الرصيف فى الشارع المصرى ملك يحكم فيطاع، له خصوصيته التى تميزه بين أرصفة العالم، يستطيع أن يرسم بورتريه تجريدياً أكثر من رائع، تتداخل فيه الوجوه والألوان والتفاصيل، فيبدو بلا ملامح تحتار فى كشف طلاسمها وفكها، لكنك تأخذها كما هى وتراها مجردة عن أى توصيف. قالوا إن الرصيف مرآة المجتمع حيث يبرز تفاصيله، فالرصيف فى الريف مثلا يكاد لا يظهر ربما لقلة تفاصيل المجتمع الريفى، كذلك الرصيف فى المناطق الراقية يختلف عن رصيف وسط البلد وعنه فى المناطق الشعبية، والأمر المشترك بين جميع الأرصفه لدينا هو غياب ثقافة احترام القوانين، فعن مواصفات الرصيف المفترض، كما أفاد المهندس راشد أحمد السيد نائب مدير المشروعات، أنه يجب أن تكون هناك بردورة، ويكون الرصيف بعيدا عن الأسفلت بحوالى 25 سم ويكون إما بلاط كما هو الحال فى المناطق الراقية أو أن يكون طبقه ماستيك (أسفلت له شروط خاصة) فى المناطق العادية، وعن عرضه يجب أن يكون 3م، أما الواقع أننا نضطر إلى تقليل العرض لتوسيع الشوارع، بسبب الازدحام الشديد لإعطاء الفرصه للسيارات والأوتوبيسات. وربما ذلك أحد أسباب زيادة تعرض المشاة للحوادث، بسبب سيرهم وسط السيارات، ومن المشاهد الغريبة التى نراها أحيانا ركن السيارات على الرصيف وسير المشاة فى الطريق، بل احتكار أصحاب السيارات أماكن ركن سياراتهم أمام مساكنهم، بوضع مدق وسلاسل أمام العمارات، كذلك أصحاب المحلات الذين يمنعون ركن أية سيارة أمام محلاتهم، وأيضا زرع الأشجار الضخمة وتركها دون تقليم على الأرصفة، مما يعيق حركه المشاة أيضا، كذلك المقاهى التى تنشر كراسيها على الرصيف. أما عن سوبر ماركت الرصيف فلم يعد بإمكان أهالى الطبقات المتوسطة الاستغناء عنه، حيث يوفر لهم جميع احتياجاتهم (من الإبرة حتى الرصيف) كما يقولون، فهو الوسيلة الوحيدة لحصولهم على أغراضهم الضرورية بأسعار رخيصة وقد أصبحت بعض تلك الأرصفة مشهورة بأسماء، منها: رصيف الجمعه/ الثلاثاء/ الأحد. يكشف الدكتور هنيدى الباحث الاقتصادى بمركز البحوث عن تفشى ظاهرة أسواق الرصيف، يرى أنها ربما نتجت عن انتشار نسبة البطالة وانخفاض مستوى المعيشة، إضافة إلى ثقافة الاستهلاك السائدة لدينا، فنحن وللأسف شعوب مستهلكة أكثر منها منتجة، على الرغم من ضعف مستويات المعيشة وارتفاع الأسعار، إلا أن تلك الطبقات المتوسطة والأقل دائما تسعى وراء تقليد الطبقة الأعلى والتشبه بها، فمثلا طلاب وطالبات الجامعات يحاولون الاندماج مع زملائهم من ذوى الطبقات الأعلى، مما يزيد احتياجاتهم عن إمكانات أهاليهم، موبايلات، ملابس وغيرها من طلبات، وهنا يكون الرصيف هو منقذهم، كذلك مستلزمات جهاز العروس من أوانٍ وملابس وحتى الأجهزة الكهربائية بأسعار زهيدة جدا دون الاهتمام أو الالتفات إلى جودة أو رداءة تلك السلع ودون التفكير فيما إذا كانت سلعا مهربة أم لا، المهم أنها صارت متوفرة و فى متناول أيديهم، ولكن هناك ظواهر خطيرة أيضا لابد من التصدى لها ولو بتوعية الجمهور من المستهلكين، فقد تجد فى تلك الأسواق أدوية رخيصة جدا دون معرفة مصدرها أو كيف وأين تم تصنيعها، كذلك أدوات الماكياج التى تقبل عليها الفتيات دون معرفة مدى خطورتها على صحتهن و بشرتهن. هناك مشهد آخر كثيرا ما نراه على أرصفة الشوارع، وهو إقامة الشحاذين وأولاد الشوارع الذين يبيعون ويعيشون وينامون عليه دون شكوى لا من شمس حارقة صيفا ولا برد قارس شتاءً، فهو مأواهم الوحيد فى بعض الأحيان وعليهم المحاربة لأجل الحفاظ عليه بوضع اليد. من هنا نجد أن غياب ثقافة احترام القوانين ولد ثقافة جديدة، وهى سيادة قانون البلطجة.