أكد المستشار أحمد كشك، عضو هيئة قضايا الدولة، أن تفويض الشعب لنوابه فى سن القوانين بطريق الديمقراطية غير المباشرة ليس تفويضا مفتوحا، وإنما شرطه ألا تتعارض هذه القوانين مع قواعد الدستور التى ارتضاها الشعب بطريق الديمقراطية المباشرة. وأضاف أن الديمقراطية تعنى حكم الشعب لنفسه وقديما عندما كان عدد السكان محدودا كانت الديمقراطية تطبق بطريقة مباشرة، أى يجلس جميع سكان المدينة ليتفقوا سويا على القواعد التى تنظم شئونهم ،وهذا ما يسمى بالديمقراطية المباشرة وهى الصورة الأولى لتطبيق الحكم الديمقراطى. وقال إن هذه الديمقراطية يتم بها سن النصوص التشريعية جميعها سواء كانت نصوصا جوهرية أساسية "دستور" أو كانت نصوصا أقل أهمية من ذلك "قوانين"، وعندما ظهرت الدولة بشكلها الحديث وعدد سكانها اللامحدود واجهت فكرة الديمقراطية المباشرة صعوبات فى التطبيق تتمثل أساسا فى استحالة جمع ملايين وأحيانا مئات الملايين من سكان الدولة الواحدة ليدلوا برأيهم فى كل نص تشريعى يحكم حياتهم. وهنا برزت الحاجة إلى نظام جديد يمكن هذه الملايين من الاشتراك فى تحديد القواعد القانونية التى تمثل إرادتهم. وأكد أن هذا ما دفع للجوء إلى فكرة الديمقراطية غير المباشرة، والتى تعنى أختيار الشعب لعدد محدود من أفراد ينوبون عنه فى وضع القوانين التى تنظم مختلف نواحى حياته، ولكن وجه هذا النظام نقدا جوهريا يتمثل فى أنه قد يحدث أحيانا لسبب أو اخر أن يكون ما سنه نواب الشعب من قوانين غير معبرا عن أرادة الشعب ذاته، خاصة أن هذه القوانين لا تعرض على الشعب ليبدى رأيه بشأنها، وللتغلب على هذا النقد الجوهرى تم التفرقة بين القواعد الجوهرية التى تتضمن أطارا عاما للأسس الجوهرية التى يقوم عليها المجتمع (أو ما يسمى بالنصوص الدستورية) وبين النصوص الأقل أهمية من ذلك (القوانين التى يضعها نواب الشعب)، واستقر الأمر على أن الفئة الأولى من تلك القواعد يتم وضعها بطريقة الديمقراطية المباشرة، بأن ينتخب الشعب هيئة تأسيسية تكون مهمتها وضع مشروع للأسس الجوهرية التى تحكم نواحى الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتنظم السلطات فى الدولة وتبين حدود العلاقة بين كل سلطة منها وبين السلطات الأخرى. وأوضح أن هذا المشروع لاتكون له أى قيمة إلزامية إلا بعد عرضه على أفراد الشعب (بطريق الديمقراطية المباشرة) وموافقة غالبيتهم على هذا المشروع حتى ينقلب وصفه من مشروع دستور إلى نظام دستورى ملزم لكافة سلطات الدولة. وأكد أن سقف هذا التفويض مشروط بألا تخالف هذه القوانين أيا من القواعد التى أرتضاها الشعب بطريق الديمقراطية المباشرة فاذا ماخالفت هذه القوانين قاعدة فى الدستور كان لكل فرد ولو بمفرده من أفراد الشعب الاعتراض على هذا القانون عند تطبيقه عليه بوسيلة الدفع بعدم دستورية هذا القانون لتعارضه مع إرادته وأرادة غالبية الشعب المتمثلة فى القاعدة الدستورية التى صاغها الشعب بطريق الديمقراطية المباشرة، ومن هنا جاء سمو وعلو القاعدة الدستورية على غيرها من التشريعات. وأشار إلى أنه لذلك فاللجنة التأسيسية التى تضع الدستور والمنتخبة من الشعب لابد أن تكون حتما أعلى شأنا من كافة سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية لأن هذه السلطات يجب أن تكون من صنع هذه اللجنة، فهى التى تنشئ هذه السلطات وتحدد اختصاصاتها. وأوضح أن هذه اللجنة تنتخب لغرض وحيد هو وضع مسودة دستور لعرضه على الشعب فإذا وافق عليه الشعب حلت اللجنة بطريقة تلقائية لأنتهاء الغرض من وجودها، لأن الدساتير لا توضع عادة إلا نتيجة لقيام ثورات لما يترتب على الثورة من تغييرات جذرية فى الأسس الجوهرية التى يقوم عليها المجتمع، ولهذا لا يقبل منطقيا أن يكون ضمن تشكيل اللجنة من تتعارض مصالحه الشخصية أو الحزبية أوالنيابية مع طبيعة عمل اللجنة كمكون يمثل إرادة الشعب بكافة أطيافه، أو كون هذه اللجنة لجنة مؤقتة تحل بعد وضع الدستور إلا أنها مع ذلك تعلو على جميع سلطات الدولة.