على مدى ساعتين ونصف الساعة، ناقش مركز الدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية ( سيداج )التابع للخارجية الفرنسية قضية التوريث فى مصر، حيث ألقى الباحث المعروف الدكتور سامر سليمان أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة محاضرة فى المركز تحت عنوان :"خلفيات الصراع على الرئاسة فى مصر". المحاضرة ألقيت باللغة الفرنسية، وبدأت بالقول إن السؤال الأساسى الذى يشغل الرأى العام هذه الأيام هو: من يفوز بحكم مصر؟ جمال مبارك، أم جنرال، أم قوى أخرى؟ قام الدكتور سليمان برسم سيناريو لمستقبل مصر السياسى بعد مبارك، وخلفيات القوى المتصارعة على السلطة، منتقدا غياب فريق موحد من المعارضة وانقسامها إلى فرق متصارعة، ليست متفقة على برنامج موحد سواء حول فكرة علاقة الدين بالدولة أو توزيع الدخل فى مصر أو علاقة مصر بالخارج، مؤكدا أن المؤسسة العسكرية نفسها لن تسمح بالنيل من العلاقات الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة. شارك فى المداخلات كل من : "آلان مينارك" وهو صحفى فرنسى ود. عصام عبدالفتاح الأستاذ بكلية الأداب بجامعة حلوان، وعدد من الباحثين بالمركز الفرنسى للدراسات والوثائق "سيداج". وأشار د. سليمان إلى أن هناك جناحين أساسيين يسعى كل منهما لفرض مرشح ما لخلافة مبارك، يعتمد الجناح الأول على فرضية جمال مبارك باعتباره قادما لامحالة أو مايسمى بأطروحة الأمر الواقع، لسببين : أولهما أنه يمتلك خيوط السلطة بيده فى حالة "شيخوخة أبيه" . وهو أهم من رئيس الوزراء والوزراء . والثانى لكونه مدنيا ومتعلما تعليما ليبراليا كما أنه قريب من رجال الأعمال. أما الجناح الثانى فيطرح فكرة وصول جنرال للجيش من السلطة، باعتبار ذلك السيناريو مقبولا، بسبب انهيار الأوضاع والحاجة إلى جنرال من المؤسسة العسكرية الأكثر تماسكا وانضباطا. ويرى د. سليمان أن الغريب فى هذا الطرح الخاص بوصول جنرال من المؤسسة العسكرية إلى السلطة يؤيده مثقفون ناصريون مثل: ضياء رشوان وعبدالحليم قنديل وعبد الله السناوى. وهو مؤشر خطير يدفع إلى الانتحار السياسى، على حد قوله. وأوضح سليمان أن هناك جبهة ثالثة صامتة تشكل معظم الشعب المصرى، وهى جبهة سلبية لاتشارك بالرأى. لكن د. سليمان أبدى تفاؤله بأى رئيس قادم باعتباره سيسمح بانفتاح نسبى وتسامح مع المعارضة سيحتاج إليها الرئيس القادم لتأكيد شرعيته السياسية، ولذلك يجب على المعارضة الاتفاق على تسوية معينة مع الرئيس القادم، ولتكن بنودها كالتالى: أولا: إقرار فترتين للرئاسة فقط . ثانيا: وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين . ثالثا: وقف التعذيب والبدء فى حوار مع القوى السياسية المختلفة. من جانبه قال الباحث الفرنسى آلان مينارك إن النموذج التركى من الممكن تطبيقه فى مصر، ومن المتوقع وصول التيار الإسلامى المعتدل إلى السلطة عبر حزب الوسط مثلا، أو قيام حزب جديد قريب من التيار الإسلامى يتولى الحكومة، كما حدث فى تجربة طيب أردوغان بتركيا رغم القيود التى كانت مفروضة على الإسلاميين أثناء قترات سابقة، ومن ذلك حظر حزب نجم الدين اربكان "الرفاه الإسلامى". لكن د. سامر سليمان رد عليه قائلا : التجربة التركية من الصعب تحقيقها فى مصر، لأن التيار الإسلامى القوى ممثلا فى الإخوان، أقوى تيار فى الساحة، ليس لهم موقف محدد من الرئيس القادم.هم يرفضون التوريث وتارة أخرى لايحددون موقفا. وهم فى النهاية سيتعاملون مع أى رئيس قادم، مشيرا إلى أنهم فى خلال السنوات الخمسين الماضية تميز تعاملهم مع نظام يوليو، من التحالف إلى الصدام. وفى مداخلة من د. عصام عبدالفتاح عن إمكانية قيام ثورة فى مصر لتغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية الموجودة، خاصة أن الطريق السلمى مازال مغلقا وخارج نطاق الواقع بسبب الضغوط والحصار الأمنى، أكد د. سليمان أنه لاتوجد ثورة من غير قوى ثورية، وهذا غير متحقق حاليا، فكل القوى الموجودة لاتصنع ثورة، بل إن حركة كفاية نفسها ليست بديلا للتيار الإسلامى أو النظام، وهى ليست حركة بالمعنى السياسى المفهوم، بل تجمع لكوادر ناصرية ويسارية وإسلامية وماركسية ليس لها برنامج سياسى واضح أو عمق اجتماعى. وأشارد. سليمان الى أن المستقبل فى الحركات العمالية، لكن بعد سنوات طويلة وليس الآن، حيث ستلعب دورا سياسيا فيما بعد فى الصراع على السلطة فى مصر. لمعلوماتك.. ◄ 1968 تأسس المركز الفرنسى للدراسات والأبحاث فى القاهرة ، وهو تابع للخارجية الفرنسية.