أزمة ضمير أصابتنا جميعًا حيث يقف عشرات الآلاف من الآباء والأمهات يحملون أطفالهم الرضع من عمر يوم وحتى سنوات فى طابور طويل ينتظرن قدر الله، أمام المستشفيات، انتظارا لدور إجراء جراحات بالقلب من إصابات بعيوب خلقية.. بينما نسبة 90% منهم لا يصلون إلى سرير المستشفى. الكارثة تكبر يوما بعد يوم، بينما المجتمع المصرى يقف تجاه تلك الجريمة، موقف المتفرج، لا تهتز مشاعره أو تتألم ضمائره لصرخات الرضع وأنفاسهم المتقطعة، وصدورهم التى تسكنها قلوب تتوقف الواحد تلو الآخر. جريمة تقع لأطفال مصر مع سبق الإصرار والترصد، خاصة أن مصر تستقبل سنويا 10 آلاف مولود مصاب بعيوب خلقية. بينما القدرة الاستيعابية للمستشفيات، التى تعمل فى مجال جراحات قلب الأطفال لا تمتلك قدرة مادية أو تجهيزات طبية لإجراء أكثر من إجراء 3000 جراحة تراجعت 2011 إلى 2000 جراحة فقط.. وتختص بجراحات العيوب البسيطة فى القلب العيوب المركبة، والتى تحتاج إلى مهارات وإمكانيات متطورة تفتقدها مصر ينتظر أصحابها قدرهم ليتراكم هذا العدد ويتزايد عامًا بعد عام، حتى أصبحت معظم الأسر المصرية تعانى من إصابة أحد أطفالها تقريبًا من عيب بالقلب. وفى مصر تتراجع أعداد الأسرة المخصصة لجراحات قلب الأطفال بسبب تهالك بعض تجهيزاتها، وفى مستشفى أبو الريش الجامعى اليابانى تخرج العديد من غرف جراحة القلب وأقسام الرعاية المركزة فيها من الخدمة إلى الصيانة لشهور طويلة لتهالكها وعدم تحديثها ولضعف الموارد المالية. أرى أن جريمة النظام السابق فى مجال الصحة تتزايد حاليًا وبصورة تهدد مستقبل مصر المتمثل فى أطفاله الذين هم مستقبله. فكيف يصبح لدولة مستقبل بأطفال معاقين بسبب إصابات قلبية ومع تقدم العمر يصعب العلاج وينتظرون الموت. وفى مستشفى (أطفال مصر)، التابعة للتأمين الصحى، والتى من المفترض أنه يضم أكبر مركز فى مصر لإجراء جراحات قلب للأطفال فقد تسبب ضعف الموارد المالية والفنية من عناصر التمريض المجهزة إلى تراجع قدرتها العام الماضى 2011، من إجراء 1500 إلى 1200 جراحة ويقول الدكتور محمد طه، مدير المستشفى، إنه من الممكن فى حالة توافر دعم إضافى يصل إلى 5 ملايين جنيه أن نصل بعدد الجراحات إلى 3000 جراحة خاصة أن هناك الآلاف من الأسر تقف بأطفالها فى طابور طويل انتظارًا لدورهم، والذى غالبًا لا يصل والسبب ما نمر به من أزمات مالية وعناصر تمريض مدربة. ووفقًا لما أكده لى مدير المستشفى فإن القدرة الفعلية للمستشفيات المتخصصة فى جراحات القلب فى مصر لا تتجاوز أكثر من 3 آلاف جراحة فى القلب، وأنه يتم توزيع الحالات الواردة إلينا باعتبارنا المركز الرئيسى إلى مستشفى أبو الريش اليابانى، وعين شمس الجامعى، ومعهد القلب، ولكن بنسب بسيطة.. ووجه الدكتور محمد طه نداء ممزوجًا بصراخ إلى أهل الخير، وإلى أصحاب الضمائر الحية، وإلى كل أب وأم، أن يمدوا يد العون لإنقاد قلوب الأطفال الرضع الموجوعة وقبل أن يفقد الآلاف منهم حياتهم.. وأوضح أن التبرعات التى وصلت إلى المركز العام الماضى لم تتجاوز 750 ألف جنيه وكانت باجتهادات شخصية ووزعت حسب رغبة المتبرعين على عدد من الأقسام.. وأقول لكل أب وكل أم لديهم القدرة المالية أن يتبرعوا ولو بجزء يسير من المال لإنقاذ طفل من أطفال مصر، الذين يواجهون الموت بسبب الأمراض، التى تعصف بقلوبهم الغضة ويعتبرونه صدقة تطهرهم وزكاة عن أطفالهم وشكرًا وامتنانًا لله الذى عافاهم مما ابتلى به غيرهم.