تستدعى حلولا جذرية غير تقليدية.. أو تأمينا شاملا لا يضع المبدعين فى موقع الحاجة والاستجداء. والمشكلة -فى ظنى- أن الكتابة أو الإبداع ليس مهنة فى بلدنا.. حتى يكون لها كيان أو نقابة حقيقية تحتضن المبدعين.. وتقوم على. رعايتهم صحيا واجتماعيا. ومن ثم فإن إضافة (نقابة) إلى اتحاد الكتاب هى إضافة شكلية.. لأن الاتحاد ليس نقابة مهنية مثل الصحافة والمهندسين والأطباء والموسيقيين والممثلين... ( لا يحق لأحد ممارسة المهنة إلا إذا كان عضوا بالنقابة) الكتابة إذن أو الإبداع ممارسة حرة ليس شرطا أن ينتمى صاحبها إلى اتحاد الكتاب. ومع ذلك فقد كان فى الماضى _ فى اتحاد الكتاب _ مشروع العلاج والإعانات والمعاشات _ ننفق عليه من عائد منحة حاكم الشارقة للاتحاد.. وكان مبلغها 20 مليون جنيه.. وعائدها أكثر من 2 ونصف مليون.. وكان هذا العائد يكفى ويفيض. لكن الأمر اختلف منذ سنوات بالإدارة الجديدة للاتحاد.. حيث أضيفت هذه الوديعة إلى أموال الاتحاد.. وأنفق منها على النشاط الثقافى والجوائز.. ثم تعاقد الاتحاد للأسف مع شركة استثمارية صحية.. يشكو منها الجميع.. فهى تحصل على مبلغ كبير كل سنة ولا تغطى أكثر الأمراض خطورة.. ويدفع العضو اشتراكا سنويا يفوق طاقته .. ويمكننا أن نؤكد فشل هذه الشركة فى معالجة الأعضاء وتأمينهم صحيا.. والأمثلة كثيرة. ماذا إذن ننتظر.. والمبدعون معرضون كل يوم إلى مزيد من الأمراض.. ولا توجد جهة حقيقية أو نقابة أو صندوق يرعى هذه الفئة التى أفنت أعمارها فى الإبداع وكانت القوة الناعمة لمصر عبر سنوات عمرها. إنها قضية تستحق أن يفكر فيها المسئولون تفكيرا مختلفا غير نمطي.. للحفاظ على كرامة المبدع الذى يظل ينفق من مدخراته. وربما يقترض لكى لا يتسول أو يستجدى. مع أن هذا الذى يطلبه من حقه على الدولة باعتباره مواطنا متميزا. أعطى وأبدع.. وتفانى فى حب الوطن وأخلص فى كلمته وموقفه. إن صمت المبدعين لا يعنى أنهم ليسوا فى حاجة إلى الرعاية الصحية والاجتماعية.. فالمبدع يتمتع بكرامة وعزة نفس تجعله ينأى بنفسه عن الشكوى أو الاستجداء. ويفضل أن يموت كمدا ولا يهين نفسه ولا قلمه. تلك هى الحال التى أفصخ عنها نيابة عن أصدقائى المبدعين الكرام. والذين أعرف تماما كم يعانون.. وكم يتحملون. وكم يصرخون فى صمت. فهل لدى المسئولين ما يرفع عنا هذا العناء ؟