بالأسماء، نقابة المحامين تعلن الكشوف النهائية للمرشحين في المرحلة الثانية من انتخابات النقابات الفرعية    رصد كيانات غير شرعية تنظم برامج وأنشطة سياحية دون الحصول على تراخيص من الوزارة    محافظ الإسكندرية يستقبل قنصل عام تركيا لبحث تعزيز التعاون المشترك    واشنطن تفرض عقوبات على عدد من أقارب الرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو    أمريكا تعرض مكافأة 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن زعيم عصابة    روته محذرا دول الناتو: نحن الهدف التالي لروسيا بعد أوكرانيا    مفتي الجمهورية ينعى الدكتور ثروت مهنا أستاذ العقيدة والفلسفة بالأزهر    منتخب مصر يخوض تدريبا مسائيا استعدادا لأمم أفريقيا    كأس عاصمة مصر، بتروجيت يتعادل مع وادي دجلة 1/1 في الشوط الأول    دوري المحترفين ..أبو قير يواصل السقوط والترسانة يتعادل أمام طنطا    ضبط كميات من مصنعات اللحوم مجهولة المصدر داخل مصنع غير مرخص بالغربية    شاهد، لحظة انهيار عقار إمبابة بسبب تسريب غازي    مدينة العبور تجهز «شلتر» للكلاب الحرة لتحصينها وتنفذ حملات للتطعيم ضد السعار    مهرجان البحر الأحمر يكرم أنتوني هوبكنز والسير يعلق: شرف كبير وأحب السعودية    إطلاق قافلة طبية علاجية شاملة لقرية أربعين الشراقوة بكفر الشيخ    واشنطن تعلن عن تطوير الأنظمة المضادة لمسيرات تستهدف حدودها في تكساس    إكسترا نيوز: لا شكاوى جوهرية في ثاني أيام التصويت وإقبال منتظم من السيدات    فوز مشاريع تخرج كلية إعلام جامعة 6 أكتوبر بالمراكز الأولى في مسابقة المجلس القومي للمرأة    العدل: معايير النزاهة في الاستحقاقات الانتخابية منارة تضئ طريق الديمقراطية    أستاذ علوم سياسية: انتخابات النواب الحالية مختلفة وتشهد تنافسا غير مسبوق    الموظف نجيب محفوظ.. سيرة وثائقية عبر 37 عامًا    بيت الغناء العربي يستضيف "نغم باند" غدًا    «البشعة» محرمة شرعًا| علماء الدين: إيذاء وتعذيب واستخدام للباطل    خالد الجندي يحذر من الخطأ الشائع في كتابة «اللهم صل على النبي»    حسام وإبراهيم حسن يزوران معسكر منتخب مصر مواليد 2007.. صور    المصل واللقاح: لقاح الإنفلونزا آمن تماما ويحسن المناعة ولا يضعفها    فريق طبي بمستشفى التأمين الصحي ببني سويف يجري 4 تدخلات ناجحة بالمنظار    لبلبة من ختام البحر الأحمر: سعيدة بردود الفعل على جوازة ولا جنازة    وزير الدفاع الصومالى لترامب: ركز فى وعودك الانتخابية ولا تنشغل بنا    وزارة التعليم توضح : لا يجوز حرمان الطالب غير المسدد للمصروفات من دخول الامتحان    بعد أسبوع من البحث| اصطياد «تمساح الزوامل»    نصائح شعبة الذهب عند شراء الجنيهات والسبائك .. خاص    «هما كده» أغنية جديدة لمصطفى كامل ويطرحها السبت    أشرف زكى عن عبلة كامل : مختفية عن الأنظار .. ونشكر الرئيس على رعاية كبار الفنانين    حصاد الوزارات.. رئيس هيئة الدواء يبحث مع مسؤولى مؤسسة جيتس تعزيز التعاون    ميدو: صلاح يجب أن يغادر ليفربول.. وأشجعه على خطوة الدوري السعودي    «صحة قنا» تعقد اجتماعًا بمديرى المستشفيات لتعزيز جاهزية منظومة الطوارئ والرعاية الحرجة    تسليم 5 أجهزة تعويضية وكراسي متحركة للمرضى غير القادرين بسوهاج    حبس عاطل بتهمة التحرش بفنانة شهيرة أثناء سيرها بالشارع في النزهة    يزن النعيمات صفقة الأهلي المحتملة في الميركاتو الشتوي    تطورات الوضع في غزة تتصدر مباحيات الرئيس السيسي وملك البحرين    ضبط شخص بحوزته كروت دعائية وأموال لشراء أصوات الناخبين في الأقصر    محافظ كفر الشيخ: الانتهاء