التصعيد الدائر بين إسرائيل وإيران قد يصل إلى مرحلة اللاعودة، ويتحول إلى حرب وجود، سواء بالنسبة للنظام الإيرانى الذى تلقى عدة ضربات صعبة ومدمرة، خلاف دعوة نتنياهو وخطابه للشعب الإيراني بضرورة التحرك والتحرر، في ظل هدفه الاستراتيجي بالقضاء على محور المقاومة بشكل كامل.وايضا حرب وجود بالنسبة لإسرائيل لأن صمود إيران يعني إضعاف إسرائيل ونزع سلاح الردع التي دائما ما تتغنى به، خاصة أنها لأول مرة تدخل منذ عقود طويلة في حرب مباشرة مع قوى إقليمية والكل يعلم أنها لا تستطيع خوض حرب طويلة الأجل، فضلا عن إيران حتى الآن ما زالت في إطار المستوى الأول من التصعيد، ولم توظف كل أوراقها الفاعلة حتى الآن، على الرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي، لكن يجب علينا أن لا ننسى أن إرادة المقاومة يمكنها التعامل مع ذلك التفوق. صحيح، إسرائيل نجحت في تحقيق عدة مكاسب انتصارات ميدانية – حتى الآن، بدأت بعمليات متفرقة مثل اغتيال قيادات عسكرية وعلمية، إلى عمليات استراتجية دقيقة مثل ضرب جزء من مجمع نطنز لتخصيب المواد النووية، ثم استهداف مصفاة تبريز النفطية في أصفهان، وكذلك استهداف بعض البنى التحتية، لكن في المقابل إيران امتصت صدمة الضربة الاستباقية بتعيين قادة جدد محل القادة التي اغتيالهم ثم الرد من خلال مواجهة مفتوح بالتخلى عن استراتيجية الكم في إطلاق الصواريخ كما كان معتاد من قبل، إلى استراتيجية محددة وبدقة عالية حققت خسائر وأوقعت قتلى ومصابين في تطور كبير وبعيدا عن قواعد الاشتباك، وما يؤكد فداحة الخسارة الإسرائيلة هذه المرة قرار نقل الطائرات المدنية وشركات الملاحة لقبرص واليونان، فضلا عن تداول صور لانهيار مبان بالكامل. لكن الأخطر، والذى يجب أن ينتبه إليه المجتمع الدولى، أن طول مدة الحرب قد تغرى إسرائيل بالتوسع في ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وقتها ستصعد إيران باستخدام أوراق القوة، مثل غلق مضيق هرمز، ما يؤثر على التجارة العالمية لحيوية المضيق الذى تتراوح ننسبة التجارة العالمية به من 20% إلى 30%. فضلا عن الخطر الذى لا يقل خطورة عن سابقية، أن ضرب المنشآت النووية قد يسفر عن تسربات إشعاعية تهدد الدول المجاورة حسب اتجاهات تيارات الرياح، ليكون السؤال المطروح بقوة الآن، هل تستطيع إسرائيل تدمير أو إلحاق ضرر كارثى بمشروع إيران النووي يؤدى إلى تأجيله لسنوات؟ والإجابة، إسرائيل وحدها لا تستطيع تدمير المشروع النووي، لأن ذلك يستلزم مساعدات عسكرية أمريكية ضخمة، في ذات الوقحت إيران جادة جدًا، فإذا ما تدخلت أمريكا وساعدت إسرائيل في قصف المفاعلات النووية فإن إيران سوف تقلب المنطقة بالكامل وسوف تلجأ إلى غلق هرمز واستهداف مصالح أمريكا وحلفائها في المنطقة، وهنا يحدث ما يتخوف منه الجميع