قال نبيل شعث كبير المفاوضين الفلسطينيين ومستشار الرئيس الفلسطينى، إن الصراع السياسى هو الذى يعرقل حوار الفصائل الفلسطينية والمصالحة الوطنية، لأن ذلك نابع من تصور إيديولوجى وتحقيق مصالح خاصة. جاء ذلك رداً على سؤال الكاتب الصحفى محمود فوزى فى برنامج "حوار على نار هادئة" بقناة المحور، وموضحاً أن جذور المنافسة بين حركتى فتح وحماس لبدايات انطلاق الثانية عام 1987، بل يمكن إرجاع ذلك لبداية سبعينات القرن الماضى، ولكن عملياً الصراع بين الحركتين ظهر جلياً، عندما وقع الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات مع إسرائيل عام 1994 اتفاق إعلان المبادئ الشهير ب"اتفاق غزة أريحا"، فقد أعلنت حركة حماس رفضها الاتفاق وقررت مواصلة عملها العسكرى ضد إسرائيل، وهو بالطبع ما حولها بعد نشوء السلطة الفلسطينية بموجب تطبيق اتفاق إعلان المبادئ والملاحق التابعة له لقوة المعارضة الرئيسية فى الأراضى الفلسطينية. اعتبر شعث، أن المناوشات وحرب التصريحات الإعلامية ظهرت على الساحة بين حركة فتح التى ذابت تماماً داخل جسد السلطة الفلسطينية وحركة حماس، التى اعتمدت الخطاب الدينى خطاً لمسيرتها، وازدادت شدة الاحتدام عندما بدأت الأخيرة بشن عمليات تفجيرية فى قلب الدولة العبرية، فردت السلطة الفلسطينية تحت ضغوط كبيرة من الحكومة الإسرائيلية والولايات المتحدةالأمريكية بإعلان حماس تنظيماً محظوراً وشنت حملة إغلاق لمؤسساتها الخيرية والإعلامية واعتقلت العديد من كوادرها وأنصارها فى الضفة الغربية وقطاع غزة، أبرزها كان عام 1996. قال شعث، إن حركة حماس كانت مع بداية عام 2000 تعيش مرحلة إنهاك تام بعد تعرضها لمطاردة استمرت 6 سنوات، شلت وأغلقت خلالها كافة مكاتبها الإعلامية ومؤسساتها الاجتماعية فى الضفة وغزة، واعتقل غالبية قادتها بخاصة فى الضفة، ولكن هذه الحال تغيرت، حينما انطلقت شرارة انتفاضة الأقصى بتاريخ 28 سبتمبر 2000، وقيام شرطى فلسطينى بإطلاق النيران على ضابط إسرائيلى كان يرافقه بدورية مشتركة بالقرب من مدينة قليقلة شمال الضفة، وتدحرجت الأمور بسرعة، ووقع خلال الأسابيع الأولى من الانتفاضة مئات الشهداء من الفلسطينيين، وتطورت الأمور فى هذا الاتجاه. اقتربت حركتا فتح وحماس نوعاً ما من بعضهما، على حد تعبير شعث، ونفذتا عمليات عسكرية مشتركة ضد إسرائيل، كما تفهمت حركة حماس مع اندلاع الانتفاضة مواقف السلطة، مثل فرض الإقامة الجبرية على زعيمها الشيخ أحمد ياسين فى أواخر عام 2001، واحتجاز عدد من عناصرها وقادتها أمثال الشيخين إسماعيل هنية وإسماعيل أبو شنب، وهو ما يؤكد أن قيادة الحركة لم تتخذ أى خيار لمواجهة السلطة مباشرة بعد اتفاق أوسلو، وإنما أرادت الحصول على الوقت من أجل بناء قوتها وتوسيع قاعدتها الشعبية، وبالتالى فإنه بالإضافة إلى حالة التنافر والتوتر يمكن تسجيل أبرز نقاط الالتقاء بين حركتى فتح وحماس بين عامى 2000 -2005. بدأت مرحلة الانفجار والتوتر بين الحركتين، كما يشير شعث مع إعلان حركة حماس قرارها بترشيح نفسها لخوض الانتخابات التشريعية الفلسطينية التى عقدت عام 2006، فقد وقفت حركة فتح والعالم بأسره فى حالة ذهول من هذا القرار، الذى جاء بعد عشر سنوات من رفض الحركة المشاركة فى الانتخابات التى أجريت 1996. وبالتالى بدأت الآلة الإعلامية لحركة فتح فى قراءة أبعاد هذا القرار الحمساوى، ورأت فيه تهديداً جديداً لوجودها، ومارس قادة حركة فتح ضغوطاً على الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن من أجل إرجاء الانتخابات التشريعية تحسباً لفوز حركة حماس. ومع إعلان فوز الأخيرة بأغلب مقاعد المجلس التشريعى فى 2006، وجدت حركة فتح نفسها بعد عشر سنوات خارج نطاق السلطة والحكم، هذا الأمر أثار لدى قياداتها وأنصارها غضباً شديداً، واستخدموا خطاباً إعلامياً قد يكون هو الأعنف ضد حماس، ومنذ تلك النقطة برز فى صحافتى الحركتين نوعاً جديداً من الخطاب، الذى بات يحمل لغة المنافسة والتحريض والاستقطاب. وأوضح شعث، "نستخدم ضد العدو الإسرائيلى كل أنواع المقاومة بدءاً من المقاومة بالحجارة والمقاومة بالسلاح والمقاومة بالسياسة. مضيفاً أن هناك قيادات فى حركتى فتح وحماس لا يريدان أن تتم الوحدة والمصالحة، وهؤلاء يريدون أن يلبسوا البلد أفكارهم الشخصية والبرجماتية، ويجب أن يفهموا أنه عندما يتعلق الوضع بالوطن، فيجب التوحد ضد أعدائه. وحول السبب فى تخريب عملية السلام لفت شعث، إلى أن إسرائيل هى المسئولة أولاً عن هذا الخرق ومعها حماس بسياساتها وأهدافها.