يقول الرسول بولس فى رسالة غلاطية (3: 13) "ملعون كل من علق على خشبة" وفى العهد القديم كان الصليب يعتبر لعنة ويكون عليه كل اللعنات التى ذكرت فى سفر التثنية إصحاح 28. وكان الصليب أيضا أكثر أنواع الموت إيلاماً، إذ فيه تتمزق كل أنسجة الجسد بطريقة مؤلمة جداً، كما يجف الماء الموجود فى الجسد لكثرة النزيف والإرهاق الجسدى. ثم جاء الرسول بولس فى نفس الرسالة إصحاح 6 وعدد 14 ويقول "حاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذى به قد صلب العالم لى وأنا للعالم. ما الذى جعل الرسول بولس بفتخر بالصليب..؟ ونجده هنا يفتخر بأن سيده أعدم على أداة إعدام بشعة. ألم يكن هناك شىء أجمل يفتخر به؟ أما كان يجب أن يفتخر بأن سيده وقائده قد أقام موتى، وفتح عيون عمى، وشفى برص، وأقام مفلوجاً. لكن الافتخار بوسيلة إعدام بشعة وبنهاية غير سعيدة لابد أن يكون وراءها سر لا نعرفه، وثمرة مباركة أدركها الرسول بولس، فدفعته لهذه الشهادة الغريبة، والافتخار العجيب، نريد أن نوضح هذه الفكرة من المثل فى القصة الآتية، وقد يكون هذا المثل أو القصة مثال حال البعض فى مصر وتونس فى ثورتيهما. القصة تقول إن هناك عائلة قررت أن تغير اسمها من عائلة نخلة إلى عائلة المشنوق، وأصبح أفرادها تسمى بهذا الاسم، بل الأكثر من وضعوا على صدور نسائهم علامة المشنقة، ورجالهم أيضا طبعوا على أيديهم نفس العلامة، فتحير الناس، وجاء أحدهم وسأل كبير العائلة... لماذا هذا التغيير؟ ألم يكن اسم نخلة أفضل من المشنوق؟ فرد عليه وقال جدنا الأكبر نخلة كان رجلا ثوريا مناضلا ضد الاستعمار. وعبأ الرأى العام ضد المحتل وكون خلايا لمناهضته. فما كان المستعمر إلا أن شنق الجد نخلة. فقام الشعب بثورة عارمة طرد على أثرها المستعمر، وتحررت البلاد ونالت استقلالها. لهذا قررت عائلتنا أن تغير اسمها إلى عائلة المشنوق الذى مات فى سبيل تحرير الوطن، وقررنا أن نأخذ المشنقة علامة لنا. ليس حبا فى الشنق أو المشنقة كأداة إعدام بشعة، لكن كوسيلة قدم جدنا نفسه عليها من أجل الجميع، ليتمتع كل فرد فى الوطن بحرية حقيقية كاملة. على ذات المنوال قال الرسول "حاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح" عندما أخطأ الإنسان فكان لابد أن يتبرر الإنسان أمام الله لذلك قال أيوب " كيف يتبرر الإنسان أمام الله ويقول الكتاب فى رومية (3 :23) "إن الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله" لقد بحث الإنسان عن وسائل كثيرة للفداء وغفران الخطايا، ولكنها كانت غير كافية ومؤقتة. وعندما فشل الإنسان كان عند الله الحل، وهو مجىء السيد المسيح لفدائنا، وأن يموت على الصليب بدلا عنا ليمنحنا غفران الخطايا. والصليب ليس مجرد علامة مصنوعة من خشب أو ذهب أو فضة تعلق على الصدور، ولكن خطة الله لفداء الإنسان من خلال موت المسيح وقيامته. لهذا جميع ديون الإنسان قد سددت، وله الحرية الآن أن يأتى إلى الله؛ لأن الطريق أصبح مفتوحا أمامه. لهذا يفتخر المسيحيون بهذا العمل الذى يعبر عن مدى محبة الله لجميع البشر، لهذا موت المسيح لم يكن عن ضعف، بل كان هذا حسب مشيئة الله وخطته المرسومة لنا، والذى مات وتمم مشيئة الله قد قام من الموت منتصراً عليه، وأصبح القبر فارغا. ونصلى أن الرب يبارك بلادنا مصر، ونهنئ كل المسيحيين فى كل مكان بعيد القيامة المجيد. رئيس الطائفة المعمدانية الكتابية الأولى.