عجبا لزمان كنا نحرص عليه فلما جاء تمنينا لو أنه تمهل قليلاً حتى نستطيع أن نحكم على الأمور بتعقل وروية أفضل، فينا عجلة وفينا تسرع دائم وفينا عدم إستقرار على شىء، اليوم أدافع عنك بإستماته وغدا ربما أكون أول من يحاربك، بالأمس أدعو الله أن يطيل عمرك واليوم ربما طلبت فى سجودى أن يريحنا الله منك، لا ثوابت ولا اختيار على أسس وفكر ومنهج، العواطف وفقط تحكم إختياراتنا وقرارتنا جميعها وليدة الساعة واللحظة، لاعيب أن أراجع نفسى ولاعيب أن أقيم خطواتى فربما خدعنى البعض وربما إختلفت المعايير التى حكمتنى فى وقت ما ولكن العيب كل العيب أن لاتكون لدى القناعات الواضحة عند الاختيار اللهم إلا سرعة وعجلة أو مجاملة أو السير فى ركب الآخرين وفقط، هذا عن أمانة الاختيار. وتلك هى الحقيقة المرة التى نمارسها دون خجل ودون لحظة انتظار، انظروا لحصاد اختياراتنا فى إنتخابات مجلس الشعب الأخيرة كم عدد الذين ندموا على إختياراتهم وماذا لو أقيمت الإنتخابات الآن، قد يعطى البعض منا لنفسه الحق أنه لم يكن يعلم الآخر ولم يطلع على كامل حقيقته وقتها، إذا العيب فى آلية الحكم على الآخر وقواعد الاختيار، اليوم نمر بتجربة أخرى للإختيار على أهم منصب فى رأس نظام الحكم مقعد الرئيس، نعيد نفس الأسلوب دون وضع المعايير الصحيحة ودون مجرد لحظة تفكير علمى مدروس أو قناعة عن حق ودراسة، لا يوجد لدينا من يناقش ويفكر ويحلل بهدوء تام ولا يأخذ قراره وفقا لإنتمائه الدينى وللولاء قبل العقل فمن كان ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين فهو معهم أينما ذهبوا وأيا كان قرار القيادة فيها وتبعاته، ومن ينتمى للسلف يلهث خلف الاختيار بدعوى أن من تصدى له ملائكة لايخطئون على حق دائم ولايحتمل النقاش ولا التفكير، ومن ينتمى للفكر الليبيرالى يرى كل إنتماء عداه هو التخلف والرجعية وهو الدمار الذى سيحل على العقول المتفتحة وهو القيد الذى سيحرق الأخضر واليابس، هكذا لا إعمال لعقل ولا مراجعة ولا مناقشة ولا النظر لمصلحة أكبر وأهم وأبقى، نسير كالقطيع لمن يحركنا ومن يخطط لذاته ومصالحه ونفسه قبل كل شىء، والعجب أن الوجوه تختلف لكن الدور والفكر المستبد واحد، الحرص على المصلحة الخاصة واحد، أنا ومن بعدى الطوفان واحد، قل لى بربك ماذا غيرت الثورة فى سلوكياتنا فى عاداتنا فى تفكيرنا للمستقبل فى الإستفادة من أخطاء الماضى فى التحضر فى تعاملاتنا، استبدلنا مجلس شعب فاسد كانت تصدر له الأوامر العليا بالقرارات وسن القوانين وفقا لما يحتاجه القائمون على مصالحهم، استبدلناه بمجلس شعب آخر يجتمع اليوم ليبحث عن قانون جديد يمنع فيه من يرى فيهم خطرا وشياطين من حق الترشح ويمنع عنهم الاحتكام للصندوق، النتيجة واحدة أمام عينى هى ترزية القوانين وتفصيلها وفقا للحاجة، لا وفقا لنظام يسرى على الجميع يحترمه الكبير والصغير يضع البشر جميعا سواسية كما خلقهم الله ويجعلهم أمام العدل سواء، لا أن نعطى أنفسنا حق التشريع أن من حق هذا أن يتكلم وينطق ومن حق هذا أن يصمت ويموت ولا نسمع له صوتا، من قال أن من يشرع الآن هو الملاك الطاهر وبالأمس قلنا عن من كان يشرع أنه رأس الظلم والفساد وماذا سيقول عنا من يأتون بعدنا، وكيف سينظرون لنا ولقراراتنا، أى غوغائية تلك وأى مهاترات أن نبدل الفكر السيء بالأسوأ، قيد بقيد وجهل بجهالة وخطأ بخطيئة لا فرق ولا ضير المهم أن يكون هناك أوصياء على الشعب وأوصياء على العرش، يجتمعون اليوم عن بكرة أبيهم رعبا وهلعاً وأقدامهم تتثاقل وتتخبط فى بعضها البعض خوفا وقلقا أن يحتكموا لصاحب الحق الوحيد وهو الشارع والشعب والصندوق. أى كبيرة تلك من قال أن من يشرع اليوم سيظل صاحب الرؤية والبعد والفكر والثقافة وهم أنفسهم ربما ألا يكون لهم موضع قدم غدا، عجبا لمن ينادون بقانون الغدر الذى وضع فى الخمسينات ليتحكم فى زمن تخطاه بستون عاما، يا الله لا نتعلم أبدا من دروس التاريخ ولا نفهم أن من يضع القيود على الآخرين هم قمة المستبدين ورؤوس الديكتاتورية العقيمة، وهم الإنتهازيين أصحاب المصالح فيمن يخططون ويشرعون لأنفسهم فإذا تبدل النظام بآخر داس على ما كان قبله وسحقه بحذائه. العدل ياسادة أن نحتمى بالجماهير أن نخاطب عقولهم قبل مصالحنا وأن نحرص على مصالحهم قبل أفكارنا، العدل ألا نكون الخصم والحكم وأن ننهى كل الوصايات ونسقط كل القيود وأن نفهم كيف خلق الله الناس أحراراً جميعا ولو أراد لجعلهم على دين واحد وشكل واحد ولون واحد، إنزلوا للشارع من أبراجكم العالية ومخاوفكم وإلتصقوا بالفقراء والمساكين وإجعلوا منهم صوتا لكم فمن يحصل على أغلبية الأصوات اليوم قد يستمر طالما كان صادقا وأمينا ونزيهاً إن صدق معهم، وقد يتبدل إن ضعف ولم يحفظ الوعد والعهد، دعونا نختار بأنفسنا دون وصاية وعلى الجميع أن يعرض بضاعته كاملة ويقول لنا ماعنده ليكون كلامه دليلا دامغا له أو عليه فإن أحسن إستمر وإن أخطأ استبدلناه. أرجوكم كونوا على ثقة فى أنفسكم وبرامجكم وصدقكم مع الله أولاً وثقوا أن الشعب لن يعشق جلاديه ولن ينسى من ظلمه وأهدر حقه، أرجوكم كفانا أوصياء علينا وكفانا أوصياء على عرش مصر.