طوابير طويلة اصطفت أمام مقار اللجان الانتخابية على مستوى مصر فى أول تجربة انتخابية حقيقية فى مصر، وقف فيها الناخبون من جميع الأعمار والفئات بثبات وصبر، منتظرين دورهم فى الإدلاء بأصواتهم غير عابئين بأشعة الشمس التى ألهبت رؤوسهم، أو عدد الساعات الطويلة التى أجهدت أجسادهم، برز خلالها مشهد المشاركة النسائية الذى ظهر واضحاً أمام اللجان الانتخابية، حيث وقفن فى طوابير طويلة مصممات على الوصول للصندوق مهما كلفهن الأمر، فتحولت طوابيرهن إلى حلقات نسائية تعج بالضحكات والطرائف التى خرجن منها بصداقات وطيدة لن تنقطع، لتتحول ساعات الانتظار المملة إلى ذكريات وصور قررن جميعاً أن تخلد هذا اليوم. سوسن محمد وعواطف أحمد متولى اثنان من السيدات اللاتى اشتركتا فى حديث طويل ملىء بالضحكات، بالرغم من التفاوت بين أعمارهن، والغريب فى الأمر أن لقائهن الأول لم تمر عليه سوى بضعة ساعات، جمعتهن مع غيرهن من السيدات فى نهاية طابور ضخم امتد بطول مدرسة "على بن أبى طالب" بمدينة نصر، حيث وقفن جميعاً فى نهاية الطابور الذى يفصلهن عن الصندوق فى انتظار اللحظة الحاسمة، وشغلتهن الأحاديث النسائية ونوادر الحياة عن عبء الانتظار. "أنا عندى 61 سنة وجاية أنتخب لأول مرة فى حياتى" هكذا هتفت السيدة "عواطف" لصديقتها الجديدة التى وقفت خلفها فى الطابور، وقالت "مع أنى ست كبيرة بس موقفتش فى طابور كبار السن، أنا عايزة أقف هنا مع الشباب.. ومش مهم هرشح مين المهم أدى صوتى لمصر". ولم تختلف معها "سوسن محمد" (38 عاماً)، التى شاركت للانتخابات للمرة الأولى هى الأخرى، وقالت "أنا كمان أول مرة بشارك وعندى استعداد أفضل واقفة اليوم كله"، تكمل سوسن التى جمعت حولها حلقة من السيدات اللاتى دخلن فى نقاش حول المرشح الأفضل. وتقول: "إحنا عملنا الثورة عشان اليوم ده والنهارده هندى صوتنا للى يستاهل.. والطابور الطويل ده هو اللى يثبت أن سيدات مصر جزء كبير جداً من المجتمع". بينما تناثرت حلقات أخرى من النقاش فى أطراف الطابور الانتخابى النسائى أمام المدرسة، عبرت فيه كل سيدة عن رأيها فى مرشحها لدقائق، ثم انخرطت بعدها فى أحاديث ومناقشات حول الحياة العامة، ليغلب على المشهد النهائى صورة لمجموعة كبيرة من السيدات اللاتى تبادلن أرقام الهواتف فى انتظار لقاءات أخرى بعد أن جمعهن أول طابور فى حب مصر.