أسدل الستار على النسخة الثانية والعشرين من "أيام الشارقة التراثية" التي نظمها معهد الشارقة للتراث تحت شعار "جذور"، بفعاليات ثقافية وفنية متنوعة توزعت في قلب الشارقة ومناطق أخرى، حيث جمعت بين عروض حية، وحرف تقليدية، وندوات علمية، بمشاركة 27 دولة وحضور أكثر من 330 ألف زائر. توزعت الفعاليات في عدة مواقع داخل إمارة الشارقة، أبرزها منطقة "قلب الشارقة"، التي تحولت إلى ملتقى للثقافات العالمية، بالإضافة إلى مواقع أخرى مثل القرية التراثية في خورفكان، والمدرج الروماني في كلباء، وساحة التراث في الذيد. قدمت هذه المواقع مشاهد حية تعكس تنوع الثقافات والتراث الشعبي للدول المشاركة. وشارك في المهرجان أكثر من 150 حرفيًا وخبيرًا في التراث، قدموا عروضًا مباشرة لصناعة الفخار، والتطريز، والخط العربي، والنسيج اليدوي، وصياغة الذهب، ونحت الخشب، إلى جانب عروض للصناعات التقليدية التي اشتهرت بها مجتمعات مختلفة. كما تضمنت الفعاليات مسابقات تراثية للأطفال وعروضًا ترفيهية ذات طابع ثقافي أسهمت في تعزيز التفاعل بين الأجيال. لم تقتصر أيام الشارقة التراثية على العروض الحية، بل تضمنت أيضًا ندوات علمية وورش عمل متخصصة، حيث شارك خبراء من منظمة اليونسكو في جلسات نقاشية حول سبل صون التراث الثقافي، وآليات توثيق التراث غير المادي، وتوظيف التقنيات الحديثة في حفظ الموروث الشعبي. كما شهدت الفعالية محاضرات عن عن الهوية الثقافية، إضافةً إلى ورش تدريبية للشباب حول كيفية استخدام الفنون التقليدية في المشاريع الريادية. اختُتمت الفعاليات بحفل تكريم شهده الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث ورئيس اللجنة العليا المنظمة، وأبوبكر الكندي، المنسق العام للفعاليات، حيث تم تكريم 46 جهة رسمية، و27 لجنة تنظيمية، وأكثر من 100 موظف من معهد الشارقة للتراث، تقديرًا لجهودهم في إنجاح الحدث. وقال الدكتور عبد العزيز المسلم في كلمته الختامية: "نجحنا في أن تكون أيام الشارقة التراثية جسراً بين الثقافات، حيث لا تقتصر الفعالية على الاحتفاء بتراث الإمارات فقط، بل تفتح أبوابها لاستقبال الثقافات العالمية، في إطار تبادل المعرفة والتواصل بين الشعوب". من جهته، أكد أبو بكر الكندي أن نجاح المهرجان يعود إلى الاهتمام بإبراز الهوية الثقافية، واستخدام التقنيات الحديثة في العروض، إضافةً إلى استقطاب الشخصيات المؤثرة لضمان تفاعل الأجيال الشابة مع التراث، مشددًا على أهمية استمرار هذه المبادرات لدورها الحيوي في حفظ التراث للأجيال القادمة. وأكد أن الفعالية تحولت إلى حدث تراثي عالمي يجمع بين الباحثين والحرفيين من مختلف القارات، مما يتيح تبادل الخبرات في صون التراث الثقافي وإبرازه عالميًا. وأشار أن نجاح أيام الشارقة التراثية يعود إلى الاهتمام بإبراز الهوية الثقافية، واستخدام التقنيات الحديثة في العروض، إلى جانب استقطاب الشخصيات المؤثرة لضمان تواصل الأجيال الشابة مع التراث. وخلال أيام الشارقة التراثية يتم تقديم عروض من خلال أربعة معارض رئيسية تعكس التراث بكل مكونانه اضافه لعروض البيئات المختلفة وهي البيئة الزراعية، حيث يتم عرض أساليب الزراعة القديمة وأدوات الفلاحة التقليدية، والبيئة الساحلية، التي تسلط الضوء على حياه اهل الساحل والبيئة الجبلية، التي تعرض الحرف اليدوية الخاصة بالمناطق الجبلية مثل صناعة السلال والحبال، والبيئة البحرية، التي تقدم عروضًا للصيد التقليدي وحرف الصيادين بالإضافة إلى قوافل الجمال التي تضم 20 مطية، والسوق القديم الذي يعكس روح الأسواق الشعبية القديمة، إلى جانب عروض الطهي التراثي. أكد الكندي أن الحدث لم يعد مقتصرًا على المشاركات المحلية، بل أصبح منصة دولية تستقطب منظمات وجمعيات متخصصة في التراث، حيث تم الاتفاق مع عدد من المؤسسات على توصيات لدعم الحرفيين التقليديين، وضمان استمرارية هذه الفنون التراثية عبر الأجيال. وأضاف:"نحن نهتم بالحرفيين الذين أفنوا حياتهم في صون التراث، ونعمل على إشراكهم في هذه الفعاليات لضمان استدامة إرثهم الثقافي والفني، كما نوفر لهم الدعم من خلال الفعاليات والمعارض التي تعزز وجودهم في المشهد الثقافي العالمي." وشهدت هذه الدورة مشاركة واسعة من عدة دول عربية، حيث تميز الوفد المصري بعروض حية لصناعات النول، والتطريز، والنحت، والفوانيس، والنحاس، إلى جانب مشاركة أكاديميين وشعراء في ندوات ثقافية. وشاركت المملكة العربية السعودية بعروض للسدو، وفن القَط العسيري، بينما قدمت سلطنة عمان عروضًا في صناعة الفضيات، والحلوى العمانية التقليدية، أما المغرب فقدمت فنون الزليج والخط العربي المغربي، بالإضافة إلى مشاركات من السودان واليمن ودول شمال إفريقيا، حيث عرضت كل دولة فنونها التراثية وأساليبها الفريدة في الحرف التقليدية. تخلل الحفل الختامي عروضًا فنية وتراثية، أبرزها عرض فن "الهبان الإماراتي" بمشاركة الطفل محمد وفرقة الشارقة الوطنية، إلى جانب أوبريت "النخلة"، الذي جسد مراحل تطور الحياة التقليدية في الإمارات، ولقي تفاعلًا كبيرًا من الجمهور. كما شهد الحفل عرض فيديو توثيقي تناول أبرز محطات الدورة الثانية والعشرين، واستعراضًا لمساهمات الشخصيات المشاركة من مختلف الدول، مما منح الجمهور فرصة لاستعادة لحظات مميزة من الفعاليات. واستخدم المهرجان تقنيات الواقع الافتراضي، حيث أتيح للزوار خوض تجربة تفاعلية تعيد إحياء الأسواق التراثية القديمة عبر نظارات الVR. كما تم توظيف تقنيات العرض التفاعلي ثلاثي الأبعاد لتقديم قصص تاريخية عن شخصيات أثرت في التراث الإماراتي، إلى جانب تطبيقات إلكترونية مخصصة لشرح تفاصيل الحرف التقليدية. وخلال الفعاليات شكلت ايام الشارقة التراثية لوحة ثقافية متكاملة عززت من الحوار بين الثقافات، واتاحت الفرصة لنقل الموروث الشعبي إلى الأجيال الجديدة.