انتهت فعاليات أولمبياد باريس 2024 والتي انطلقت يوم 26 يوليو الماضي، واستمرت منافساتها حتى 11 أغسطس الجاري، حيث اختتمت يوم الأحد الماضي، وما يهمنا هنا هو موقف البعثة المصرية في هذه الدورة للألعاب الأولمبية؛ والتي جاءت نتائجها مخيبة لآمال المصريين للأسف، في ظل هذا الإخفاق الذي شاهدناه، باستثناء العلامات المضيئة المشرفة المتمثلة في حصول أبطالنا المصريين أحمد الجندي وسارة سمير ومحمد السيد على ثلاث ميداليات متنوعة ما بين ذهبية وفضية وبرونزية؛ والذين رفعوا اسم وعلم مصر عاليا في هذا المحفل الدولي، وحققوا إنجازا كبيراً يستحقون عليه كل تقدير وتكريم من الجميع. مصر شاركت بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس 2024، ب149 لاعبا ولاعبة أساسيين و 16 لاعبا احتياطيا؛ 79 من الرجال و52 من السيدات، في 24 لعبة أولمبية، منهم 4 لعبات جماعية، وفي ظل هذا التطور بزيادة عدد اللاعبين المصريين المشاركين في الأولمبياد، ومع الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، للمنظومة الرياضية، كان الجميع يأمل في الحصول على عدد أكبر من الميداليات بما يليق باسم مصر كدولة عظيمة وكبيرة، ولكن علينا من الآن معالجة أسباب الخلل والإخفاق، وبدايتها أن يعترف مسئولو الاتحادات التي فشلت في تحقيق أي إنجاز أو مراكز متقدمة في الأولمبياد بفشلهم وأن يتركوا أماكنهم ويمنحوا الفرصة لمن هم أجدر بها وأكثر قدرة على تحمل المسئولية. وهنا علينا أن نثني على الاتحادات واللاعبين الذين حققوا نجاحات في الأولمبياد، حيث حقق البطل المصري محمد السيد الميدالية البرونزية في سلاح سيف المبارزة، لتكون أول ميدالية لمصر فى هذه الدورة، فكل الشكر والتقدير والتهنئة للاعب محمد السيد واتحاد اللعبة والمدربين وكل من ساهم في هذا الإنجاز، بينما حصلت المصرية سارة سمير بطلة رفع الأثقال على الميدالية الفضية فى وزن 81 كجم، فشكرا لها على هذا الإنجاز، وكل التقدير لاتحاد هذه اللعبة والمدربين وكل من ساهم في الإنجاز. أيضاً.. حصل البطل المصري أحمد الجندي على الميدالية الذهبية في الخماسي الحديث فى أولمبياد باريس 2024، وحطم الرقم العالمي في اللعبة بعدما وصل إلى 1555 نقطة، لذلك يستحق اللاعب التهنئة والتقدير والتكريم على هذا الإنجاز العظيم الذي شرف مصر في المحافل الدولية، واتحادات الالعاب التي فازت بميداليات تستحق التكريم والشكر، ونتمنى منهم المزيد من الأبطال والإنجازات الكبيرة في البطولات الدولية القادمة. أما باقي الاتحادات التي أخفقت في تحقيق أي نجاح في أولمبياد باريس فعليها أن تقف أمام نفسها وتبحث عن أسباب الفشل والإخفاق، فمصر تستحق أفضل من ذلك كثيراً ولدينا العديد من المواهب في كل المجالات الرياضية، يجب البحث عن أوجه التقصير ومحاسبة المسئولين المقصرين، ولا يجب أن يستمروا في مناصبهم داخل هذه الاتحادات لأنهم لا يدركون حجم المسئولية الملقاة على عاتقهم ولا يدركون قيمة ومكانة الدولة المصرية، ولماذا لا يسيرون على نفس نهج الاتحادات الأخرى الناجحة وتوفير كل سبل النجاح للاعبين وكافة عناصر المنظومة، خاصة أن الدولة تقدم دعماً كبيراً للمنظومة الرياضية للنهوض بها وتطويرها. الآن يجب ألا نبكي على اللبن المسكوب!، بل يجب المصارحة والشفافية والاعتراف بالخطأ وتوضيح كل الحقائق للرأي العام المصري ليعرف أسباب الإخفاق، وما هى الخطة التي سيتم العمل عليها لاحقاً لعدم تكراره، وبنفس القدر أخاطب الجماهير المصرية والسوشيال ميديا ألا نتحامل على اللاعبين المصريين الذين أخفقوا ونقدم لهم الدعم اللازم معنويا ليواصلوا العمل والجهد لتعويض ذلك بتحقيق إنجازات كبيرة في البطولات والمنافسات الرياضية الدولية القادمة، فالجميع يعلم أن هؤلاء الشباب تعبوا كثيراً وعانوا أشد المعاناة حتى يصلون إلى القدرة على المشاركة في الأولمبياد، لذلك يجب أن نتوقف عن أي هجوم غير مبرر يقود إلى الهدم، والعمل على شد السواعد