من تدريب وفد من 10 دول أفريقية على تقنيات تحسين تقاوى الأرز    «المشاط» تبحث مع بنك الاستثمار الأوروبي نتائج زيارته لمصر    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن فوز مصطفى البنا وحسام خليل بالدائرة الثانية بأطسا    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    المشدد 7 سنوات لرئيس حي شرق الإسكندرية السابق في قضية رشوة    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع تطوير مدينة النيل الطبية    ضربات أمنية لضبط الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    أسعار الفضة تلامس مستوى قياسيا جديدا بعد خفض الفائدة الأمريكية    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحب السامي.. جوهر الإنسانية
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 02 - 2025

الحب هو أسمى المشاعر الإنسانية وأعمقها أثرًا في تكوين العلاقات بين البشر، فهو القوة الخفية التي تدفع العالم نحو التآلف والتسامح والسلام، لكنه ليس مجرد إحساس عابر أو رغبة مؤقتة، بل هو تجربة إنسانية متكاملة تتجلى في صور متعددة، تتراوح بين الحب المشروط الذي يرتبط بالمصالح والاحتياجات، والحب النقي الذي يسمو فوق كل اعتبار، فلا يخضع للمقايضات، ولا يتأثر بتغير الظروف أو تبدل الأحوال.
وهو ذلك الحب الذي ينبع من صفاء الروح ونقاء القلب، فلا يسعى صاحبه إلى مقابل أو منفعة، بل يجد سعادته في إسعاد الآخرين، ويمنح دون انتظار العطاء، إنه حب قائم على التفاني والإيثار، حيث يتجاوز الحدود العاطفية الضيقة ليصبح تجربة روحية ترتقي بالإنسان عن الماديات، وتمنحه شعورًا بالرضا الداخلي والاكتفاء العاطفي، وهذا الحب لا يعرف القيود، ولا يُرتهن بالمصالح، ولا يتأثر بتقلبات الحياة، بل يبقى متجذرًا في جوهر الإنسان، مستمرًا بفضل قوة الإخلاص والوفاء.
ويتجلى الحب السامي في أرقى صوره بين الأزواج والوالدين وأبنائهم حيث يكون عطاءً بلا حدود، وتوفير الرعاية الحانية، والتربية الحكيمة، والتوجيه المستمر، والتسامح غير المحدود مع الأخطاء، حتى وإن كان ذلك على حساب راحتهما الشخصية، حيث يظل الوالدين الحضن الدافئ الذي يحتضن الأبناء في جميع مراحل حياتهم، دون أن ينضب نبع عطائهما أو يتراجع نبض حنانهما.
ويكون كذلك بين الأصدقاء الذين يساندون بعضهم دون مصلحة، فهي ليست مجرد علاقة عابرة، بل هي رابطة مقدسة تنبض بالإخلاص والوفاء، وتُعد واحدة من أعمق صور الحب السامي، فالصديق الحقيقي هو من يكون حاضرًا في أوقات المحن قبل لحظات الفرح، من يدعمك دون انتظار مقابل، من يمد لك يده في أواقات الأزمات، حيث أن الصداقة الصادقة لا تُبنى على المصالح أو المنافع الآنية، بل تقوم على الصدق، الولاء، التفهم، والاهتمام، والاستعداد الدائم للعطاء دون قيود، إنها علاقة قائمة على التقدير المتبادل، دون الحاجة إلى تفسير أو تبرير، فتجعل من الصداقة نورًا يضيء درب الأصدقاء، وملاذًا آمنًا في أوقات المحن.
وما يميز هذا النوع من الحب أنه لا يتأثر بتقلبات الحياة، فهو لا يبحث عن الكمال في الآخرين، بل يقبلهم بعيوبهم قبل مزاياهم، ويدرك أن الحب الحقيقي ليس امتلاكًا، بل مشاركة وجدانية تنبني على التفاهم والاحترام والوفاء، فالحب السامي لا يفرض شروطًا، ولا يقف عند حدود العاطفة العابرة والمتغيرة، بل يتحول إلى رابط روحي يجعل الإنسان أكثر نضجًا، وأكثر استعدادًا للعطاء غير المشروط، وأكثر قدرة على مواجهة الحياة بقلب ينبض بالمحبة والاهتمام، وعقل يستوعب معنى التعايش، ونفس ترتقي فوق الأنانية نحو أفق أسمى من السعادة والانسجام.