وتقديم النقد البناء الذي يدفع إلى تعزيز روح الحماس لديهم لتقديم أفضل أداء. ولا يفوتني أن أذكركم أن منتخب مصر الأولمبي لكرة القدم وصل إلى المربع الذهبي وفاز على منتخبات كبيرة، وحظه العثر أنه تلقى هزيمة قاسية من المنتخب المغربي الشقيق، ليخسر تحقيق ميدالية كان قريبا منها، وأيضاً أنه كان أمامه فرصة للصعود إلى النهائي لولا الهزيمة من منتخب فرنسا، وأيضا منتخب اليد، لا بد أن نبني على ما تحقق ونقدم الدعم لهذه المنتخبات لتواصل التقدم والتطور وتحقيق مراكز أفضل مستقبلاً. وعلينا أن نعلم أن مصر تعتبر واحدة من الدول الرائدة في المشاركات الأولمبية بين الدول العربية والإفريقية، وكانت هناك استعدادات للأولمبياد، حيث قامت بالتركيز على تطوير الأداء الرياضي وزيادة الدعم المقدم للرياضيين في مختلف الألعاب، وتم تنظيم معسكرات تدريبية مكثفة داخل مصر وخارجها، بهدف تحسين مستوى الأداء واكتساب خبرات دولية، كما تم الاستثمار في تحسين البنية التحتية الرياضية وتوفير المعدات الحديثة، كما أن المشاركة المصرية في الأولمبياد تعكس التزام الدولة بتعزيز مكانتها على الساحة الرياضية العالمية، وتشجيع الشباب على ممارسة الرياضة، والنجاحات التي تحققها مصر في هذه الألعاب ستسهم في رفع معنويات الجماهير وتقديم نماذج ملهمة للشباب المصري. لذلك علينا العمل من الآن بكل جد وإرادة وعزيمة للاستعداد لدورة الأولمبياد القادمة، وأن يكون هناك اهتمام ودعم أكبر للمواهب الرياضية، ويجب العمل على زيادة الاستثمار في الرياضة، واستمرار تحسين وتطوير المنشآت الرياضية لضمان توفير بيئة تدريبية متميزة للرياضيين، وتوفير المعدات والأدوات الرياضية الحديثة، فضلاً عن تطوير برامج التدريب، فالاستعداد المبكر والبدء في الإعداد للأولمبياد قبله بسنوات مع توفير خطط واستراتيجيات طويلة المدى ومتوسطة وقصيرة المدى أمر ضروري ومهم جداً. أيضاً يجب تعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة، واستخدام تقنيات تحليل الأداء والبيانات لتحسين أداء الرياضيين، وإنشاء برامج متخصصة لاكتشاف المواهب في سن مبكرة، وتقديم الدعم اللازم للمواهب لتطويرها، إضافة إلى تقديم الدعم المالي والمعنوي للرياضيين، وتوفير رعاية مالية طويلة الأمد للرياضيين لضمان تركيزهم على التدريب، وتوفير برامج دعم نفسي لهم، وعقد اتفاقيات تعاون مع اتحادات رياضية عالمية لتبادل الخبرات، بجانب تشجيع ممارسة الرياضة وزيادة الوعي، وتوسيع التغطية الإعلامية لجميع المجالات الرياضية بمختلف أنواعها وتسليط الضوء عليها، وتحفيز الشباب على المشاركة في الرياضات المختلفة. أما الجانب الأهم فهو تحقيق الإصلاح الإداري للاتحادات الرياضية والقضاء على البيروقراطية وأي أوجه فساد، والعمل على تحقيق الحوكمة لتحسين إدارة الاتحادات الرياضية وضمان الشفافية والكفاءة في الأداء، وكذلك العمل على معالجة الخلل الموجود في المنظومة الرياضية بصورة كاملة، وإزالة أي معوقات تواجه اللاعبين وكافة عناصر المنظومة الرياضية لتوفير كل سبل النجاح، والتركيز على حسن إدارة واستثمار المواهب الرياضية، وأتمنى أن تحصل الألعاب الفردية المختلفة على دعم إعلامي أكبر وتسليط الضوء عليها لتحفيز اللاعبين وتشجيعهم والتوعية بقيمة وأهمية هذه الألعاب، وتخفيف الضغوطات التي يواجهها أولياء أمور اللاعبين الذين يعانون أشد المعاناة لمواصلة أبنائهم المتميزين في ممارسة اللعبة والتطور والمشاركة في البطولات والمنافسات، ويجب تذليل أي عقبات تضعها بعض الاتحادات، وتقديم الدعم المالي اللازم للألعاب الرياضية الفردية والجماعية. ختاماً.. أجدد التهنئة للاعبين المصريين الأبطال الذين حققوا ميداليات في أولمبياد باريس؛ أحمد الجندي وسارة سمير ومحمد السيد، وأدعو لتكريمهم، كما أتوجه بالشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، على توجيهاته الدائمة بتقديم الدعم اللازم لتطوير المنظومة الرياضية.