وتكمن قيمة الإيثار في صميم هذا الحب، حيث يتجرد الإنسان من نزعة الأنانية، ويصبح على استعداد للتضحية بكل ما يملك دون شعور بأنه قدّم شيئًا مكلفًا، بل يجد في العطاء متعة تفوق كل مكاسب الدنيا. فالأم التي تسهر على راحة طفلها لا تفعل ذلك بدافع الواجب، بل لأنها ترى في تضحيته لأجله امتدادًا لحبها الخالص، فيغدو التفاني في سبيل الآخر أعظم أشكال السعادة.
والحب السامي جوهر الإنسانية وأسمى معاني الارتباط الروحي، فحب الإنسانية من أسمى معاني العطاء والتسامح وهو أنقى أشكال الحب السامي، لا تحده حدود العِرق أو الدين أو اللغة، بل هو شعور عميق بالارتباط بالبشر جميعًا وإحساس عالي بالأخرين، دون تمييز أو تحيز، إنه حبٌ يُلهم الإنسان ليكون أكثر تعاطفًا ورحمة، ويعطيه القدرة على رؤية البشر جميعًا كأسرة واحدة، يتشاركون نفس الآمال والآلام، يتساوون في الحقوق والكرامة، ويستحقون العيش بسلام وعدالة وينبع هذا الحب من الإحساس العميق بالمسؤولية تجاه الآخر، سواء كان قريبًا أم بعيدًا، وسواء كان يعرفه الإنسان شخصيًا أو لا، ويجعله يؤمن بأن الخير قوة قادرة على تغيير العالم، والرغبة في صنع فارق إيجابي في الحياة.
عندما يسود حب الإنسانية، يصبح العالم أكثر أمنًا وسلامًا، تختفي الحروب القائمة على التعصب، وتقل الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وينتشر العدل بين البشر، مما يخلق بيئة أكثر انسجامًا وتعاونًا، وفي عالمٍ تمزقه الصراعات، وتسيطر عليه المصالح، يصبح حب الإنسانية هو الشعلة التي يمكن أن تنير طريق التعايش والسلام. إنه رسالة نحتاج إلى تفعيلها في حياتنا اليومية، من خلال الكلمة الطيبة، والفعل النبيل، والمواقف التي تعكس حقيقة أن الإنسان، أينما وُجد، يستحق أن يُحَب، ويُحترم، ويعيش بكرامة.
ونؤكد أن الحب السامي يسهم في بناء المجتمع؛ فعندما يسود الحب السامي بين الأفراد، يصبح المجتمع أكثر تماسكًا، لأن الجميع يشعر بالأمان، والاحترام المتبادل، والانتماء لبيئة مليئة بالمحبة، ويزرع في النفوس التسامح والسلام و القدرة على تفهّم الآخر، وتقبّل اختلافه، وعدم الحكم عليه بناءً على المصالح الضيقة، مما يقلل النزاعات، ويعزز روح التعايش السلمي بين البشر، ويوفر بيئة إيجابية وصحية فالعلاقات التي تُبنى على الحب السامي تكون أكثر استقرارًا وصحةً، مما ينعكس إيجابيًا على الصحة النفسية للأفراد، فيجعلهم أكثر سعادةً ورضا.
إن الحب السامي هو أساس الحياة وذروة النقاء الإنساني، وأرقى ما يمكن أن يبلغه الإنسان في علاقاته، فهو حب نقي، يرتكز على الإيثار والتقدير العميق، ويمنح الحياة معنى. في عالمٍ تموج فيه الصراعات، وتتحكم به المصالح، يصبح الحب السامي ضرورةً ملحّة لبناء مجتمعات أكثر سلامًا، حيث تتآلف القلوب، وتسمو الأرواح، وتسود الإنسانية بأسمى معانيها، ولقد جسّد النبي محمد صلى الله عليه وسلم النموذج الأسمى وأعظم صور الحب السامي، فكان نموذجًا للرحمة والعطاء، لم يرد الإساءة بمثلها، بل كان يغفر، ويُحسن، ويرحم، حتى مع من عاداه. كان حبه للناس يتجلى في حرصه على هدايتهم، ورغبته الصادقة في نشر الخير بينهم، فقد علّم البشرية كيف يكون الحب ساميًا، وكيف يكون العطاء نبعًا لا ينضب.
---------------------
أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة - جامعة الأزهر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.